المحامي والمحكم علي العقيد
09-06-2016, 02:57 PM
نصت المادة ( 1 ) من القانون (http://www.theuaelaw.com/vb/t28893.html)الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 م بإصدار قانون العقوبات تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية ).
وبالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية (http://www.theuaelaw.com/vb/t28897.html) فيما يتعلق بشروط تطبيق حد شرب الخمر (http://www.theuaelaw.com/vb/t28897.html)في حق شارب الخمر لابد من شروط وهي :
اختلف أهل العلم في عقوبة شارب الخمر على قولين أحدهما : أنها حد . والثاني : أنها تعزير ، والذين قالوا بأنها حد اختلفوا على قولين هما المشهوران ، منهم من قال بأنه ثمانون ، ومنهم من قال بأن الحد أربعون وما زاد على ذلك يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام ؛ فإن رأى الزيادة زاد وإلا فلا ،
وفيما يلي بيان هذه الأقوال مع الأدلة والمناقشة :
القول الأول : إنه تعزير قال : الحافظ ابن حجر :إن الطبري وابن المنذر حكوا عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها ، وإنما فيها التعزير .
واستدلوا بأحاديث الباب ؛ فإنها ساكتة عن تعيين عدد الضرب وأصرحها حديث أنس ، ولم يجزم فيه بالأربعين في أرجح الطرق عنه ، وقد قال عبد الرزاق : أنبأنا ابن جريج ومعمر سئل ابن شهاب كم جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر؟فقال : لم يكن فرض فيها حدًّا ، كان يأمر من حضره أن يضربوه بأيديهم ونعالهم حتى يقول لهم : ارفعوا ، وورد أنه لم يضربه أصلاً وذلك فيما أخرجه أبو داود والنسائي بسند قوي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت في الخمر حدًّا ، قال ابن عباس : وشرب رجل فسكر فانطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حاذى دار العباس انفلت فدخل على العباس ، فالتزمه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يأمر فيه بشيء .
وأخرج الطبري من وجه آخر عن ابن عباس ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر إلاأخيرًا ، ولقد غزا تبوك فغشي حجرته من الليل سكران فقال : ليقم إليه رجل فيأخذبيده حتى يرده إلى رحله .
والجواب : أن الإجماع انعقد بعد ذلك على وجوب الحد؛ لأن أبا بكر تحرى ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب السكران فصيره حدًّاواستمر عليه ، وكذا استمر من بعده ، وإن اختلفوا في العدد .
وجمع القرطبي بين الأخبار بأنه لم يكن أولاً فيشرب الخمر حد ، وعلى ذلك يحمل حديث ابن عباس في الذي استجار بالعباس ، ثم شرع فيه التعزير على ما في سائر الأحاديث التي لا تقدير فيها ، ثم شرع الحد ولم يطلع أكثرهم على تعيينه صريحًا مع اعتقادهم أن فيه الحد المعين ، ومن ثم توخى أبو بكرعلى ما فعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر عليه الأمر ، ثم رأى عمر ومن وافقه الزيادة على الأربعين إما حدًّا بطريق الاستنباط ، وإما تعزيرًا . انتهى المقصودمن كلام ابن حجر .
القول الثاني : إنها حد وأنه ثمانون ، وهو مذهب الحنفية والمالكية والمقدم عند الحنابلة .
ففي بداية المهتدي : وحد الخمر والسكر إلى ثمانين سوطًا وفي قوانين الأحكام الفقهية وهو ثمانون جلدة للحر ، وقال ابن قدامة : إحداهما : أنه ثمانون ، وبهذا قال مالك والثوري وأبو حنيفة ومن تبعهم . انتهى .
واستدل لهذا بإجماع الصحابة ؛ فإنه روي أن عمراستشار الناس في حد الخمر ، فقال عبد الرحمن بن عوف : اجعله كأخف الحدود ثمانين ،فضرب عمر ثمانين وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام .
وروي أن عليًّا قال في المشورة : إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري . روى ذلك الجوزجاني والدارقطني وغيرهما . انتهىمن كلام ابن قدامة .
ونوقش هذا الدليل بما يلي :
أولاً : أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا يجوزتركه بفعل غيره ، ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ،وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رآه الإمام- ذكر هذا الوجه ابن قدامة.
ثانيًا : أن عليًّا أشار على عمر بذلك ، ثم رجع علي عن ذلك واقتصر على الأربعين ؛ لأنها القدر الذي اتفقوا عليه في زمن أبي بكر مستندين إلى تقدير ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الذي أشار به فقد تبين من سياق قصته أنه أشار بذلك ؛ ردعًا للذين انهمكوا ؛ لأن في بعض طرق القصة - كما تقدم -أنهم احتقروا العقوبة .
