المحامي مؤمن صابر هشام
10-02-2010, 02:12 AM
فقه فاميين
مما أعجبني كثيرا وقت قرأتي له هذه القصة التي فيها من العبر والفوائد ما فيها ، فأحببت أن أنقلها بنصها، عل الله ينفع بها:
ذكر القصة ابن العربي في أحكام القرآن في أثناء حديثه عن الاستثناء ومسائله، ونقلها عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن.
قال ابن العربي: وكان أبو الفضل المراغي (1) يقرأ بمدينة السلام (2)، وكانت الكتب تأتي إليه من بلده، فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحدا مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه ويقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام وقضى غرضا من الطلب وعزم على الرحيل، شد رحله وأبرز كتبه وأخرج تلك الرسائل، فقرأ فيها ما لو أن واحدا منها يقرؤه بعد وصوله ما تمكن بعده من تحصيل حرف من العلم، فحمد الله ورحل على دابة قماشه (3) وخرج إلى باب الحلبة طريق خراسان، وتقدمه الكري (4) بالدابة وأقام هو على فامي (5) يبتاع منه سفرته (6)، فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامي آخر: أما سمعت العالم يقول - يعني الواعظ - أن ابن عباس يجوز الاستثناء ولو بعد سنة، لقد اشتغل بذلك بالي منذ سمعته فظللت فيه متفكرا، ولو كان ذلك صحيحا لما قال الله تعالى لايوب: ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ) [ص/44] وما الذي يمنعه من أن يقول: قل إن شاء الله ! فلما سمعه يقول ذلك قال: بلد يكون فيه الفاميون بهذا الحظ من العلم وهذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة ؟ لا أفعله أبدا، واقتفى أثر الكري وحلله من الكراء وأقام بها حتى مات.
----------------
(1) نسبة إلى المراغة، وهي بلدة مشهورة من بلاد أذربيجان.
(2) مدينة السلام بغداد وقيل: سميت بذلك لان دجلة يقال لها وادى السلام وقيل: سماها المنصور بذلك تفاؤلا بالسلامة.
وتسمى أيضا بدار السلام على التشبيه بالجنة.
(معجم البلدان).
(3) القماشن: متاع البيت.
(4) الكرى: المستأجر.
(5) الفامي هاهنا الخباز.
(6) السفرة: طعام يتخذه المسافر.
مما أعجبني كثيرا وقت قرأتي له هذه القصة التي فيها من العبر والفوائد ما فيها ، فأحببت أن أنقلها بنصها، عل الله ينفع بها:
ذكر القصة ابن العربي في أحكام القرآن في أثناء حديثه عن الاستثناء ومسائله، ونقلها عنه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن.
قال ابن العربي: وكان أبو الفضل المراغي (1) يقرأ بمدينة السلام (2)، وكانت الكتب تأتي إليه من بلده، فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحدا مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه ويقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام وقضى غرضا من الطلب وعزم على الرحيل، شد رحله وأبرز كتبه وأخرج تلك الرسائل، فقرأ فيها ما لو أن واحدا منها يقرؤه بعد وصوله ما تمكن بعده من تحصيل حرف من العلم، فحمد الله ورحل على دابة قماشه (3) وخرج إلى باب الحلبة طريق خراسان، وتقدمه الكري (4) بالدابة وأقام هو على فامي (5) يبتاع منه سفرته (6)، فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامي آخر: أما سمعت العالم يقول - يعني الواعظ - أن ابن عباس يجوز الاستثناء ولو بعد سنة، لقد اشتغل بذلك بالي منذ سمعته فظللت فيه متفكرا، ولو كان ذلك صحيحا لما قال الله تعالى لايوب: ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ) [ص/44] وما الذي يمنعه من أن يقول: قل إن شاء الله ! فلما سمعه يقول ذلك قال: بلد يكون فيه الفاميون بهذا الحظ من العلم وهذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة ؟ لا أفعله أبدا، واقتفى أثر الكري وحلله من الكراء وأقام بها حتى مات.
----------------
(1) نسبة إلى المراغة، وهي بلدة مشهورة من بلاد أذربيجان.
(2) مدينة السلام بغداد وقيل: سميت بذلك لان دجلة يقال لها وادى السلام وقيل: سماها المنصور بذلك تفاؤلا بالسلامة.
وتسمى أيضا بدار السلام على التشبيه بالجنة.
(معجم البلدان).
(3) القماشن: متاع البيت.
(4) الكرى: المستأجر.
(5) الفامي هاهنا الخباز.
(6) السفرة: طعام يتخذه المسافر.