سيد بدر محامي
12-13-2020, 05:10 PM
الإفلاس . . . و حق المالك في الإسترداد . . .
في قانون تنظيم إعادة الهيكلة و الصلح الواقي و الإفلاس . . . المصري
دعوي الإسترداد هي مطالبة الشخص بشئ يملكه موجود في حوزة المفلس ،
و هي تشبه دعوي الإستحقاق التي يقيمها المالك في مواجهة الدائن الحاجز و المدين المحجوز عليه لرفع الحجز عن بعض المال المحجوز و تسليمه إلي مالكه مدعي الإستحقاق .
إذا تضمنت التفليسة أموالا للغير أودعت لدي المفلس أو سلمت إليه لأجل بيعها لحساب مالكها أو إستعارها لاستعمالها أو غير ذلك من الأسباب التي يوجد فيها المال المملوك للغير في حيازة المفلس ، فالأصل أن للمالك أن يسترد أمواله الموجودة في حيازة المفلس عند شهر الإفلاس متي أثبت ملكيته لها و كانت لا تزال بذاتها ضمن أموال المفلس ،
و لكن الحق بالإسترداد يصطدم مع حقوق جماعة الدائنين الذين تعاملوا مع المدين قبل شهر الإفلاس ، إعتمادا علي ما أوجدته حيازة هذه الأموال لديه من ضمان ظاهر حملهم علي التعامل معه ، فالتعارض واضح بين مصالح المالكين المستردين و مصالح جماعة الدائنين .
فهناك فرق بين أن يطالب المالك التفليسة باسترداد أمواله الموجودة في حيازة المفلس ، و بين أن يدخل في التفليسة دائنا بقيمة هذه الأموال فيخضع لقسمة الغرماء مع باقي الدائنين .
لذا نظم المشرع هذه الحالة ، فأجاز للمالك استرداد أمواله من التفليسة ، مع بعض التحفظات ، بقصد التوفيق بين حق المالك في الإسترداد و حقوق جماعة الدائنين .
فنصت المادة 145 من قانون تنظيم إعادة الهيكلة و الصلح الواقي و الإفلاس علي قاعدة عامة أجازت بموجبها لكل مالك إسترداد أمواله من التفليسة ، بشرط أن يتبت ملكيته للأموال التي يطالب باستردادها ، و وجودها عينا في أموال التفليسة ، فإذا قام المالك بإثبات ذلك جاز لأمين التفليسة بعد الحصول علي إذن مت قاضي التفليسة رد المال إلي مالكه .
تنص المادة 145 إفلاس علي أنه :
لكل شخص أن يسترد من التفليسة الأشياء التي ثبت له ملكيتها أو حق استردادها وقت شهر الإفلاس.
و يكون لأمين التفليسة بعد أخذ رأي المراقب و الحصول علي إذن من قاضي التفليسة رد الشيئ إلي مالكه أو صاحب الحق في استرداده ، و إذا رفض طلب الإسترداد جاز لطالبه عرض النزاع علي المحكمة .
وردت حالات الإسترداد علي سبيل المثال ، و لم ترد علي سبيل الحصر ، و لا يسري الإسترداد إلا بالنسبة للمنقولات ، و يجب أن يكون هذا المنقول مميزا و معينا بالذات ، فإذا اختلط مع أموال المفلس فللمالك المطالبة بالقيمة و يشترك بها كدائن عادي يخضع لقسمة الغرماء .
و لم يكتفي المشرع بوضع قاعدة عامة ، و إنما أعقبها ببعض التطبيقات التي وضع بشأنها قواعد خاصة خرج فيها علي حكم القواعد العامة ، فقد عرض لحالتين للإسترداد و وضع بشأنهما بعض القواعد الخاصة ، و هاتين الحالتين هما :
أولا : إسترداد الأشياء و البضاعة المودعة لدي المفلس أو المسلمة إليه لبيعها.
ثانيا : إسترداد الأوراق التجارية الموجودة في حيازة المفلس .
أولا : إسترداد الأشياء و البضائع :
إذا أودع شخص بضاعة أو منقولات أو أشياء لدي شخص آخر ، ثم أفلس المودع لديه ، جاز للمودع إسترداد الأشياء التي أودعها في التفليسة ، كما ويجوز إسترداد ثمن البضاعة التي باعها المفلس لحساب مالكها إذا لم يكن قد تم الوفاء به نقدا أو بورقة تجارية أو بمقاصة في حساب جار بين المفلس و المشتري ،
و ذلك وفقا لنص المادة 146 إفلاس و الذي يقضي بأنه :
يجوز استرداد الأشياء الموجودة في حيازة المفلس علي سبيل الوديعة أو لأجل بيعها لحساب مالكها أو لأجل تسليمها إليه بشرط أن توجد في التفليسة عينا ،
كما يجوز استرداد ثمن البضائع إذا لم يكن قد تم الوفاء به نقدا أو بورقة تجارية أو بطريق قيده في حساب جار بين المفلس و المشتري .
و علي المسترد أن يدفع لأمين التفليسة الحقوق المستحقة للمفلس.
و إذا كان المفلس قد أودع البضائع لدي الغير جاز استردادها منه.
و إذا إقترض المفلس برهن البضائع و كان الدائن المرتهن لا يعلم وقت إنشاء الرهن بعدم ملكية المفلس لها فلا يجوز استردادها إلا بعد وفاء الدين المضمون بالرهن.
و يتضمن هذا النص الإشارة إلي عدة حالات :
1 - أن يودع شخص أشياء عند شخص آخر ، إذا أفلس المودع لديه بعد ذلك و كانت هذه الأشياء موجودة بذاتها في التفليسة :
يعرف القانون المدني الوديعة في المادة 718 علي أنها : عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئا من آخر علي أن يتولي حفظ هذا الشيئ و علي أن يرده عينا .
و وفقا للمادة 146 إفلاس يجوز للمودع بإعتباره مالكا للوديعة في حالة إفلاس المودع لديه طلب استرداد بضاعته إذا كانت هي بعينها الموجودة بحيازة المفلس .
و تشمل عبارة البضائع جميع الأموال المنقولة ، سواء أكانت مخصصة للتجارة أم لا ، و سواء أكانت مادية أم غير مادية بما فيها القيم المنقولة ، و سواء أكانت معينة بالذات أم من الأشياء المثلية ، بشرط أن تعين هذه الأخيرة بفرزها أو إفرادها بشكل يحفظ ذاتيتها ، كأن توضع في غلاف خاص أو ترقم و يؤشر عليها بعلامات مميزة ، أما غير ذلك - في حالة الأشياء المثلية غير المفرزة - إذا أفلس المودع لديه يكون المودع دائنا عاديا و يخضع لقسمة الغرماء .
كما يلاحظ أنه لا استرداد في حالة الوديعة الناقصة ، لأن هذه الوديعة تنقل ملكية الأشياء المودعة إلي المودع لديه - كمن يودع مبلغ معين من النقود لدي البنك - فلا يلتزم المودع لديه إلا برد مثلها أو قيمتها ، و لا يستطيع المودع في الوديعة الناقصة أن يدخل كمالك مسترد ، و إنما يدخل في التفليسة دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء .
2 - أن يسلم شخص أشياء لآخر و يوكله في بيعها ، إذا أفلس الوكيل بعد استلام الأشياء و قبل بيعها ، أو أن يسلم شخص أشباء لآخر لأجل تسليمها إلي مالكها :
في هذه الحالة يكلف الموكل الوكيل بالعمولة ببيع بضاعة تعود ملكيتها للموكل ، و أفلس قبل بيعها ، و البضاعة لا تزال بذاتها تحت حيازته ، فيجوز للموكل حق استرداد البضاعة .
