محمد ابراهيم البادي
10-19-2010, 01:29 PM
جواز توقيع الحجز التحفظى على سفينة مملوكة لغير المدين وفاء لدين من الديون البحرية (http://helmylawyers.blogspot.com/2010/06/60-611-8-1990.html) ـ نقض مصري
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يوليو سنة 2008م، الموافق الثالث من رجب سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا
برقم 111 لسنة 27 قضائية "دستورية"
المقامة من
السادة/ ملاك السفينة "ماجيستى" mv majesty
ويمثلهم السيد/ لى كيو هو- الكورى الجنسية
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية.
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد رئيس مجلس الشعب.
4- السيد وزير العدل.
5- السيد/ فايق محمد فايق البورينى- بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الفهد للاسمنت.
6- توكيل أتش بى التجارى البحرى -بصفته وكيلاً للسفينة "ماجيستى" بجمهورية مصر العربية.
7- شركة الشرق للتأمين.
" الإجراءات"
بتاريخ السابع عشر من مايو سنة 2005، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادتين 60/ز،ح، 61/1 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية فيما نصتا عليه من جواز توقيع الحجز التحفظى على سفينة مملوكة لغير المدين وفاء لدين من الديون البحرية المنصوص عليها فى الفقرتين (ز)، (ح) من المادة 60 من القانون سالف الذكر.
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة وشركة التأمين الأهلية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه بتاريخ 12/10/2000 وصلت السفنية "ماجيستى" إلى ميناء دمياط تحمل رسالة أسمنت لحساب شركة الفهد للأسمنت (المدعى عليها الخامسة فى الدعوى الماثلة)، وأثناء تفريغ الأسمنت تبين للشركة المذكورة أن هناك تسريبا للمياه داخل السفنية، نجم عنه تلف كمية قدرها 717ر2808 طناً من الأسمنت قُدّر ثمنها بمبلغ 600000 جنيه، بالإضافة إلى خسائر بحرية ومصاريف أخرى قدرتها الشركة بمبلغ 400000 جنيه، مما حدا بها إلى استصدار أمر الحجز التحفظى رقم 70 لسنة 2000 مدنى كلى رأس البر، بتوقيع الحجز التحفظى على السفينة حال تواجدها بميناء دمياط وفاء للمبالغ المستحقة للشركة الطالبه، فقام ربان السفينة- بصفته ممثلاً قانونيا لملاكها- وإعمالاً للمادة 63/1 من قانون التجارة البحرية بتقديم خطاب ضمان بنكى بقيمة الدين المحجوز على السفينة من أجله، ومن ثم صدر الأمر على عريضة رقم 33 لسنة 2000 كلى رأس البر فى 18/10/2000 بإيداع خطاب الضمان خزينة المحكمة ورفع الحجز التحفظى الموقع على السفينة، وغادرت ميناء دمياط بتاريخ 22/10/2000. وفى الوقت ذاته أقامت الشركة المدعى عليها الخامسة، الدعوى رقم 1112 لسنة 2000 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية قيدت برقم 53 لسنة 2000 مدنى كلى رأس البر، ثم أحيلت لنظرها أمام ذات الدائرة بهيئتها التجارية للاختصاص برقم 53 لسنة 2000 تجارى رأس البر- طلباً للحكم بثبوت الحق وصحة الحجز، وأثناء نظر الدعوى تدخلت شركة الشرق للتأمين (المدعى عليها الأخيرة) مقررة أنها قامت بسداد التعويض التأمينى إلى الشركة المستوردة، وأقرت الأخيرة بحلول شركة الشرق للتأمين محلها فى الدعوى وفى خطاب الضمان المودع فيها، وفى كافة حقوق الشركة المدعية ودعواها قبل السفينة وملاكها ومستأجريها ومستغليها وربانها فى حدود ما سددته من مبالغ، وذلك بموجب حوالة الحق الصادرة منها إلى شركة التأمين. وحال تداول الدعوى أمام محكمة الموضوع دفع المدعون بعدم دستورية نصى المادتين 60/ز، ح، 61/1 من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون 8 لسنة 1990، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعون دعواهم الماثلة.
وحيث إن المادة 60 من القانون رقم 8 لسنة 1990 تنص على أنه "لا يوقع الحجز التحفظى إلا وفاء لدين بحرى، ويعتبر الدين بحرياً إذا نشأ عن أحد الأسباب الآتية: أ-............ ب-................ ج:......................... د-.................. ه-................... و-........................ ز- العقود الخاصة بنقل البضائع بموجب عقد إيجار أو وثيقة شحن."
