محمد ابراهيم البادي
06-13-2010, 07:05 PM
عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية, لترك العامل الخدمة :-
أولاً :-تقضى المادة 20 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة بأنه :-
" لا تجوز إقامة الدعوى التأديبية على العاملين بعد انتهاء خدمتهم , إلا فى الحالتين الآتيتين :-
إذا كان قد بدء فى التحقيق والمحاكمة قبل انتهاء الخدمة.
إذا كانت المخالفة من المخالفات المالية التى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة , أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة , أو الوحدات التابعة لها , وذلك لمدة 5 (خمس) سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة , ولو لم يكن قد بدء فى التحقيق قبل ذلك ".
ويبين بشأن الحالة الثانية الخاصة بالمخالفة المالية التى يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة , أنه لإمكان جواز تتبع العامل تأديبياً عنها ضرورة توافر شرطين :-
الأول خاص بالمخالفة :-
وهو ألا تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 91 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
وألا تكون قد سقطت بالتقادم أيضاً إعمالاً لحكم المادة 93 من القانون 48/1978 , بشأن نظام العاملين بالقطاع العام , سواء أكان هذا التقادم لمدة سنة أو لمدة ثلاث سنوات , فى الأحوال المبينة بهذه المادة.
والثانى: خاص بالمخالف :-
وهو وجوب إقامة الدعوى التأديبية على المخالف فى خلال خمس سنوات من تاريخ ترك الخدمة , لأي سبب من الأسباب عدا الوفاة , ودون أن يخل ذلك بالأصل العام فى تقادم المخالفة سواء تقادمت قبل تحقق الشرط الخاص بالأجل الزمني , أو تقادمت بعد إقامة الدعوى التأديبية خلال هذا الأجل الزمني , إذ أنه إذا لم يتخذ فى الدعوى بعد إقامتها أمام المحكمة التأديبية إجراءات المحاكمة , أو أي إجراء قاطـع للتقادم فيها , لمدة تزيد على ثلاث سنوات فإن الدعوى تسقط بالتقادم الثلاثى , وذلك رغم أن هذه الدعوى أقيمت فى خلال الخمس سنوات المشار إليها فى المادة 20 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة , وفى المادة 88/2 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , 91 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
وهذا هو ما انتهت إليه المادة 159/10 من التعليمات العامة بتنظيم العمل الفنى بالنيابة الإدارية الصادرة بقرار رئيس هذه الهيئة رقم 136 فى 10/9/1994 : " بأن يكون الحفظ لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لترك العامل الخدمة , فى الأحوال المنصوص عليها قانوناً ".
وهذه الأحوال مشار إليها فى المادة 94 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , ويقابلها المادة 96 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
وأما فى حالة اعتبار العامل مستقيلاً حكماً (الاستقالة الضمنية) :-
فإن المادة 88 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 115/1983 (ويقابلها المادة 91 من القانون رقم 48/1978) تقضى بأن :-
"لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأى سبب من الأسباب - عدا الوفاة - من محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدء فى التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته.
ويجوز فى المخالفات التى يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة , إقامة الدعوى التأديبية ولو لم يكن قد بدء فى التحقيق قبل إنتهاء الخدمة , وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها ".
والمستفاد من هذا النص , أنه بالنسبة للمخالفات الإدارية والمالية التى لم يترتب عليها ضرر مالى, ثم ترك العامل الخدمة لأى سبب من الأسباب عدا الوفاة , ولم يكن التحقيق قد بدأ فى هذه المخالفات قبل تركه الخدمة , فإنه لا يجوز إقامة الدعوى التأديبية فى هذه الحالة قبله لتركه الخدمة.
ومن بين أسباب انتهاء خدمة الموظف (المادة 94 من القانون رقم 47/1978) قبول الاستقالة الصريحة المقدمة منه.