و فيما لو تم تسليم البضاعة الي الوكيل بالعمولة لأجل بيعها لحسابه ، فقام بما أوكل إليه ، و لكن أشهر إفلاسه بعد ذلك ، فإنه يمتنع علي المالك استرداد البضاعة ، و السبب في عدم حق المالك في الإسترداد في هذه الحالة هو حق الوكيل بالتصرف بالبضاعة و اندراج هذا الحق ضمن الأعمال المقبولة قانونا ، و لذلك يستمر الإمتناع علي المالك قائما حتي و لو لم تكن البضاعة قد سلمت إلي المشتري بعد ، علي أن حق المالك في الإسترداد ينتقل إلي الثمن .
و إذا كلف الموكل الوكيل بالعمولة بشراء بضائع لحسابه و تصرف الوكيل بالعمولة و قام بشراء البضائع قبل شهر إفلاسه و البضائع لا تزال بذاتها تحت حيازته فيجوز للموكل حق استرداد البضاعة .
و إذا قام الوكيل بالعمولة بعد شراء البضاعة لحساب الموكل برهنها لدين عليه و سلمت إلي الدائن المرتهن و صدر حكم بشهر إفلاس الوكيل بالعمولة فهنا يجب التفرقة بين حالتين :
الأولي : إذا كان الدائن المرتهن حسن النية و يعتقد أن البضاعة تعود للمفلس ، يجوز للموكل استردادها من تحت يده ، إذا دفع له الدين المضمون بالرهن ، و يكون الموكل دائنا عاديا للمفلس - الوكيل بالعمولة - بما دفعه عنه للدائن المرتهن ، و يدخل به في التفليسة و يخضع لقسمة الغرماء.
الثانية : إذا كان الدائن المرتهن سئ النية يعلم بأن البضاعة الموجودة تحت حيازة الوكيل بالعمولة لا تعود له ، يجوز للمالك حق استردادها من تحت يد الدائن المرتهن دون دفع دينه ، حيث ان المشرع اشترط حسن النية في تصرفه و اعتقاده بأن البضاعة تعود ملكيتها للمفلس.
3 - أن يودع شخص أشياء عند آخر ، ثم يقوم هذا الشخص بإيداعها من جديد عند شخص ثالث :
في هذه الحالة يسترد المالك ما له من البضاعة التي قام بإيداعها إذا كان المفلس قد أودع هذه البضاعة لدي الغير ، فيكون للملك استرداد بضاعته إذا كانت لا تزال تحت يد الغير .
أما إذا تصرف المفلس قبل شهر إفلاسه ببيع البضاعة و استلم الثمن ، فقد المالك حقه في الإسترداد و يعتبر بذلك دائنا عاديا بقيمة البضاعة و يدخل في التفليسة بصفته دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء .
و لا يجوز لمالك البضاعة استردادها في الحالات الثلاثة السابقة إلا بالشروط الآتية :
أ - أن يثبت المسترد ملكيته للبضائع أو الأشياء التي يريد استردادها ، و يقع هذا الإثبات بكافة الطرق المقبولة في المواد التجارية كالدفاتر و البينة و القرائن.
ب - أن يثبت المسترد ذاتية البضائع ، أي يقيم الدليل علي أن البضائع التي يدعي ملكيتها هي بذاتها التي أودعها لدي المفلس أو التي وكله في بيعها أو التي طلب منه شرائها لحسابه.
ج - أن توجد البضائع بعينها و بالحالة التي سلمت بها إلي المفلس ، فإذا فقدت معالمها - كما لو كانت قمحا و تحولت إلي دقيق أو قطن و صنع ملابس - فلا يجوز الإسترداد ، أما إذا أدخلت علي الشيئ بعض التعديلات الطفيفة التي لم تفقده معالمه ، ظل الإسترداد ممكنا ، كما لو كان أثاثا سلم إلي المفلس لترميمه .
د - و يجب أن يرد المالك لأمين التفليسة المبالغ و المصاريف التي أنفقها المفلس في حفظ الوديعة ، و دفع العمولة في في حالة الوكالة ، و أن يدفع للدائن المرتهن الموجود تحت حيازته البضائع دينه إذا قام المفلس بتسليم الدائن المرتهن البضاعة لضمان دين عليه .
4 - إسترداد ثمن البضاعة المسلمة للمفلس :
إذا كان المفلس موكلا ببيع البضائع لحساب المالك ، و قبل شهر الإفلاس تم البيع للمشتري ، و الثمن لا يزال بذمة المشتري ، يجوز للمالك مباشرة استرداد الثمن من المشتري إذا كان لا يزال بذمته ، لأن العلاقة أصبحت ما بين المالك و المشتري بعد وقوع البيع و ليس بين المشتري و الوكيل بالعمولة في حالة إفلاس هذا الأخير.
و قد قصد المشرع حماية المالك في حالة إفلاس الوكيل بالعمولة ، و خرج عن القواعد العامة التي لا تجعل العلاقة مباشرة ، و إذا أراد المالك مطالبة المشتري بالثمن يلجأ إلي الدعوي غير المباشرة ، و هو خروج عن أحكام الوكالة بالعمولة تبرره إعتبارات عادلة في حالة إفلاس الوكيل بالعمولة ،
في حين لا توجد حاجة لرعاية البائع إذا عهد بالبيع إلي وكيل عادي أفلس و الثمن لا يزال بذمة المشتري ، إذ أنه في الوكالة العادية تنشأ العلاقة مباشرة بين الموكل و المتصرف إليه ، و يكون للموكل دعوي مباشرة في مواجهته تخول له المطالبة بالثمن في حالة البيع .
و يسقط حق المالك في استرداد المبيع إذا تم دفع ثمنه إلي المدين قبل شهر إفلاسه ، أما الدفع فقد يتم نقدا أو بالمقاصة أو بالإبراء أو تجديد الإلتزام أو أداء المقابل.
فالشرط الجوهري لجواز الإسترداد في هذه الحالة أن يكون الثمن لا يزال مستحقا في ذمة المشتري ، و من ثم يزول حق الموكل في الإسترداد إذا دفع الثمن بنقود أو بتحرير ورقة تجارية أو بتظهيرها أو بمقاصة في الحساب الجاري.
لكن يلاحظ أن مجرد قيد الثمن في الحساب الجاري بين المفلس و المشتري دون وقوع مقاصة بشأنه ، لا يمنع المالك من استرداده ، و ذلك لأنه من اليسير في هذه الحالة تمييز الثمن ،
أما إذا كان الحساب الجاري يتضمن بنودا في الجانب الدائن و الجانب المدين قبل قيد ثمن البضاعة فيه ، فلا يجوز الإسترداد لوقوع المقاصة في الحساب الجاري ، مما يفقد دين الثمن ذاتيته ، و ذلك تطبيقا لقاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري
5 - إسترداد البائع للبضاعة التي لم يقبض ثمنها :
قد يحصل أحيانا أن يشتري تاجر بعض المنقولات ، ثم يفلس هذا التاجر قبل أن يؤدي الثمن للبائع ،
و من المقرر وفقا للقواعد العامة أن البائع لا يعتبر مجرد دائن عادي بمبلغ الثمن ، بل يقرر له القانون المدني بعض الضمانات التي تمكنه من حبس الشئ أو فسخ البيع أو إسترداد المبيع أو تقرير إمتياز له علي ثمنه ، متي كان الشئ لا يزال تحت يد المشتري و لم ينتقل إلي يد شخص آخر يكون له حق الإحتجاج بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .
لكن المشرع التجاري نظم هذه المسألة في المادة 149 إفلاس ، و التي تنص علي أنه :
إذا أفلس المشتري قبل دفع الثمن و كانت البضائع لا تزال لدي البائع جاز له حبسها.