ح- هلاك البضائع والأمتعة التى تنقلها السفينة أو تلفها..... .
كما تنص المادة 61/1 على أنه "لكل من يتمسك بأحد الديون المذكورة فى المادة السابقة أن يحجز على السفينة التى يتعلق بها الدين أو على أى سفينة أخرى يملكها المدين إذا كانت مملوكة له وقت نشوء الدين".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة –وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن يكون للفصل فى دستورية النصوص المعروضة عليها انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن لم يكن كذلك فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ما تقدم، وكان الحجز التحفظى على السفينة المملوكة للمدعين، قد تم توقيعه استناداً إلى نص المادة 61/1 من قانون التجارة البحرية، والتى أجازت لكل من يتمسك بأحد الديون المذكورة بالمادة 60 من القانون السالف بيانه- أن يحجز على السفينة التى يتعلق بها الدين، وقد وُقّع هذا الحجز بناء على البندين ز، ح من المادة 60، حيث حظر صدر المادة الأخيرة توقيع الحجز التحفظى إلا وفاء لدين بحرى، واعتبر نص البند (ز) الدين بحرياً إذا نشأ عن عقد خاص بنقل البضائع بموجب عقد إيجار أو وثيقة شحن، كما اعتبر نص البند (ح) الدين بحرياً إذا نشأ عن هلاك البضائع التى تنقلها السفينة أو تلفها، وهما الحالتان اللتان وقع الحجز استناداً إليهما ويدور النزاع الموضوعى حولهما، الأمر الذى تتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعين فى الطعن بعدم دستوريتها.
وحيث إن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد –فى ضوء ما تقدم- بنص المادتين 60/ز،ح، 61/1 من قانون التجارة البحرية.
وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون عليهما مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية التى حرصت على صون الملكية الخاصة، وإهدار حق الملكية بما يمثل عدواناً عليه، والإخلال بمبدأ المساواة بتمييز الدائن عن مالك السفينة غير المدين، ومنح الأول معاملة تفضيلية قُدمت فيها مصلحته على الثانى حيث أتاح النصان توقيع الحجز التحفظى على السفينة رغم أن مالكها ليس هو المدين وأن لكل من مالك السفينة والمدين ذمته المالية المستقلة- وهو ما يتعارض مع نصوص المواد 2، 34، 40 من الدستور.
وحيث إن النعى بمخالفة النصين المطعون فيهما لمبادئ الشريعة الإسلامية، غير سديد- ذلك أن الأحكام الشرعية التى اعتبرها الدستور المصدر الرئيسى للتشريع بموجب نص المادة 2 منه هى تلك القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى لا تحتمل اجتهاداً، وليست كذلك الأحكام الظنية فى ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً، وهى التى تتسع لدائرة الاجتهاد فيها تنظيماً لشئون العباد، وحماية لمصالحهم، وإذ لم يكن هناك ثمة نص قطعى يقرر حكماً فاصلاً فى شأن الديون البحرية، ولا الأحوال التى يجوز فيها توقيع الحجز التحفظى على السفينة، فإن النصوص المطعون فيها لا تكون قد خالفت نصا قطعياً فى هذين الأمرين، ويكون الادعاء بمخالفتها للمادة الثانية من الدستور قد ابتنى على غير سند دستورى متعيناً طرحه والالتفات عنه.
