محمد ابراهيم البادي
09-25-2010, 12:57 PM
تعليق على حكم للمحكمة الاتحادية العليا بشأن جريمة الازعاج عن طريق الهاتف
الدكتور رفعت رشوان أستاذ القانون الجنائي المشارك بكلية الحقوق جامعة بني سويف وكلية شرطة ابو ظبي
الإزعاج عن طريق الهاتف
جريمة يعاقب عليها القانون
أسندت النيابة العامة إلى شخص بأنه تسبب عمداً في إزعاج المجني عليها باستعمال أحد أجهزة المواصلات اللاسلكية ( هاتف نقال ) وذلك بأن دأب على الاتصال بها تفها لأكثر من مرة مسبباً إزعاجها على النحو المبين بالأوراق وطالبت عقابه بالمادة 298 من قانون العقوبات .
محكمة أول درجة :
قضت محكمة أول درجة حضورياً بتغريم المتهم ألف درهم
محكمة الاستئناف :
استأنف المتهم الحكم فقضت المحكمة الاستئنافية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
المحكمة الاتحادية العليا :
طعن المحكوم عليه بطريق النقض على هذا القضاء الأخير حيث نعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي ذلك يقول أن وقائع الدعوى تؤكد براءته إذ سبق تقدمه لخطبة الشاكية ولنشوء خلاف بسبب حصوله على عمل بدولة البحرين ورفض والدها إتمام الزواج جاءت اتصالاته الهاتفية بالمجني عليها بغية إصلاح هذا الخلاف بما ينفي توافر أركان الجريمة المسندة إليه لانتفاء القصد الجنائي لديه .
وحيث أن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في جملته غير محله لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها واستخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً إلى إدانة الطاعن عن سند من القول بأنه قد أقر باتصاله بالمجني عليها هاتفياً في أوقات متفرقة من الليل والنهار وأن دفاعه بمحاولة إزالة الخلاف وإتمام مشروع الزواج بالمجني عليها دفاع ظاهره البطلان وقد قامت المجني عليها بتغيير رقم هاتفها حتى لا يتمكن المتهم من الاتصال بها وتعيش في منأى من ملاحقته فعاود الاتصال بها على هاتفها الجديد بعد أن استدرج زميلتها وحصل منها على رقم المجني عليها خداعاً وهو ما ينم عن استمرار المتهم في مضايقة المجني عليها ومن ثم تكون التهمة ثابتة في حقه. ولهذه الأسباب قضت المحكمة الاتحادية العليا برفض الطعن وألزمت الطاعن الرسم وأمرت بمصادرة التأمين وتعليقاً على هذا الحكم يقول الدكتور رفعت رشوان أستاذ القانون الجنائي بكلية الشرطة ، لقد حرص المشرع الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة على ضمان عدم إزعاج الغير أو إرباكه ، من أجل ذلك جاء بالمادة 298 من قانون العقوبات التي نصت على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره باستعمال أجهزة المواصلات السلكية واللاسلكية "
والواضح من هذا النص أن هذه الجريمة تنهض على ركنين أساسيين ركن مادي وآخر معنوي :
أما الركن المادي : فينهض على عنصرين : الإزعاج ، وان يكون ذلك بإحدى الوسائل التي حددها المشرع :
أما الإزعاج : فيقصد به إقلاق الغير في مكانه الآمن ، أو إرباكه والحيلولة بينه وبين ممارسة حياته العادية وخاصة في شقها المتعلق بالراحة والهدوء ، ويتحقق الإزعاج حتى ولو كان في مقدور المجني عليه التخلص منه برفع جهاز التليفون مؤقتاً مثلاً ، إذ أن المجني عليه ليس مجبراً على هذا التصرف .
أما العنصر الثاني فيتمثل في أن يكون الإزعاج عن طريق إحدى الوسائل التي نص عليها المشرع وهي أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية ، ومؤدي ذلك أن إزعاج الغير عن طريق إصدار أصوات عالية أو رفع صوت التلفاز أو الراديو في ساعة متأخرة من الليل لا يدخل تحت تطبيق هذا النص وان كنا ننضم لجانب من الفقه حين ذهب إلى القول بأن ذلك يكشف عن نقص يعتور التشريع فحبذا لو اكتفي المشرع بالإزعاج دون أن يحدد وسيلته .
أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيتخذ صورة القصد الجنائي حيث ينبغي أن يعلم الجاني أنه بسلوكه هذا يزعج الآخرين ، وعلى الرغم من ذلك اتجهت إرادته إلى اقتراف هذا السلوك ومن ثم فالخطأ غير العمدي حتى وأن كان جسيماً لا يكفي لقيام هذه الجريمة .
نخلص من ذلك إلى القول بأن محكمتنا العليا قد أصابت حين أيدت الحكم بإدانة المتهم عن هذه الجريمة ، فلا يقبل منه دفاعاً القول بأن سبب اتصاله هو محاولة إصلاح الخلاف بينه وبين المجني عليها حيث أن الأمر هنا يتعلق بالباعث والقاعدة أنه لا تأثير للبواعث على القصد الجنائي .