و إذا أفلس المشتري بعد إرسال البضائع إليه و قبل دخولها مخازنة أو مخازن وكيله المكلف ببيعها ، جاز للبائع استرداد حيازتها ، و مع ذلك لا يجوز الإسترداد إذا فقدت البضائع ذاتيتها ، أو تصرف فيها المفلس قبل وصولها بغير تدلييس بموجب وثائق الملكية أو النقل.
و في جميع الأحوال يجوز لأمين التفليسة بعد إستئذان قاضي التفليسة أن يطلب تسليم البضائع بشرط أن يدفع للبائع الثمن المتفق عليه ، فإذا لم يطلب أمين التفليسة ذلك جاز للبائع أن يتمسك بحقه في الفسخ و طلب التعويض و الإشتراك به في التفليسة .
وفقا لنص المادة السابقة يكون للبائع ممارسة الحقوق التي كفلتها القواعد العامة و هي حق الحبس و الإسترداد و الإمتياز في حالات محددة حسب مكان وجود البضاعة ، و لا تخرج الفروض التي جاءت بها هذه المادة عن ثلاث حالات :
أ - وجود البضاعة تحت يد البائع :
يفترض المشرع في هذه الحالة أن البيع جري بين البائع و المشتري ، و قبل دفع الثمن أفلس المشتري ، فيجوز للبائع أن يمارس حق الحبس علي المبيع لحين إستيفاء الثمن ، حتي و لو كان الثمن مؤجلا لسقوط الأجل بالإفلاس .
و متي حبس البائع البضاعة كان لأمين التفليسة الخيار بين أمرين :
الأول : تنفيذ العقد و أداء الثمن للبائع : فإذا أراد أمين التفليسة تنفيذ العقد و استلام البضاعة ، فقد أوجب عليه القانون الوفاء للبائع بثمنه أولا ، و ذلك بعد إستئذان قاضي التفليسة حتي يمكن التأكد من أن تنفيذ العقد أجدي لجماعة الدائنين.
الثاني : الإمتناع عن تنفيذ العقد : إذا لم يختار أمين التفليسة تنفيذ العقد و دفع الثمن ، فلا يجبر البائع علي الإكتفاء بحبس المبيع و البقاء في هذا الوضع السلبي ، بل يكون له أن يطلب من المحكمة فسخ البيع ، و متي قضت المحكمة بالفسخ فقد استرد البائع ملكية المبيع و لم يعد يحوزه لحساب المشتري ، و يكون للبائع المطالبة بالتعويضات بسبب الفسخ ، و يكون دائنا عاديا بهذه التعويضات له الدخول في التفليسة بها و الخضوع لقسمة الغرماء.
كون البضاعة في الطريق إلي المشتري :
تتحقق هذه الحالة إذا سلمت إلي أمين نقل لإرسالها إلي المشتري ، ثم حدث أثناء وجود البضاعة بين يدي الأمين أن علم البائع بإفلاس المشتري ، فيجوز للبائع طلب إسترداد البضاعة التي لا تزال في الطريق و لم تدخل في حيازة المشتري.
و الإسترداد المقصود منه في هذه الحالة ليس إستعادة ملكية البضائع ، لأن الملكية انتقلت إلي المشتري و الإسترداد هو حق للمالك ، و إنما المقصود رد الحيازة لتمكين البائع من ممارسة حق الحبس و بعدها طلب الفسخ إذا لم يدفع له الثمن ، و هو حق مقرر للبائع توصلا لإستيفاء حقه .
و لا يجوز للبائع طلب رد البضاعة ممن يحوزها أثناء الطريق إلا إذا توافر أربعة شروط و هي :
الأول : أن يكون ثمن البضاعة لا زال في ذمة المشتري.
الثاني : أن تظل البضاعة علي الحالة التي كانت عليها عند خروجها من حيازة البائع ، فإذا أدخلت عليها تعديلات أو تغيرت معالمها يسقط حق الإسترداد.
الثالث : ألا تكون البضاعة دخلت مخازن المشتري أو مخازن الوكيل بالعمولة لبيعها ، و إلا أعتبرت من الضمان العام المقرر لجماعة الدائنين ، و يصبح بذلك دائنا عاديا ليس له سوي الإشتراك في التفليسة بالثمن بهذه الصفة.
فالمعيار الفاصل بين حق الإسترداد و الحرمان منه هو التسليم الفعلي ، و التسليم يكون بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته و الإنتفاع به دون عائق ، و لو لم يستولي عليه إستيلاء ماديا.
الرابع : ألا يتصرف المشتري بالبضاعة قبل وصولها إلي حيازته : حيث يفقد البائع حق إسترداد البضاعة التي خرجت من حيازته و قبل وصولها إلي المشتري و هي في الطريق إذا قام المشتري ببيعها إلي الغير .
علي أنه يشترط لكي يكون البيع الثاني صحيحا و بالتالي حرمان البائع من حق الإسترداد أن يكون البيع قد جري بين المشتري و الغير دون تدليس و ليس بهدف حرمان البائع من ممارسة حق الإسترداد ، فإذا ثبت تواطؤ بين المشتري و الغير لا يمنع البائع من ممارسة حق الإسترداد.
إضافة إلي أن حصول البيع علي قائمة البضاعة الدالة علي ملكية المشتري لها أو تذكرة النقل أو سند الشحن ، حيث يقوم تسليم أي منها مقام تسليم البضاعة ، و يستفاد منه تنازل البائع عن حق إستردادها و ترخيصا منه للمشتري بأن يتصرف في البضاعة و هي في الطريق .
و يلاحظ أن طبيعة الدعوي التي يستعملها البائع في هذه الحالة لا تتعلق بدعوي الإسترداد ، لأن الإسترداد يكون للمالك ، و إنما يتعلق الأمر في الواقع بدعوي الفسخ لعدم الوفاء بالثمن ، و البائع يسترد حقه في الحبس الذي أفلت منه بخروج البضاعة من حيازته ، فهو يسترجع الحيازة لحبس المبيع حتي يؤدي له أمين التفليسة الثمن ، فإذا لم يدفع له الثمن استطاع البائع طلب الفسخ و إعادة المتعاقدين إلي الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد .
ج - وجود البضاعة في حيازة المشتري : تختلف هذه الحالة عن الحالتين السابقتين ، و هي خروج البضاعة من حيازة البائع إلي حيازة المشتري ، و خرج المشرع عن القواعد العامة و حرم البائع من الضمانات السابقة ، حيث لا يتمتع بأي ضمانه إذا سلمت البضاعة إلي المشتري إذا أشهر إفلاسه ، و بذلك لا يمكنه أن يقيم دعوي استرداد أو ممارسة حق الحبس أو طلب الفسخ أو يكون له حق الإمتياز علي الشيئ المبيع ، لخروج البضاعة عن حيازته ، فقد جرده المشرع من جميع الضمانات التي يقررها القانون المدني ، باستثناء الدخول في التفليسة بصفته دائنا عاديا بالثمن و الخضوع لقسمة الغرماء.
و ذلك وفقا للمادة 150 إفلاس و التي تنص علي أنه :
مع عدم الإخلال بأحكام قانون تنظيم الضمانات المنقولة الصادر بالقانون رقم 115 لسنة 2015 إذا أفلس المشتري قبل دفع الثمن و بعد دخول البضائع مخازنه أو مخازن وكيله المكلف ببيعها ، فلا يجوز للبائع أن يطلب فسخ البيع أو إسترداد البضائع ، كما يسقط حقه في الإمتياز ، و كل شرط يكون من شأنه تمكين البائع من استرداد البضائع أو الإحتقاظ بامتياز عليها لا يحتج به علي جماعة الدائنين .
و لا يكون أمام البائع في هذه الحالة إلا الدخول في التفليسة بالثمن كدائن عادي يخضع لقسمة الغرماء.