وحيث إن ما نعاه المدعون من إهدار النصين المطعون فيهما لحق الملكية وإخلالهما بمبدأ المساواة مردود- بأنه من المقرر أن للمشرع سلطة تقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وجوهر هذه السلطة التقديرية يتمثل فى المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها فى خصوص الموضوع الذى يتناوله بالتنظيم. كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن الملكية لم تعد حقاً مطلقاً ولا هى عصية على التنظيم التشريعى، ومن ثم جاز تحميلها بالقيود التى تتطلبها وظيفتها الاجتماعية. فضلا عن أن المساواة المنصوص عليها فى المادة (40) من الدستور- وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة- ليست مساواة حسابية، ولا هى مبدأ تلقينيا جامداً منافيا للضرورة العملية، ومن ثم فمن الجائز بالتالى أن تغاير السلطة التشريعية –وفقاً لمقاييس منطقية- بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين فيما بينها فى الأسس التى تقوم عليها. فإذا كان المشرع قد حظر بنص المادة 60 من قانون التجارة البحرية توقيع الحجز التحفظى على السفينة إلا وفاء لدين بحرى، وأورد فى البندين ز،ح من هذه المادة –المطعون عليهما- حالتين ترتبطان بأوجه استثمار السفينة وما ينشأ عنه من ديون، فإن إسباغ المشرع عليهما وصف الديون البحرية يكون واقعاً فى إطار سلطته التقديرية فى تنظيم الحقوق بما لاينال منها أو يقوض جوهرها وبغير أن يخالف أيّا من نصوص الدستور. كما أن إجازة الحجز التحفظى على السفينة ولو لم تكن مملوكة للمستأجر المدين بالدين طالما تعلق الدين بها- وفقاً لما ورد فى نص المادة 61/1- المطعون عليها- هو إجراء مؤقت يقوم فى جوهره على قاعدة مبررة وسائغة مؤداها أنه طالما تعلق الدين بالسفينة فإن التحفظ عليها مؤقتا- فى سياق إجرائى مترابط- لحين تقديم كفالة تغنى عن الحجز، أو إلى أن يتم استجلاء حقيقة النزاع وصاحب الحق فيه والمسئول عن الضرر –لا يتناقض مع نظام الحجز التحفظى ذاته وما يستهدفه لحماية الدائن، ذلك أن استعمال الحق فى توقيع الحجز التحفظى على السفينة غير مرتبط بدعوى الوفاء بالحق، وأن هذا الحجز ليس له هدف سوى إيقاف السفينة إلى أن يتم الحصول على كفالة للوفاء بالدين، ولا ينصب –بحسب الأصل- إلا على السفينة التى تعلق بها الدين باعتبار أن السفينة مسئولة عن ديونها، فهو تدبير وقائى يختلف فى أسبابه ونتائجه عن الحجز التنفيذى، وهذا التنظيم الذى وضعه المشرع فى قانون التجارة البحرية بهدف دعم الائتمان التجارى البحرى يدخل فى حدود سلطته التقديرية بما لا يخل بصون حق الملكية ولا مبدأ المساواة المنصوص عليهما فى المادتين 34، 40 من الدستور.
وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أى نص آخر من نصوص الدستور، بما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد السادس من يوليو سنة 2008م، الموافق الثالث من رجب سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار/ ماهر عبدالواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا
برقم 111 لسنة 27 قضائية "دستورية"
المقامة من
السادة/ ملاك السفينة "ماجيستى" mv majesty
ويمثلهم السيد/ لى كيو هو- الكورى الجنسية
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية.
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد رئيس مجلس الشعب.
4- السيد وزير العدل.
5- السيد/ فايق محمد فايق البورينى- بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الفهد للاسمنت.
6- توكيل أتش بى التجارى البحرى -بصفته وكيلاً للسفينة "ماجيستى" بجمهورية مصر العربية.
7- شركة الشرق للتأمين.
" الإجراءات"
بتاريخ السابع عشر من مايو سنة 2005، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادتين 60/ز،ح، 61/1 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية فيما نصتا عليه من جواز توقيع الحجز التحفظى على سفينة مملوكة لغير المدين وفاء لدين من الديون البحرية المنصوص عليها فى الفقرتين (ز)، (ح) من المادة 60 من القانون سالف الذكر.