والأمر كذلك فى حالة اعتباره مستقيلاً حكماً , عندما ينقطع عن العمل , ويعمل فى حقه حكم المادة 98 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , 100 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام , ولم يكن التحقيق قد بدأ في المخالفات المنسوبة له قبل قيام الجهة الإدارية بإصدار قرارها بإنهاء خدمته للإنقطاع عن العمل , بشأن المخالفات الإدارية والمخالفات المالية التى لم يترتب عليها ضرر مالي , فإن الحفظ فى هذه الحالة , يكون لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية.
وقد أيد ذلك بحث لإدارة الدراسات والبحوث الفنية بالنيابة الإدارية (الملف رقم 13/1987) والذى أنتهى إلى أنه إذا انتهت النيابة الإدارية إلى اعتبار الموظف المنقطع عن عمله مستقيلاً , وفقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47/1978 , 100 من القانون رقم 48/1978 فإنه يتعين فى هذه الحالة التصرف فى التحقيق , بحفظ هذه الواقعة لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لترك العامل الخدمة.
وثمة أمر هام تجب الإشارة إليه خاص بالإحالة إلى المعاش المبكر:
فقد انتهت فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 547 فى 7/6/1987 (الملف رقم 86/2/192) إلى تكييف إنهاء الخدمة بهذه الطريقة , بأنها استقالة صريحة , وعليه فإن الإحالة إلى المعاش المبكر يسرى عليها جميع القيود , التى تسرى على الاستقالة.
وترتيباً على ذلك , لا يجوز قبول الطلب المقدم من العامل الذى تمت إحالته إلى المحاكمة التأديبية , بإحالته إلى المعاش المبكر.
( راجع التأديب فى الوظيفة العامة للدكتور/ ماهر أبو العينين طبعة 2000م صـ 678 )
عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لسقوط حق الجهاز المركزى للمحاسبات فى طلب إقامتها :-
جاء فى المادة الخامسة من البند ثالثاً (5/3) من القانون رقم 144/1988 بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات بأن من حق رئيس هذا الجهاز التعقيب على قرارات الجزاء النهائية الصادرة فى شأن المخالفات المالية , فى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات له , وإن لم يستعمل حقه فى التعقيب خلال هذه المدة , سقط حقه باعتبار أن هذه مدة سقوط , حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن.
وترتيباً على ذلك يكون من حق النيابة الإدارية إعداد مذكرة بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية فى هذه الحالة.
عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لسقوط حق السلطة المختصة فى طلب إقامتها :-
جاء في المادة 82 البند الثالث (82/3) من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة بأن :
" وللسلطة المختصة حفظ التحقيق , أو إلغاء القرار الصادر بتوقيع الجزاء , أو تعديله.
ولها أيضاً إذا ألغت الجزاء أن تحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية , وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغها بالقرار " .
فإذا لم تستعمل السلطة المختصة حقها فى التعقيب خلال مدة الثلاثين يوماً سالفة الذكر , سقط حقها فى طلب إقامة الدعوى التأديبية , باعتبار أن هذه مدة سقوط أيضاً.
ويكون الحفظ فى هذه الحالة لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية.
وفى هذا الخصوص ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن للوزير المختص حق إلغاء قرار الجزاء الموقع على العامل , حتى ولو كان قرار الجزاء قد صدر صحيحاً قانوناً , وله فى مثل هذه الحالة أن يحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية , شريطة أن يتم ذل خلال الأجل المحدد قانوناً , وهو ثلاثون يوماً من تاريخ إبلاغ تلك السلطة بقرار الجزاء.
ويتعين هنا ألا يختلط ما يتعرض له أمر هذا الإلغاء , بما يخضع له أمر سحب القرار الإدارى الفردى.
إذ أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفاً للقانون , وأما إذا قام على سبب صحيح مستوفياً شروطه القانونية , فإنه يمتنع على الجهة الإدارية سحبه.
واستعمال الوزير لسلطته المنصوص عليها فى المادة 82 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , بإلغاء الجزاء , وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية , مناطه ألا يكون الوزير هو الذى أصدر القرار بتوقيع الجزاء.