و الحكمة من ذلك هي الإستناد إلي الوضع الظاهر للبضاعة و التي تشكل عنصر الإئتمان و الثقة في المشتري و يعتمد عليها المتعاملون معه ، فراعي المشرع مصلحة الدائنين علي مصلحة البائع و قرر بقاء البضاعة في التفليسة .
و يشترط لمنع البائع من حق الإسترداد أن تكون البضاعة قد دخلت تحت حيازة المشتري و وضع يده عليها وضعا ماديا و أصبحت تحت تصرفه بطريقة ظاهرة للعيان.
و يلاحظ أن المادة 150 إفلاس قررت عدم جواز الإحتجاج علي جماعة الدائنين بشروط البائع الخاصة بالإحتفاظ بملكية البضاعة لحين الوفاء بالثمن أو إعتبار البيع مفسوخا بحكم القانون في حالة إفلاس المشتري قبل دفع الثمن ،
فكل شرط يكون من شأنه تمكين البائع من استرداد البضاعة أو الإحتفاظ بامتياز عليها لا يحتج به علي جماعة الدائنين ، و يكون نافذا بين طرفي العقد فقط.
و تجدر الإشارة إلي أن المادة 41 من قانون التجارة قررت إستثناء من هذه القاعدة فيما يتعلق ببيع المتجر ، إذ يجوز أن يرفع البائع دعوي فسخ عقد بيع المتجر لعدم دفع الثمن بكامله ، رغم إفلاس المشتري ، و ذلك بشرط أن يكون البائع قد احتفظ بدعوي الفسخ صراحة في عقد البيع.
حيث نصت المادة 41 من قانون التجارة علي أنه :
إستثناء من الأحكام المنصوص عليها في باب الإفلاس ، يجوز لبائع المتجر الذي لم يستوف الثمن بكامله الإحتجاج علي جماعة الدائنين في تفليسة المشتري بحقه في الفسخ و استرداد المتجر أو بحقه في الإمتياز ، إذا كان قد احتفظ بهذا الحق أو ذاك في عقد البيع ، و ذكر صراحة في الملخص الذي شهر ، و لا يقع الفسخ أو الإمتياز إلا علي العناصر التي شملها .
6 - إسترداد البضاعة من التفليسة في حالة وجود منازعة جدية من البائع :
تنص المادة 148 إفلاس علي أنه :
إذا فسخ عقد البيع بحكم أو بمقتضي شرط في العقد ، قبل صدور الحكم بشهر إفلاس المشتري ، جاز للبائع إسترداد البضائع كلها أو بعضها من التفليسة ، بشرط أن توجد عينا.
و يجوز الإسترداد و لو وقع الفسخ بعد صدور حكم شهر الإفلاس ، بشرط أن تكون دعوي الإسترداد أو دعوي الفسخ قد رفعت قبل صدور هذا الحكم .
و علي ذلك يكون للبائع استرداد البضاعة بالرغم من وجودها في تفليسة المشتري في حالتين :
الأولي : إذا فسخ عقد البيع بحكم أو بمقتضي شرط في العقد قبل صدور الحكم بشهر إفلاس المشتري ، لأن مصلحة البائع الذي صدر له الحكم بالفسخ أولي بالرعاية من مصلحة دائني المفلس في الإعتماد علي وجود البضاعة في تفليسته ، فلا ينبغي أن يترتب علي عدم تنفيذ حكم الفسخ لصالح البائع ضياع حقه في الإسترداد الذي تقرر له بمقتضي الحكم.
الثانية : أن يكون البائع رفع دعوي الإسترداد أو دعوي الفسخ قبل صدور حكم شهر الإفلاس ، فلا يحق لدائني المفلس الإعتماد علي وجود البضاعة ضمن أموال التفليسة ، متي كان ذلك محل منازعة جدية من البائع قبل صدور الحكم ، و انتهت بصدور حكم الفسخ.
و لكن لا يكون للبائع استرداد البضاعة التي صدر الحكم بفسخ بيعها إلا إذا وجدت هذه البضاعة عينا في التفليسة و بحالتها عند شرائها ، فإذا كان المشتري قد أدخل تعديلات علي البضاعة أو تغيرت معالمها ، فلا يجوز للدائن استردادها .
ثانيا : إسترداد الأوراق التجارية و النقدية :
تنص المادة 147 إفلاس علي أنه :
يجوز استرداد الأوراق التجارية و غيرها من الأوراق ذات القيمة المسلمة إلي المفلس لتحصيلها أو لتخصيصها لوفاء معين إذا وجدت عينا في التفليسة و لم تكن قيمتها قد دفعت ، و لا يجوز استرداد أوراق النقد المودعة لدي المفلس إلا إذا أثبت طالب الإسترداد ذاتيتها .
1 - إسترداد الأوراق التجارية :
يحدث هذا الفرض عند إفلاس البنوك و سماسرة البورصة ، فإذا سلمت إلي البنك ورقة تجارية أو غيرها من الصكوك التي تحمل حقوقا لمالكها - كسندات السحب و الشيكات و السندات الإذنية و الأسهم و السندات - لتحصيل قيمتها علي سبيل التوكيل ، ثم أفلس البنك قبل تحصيل قيمة الصك ، فيقرر هذا النص لمالك الصك الحق في استرداده من تفليسة البنك ، و ذلك إذا توافرت الشروط الآتية :
أ - أن يسلم الصك للمفلس علي سبيل التوكيل لتحصيل قيمته ، و ليس بقصد نقل ملكيته إليه ، و لذلك إذا كان بين المفلس و مالك الصك حساب جاري ، و سلم الصك لقيده في الحساب ، فلا يجوز الإسترداد و لو وجد الصك بذاته في التفليسة ، لأن قيده في الحساب يتضمن نقل ملكيته إلي البنك ، فالصك يفقد ذاتيته بمجرد قيده في الحساب الجاري ، تطبيقا لقاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري ، و بذلك يمتنع علي المالك المطالبة به أو أداء قيمته علي إنقراد.
ب - وجود الورقة التجارية عينا لدي المفلس : و يجب أن تكون الورقة التجارية أو غيرها موجودة بعينها المسلمة للمفلس و موجودة بين أموال المفلس حين طلب الإسترداد ، أما إذا تبين أن المفلس قبل إفلاسه قام بقبض قيمتها أو بتظهير الأوراق التجارية أو السندات تظهيرا ناقلا للملكية ، فتدخل في أموال التفليسة ، و يدخل المالك بالقيمة في التفليسة بصفته دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء.
2 - إسترداد الأوراق النقدية :
أجاز المشرع لمالك الأوراق النقدية طلب استردادها إذا تمكن من إثبات ذاتيتها ، و ذلك بكافة طرق الإثبات ، كما إذا كانت محفوظة في مكان معين كخزينة مغلقة أو ظرف مختوم كتب عليه اسم المودع ، أو إثبات أرقامها و تاريخ إصدارها و فئتها إذا كانت مسجلة لديه عندما سلمها للمفلس.
و تجدر الإشارة إلي أن شرط إثبات ذاتية الأوراق النقدية يستحيل تحقيقه في حالة إيداع تلك الأوراق لدي البنك ، ذلك لأن البنك في حالة إيداع أي شخص لمبالغ نقدية لا يلزم بردها ذاتها ، بل برد مثلها أو قيمتها ، و بالتالي فلا يوجد استرداد للنقود ، و يجوز للمودع أن يشترك بقيمتها بصفته دائنا عاديا و يدخل في قسمة الغرماء إذا ثبتت له قيمتها .
و أخيرا عن تقادم دعوي الإسترداد تنص المادة 151 إفلاس علي أنه :
تتقادم دعاوي الإسترداد التي توجه إلي أمين التفليسة في الحالات المذكورة في المواد من 145 إلي 149 من هذا القانون بمضي سنة من تاريخ نشر حكم شهر الإفلاس .