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة وشركة التأمين الأهلية مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أنه بتاريخ 12/10/2000 وصلت السفنية "ماجيستى" إلى ميناء دمياط تحمل رسالة أسمنت لحساب شركة الفهد للأسمنت (المدعى عليها الخامسة فى الدعوى الماثلة)، وأثناء تفريغ الأسمنت تبين للشركة المذكورة أن هناك تسريبا للمياه داخل السفنية، نجم عنه تلف كمية قدرها 717ر2808 طناً من الأسمنت قُدّر ثمنها بمبلغ 600000 جنيه، بالإضافة إلى خسائر بحرية ومصاريف أخرى قدرتها الشركة بمبلغ 400000 جنيه، مما حدا بها إلى استصدار أمر الحجز التحفظى رقم 70 لسنة 2000 مدنى كلى رأس البر، بتوقيع الحجز التحفظى على السفينة حال تواجدها بميناء دمياط وفاء للمبالغ المستحقة للشركة الطالبه، فقام ربان السفينة- بصفته ممثلاً قانونيا لملاكها- وإعمالاً للمادة 63/1 من قانون التجارة البحرية بتقديم خطاب ضمان بنكى بقيمة الدين المحجوز على السفينة من أجله، ومن ثم صدر الأمر على عريضة رقم 33 لسنة 2000 كلى رأس البر فى 18/10/2000 بإيداع خطاب الضمان خزينة المحكمة ورفع الحجز التحفظى الموقع على السفينة، وغادرت ميناء دمياط بتاريخ 22/10/2000. وفى الوقت ذاته أقامت الشركة المدعى عليها الخامسة، الدعوى رقم 1112 لسنة 2000 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية قيدت برقم 53 لسنة 2000 مدنى كلى رأس البر، ثم أحيلت لنظرها أمام ذات الدائرة بهيئتها التجارية للاختصاص برقم 53 لسنة 2000 تجارى رأس البر- طلباً للحكم بثبوت الحق وصحة الحجز، وأثناء نظر الدعوى تدخلت شركة الشرق للتأمين (المدعى عليها الأخيرة) مقررة أنها قامت بسداد التعويض التأمينى إلى الشركة المستوردة، وأقرت الأخيرة بحلول شركة الشرق للتأمين محلها فى الدعوى وفى خطاب الضمان المودع فيها، وفى كافة حقوق الشركة المدعية ودعواها قبل السفينة وملاكها ومستأجريها ومستغليها وربانها فى حدود ما سددته من مبالغ، وذلك بموجب حوالة الحق الصادرة منها إلى شركة التأمين. وحال تداول الدعوى أمام محكمة الموضوع دفع المدعون بعدم دستورية نصى المادتين 60/ز، ح، 61/1 من قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون 8 لسنة 1990، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام المدعون دعواهم الماثلة.
وحيث إن المادة 60 من القانون رقم 8 لسنة 1990 تنص على أنه "لا يوقع الحجز التحفظى إلا وفاء لدين بحرى، ويعتبر الدين بحرياً إذا نشأ عن أحد الأسباب الآتية: أ-............ ب-................ ج:......................... د-.................. ه-................... و-........................ ز- العقود الخاصة بنقل البضائع بموجب عقد إيجار أو وثيقة شحن."
ح- هلاك البضائع والأمتعة التى تنقلها السفينة أو تلفها..... .
كما تنص المادة 61/1 على أنه "لكل من يتمسك بأحد الديون المذكورة فى المادة السابقة أن يحجز على السفينة التى يتعلق بها الدين أو على أى سفينة أخرى يملكها المدين إذا كانت مملوكة له وقت نشوء الدين".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة –وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن يكون للفصل فى دستورية النصوص المعروضة عليها انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن لم يكن كذلك فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ما تقدم، وكان الحجز التحفظى على السفينة المملوكة للمدعين، قد تم توقيعه استناداً إلى نص المادة 61/1 من قانون التجارة البحرية، والتى أجازت لكل من يتمسك بأحد الديون المذكورة بالمادة 60 من القانون السالف بيانه- أن يحجز على السفينة التى يتعلق بها الدين، وقد وُقّع هذا الحجز بناء على البندين ز، ح من المادة 60، حيث حظر صدر المادة الأخيرة توقيع الحجز التحفظى إلا وفاء لدين بحرى، واعتبر نص البند (ز) الدين بحرياً إذا نشأ عن عقد خاص بنقل البضائع بموجب عقد إيجار أو وثيقة شحن، كما اعتبر نص البند (ح) الدين بحرياً إذا نشأ عن هلاك البضائع التى تنقلها السفينة أو تلفها، وهما الحالتان اللتان وقع الحجز استناداً إليهما ويدور النزاع الموضوعى حولهما، الأمر الذى تتوافر معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعين فى الطعن بعدم دستوريتها.
وحيث إن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد –فى ضوء ما تقدم- بنص المادتين 60/ز،ح، 61/1 من قانون التجارة البحرية.
وحيث إن المدعين ينعون على النصين المطعون عليهما مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية التى حرصت على صون الملكية الخاصة، وإهدار حق الملكية بما يمثل عدواناً عليه، والإخلال بمبدأ المساواة بتمييز الدائن عن مالك السفينة غير المدين، ومنح الأول معاملة تفضيلية قُدمت فيها مصلحته على الثانى حيث أتاح النصان توقيع الحجز التحفظى على السفينة رغم أن مالكها ليس هو المدين وأن لكل من مالك السفينة والمدين ذمته المالية المستقلة- وهو ما يتعارض مع نصوص المواد 2، 34، 40 من الدستور.