القول الثالث : أنه أربعون ، وما زاد عن ذلك يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام ،
وبهذا قال الشافعي ، وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد، وبه قال أبو ثور وداود ومن وافقهم من أهل العلم .
قال الشيرازي وقال الشافعي وأبو ثور وداود : الحدفي ذلك أربعون- ومضى إلى أن قال : فإن رأى الإمام أن يبلغ بحد الحر ثمانين وبحدالعبد أربعين جاز . انتهى .
وقال ابن قدامة : والرواية الثانية أن الحد أربعون ، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي . انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا أوجه القولين .
واستدل لهذا القول بما روى أبو ساسان قال : لما شهد على الوليد بن عقبة ، قال عثمان لعلي :دونك ابن عمك فاجلده . قال : قم يا حسن فاجلده . قال : فيما أنت وذاك ولِّ هذاغيري . قال : ولكنك ضعفت وعجزت ووهنت . فقال : قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده وعلي يعد ذلك ، فعد أربعين ، وقال : جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين ، وكل سنة . أخرجه البيهقي .
وأخرج مسلم عن حصين بن المنذر قال : شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال : أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب ، وشهد آخر أنه رآه يتقيؤها فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى يشربها . فقال : يا يا علي قم فاجلده .فقال علي : قم يا حسن فاجلده . فقال الحسن : ولّ حارها من تولى قارها ، فكأنه وجدعليه . فقال : يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال : أمسك. ثم قال : جلد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة ،وهذا أحب إلي .
وأما كون الزيادة عن الأربعين راجعة إلى رأي الإمام ، فقد استدلوا لذلك بما رواه أبو وبرة الكلبي قال : أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه ، فأتيته ومعه عثمان وعبد الرحمن بن عوف وعلي وطارق والزبير رضي الله عنهم ، فقلت : إن خالد بن الوليد رضي الله عنه يقرأ عليك السلام ويقول :إن الناس قد انهمكوا في الخمر ، وتحاقروا العقوبة فيه .
قال عمر : هم هؤلاء عندك فسلهم ، فقال : تراه إذاسكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون . فقال عمر : بلغ صاحبك ما قالوا .فجلد خالد ثمانين ، وجلد عمر ثمانين .
وقال : وكان عمر إذا أتي بالرجل القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين ، وإذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه زلة جلده أربعين .
وأما بيان ما يترتب على القول بأنها تعزير وحد ، فعلى القول بأنها حد لا يدخله العفو والإسقاط والصلح ؛ لأنه من حقوق الله - جل وعلا -وإذا مات المضروب ثمانين عند من يقول بذلك ، وأربعين عند من يقول بهذا ؛ فإنه يموته درًا لا دية له ، وعلى القول بأنها تعزير ، يدخله العفو والإسقاط والصلح من جهة أصله عند من يقول بأنه تعزير ، وما زاد على الأربعين ففيه الدية .
وفيما يلي نقول عن أهل العلم في ذلك :
1 - قال الشيرازي : فإن جلده أربعين ومات لم يضمن ؛ لأن الحق قتله، وإن جلده ثمانين ومات ضمن نصف الدية ؛ لأن نصفه حد ونصفه تعزير ، وسقط النصف بالحد ووجب النصف بالتعزير . انتهى المقصود .
2 - قال الخرقي ( مسألة ) : فإن مات في جلده فالحق قتله ، يعني ليس على أحد ضمانه ، قال ابن قدامة : وهذا قول مالك وأصحاب الرأي ، وبه قال الشافعي ،إن لم يزد على الأربعين ، وإن زاد على الأربعين فمات فعليه الضمان ؛ لأن ذلك تعزير؛ إنما يفعله الإمام برأيه ،
وفي قدر الضمان قولان :
أحدهما : نصف الدية ؛ لأنه تلف من فعلين : مضمون وغير مضمون ، فكان عليه نصف الضمان .
والثاني : تقسط الدية على عدد الضربات كلها ، فيجبمن الدية بقدر زيادته على الأربعين .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ما كنت لأقيم حدًّا على أحد فيموت فأجد في نفسي منهشيئًا إلا صاحب الخمر ، ولو مات وديته ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه لنا.
ولنا أنه حد وجب لله فلم يجب ضمان من مات به كسائرالحدود ، وما زاد على الأربعين قد ذكرنا أنه من الحد ، وإن كان تعزيرًا فالتعزير يجب وهو بمنزلة الحد .
وأما حديث علي فقد صح عنه أنه قال : جلد رسول الله صلى اللهعليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين ، وثبت الحد بالإجماع فلم تبق فيه شبهة .
وبالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية (http://www.theuaelaw.com/vb/t28897.html) فيما يتعلق بشروط تطبيق حد شرب الخمر (http://www.theuaelaw.com/vb/t28897.html)في حق شارب الخمر لابد من شروط وهي :
اختلف أهل العلم في عقوبة شارب الخمر على قولين أحدهما : أنها حد . والثاني : أنها تعزير ، والذين قالوا بأنها حد اختلفوا على قولين هما المشهوران ، منهم من قال بأنه ثمانون ، ومنهم من قال بأن الحد أربعون وما زاد على ذلك يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام ؛ فإن رأى الزيادة زاد وإلا فلا ،
وفيما يلي بيان هذه الأقوال مع الأدلة والمناقشة :
القول الأول : إنه تعزير قال : الحافظ ابن حجر :إن الطبري وابن المنذر حكوا عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها ، وإنما فيها التعزير .
واستدلوا بأحاديث الباب ؛ فإنها ساكتة عن تعيين عدد الضرب وأصرحها حديث أنس ، ولم يجزم فيه بالأربعين في أرجح الطرق عنه ، وقد قال عبد الرزاق : أنبأنا ابن جريج ومعمر سئل ابن شهاب كم جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر؟فقال : لم يكن فرض فيها حدًّا ، كان يأمر من حضره أن يضربوه بأيديهم ونعالهم حتى يقول لهم : ارفعوا ، وورد أنه لم يضربه أصلاً وذلك فيما أخرجه أبو داود والنسائي بسند قوي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت في الخمر حدًّا ، قال ابن عباس : وشرب رجل فسكر فانطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حاذى دار العباس انفلت فدخل على العباس ، فالتزمه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يأمر فيه بشيء .
وأخرج الطبري من وجه آخر عن ابن عباس ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر إلاأخيرًا ، ولقد غزا تبوك فغشي حجرته من الليل سكران فقال : ليقم إليه رجل فيأخذبيده حتى يرده إلى رحله .
والجواب : أن الإجماع انعقد بعد ذلك على وجوب الحد؛ لأن أبا بكر تحرى ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب السكران فصيره حدًّاواستمر عليه ، وكذا استمر من بعده ، وإن اختلفوا في العدد .
وجمع القرطبي بين الأخبار بأنه لم يكن أولاً فيشرب الخمر حد ، وعلى ذلك يحمل حديث ابن عباس في الذي استجار بالعباس ، ثم شرع فيه التعزير على ما في سائر الأحاديث التي لا تقدير فيها ، ثم شرع الحد ولم يطلع أكثرهم على تعيينه صريحًا مع اعتقادهم أن فيه الحد المعين ، ومن ثم توخى أبو بكرعلى ما فعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر عليه الأمر ، ثم رأى عمر ومن وافقه الزيادة على الأربعين إما حدًّا بطريق الاستنباط ، وإما تعزيرًا . انتهى المقصودمن كلام ابن حجر .
القول الثاني : إنها حد وأنه ثمانون ، وهو مذهب الحنفية والمالكية والمقدم عند الحنابلة .
ففي بداية المهتدي : وحد الخمر والسكر إلى ثمانين سوطًا وفي قوانين الأحكام الفقهية وهو ثمانون جلدة للحر ، وقال ابن قدامة : إحداهما : أنه ثمانون ، وبهذا قال مالك والثوري وأبو حنيفة ومن تبعهم . انتهى .
واستدل لهذا بإجماع الصحابة ؛ فإنه روي أن عمراستشار الناس في حد الخمر ، فقال عبد الرحمن بن عوف : اجعله كأخف الحدود ثمانين ،فضرب عمر ثمانين وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام .
وروي أن عليًّا قال في المشورة : إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري . روى ذلك الجوزجاني والدارقطني وغيرهما . انتهىمن كلام ابن قدامة .
ونوقش هذا الدليل بما يلي :
أولاً : أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا يجوزتركه بفعل غيره ، ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ،وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رآه الإمام- ذكر هذا الوجه ابن قدامة.
ثانيًا : أن عليًّا أشار على عمر بذلك ، ثم رجع علي عن ذلك واقتصر على الأربعين ؛ لأنها القدر الذي اتفقوا عليه في زمن أبي بكر مستندين إلى تقدير ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما الذي أشار به فقد تبين من سياق قصته أنه أشار بذلك ؛ ردعًا للذين انهمكوا ؛ لأن في بعض طرق القصة - كما تقدم -أنهم احتقروا العقوبة .