(حكمها فى الطعن رقم 3743 س 31 ق فى 11/4/1987)
بشأن عدم قبول الدعوى التأديبية
(أ) سبق أن أشرنا إلى ضرورة الحصول على الطلب المنصوص عليه فى المادة 83 من القانون رقم 48/1978, لإمكان بدء إجراءات التحقيق مع رئيس مجلس إدارة شركة القطاع العام, أو مع شاغلى وظائف الإدارة العليا بشركات القطاع العام والشركة القابضة.
- فإذا تخلف هذا الطلب فإن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا, تقضى بعدم قبول هذه الدعوى قبل النظر فى موضوعها, وذلك باعتبار أن هذا الطلب متعلق بالنظام العام , ويمكن الدفع به فى أى مرحلة من مراحل الدعوى , كما أن فيه ضمانة جوهرية للعامل المحال إلى التحقيق , وضمانة جوهرية للشركة ذاتها.
(ب) وكذلك الأمر بالنسبة للدعوى التأديبية المطلوب رفعها على أعضاء الإدارة القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47/1973 : مدير عام إدارة قانونية , ومدير إدارة قانونية وعضو إدارة قانونية (المادتان 21,23 من القانون رقم 47/1973) فيشترط لإمكان رفع هذه الدعوى :
1- تحقيق تتولاه إدارة التفتيش الفنى بوزارة العدل مع أى منهم.
2- وطلب من الوزير المختص , بالموافقة على اتخاذ إجراءات رفع هذه الدعوى.
- فإذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما , فإن المحكمة التأديبية - سواء لمستوى الإدارة العليا أو المستوى العادي , حسب الدرجة التى يشغلها المخالف فى هذه الحالة , تقضى قبل النظر فى الموضوع- بعدم قبول الدعوى , باعتبار أن هذا الشكل من النظام العام.
(ج) ولما كان المشرع قد اشترط الحصول على إذن من مجلسى الشعب والشورى , قبل اتخاذ أية إجراءات تأديبية مع أحد أعضاء هذين المجلسين , ممن يخضعون لولاية النيابة الإدارية , حتى يقدر أى من هذين المجلسين مدى جدية الاتهام المنسوب لأى منهم , فإنه فى حالة تخلف هذا الإذن , تكون الدعوى التأديبية غير مقبولة , ويمكن الدفع بذلك فى أى مرحلة من مراحل الدعوى , باعتبار أن الحصول على هذا الإذن من النظام العام , وتقضى المحكمة فى هذه الحالة بعدم قبول الدعوى قبل النظر فى الموضوع.
(د) وسبق أن أشرنا إلى أنه يجب الحصول على موافقة رئيس جامعة الأزهر , قبل البدء فى التحقيق فى المخالفات المنسوبة إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بهذه الجامعة- ما لم يكن
هذا التحقيق بناء على طلب من رئيس الجامعة نفسه- وإلا كان هذا التحقيق باطلاً , وما يترتب عليه من آثار , ومنها الإحالة إلى المحاكمة التأديبية.
- وفى حالة تخلف الحصول على هذه الموافقة , وتقديم عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب المختص , فإن هذا المجلس يقضى بعدم قبول الدعوى.
- إذ أن كافة ضمانات التحقيق والتأديب التى تسرى على الموظف الذى يقدم للمحكمة التأديبية , تسرى على من يقدم إلى مجلس التأديب بها , على النحو الذى سنراه تفصيلاً فيما بعد , لدى بحثنا المحاكمة التأديبية أمام مجالس التأديب.
(هـ) وهناك حالة أخرى , تقضى فيها المحكمة التأديبية بعدم قبول الدعوى لبطلان قرار الإحالة (قرار الاتهام) لما لحقه من تجهيل :-
فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا , إلى أنه طبقاً للمادة رقم 24 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية , فإنه يتعين أن يكون قرار الإحالة (قرار الاتهام) متضمناً بيان المخالفة أو المخالفات على وجه الدقة , وأسماء الموظفين المنسوب إليهم هذه المخالفات.