في قانون تنظيم إعادة الهيكلة و الصلح الواقي و الإفلاس . . . المصري
دعوي الإسترداد هي مطالبة الشخص بشئ يملكه موجود في حوزة المفلس ،
و هي تشبه دعوي الإستحقاق التي يقيمها المالك في مواجهة الدائن الحاجز و المدين المحجوز عليه لرفع الحجز عن بعض المال المحجوز و تسليمه إلي مالكه مدعي الإستحقاق .
إذا تضمنت التفليسة أموالا للغير أودعت لدي المفلس أو سلمت إليه لأجل بيعها لحساب مالكها أو إستعارها لاستعمالها أو غير ذلك من الأسباب التي يوجد فيها المال المملوك للغير في حيازة المفلس ، فالأصل أن للمالك أن يسترد أمواله الموجودة في حيازة المفلس عند شهر الإفلاس متي أثبت ملكيته لها و كانت لا تزال بذاتها ضمن أموال المفلس ،
و لكن الحق بالإسترداد يصطدم مع حقوق جماعة الدائنين الذين تعاملوا مع المدين قبل شهر الإفلاس ، إعتمادا علي ما أوجدته حيازة هذه الأموال لديه من ضمان ظاهر حملهم علي التعامل معه ، فالتعارض واضح بين مصالح المالكين المستردين و مصالح جماعة الدائنين .
فهناك فرق بين أن يطالب المالك التفليسة باسترداد أمواله الموجودة في حيازة المفلس ، و بين أن يدخل في التفليسة دائنا بقيمة هذه الأموال فيخضع لقسمة الغرماء مع باقي الدائنين .
لذا نظم المشرع هذه الحالة ، فأجاز للمالك استرداد أمواله من التفليسة ، مع بعض التحفظات ، بقصد التوفيق بين حق المالك في الإسترداد و حقوق جماعة الدائنين .
فنصت المادة 145 من قانون تنظيم إعادة الهيكلة و الصلح الواقي و الإفلاس علي قاعدة عامة أجازت بموجبها لكل مالك إسترداد أمواله من التفليسة ، بشرط أن يتبت ملكيته للأموال التي يطالب باستردادها ، و وجودها عينا في أموال التفليسة ، فإذا قام المالك بإثبات ذلك جاز لأمين التفليسة بعد الحصول علي إذن مت قاضي التفليسة رد المال إلي مالكه .
تنص المادة 145 إفلاس علي أنه :
لكل شخص أن يسترد من التفليسة الأشياء التي ثبت له ملكيتها أو حق استردادها وقت شهر الإفلاس.
و يكون لأمين التفليسة بعد أخذ رأي المراقب و الحصول علي إذن من قاضي التفليسة رد الشيئ إلي مالكه أو صاحب الحق في استرداده ، و إذا رفض طلب الإسترداد جاز لطالبه عرض النزاع علي المحكمة .
وردت حالات الإسترداد علي سبيل المثال ، و لم ترد علي سبيل الحصر ، و لا يسري الإسترداد إلا بالنسبة للمنقولات ، و يجب أن يكون هذا المنقول مميزا و معينا بالذات ، فإذا اختلط مع أموال المفلس فللمالك المطالبة بالقيمة و يشترك بها كدائن عادي يخضع لقسمة الغرماء .
و لم يكتفي المشرع بوضع قاعدة عامة ، و إنما أعقبها ببعض التطبيقات التي وضع بشأنها قواعد خاصة خرج فيها علي حكم القواعد العامة ، فقد عرض لحالتين للإسترداد و وضع بشأنهما بعض القواعد الخاصة ، و هاتين الحالتين هما :
أولا : إسترداد الأشياء و البضاعة المودعة لدي المفلس أو المسلمة إليه لبيعها.
ثانيا : إسترداد الأوراق التجارية الموجودة في حيازة المفلس .
أولا : إسترداد الأشياء و البضائع :
إذا أودع شخص بضاعة أو منقولات أو أشياء لدي شخص آخر ، ثم أفلس المودع لديه ، جاز للمودع إسترداد الأشياء التي أودعها في التفليسة ، كما ويجوز إسترداد ثمن البضاعة التي باعها المفلس لحساب مالكها إذا لم يكن قد تم الوفاء به نقدا أو بورقة تجارية أو بمقاصة في حساب جار بين المفلس و المشتري ،
و ذلك وفقا لنص المادة 146 إفلاس و الذي يقضي بأنه :
يجوز استرداد الأشياء الموجودة في حيازة المفلس علي سبيل الوديعة أو لأجل بيعها لحساب مالكها أو لأجل تسليمها إليه بشرط أن توجد في التفليسة عينا ،
كما يجوز استرداد ثمن البضائع إذا لم يكن قد تم الوفاء به نقدا أو بورقة تجارية أو بطريق قيده في حساب جار بين المفلس و المشتري .
و علي المسترد أن يدفع لأمين التفليسة الحقوق المستحقة للمفلس.
و إذا كان المفلس قد أودع البضائع لدي الغير جاز استردادها منه.
و إذا إقترض المفلس برهن البضائع و كان الدائن المرتهن لا يعلم وقت إنشاء الرهن بعدم ملكية المفلس لها فلا يجوز استردادها إلا بعد وفاء الدين المضمون بالرهن.
و يتضمن هذا النص الإشارة إلي عدة حالات :
1 - أن يودع شخص أشياء عند شخص آخر ، إذا أفلس المودع لديه بعد ذلك و كانت هذه الأشياء موجودة بذاتها في التفليسة :
يعرف القانون المدني الوديعة في المادة 718 علي أنها : عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئا من آخر علي أن يتولي حفظ هذا الشيئ و علي أن يرده عينا .
و وفقا للمادة 146 إفلاس يجوز للمودع بإعتباره مالكا للوديعة في حالة إفلاس المودع لديه طلب استرداد بضاعته إذا كانت هي بعينها الموجودة بحيازة المفلس .
و تشمل عبارة البضائع جميع الأموال المنقولة ، سواء أكانت مخصصة للتجارة أم لا ، و سواء أكانت مادية أم غير مادية بما فيها القيم المنقولة ، و سواء أكانت معينة بالذات أم من الأشياء المثلية ، بشرط أن تعين هذه الأخيرة بفرزها أو إفرادها بشكل يحفظ ذاتيتها ، كأن توضع في غلاف خاص أو ترقم و يؤشر عليها بعلامات مميزة ، أما غير ذلك - في حالة الأشياء المثلية غير المفرزة - إذا أفلس المودع لديه يكون المودع دائنا عاديا و يخضع لقسمة الغرماء .
كما يلاحظ أنه لا استرداد في حالة الوديعة الناقصة ، لأن هذه الوديعة تنقل ملكية الأشياء المودعة إلي المودع لديه - كمن يودع مبلغ معين من النقود لدي البنك - فلا يلتزم المودع لديه إلا برد مثلها أو قيمتها ، و لا يستطيع المودع في الوديعة الناقصة أن يدخل كمالك مسترد ، و إنما يدخل في التفليسة دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء .
2 - أن يسلم شخص أشياء لآخر و يوكله في بيعها ، إذا أفلس الوكيل بعد استلام الأشياء و قبل بيعها ، أو أن يسلم شخص أشباء لآخر لأجل تسليمها إلي مالكها :
في هذه الحالة يكلف الموكل الوكيل بالعمولة ببيع بضاعة تعود ملكيتها للموكل ، و أفلس قبل بيعها ، و البضاعة لا تزال بذاتها تحت حيازته ، فيجوز للموكل حق استرداد البضاعة .