وحيث إن النعى بمخالفة النصين المطعون فيهما لمبادئ الشريعة الإسلامية، غير سديد- ذلك أن الأحكام الشرعية التى اعتبرها الدستور المصدر الرئيسى للتشريع بموجب نص المادة 2 منه هى تلك القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى لا تحتمل اجتهاداً، وليست كذلك الأحكام الظنية فى ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً، وهى التى تتسع لدائرة الاجتهاد فيها تنظيماً لشئون العباد، وحماية لمصالحهم، وإذ لم يكن هناك ثمة نص قطعى يقرر حكماً فاصلاً فى شأن الديون البحرية، ولا الأحوال التى يجوز فيها توقيع الحجز التحفظى على السفينة، فإن النصوص المطعون فيها لا تكون قد خالفت نصا قطعياً فى هذين الأمرين، ويكون الادعاء بمخالفتها للمادة الثانية من الدستور قد ابتنى على غير سند دستورى متعيناً طرحه والالتفات عنه.
وحيث إن ما نعاه المدعون من إهدار النصين المطعون فيهما لحق الملكية وإخلالهما بمبدأ المساواة مردود- بأنه من المقرر أن للمشرع سلطة تقديرية فى مجال تنظيم الحقوق ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وجوهر هذه السلطة التقديرية يتمثل فى المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها فى خصوص الموضوع الذى يتناوله بالتنظيم. كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن الملكية لم تعد حقاً مطلقاً ولا هى عصية على التنظيم التشريعى، ومن ثم جاز تحميلها بالقيود التى تتطلبها وظيفتها الاجتماعية. فضلا عن أن المساواة المنصوص عليها فى المادة (40) من الدستور- وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة- ليست مساواة حسابية، ولا هى مبدأ تلقينيا جامداً منافيا للضرورة العملية، ومن ثم فمن الجائز بالتالى أن تغاير السلطة التشريعية –وفقاً لمقاييس منطقية- بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين فيما بينها فى الأسس التى تقوم عليها. فإذا كان المشرع قد حظر بنص المادة 60 من قانون التجارة البحرية توقيع الحجز التحفظى على السفينة إلا وفاء لدين بحرى، وأورد فى البندين ز،ح من هذه المادة –المطعون عليهما- حالتين ترتبطان بأوجه استثمار السفينة وما ينشأ عنه من ديون، فإن إسباغ المشرع عليهما وصف الديون البحرية يكون واقعاً فى إطار سلطته التقديرية فى تنظيم الحقوق بما لاينال منها أو يقوض جوهرها وبغير أن يخالف أيّا من نصوص الدستور. كما أن إجازة الحجز التحفظى على السفينة ولو لم تكن مملوكة للمستأجر المدين بالدين طالما تعلق الدين بها- وفقاً لما ورد فى نص المادة 61/1- المطعون عليها- هو إجراء مؤقت يقوم فى جوهره على قاعدة مبررة وسائغة مؤداها أنه طالما تعلق الدين بالسفينة فإن التحفظ عليها مؤقتا- فى سياق إجرائى مترابط- لحين تقديم كفالة تغنى عن الحجز، أو إلى أن يتم استجلاء حقيقة النزاع وصاحب الحق فيه والمسئول عن الضرر –لا يتناقض مع نظام الحجز التحفظى ذاته وما يستهدفه لحماية الدائن، ذلك أن استعمال الحق فى توقيع الحجز التحفظى على السفينة غير مرتبط بدعوى الوفاء بالحق، وأن هذا الحجز ليس له هدف سوى إيقاف السفينة إلى أن يتم الحصول على كفالة للوفاء بالدين، ولا ينصب –بحسب الأصل- إلا على السفينة التى تعلق بها الدين باعتبار أن السفينة مسئولة عن ديونها، فهو تدبير وقائى يختلف فى أسبابه ونتائجه عن الحجز التنفيذى، وهذا التنظيم الذى وضعه المشرع فى قانون التجارة البحرية بهدف دعم الائتمان التجارى البحرى يدخل فى حدود سلطته التقديرية بما لا يخل بصون حق الملكية ولا مبدأ المساواة المنصوص عليهما فى المادتين 34، 40 من الدستور.
وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أى نص آخر من نصوص الدستور، بما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.