وجاء فى أسباب هذا الحكم : "وحيث أن قرار الاتهام في المنازعة المعروضة قد اقتصر على إحالة المتهمين الواردين فيه بوصف عام , هو أنهم تسببوا بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بمصلحة وأموال المخبز الآلى بمدينة ملوي , مما ترتب عليه خسارة قدرها ....... وكان ذلك بسبب إهمالهم فى أداء وظائفهم المسندة إليهم , خاصة فى النواحى المالية
والإدارية والإشرافية , ومن ثم فإن هذا التعميم وعدم تحديد الوقائع والأفعال المنسوبة إلى كل منهم , لا يمكن للمحكمة معه وصف التهمة أو تكييفها , أو تحديد المخالفات والأفعال المنسوبة إلى كل منهم على حدة , حتى يمكنها أن تضفى عليها الوصف القانونى السليم.
والقول بغير ذلك، يجعل من المحكمة التأديبية سلطة اتهام ، وتحقيق ، وحكم ، في آن واحد ، وهو ما يخرج المحاكم التأديبية عن رسالتها ".
وانتهت المحكمة الإدارية العليا ، إلى تأييد حكم المحكمة التأديبية ، الذي انتهى إلى عدم قبول الدعوى بالنسبة للمحالين لبطلان قرار الإحالة (قرار الاتهام) لما لحقه من تجهيل.
( حكمها فى الطعن رقم 2241س 33 ق فى 22/2/1991 ).
(و) ولقد سبق أن أشرنا إلى أن من حق رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ، إعمالاً لأحكام قانونه رقم 144/1988، المادة الخامسة البند ثالثاً ، أن يستعمل حقه فـى التعقيـب علـى
قرارات الجزاء النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى شأن المخالفات المالية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات ، وإن لم يستعمل حقه فى التعقيب خلال هذه المدة سقط حقه باعتبار أن هذه المدة هى مدة سقوط.
(ز) وكذلك الحال بالنسبة لحق السلطة المختصة (الوزير، والمحافظ بالنسبة لوحدات الحكم المحلى التابعة له ، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المختص) فى العقيب على قرارات الجزاء الصادرة من الجهات التابعة لهذه السلطة ، في شأن المخالفات المالية والإدارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات لها ، (المادة 82/2 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ) وإن لم تستعمل حقها فى التعقيب خلال هذه المدة ، سقط حقها باعتبار أن هذه المدة ، هي مدة سقوط.
- فإذا قدم الجهاز المركزى للمحاسبات ، أو قدمت السلطة المختصة ، أحد العاملين إلى المحاكمة التأديبية بعد تجاوز مدة الثلاثين يوماً المذكورة ، تقضى المحكمة التأديبية فى هذه الحالة ، بعدم قبول الدعوى.
عـدم جـواز نظـر الدعـوى
الحالة الأولى
فصل أحد الموظفين بقرار جمهورى بغير الطريق التأديبى، ثم تقديمه للمحاكمة التأديبية : -
تقضى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 10/1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبى بأنه : " لا يجوز الإلتجاء الى الفصل بغير الطريق التأديبي ، إذا كانت الدعوى بطلب الفصل قد رفعت أمام المحكمة التأديبية ".
والمقصود بهذا الشرط ، ألا يكون العامل المطلوب فصله ، مقدماً إلى المحاكمة التأديبية ، عن الأفعال التى يجوز من أجلها فصله بغير الطريق التأديبي ، أياً كانت العقوبة التي طلبت النيابة الإدارية توقيعها.
كما لا يجوز تقديم الموظف الى المحاكمة التأديبية ، لمحاكمته عن واقعة ، سبق فصله بغير الطريق التأديبى بسببها ، وإن تم ذلك فإن المحكمة التأديبية تقضى بعدم جواز نظر الدعوى.
فإذا صدر قرار جمهورى بفصل أحد العاملين فى الحكومة أو فى القطاع العام بغير الطريق التأديبى عن تهمة معينة ، ورغم ذلك قدم للمحاكمة التأديبية عن نفس التهمة ، وأثناء محاكمة هذا العامـل ، دفـع بسبـق فصلـه بغيـر الطريـق التأديبـى
بقرار جمهوري عن ذات التهمة المقدم بها للمحاكمة التأديبية ، وقدم للمحاكمة ما يؤيد ذلك ، فإن المحكمة تقضى فى هذه الحالة بعدم جواز نظر الدعوى.