و فيما لو تم تسليم البضاعة الي الوكيل بالعمولة لأجل بيعها لحسابه ، فقام بما أوكل إليه ، و لكن أشهر إفلاسه بعد ذلك ، فإنه يمتنع علي المالك استرداد البضاعة ، و السبب في عدم حق المالك في الإسترداد في هذه الحالة هو حق الوكيل بالتصرف بالبضاعة و اندراج هذا الحق ضمن الأعمال المقبولة قانونا ، و لذلك يستمر الإمتناع علي المالك قائما حتي و لو لم تكن البضاعة قد سلمت إلي المشتري بعد ، علي أن حق المالك في الإسترداد ينتقل إلي الثمن .
و إذا كلف الموكل الوكيل بالعمولة بشراء بضائع لحسابه و تصرف الوكيل بالعمولة و قام بشراء البضائع قبل شهر إفلاسه و البضائع لا تزال بذاتها تحت حيازته فيجوز للموكل حق استرداد البضاعة .
و إذا قام الوكيل بالعمولة بعد شراء البضاعة لحساب الموكل برهنها لدين عليه و سلمت إلي الدائن المرتهن و صدر حكم بشهر إفلاس الوكيل بالعمولة فهنا يجب التفرقة بين حالتين :
الأولي : إذا كان الدائن المرتهن حسن النية و يعتقد أن البضاعة تعود للمفلس ، يجوز للموكل استردادها من تحت يده ، إذا دفع له الدين المضمون بالرهن ، و يكون الموكل دائنا عاديا للمفلس - الوكيل بالعمولة - بما دفعه عنه للدائن المرتهن ، و يدخل به في التفليسة و يخضع لقسمة الغرماء.
الثانية : إذا كان الدائن المرتهن سئ النية يعلم بأن البضاعة الموجودة تحت حيازة الوكيل بالعمولة لا تعود له ، يجوز للمالك حق استردادها من تحت يد الدائن المرتهن دون دفع دينه ، حيث ان المشرع اشترط حسن النية في تصرفه و اعتقاده بأن البضاعة تعود ملكيتها للمفلس.
3 - أن يودع شخص أشياء عند آخر ، ثم يقوم هذا الشخص بإيداعها من جديد عند شخص ثالث :
في هذه الحالة يسترد المالك ما له من البضاعة التي قام بإيداعها إذا كان المفلس قد أودع هذه البضاعة لدي الغير ، فيكون للملك استرداد بضاعته إذا كانت لا تزال تحت يد الغير .
أما إذا تصرف المفلس قبل شهر إفلاسه ببيع البضاعة و استلم الثمن ، فقد المالك حقه في الإسترداد و يعتبر بذلك دائنا عاديا بقيمة البضاعة و يدخل في التفليسة بصفته دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء .
و لا يجوز لمالك البضاعة استردادها في الحالات الثلاثة السابقة إلا بالشروط الآتية :
أ - أن يثبت المسترد ملكيته للبضائع أو الأشياء التي يريد استردادها ، و يقع هذا الإثبات بكافة الطرق المقبولة في المواد التجارية كالدفاتر و البينة و القرائن.
ب - أن يثبت المسترد ذاتية البضائع ، أي يقيم الدليل علي أن البضائع التي يدعي ملكيتها هي بذاتها التي أودعها لدي المفلس أو التي وكله في بيعها أو التي طلب منه شرائها لحسابه.
ج - أن توجد البضائع بعينها و بالحالة التي سلمت بها إلي المفلس ، فإذا فقدت معالمها - كما لو كانت قمحا و تحولت إلي دقيق أو قطن و صنع ملابس - فلا يجوز الإسترداد ، أما إذا أدخلت علي الشيئ بعض التعديلات الطفيفة التي لم تفقده معالمه ، ظل الإسترداد ممكنا ، كما لو كان أثاثا سلم إلي المفلس لترميمه .
د - و يجب أن يرد المالك لأمين التفليسة المبالغ و المصاريف التي أنفقها المفلس في حفظ الوديعة ، و دفع العمولة في في حالة الوكالة ، و أن يدفع للدائن المرتهن الموجود تحت حيازته البضائع دينه إذا قام المفلس بتسليم الدائن المرتهن البضاعة لضمان دين عليه .
4 - إسترداد ثمن البضاعة المسلمة للمفلس :
إذا كان المفلس موكلا ببيع البضائع لحساب المالك ، و قبل شهر الإفلاس تم البيع للمشتري ، و الثمن لا يزال بذمة المشتري ، يجوز للمالك مباشرة استرداد الثمن من المشتري إذا كان لا يزال بذمته ، لأن العلاقة أصبحت ما بين المالك و المشتري بعد وقوع البيع و ليس بين المشتري و الوكيل بالعمولة في حالة إفلاس هذا الأخير.
و قد قصد المشرع حماية المالك في حالة إفلاس الوكيل بالعمولة ، و خرج عن القواعد العامة التي لا تجعل العلاقة مباشرة ، و إذا أراد المالك مطالبة المشتري بالثمن يلجأ إلي الدعوي غير المباشرة ، و هو خروج عن أحكام الوكالة بالعمولة تبرره إعتبارات عادلة في حالة إفلاس الوكيل بالعمولة ،
في حين لا توجد حاجة لرعاية البائع إذا عهد بالبيع إلي وكيل عادي أفلس و الثمن لا يزال بذمة المشتري ، إذ أنه في الوكالة العادية تنشأ العلاقة مباشرة بين الموكل و المتصرف إليه ، و يكون للموكل دعوي مباشرة في مواجهته تخول له المطالبة بالثمن في حالة البيع .
و يسقط حق المالك في استرداد المبيع إذا تم دفع ثمنه إلي المدين قبل شهر إفلاسه ، أما الدفع فقد يتم نقدا أو بالمقاصة أو بالإبراء أو تجديد الإلتزام أو أداء المقابل.
فالشرط الجوهري لجواز الإسترداد في هذه الحالة أن يكون الثمن لا يزال مستحقا في ذمة المشتري ، و من ثم يزول حق الموكل في الإسترداد إذا دفع الثمن بنقود أو بتحرير ورقة تجارية أو بتظهيرها أو بمقاصة في الحساب الجاري.
لكن يلاحظ أن مجرد قيد الثمن في الحساب الجاري بين المفلس و المشتري دون وقوع مقاصة بشأنه ، لا يمنع المالك من استرداده ، و ذلك لأنه من اليسير في هذه الحالة تمييز الثمن ،
أما إذا كان الحساب الجاري يتضمن بنودا في الجانب الدائن و الجانب المدين قبل قيد ثمن البضاعة فيه ، فلا يجوز الإسترداد لوقوع المقاصة في الحساب الجاري ، مما يفقد دين الثمن ذاتيته ، و ذلك تطبيقا لقاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري
5 - إسترداد البائع للبضاعة التي لم يقبض ثمنها :
قد يحصل أحيانا أن يشتري تاجر بعض المنقولات ، ثم يفلس هذا التاجر قبل أن يؤدي الثمن للبائع ،
و من المقرر وفقا للقواعد العامة أن البائع لا يعتبر مجرد دائن عادي بمبلغ الثمن ، بل يقرر له القانون المدني بعض الضمانات التي تمكنه من حبس الشئ أو فسخ البيع أو إسترداد المبيع أو تقرير إمتياز له علي ثمنه ، متي كان الشئ لا يزال تحت يد المشتري و لم ينتقل إلي يد شخص آخر يكون له حق الإحتجاج بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .
لكن المشرع التجاري نظم هذه المسألة في المادة 149 إفلاس ، و التي تنص علي أنه :
إذا أفلس المشتري قبل دفع الثمن و كانت البضائع لا تزال لدي البائع جاز له حبسها.
و إذا أفلس المشتري بعد إرسال البضائع إليه و قبل دخولها مخازنة أو مخازن وكيله المكلف ببيعها ، جاز للبائع استرداد حيازتها ، و مع ذلك لا يجوز الإسترداد إذا فقدت البضائع ذاتيتها ، أو تصرف فيها المفلس قبل وصولها بغير تدلييس بموجب وثائق الملكية أو النقل.