الدكتور رفعت رشوان أستاذ القانون الجنائي المشارك بكلية الحقوق جامعة بني سويف وكلية شرطة ابو ظبي
الإزعاج عن طريق الهاتف
جريمة يعاقب عليها القانون
أسندت النيابة العامة إلى شخص بأنه تسبب عمداً في إزعاج المجني عليها باستعمال أحد أجهزة المواصلات اللاسلكية ( هاتف نقال ) وذلك بأن دأب على الاتصال بها تفها لأكثر من مرة مسبباً إزعاجها على النحو المبين بالأوراق وطالبت عقابه بالمادة 298 من قانون العقوبات .
محكمة أول درجة :
قضت محكمة أول درجة حضورياً بتغريم المتهم ألف درهم
محكمة الاستئناف :
استأنف المتهم الحكم فقضت المحكمة الاستئنافية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
المحكمة الاتحادية العليا :
طعن المحكوم عليه بطريق النقض على هذا القضاء الأخير حيث نعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي ذلك يقول أن وقائع الدعوى تؤكد براءته إذ سبق تقدمه لخطبة الشاكية ولنشوء خلاف بسبب حصوله على عمل بدولة البحرين ورفض والدها إتمام الزواج جاءت اتصالاته الهاتفية بالمجني عليها بغية إصلاح هذا الخلاف بما ينفي توافر أركان الجريمة المسندة إليه لانتفاء القصد الجنائي لديه .
وحيث أن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في جملته غير محله لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها واستخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً إلى إدانة الطاعن عن سند من القول بأنه قد أقر باتصاله بالمجني عليها هاتفياً في أوقات متفرقة من الليل والنهار وأن دفاعه بمحاولة إزالة الخلاف وإتمام مشروع الزواج بالمجني عليها دفاع ظاهره البطلان وقد قامت المجني عليها بتغيير رقم هاتفها حتى لا يتمكن المتهم من الاتصال بها وتعيش في منأى من ملاحقته فعاود الاتصال بها على هاتفها الجديد بعد أن استدرج زميلتها وحصل منها على رقم المجني عليها خداعاً وهو ما ينم عن استمرار المتهم في مضايقة المجني عليها ومن ثم تكون التهمة ثابتة في حقه. ولهذه الأسباب قضت المحكمة الاتحادية العليا برفض الطعن وألزمت الطاعن الرسم وأمرت بمصادرة التأمين وتعليقاً على هذا الحكم يقول الدكتور رفعت رشوان أستاذ القانون الجنائي بكلية الشرطة ، لقد حرص المشرع الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة على ضمان عدم إزعاج الغير أو إرباكه ، من أجل ذلك جاء بالمادة 298 من قانون العقوبات التي نصت على أن " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم كل من تسبب عمداً في إزعاج غيره باستعمال أجهزة المواصلات السلكية واللاسلكية "
والواضح من هذا النص أن هذه الجريمة تنهض على ركنين أساسيين ركن مادي وآخر معنوي :
أما الركن المادي : فينهض على عنصرين : الإزعاج ، وان يكون ذلك بإحدى الوسائل التي حددها المشرع :
أما الإزعاج : فيقصد به إقلاق الغير في مكانه الآمن ، أو إرباكه والحيلولة بينه وبين ممارسة حياته العادية وخاصة في شقها المتعلق بالراحة والهدوء ، ويتحقق الإزعاج حتى ولو كان في مقدور المجني عليه التخلص منه برفع جهاز التليفون مؤقتاً مثلاً ، إذ أن المجني عليه ليس مجبراً على هذا التصرف .
أما العنصر الثاني فيتمثل في أن يكون الإزعاج عن طريق إحدى الوسائل التي نص عليها المشرع وهي أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية ، ومؤدي ذلك أن إزعاج الغير عن طريق إصدار أصوات عالية أو رفع صوت التلفاز أو الراديو في ساعة متأخرة من الليل لا يدخل تحت تطبيق هذا النص وان كنا ننضم لجانب من الفقه حين ذهب إلى القول بأن ذلك يكشف عن نقص يعتور التشريع فحبذا لو اكتفي المشرع بالإزعاج دون أن يحدد وسيلته .
أما الركن المعنوي لهذه الجريمة فيتخذ صورة القصد الجنائي حيث ينبغي أن يعلم الجاني أنه بسلوكه هذا يزعج الآخرين ، وعلى الرغم من ذلك اتجهت إرادته إلى اقتراف هذا السلوك ومن ثم فالخطأ غير العمدي حتى وأن كان جسيماً لا يكفي لقيام هذه الجريمة .
نخلص من ذلك إلى القول بأن محكمتنا العليا قد أصابت حين أيدت الحكم بإدانة المتهم عن هذه الجريمة ، فلا يقبل منه دفاعاً القول بأن سبب اتصاله هو محاولة إصلاح الخلاف بينه وبين المجني عليها حيث أن الأمر هنا يتعلق بالباعث والقاعدة أنه لا تأثير للبواعث على القصد الجنائي .