القول الثالث : أنه أربعون ، وما زاد عن ذلك يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام ،
وبهذا قال الشافعي ، وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد، وبه قال أبو ثور وداود ومن وافقهم من أهل العلم .
قال الشيرازي وقال الشافعي وأبو ثور وداود : الحدفي ذلك أربعون- ومضى إلى أن قال : فإن رأى الإمام أن يبلغ بحد الحر ثمانين وبحدالعبد أربعين جاز . انتهى .
وقال ابن قدامة : والرواية الثانية أن الحد أربعون ، وهو اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي . انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا أوجه القولين .
واستدل لهذا القول بما روى أبو ساسان قال : لما شهد على الوليد بن عقبة ، قال عثمان لعلي :دونك ابن عمك فاجلده . قال : قم يا حسن فاجلده . قال : فيما أنت وذاك ولِّ هذاغيري . قال : ولكنك ضعفت وعجزت ووهنت . فقال : قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده وعلي يعد ذلك ، فعد أربعين ، وقال : جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين، وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين ، وكل سنة . أخرجه البيهقي .
وأخرج مسلم عن حصين بن المنذر قال : شهدت عثمان بن عفان أتي بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال : أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب ، وشهد آخر أنه رآه يتقيؤها فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى يشربها . فقال : يا يا علي قم فاجلده .فقال علي : قم يا حسن فاجلده . فقال الحسن : ولّ حارها من تولى قارها ، فكأنه وجدعليه . فقال : يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال : أمسك. ثم قال : جلد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة ،وهذا أحب إلي .
وأما كون الزيادة عن الأربعين راجعة إلى رأي الإمام ، فقد استدلوا لذلك بما رواه أبو وبرة الكلبي قال : أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه ، فأتيته ومعه عثمان وعبد الرحمن بن عوف وعلي وطارق والزبير رضي الله عنهم ، فقلت : إن خالد بن الوليد رضي الله عنه يقرأ عليك السلام ويقول :إن الناس قد انهمكوا في الخمر ، وتحاقروا العقوبة فيه .
قال عمر : هم هؤلاء عندك فسلهم ، فقال : تراه إذاسكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون . فقال عمر : بلغ صاحبك ما قالوا .فجلد خالد ثمانين ، وجلد عمر ثمانين .
وقال : وكان عمر إذا أتي بالرجل القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين ، وإذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه زلة جلده أربعين .
وأما بيان ما يترتب على القول بأنها تعزير وحد ، فعلى القول بأنها حد لا يدخله العفو والإسقاط والصلح ؛ لأنه من حقوق الله - جل وعلا -وإذا مات المضروب ثمانين عند من يقول بذلك ، وأربعين عند من يقول بهذا ؛ فإنه يموته درًا لا دية له ، وعلى القول بأنها تعزير ، يدخله العفو والإسقاط والصلح من جهة أصله عند من يقول بأنه تعزير ، وما زاد على الأربعين ففيه الدية .
وفيما يلي نقول عن أهل العلم في ذلك :
1 - قال الشيرازي : فإن جلده أربعين ومات لم يضمن ؛ لأن الحق قتله، وإن جلده ثمانين ومات ضمن نصف الدية ؛ لأن نصفه حد ونصفه تعزير ، وسقط النصف بالحد ووجب النصف بالتعزير . انتهى المقصود .
2 - قال الخرقي ( مسألة ) : فإن مات في جلده فالحق قتله ، يعني ليس على أحد ضمانه ، قال ابن قدامة : وهذا قول مالك وأصحاب الرأي ، وبه قال الشافعي ،إن لم يزد على الأربعين ، وإن زاد على الأربعين فمات فعليه الضمان ؛ لأن ذلك تعزير؛ إنما يفعله الإمام برأيه ،
وفي قدر الضمان قولان :
أحدهما : نصف الدية ؛ لأنه تلف من فعلين : مضمون وغير مضمون ، فكان عليه نصف الضمان .
والثاني : تقسط الدية على عدد الضربات كلها ، فيجبمن الدية بقدر زيادته على الأربعين .
وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ما كنت لأقيم حدًّا على أحد فيموت فأجد في نفسي منهشيئًا إلا صاحب الخمر ، ولو مات وديته ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنه لنا.
ولنا أنه حد وجب لله فلم يجب ضمان من مات به كسائرالحدود ، وما زاد على الأربعين قد ذكرنا أنه من الحد ، وإن كان تعزيرًا فالتعزير يجب وهو بمنزلة الحد .
وأما حديث علي فقد صح عنه أنه قال : جلد رسول الله صلى اللهعليه وسلم أربعين وأبو بكر أربعين ، وثبت الحد بالإجماع فلم تبق فيه شبهة .