و في جميع الأحوال يجوز لأمين التفليسة بعد إستئذان قاضي التفليسة أن يطلب تسليم البضائع بشرط أن يدفع للبائع الثمن المتفق عليه ، فإذا لم يطلب أمين التفليسة ذلك جاز للبائع أن يتمسك بحقه في الفسخ و طلب التعويض و الإشتراك به في التفليسة .
وفقا لنص المادة السابقة يكون للبائع ممارسة الحقوق التي كفلتها القواعد العامة و هي حق الحبس و الإسترداد و الإمتياز في حالات محددة حسب مكان وجود البضاعة ، و لا تخرج الفروض التي جاءت بها هذه المادة عن ثلاث حالات :
أ - وجود البضاعة تحت يد البائع :
يفترض المشرع في هذه الحالة أن البيع جري بين البائع و المشتري ، و قبل دفع الثمن أفلس المشتري ، فيجوز للبائع أن يمارس حق الحبس علي المبيع لحين إستيفاء الثمن ، حتي و لو كان الثمن مؤجلا لسقوط الأجل بالإفلاس .
و متي حبس البائع البضاعة كان لأمين التفليسة الخيار بين أمرين :
الأول : تنفيذ العقد و أداء الثمن للبائع : فإذا أراد أمين التفليسة تنفيذ العقد و استلام البضاعة ، فقد أوجب عليه القانون الوفاء للبائع بثمنه أولا ، و ذلك بعد إستئذان قاضي التفليسة حتي يمكن التأكد من أن تنفيذ العقد أجدي لجماعة الدائنين.
الثاني : الإمتناع عن تنفيذ العقد : إذا لم يختار أمين التفليسة تنفيذ العقد و دفع الثمن ، فلا يجبر البائع علي الإكتفاء بحبس المبيع و البقاء في هذا الوضع السلبي ، بل يكون له أن يطلب من المحكمة فسخ البيع ، و متي قضت المحكمة بالفسخ فقد استرد البائع ملكية المبيع و لم يعد يحوزه لحساب المشتري ، و يكون للبائع المطالبة بالتعويضات بسبب الفسخ ، و يكون دائنا عاديا بهذه التعويضات له الدخول في التفليسة بها و الخضوع لقسمة الغرماء.
كون البضاعة في الطريق إلي المشتري :
تتحقق هذه الحالة إذا سلمت إلي أمين نقل لإرسالها إلي المشتري ، ثم حدث أثناء وجود البضاعة بين يدي الأمين أن علم البائع بإفلاس المشتري ، فيجوز للبائع طلب إسترداد البضاعة التي لا تزال في الطريق و لم تدخل في حيازة المشتري.
و الإسترداد المقصود منه في هذه الحالة ليس إستعادة ملكية البضائع ، لأن الملكية انتقلت إلي المشتري و الإسترداد هو حق للمالك ، و إنما المقصود رد الحيازة لتمكين البائع من ممارسة حق الحبس و بعدها طلب الفسخ إذا لم يدفع له الثمن ، و هو حق مقرر للبائع توصلا لإستيفاء حقه .
و لا يجوز للبائع طلب رد البضاعة ممن يحوزها أثناء الطريق إلا إذا توافر أربعة شروط و هي :
الأول : أن يكون ثمن البضاعة لا زال في ذمة المشتري.
الثاني : أن تظل البضاعة علي الحالة التي كانت عليها عند خروجها من حيازة البائع ، فإذا أدخلت عليها تعديلات أو تغيرت معالمها يسقط حق الإسترداد.
الثالث : ألا تكون البضاعة دخلت مخازن المشتري أو مخازن الوكيل بالعمولة لبيعها ، و إلا أعتبرت من الضمان العام المقرر لجماعة الدائنين ، و يصبح بذلك دائنا عاديا ليس له سوي الإشتراك في التفليسة بالثمن بهذه الصفة.
فالمعيار الفاصل بين حق الإسترداد و الحرمان منه هو التسليم الفعلي ، و التسليم يكون بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته و الإنتفاع به دون عائق ، و لو لم يستولي عليه إستيلاء ماديا.
الرابع : ألا يتصرف المشتري بالبضاعة قبل وصولها إلي حيازته : حيث يفقد البائع حق إسترداد البضاعة التي خرجت من حيازته و قبل وصولها إلي المشتري و هي في الطريق إذا قام المشتري ببيعها إلي الغير .
علي أنه يشترط لكي يكون البيع الثاني صحيحا و بالتالي حرمان البائع من حق الإسترداد أن يكون البيع قد جري بين المشتري و الغير دون تدليس و ليس بهدف حرمان البائع من ممارسة حق الإسترداد ، فإذا ثبت تواطؤ بين المشتري و الغير لا يمنع البائع من ممارسة حق الإسترداد.
إضافة إلي أن حصول البيع علي قائمة البضاعة الدالة علي ملكية المشتري لها أو تذكرة النقل أو سند الشحن ، حيث يقوم تسليم أي منها مقام تسليم البضاعة ، و يستفاد منه تنازل البائع عن حق إستردادها و ترخيصا منه للمشتري بأن يتصرف في البضاعة و هي في الطريق .
و يلاحظ أن طبيعة الدعوي التي يستعملها البائع في هذه الحالة لا تتعلق بدعوي الإسترداد ، لأن الإسترداد يكون للمالك ، و إنما يتعلق الأمر في الواقع بدعوي الفسخ لعدم الوفاء بالثمن ، و البائع يسترد حقه في الحبس الذي أفلت منه بخروج البضاعة من حيازته ، فهو يسترجع الحيازة لحبس المبيع حتي يؤدي له أمين التفليسة الثمن ، فإذا لم يدفع له الثمن استطاع البائع طلب الفسخ و إعادة المتعاقدين إلي الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد .
ج - وجود البضاعة في حيازة المشتري : تختلف هذه الحالة عن الحالتين السابقتين ، و هي خروج البضاعة من حيازة البائع إلي حيازة المشتري ، و خرج المشرع عن القواعد العامة و حرم البائع من الضمانات السابقة ، حيث لا يتمتع بأي ضمانه إذا سلمت البضاعة إلي المشتري إذا أشهر إفلاسه ، و بذلك لا يمكنه أن يقيم دعوي استرداد أو ممارسة حق الحبس أو طلب الفسخ أو يكون له حق الإمتياز علي الشيئ المبيع ، لخروج البضاعة عن حيازته ، فقد جرده المشرع من جميع الضمانات التي يقررها القانون المدني ، باستثناء الدخول في التفليسة بصفته دائنا عاديا بالثمن و الخضوع لقسمة الغرماء.
و ذلك وفقا للمادة 150 إفلاس و التي تنص علي أنه :
مع عدم الإخلال بأحكام قانون تنظيم الضمانات المنقولة الصادر بالقانون رقم 115 لسنة 2015 إذا أفلس المشتري قبل دفع الثمن و بعد دخول البضائع مخازنه أو مخازن وكيله المكلف ببيعها ، فلا يجوز للبائع أن يطلب فسخ البيع أو إسترداد البضائع ، كما يسقط حقه في الإمتياز ، و كل شرط يكون من شأنه تمكين البائع من استرداد البضائع أو الإحتقاظ بامتياز عليها لا يحتج به علي جماعة الدائنين .
و لا يكون أمام البائع في هذه الحالة إلا الدخول في التفليسة بالثمن كدائن عادي يخضع لقسمة الغرماء.
و الحكمة من ذلك هي الإستناد إلي الوضع الظاهر للبضاعة و التي تشكل عنصر الإئتمان و الثقة في المشتري و يعتمد عليها المتعاملون معه ، فراعي المشرع مصلحة الدائنين علي مصلحة البائع و قرر بقاء البضاعة في التفليسة .
و يشترط لمنع البائع من حق الإسترداد أن تكون البضاعة قد دخلت تحت حيازة المشتري و وضع يده عليها وضعا ماديا و أصبحت تحت تصرفه بطريقة ظاهرة للعيان.
و يلاحظ أن المادة 150 إفلاس قررت عدم جواز الإحتجاج علي جماعة الدائنين بشروط البائع الخاصة بالإحتفاظ بملكية البضاعة لحين الوفاء بالثمن أو إعتبار البيع مفسوخا بحكم القانون في حالة إفلاس المشتري قبل دفع الثمن ،
فكل شرط يكون من شأنه تمكين البائع من استرداد البضاعة أو الإحتفاظ بامتياز عليها لا يحتج به علي جماعة الدائنين ، و يكون نافذا بين طرفي العقد فقط.
و تجدر الإشارة إلي أن المادة 41 من قانون التجارة قررت إستثناء من هذه القاعدة فيما يتعلق ببيع المتجر ، إذ يجوز أن يرفع البائع دعوي فسخ عقد بيع المتجر لعدم دفع الثمن بكامله ، رغم إفلاس المشتري ، و ذلك بشرط أن يكون البائع قد احتفظ بدعوي الفسخ صراحة في عقد البيع.
حيث نصت المادة 41 من قانون التجارة علي أنه :
إستثناء من الأحكام المنصوص عليها في باب الإفلاس ، يجوز لبائع المتجر الذي لم يستوف الثمن بكامله الإحتجاج علي جماعة الدائنين في تفليسة المشتري بحقه في الفسخ و استرداد المتجر أو بحقه في الإمتياز ، إذا كان قد احتفظ بهذا الحق أو ذاك في عقد البيع ، و ذكر صراحة في الملخص الذي شهر ، و لا يقع الفسخ أو الإمتياز إلا علي العناصر التي شملها .
6 - إسترداد البضاعة من التفليسة في حالة وجود منازعة جدية من البائع :
تنص المادة 148 إفلاس علي أنه :
إذا فسخ عقد البيع بحكم أو بمقتضي شرط في العقد ، قبل صدور الحكم بشهر إفلاس المشتري ، جاز للبائع إسترداد البضائع كلها أو بعضها من التفليسة ، بشرط أن توجد عينا.
و يجوز الإسترداد و لو وقع الفسخ بعد صدور حكم شهر الإفلاس ، بشرط أن تكون دعوي الإسترداد أو دعوي الفسخ قد رفعت قبل صدور هذا الحكم .
و علي ذلك يكون للبائع استرداد البضاعة بالرغم من وجودها في تفليسة المشتري في حالتين :
الأولي : إذا فسخ عقد البيع بحكم أو بمقتضي شرط في العقد قبل صدور الحكم بشهر إفلاس المشتري ، لأن مصلحة البائع الذي صدر له الحكم بالفسخ أولي بالرعاية من مصلحة دائني المفلس في الإعتماد علي وجود البضاعة في تفليسته ، فلا ينبغي أن يترتب علي عدم تنفيذ حكم الفسخ لصالح البائع ضياع حقه في الإسترداد الذي تقرر له بمقتضي الحكم.
الثانية : أن يكون البائع رفع دعوي الإسترداد أو دعوي الفسخ قبل صدور حكم شهر الإفلاس ، فلا يحق لدائني المفلس الإعتماد علي وجود البضاعة ضمن أموال التفليسة ، متي كان ذلك محل منازعة جدية من البائع قبل صدور الحكم ، و انتهت بصدور حكم الفسخ.
و لكن لا يكون للبائع استرداد البضاعة التي صدر الحكم بفسخ بيعها إلا إذا وجدت هذه البضاعة عينا في التفليسة و بحالتها عند شرائها ، فإذا كان المشتري قد أدخل تعديلات علي البضاعة أو تغيرت معالمها ، فلا يجوز للدائن استردادها .
ثانيا : إسترداد الأوراق التجارية و النقدية :
تنص المادة 147 إفلاس علي أنه :
يجوز استرداد الأوراق التجارية و غيرها من الأوراق ذات القيمة المسلمة إلي المفلس لتحصيلها أو لتخصيصها لوفاء معين إذا وجدت عينا في التفليسة و لم تكن قيمتها قد دفعت ، و لا يجوز استرداد أوراق النقد المودعة لدي المفلس إلا إذا أثبت طالب الإسترداد ذاتيتها .
1 - إسترداد الأوراق التجارية :
يحدث هذا الفرض عند إفلاس البنوك و سماسرة البورصة ، فإذا سلمت إلي البنك ورقة تجارية أو غيرها من الصكوك التي تحمل حقوقا لمالكها - كسندات السحب و الشيكات و السندات الإذنية و الأسهم و السندات - لتحصيل قيمتها علي سبيل التوكيل ، ثم أفلس البنك قبل تحصيل قيمة الصك ، فيقرر هذا النص لمالك الصك الحق في استرداده من تفليسة البنك ، و ذلك إذا توافرت الشروط الآتية :
أ - أن يسلم الصك للمفلس علي سبيل التوكيل لتحصيل قيمته ، و ليس بقصد نقل ملكيته إليه ، و لذلك إذا كان بين المفلس و مالك الصك حساب جاري ، و سلم الصك لقيده في الحساب ، فلا يجوز الإسترداد و لو وجد الصك بذاته في التفليسة ، لأن قيده في الحساب يتضمن نقل ملكيته إلي البنك ، فالصك يفقد ذاتيته بمجرد قيده في الحساب الجاري ، تطبيقا لقاعدة عدم تجزئة الحساب الجاري ، و بذلك يمتنع علي المالك المطالبة به أو أداء قيمته علي إنقراد.
ب - وجود الورقة التجارية عينا لدي المفلس : و يجب أن تكون الورقة التجارية أو غيرها موجودة بعينها المسلمة للمفلس و موجودة بين أموال المفلس حين طلب الإسترداد ، أما إذا تبين أن المفلس قبل إفلاسه قام بقبض قيمتها أو بتظهير الأوراق التجارية أو السندات تظهيرا ناقلا للملكية ، فتدخل في أموال التفليسة ، و يدخل المالك بالقيمة في التفليسة بصفته دائنا عاديا يخضع لقسمة الغرماء.
2 - إسترداد الأوراق النقدية :
أجاز المشرع لمالك الأوراق النقدية طلب استردادها إذا تمكن من إثبات ذاتيتها ، و ذلك بكافة طرق الإثبات ، كما إذا كانت محفوظة في مكان معين كخزينة مغلقة أو ظرف مختوم كتب عليه اسم المودع ، أو إثبات أرقامها و تاريخ إصدارها و فئتها إذا كانت مسجلة لديه عندما سلمها للمفلس.
و تجدر الإشارة إلي أن شرط إثبات ذاتية الأوراق النقدية يستحيل تحقيقه في حالة إيداع تلك الأوراق لدي البنك ، ذلك لأن البنك في حالة إيداع أي شخص لمبالغ نقدية لا يلزم بردها ذاتها ، بل برد مثلها أو قيمتها ، و بالتالي فلا يوجد استرداد للنقود ، و يجوز للمودع أن يشترك بقيمتها بصفته دائنا عاديا و يدخل في قسمة الغرماء إذا ثبتت له قيمتها .
و أخيرا عن تقادم دعوي الإسترداد تنص المادة 151 إفلاس علي أنه :
تتقادم دعاوي الإسترداد التي توجه إلي أمين التفليسة في الحالات المذكورة في المواد من 145 إلي 149 من هذا القانون بمضي سنة من تاريخ نشر حكم شهر الإفلاس .