ومما تجب الإشارة إليه فى هذا الخصوص ، أن المادة الثالثة من القانون 10/1972 تقضى بأن يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ، دون غيره ، بالفصل في الطلبات التقى يقدمها العاملون بإحدى وظائف الجهاز الإدارى للدولة ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية ، بالطعن في القرارات النهائية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبى طبقا لهذا القانون.
ولما كانت القرارات الجمهورية بالفصل بغير الطريق التأديبي ، ليست عقوبة تأديبية ، وإنما هي قرارات بإنهاء خدمة فإنها تخرج عن اختصاص القضاء التأديبي ، ويختص بها القضاء الإدارى بمجلس الدولة إعمالاً لصريح نص المادة الثالثة سالفة الذكر.
ولقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى هذا الصدد الى أنه وإن كان القرار الجمهورى الصادر فى هذا الشأن ليس جزاءً تأديبياً ، وإنما هو قرار بإنهاء خدمة هذا الموظف عن التهمة ذاتها ، فإن الدعوى التأديبية لا تحرك قبل هذا الموظف ، إلا إذا ألغى أو سحب القرار المذكور.
( حكمها فى الطعن رقم 6170 س 13 ق فى 27/11/1971 ).
الحالة الثانية : سحب قرار الجزاء لتوقيع جزاء أشد :-
قامت الجهة الإدارية بتوقيع جزاء على موظف تابع لها نتيجة تحقيق أجرته معه عن مخالفة منسوبة إليه ، ثم عادت فسحبت قرار الجزاء ، لتقدمه إلى المحاكمة التأديبية عن ذات التهمة ، بأن طلبت من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية قبله ، الأمر الذي تم فعلاً.
وأثناء نظر الدعوى التأديبية دفع الموظف المحال ، بأنه سبق مجازاته عن هذه التهمة بمعرفة الجهة الإدارية التابع لها ، إلا أن هذه الجهة سحبت قرار الجزاء وقدمته الى المحاكمة التأديبية ، وقدم الى المحكمة التأديبية ما يؤيد ذلك.
فى هذه الحالة تقضى المحكمة التأديبية بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية ، ذلك أن سحب قرار الجزاء الصحيح يكون صحيحاً فى حالة سحبه لتوقيع جزاء أخف ، أما سحبه لتوقيع جزاء أشد مثل الإحالة الى المحكمة التأديبية فيكون قرار السحب فى هذه الحالة غير مشروع.
1) ولقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا تأكيدا لذلك ،2) إلى أن سبق التحقيق مع العامل عن مخالفة معينة ومجازاته عنها إدارياً ،3) فقيام الجهة الإدارية بسحب قرار الجزاء الذى صدر صحيحاً فى هذا الشأن ،4) وإحالة العامل الى المحاكمة التأديبية عن ذات المخالفة ،5) من مقتضاه الحكم بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية ،6) إذ أن القرارات التأديبية الصادرة من السلطة الرئاسية ،7) هي قرارات إدارية تسرى فى شأنها القواعد المتعلقة بالتظلم والسحب والإلغاء ،8) وأنه من المسَّلم به عدم جواز سحب القرارات الإدارية الصحيحة.
فالسلطة التأديبية الرئاسية استنفدت سلطتها التقديرية ، في تقدير الذنب الإداري ، والجزاء الملائم له (حكمها فى الطعن رقم 78 س 20 ق فى 19/11/1980).
9) وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ فى حكم حديث لها جاء به :
" ومن حيث أنه لما كان الثابت من الأوراق ، أن قرار مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه ، قد صدر من سلطة مختصة بإصداره ، عن مخالفات ثابتة قبله ، فإنه لا يجوز سحبه إذ أن مشروعية سحب القرارات الإدارية تقوم أساساً على تمكين الجهة الإدارية من تصحيح خطأ وقعت فيه ، ويقتضى ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون.
أما إذا قام الجزاء على سبب صحيح مستوفياً شرائطه القانونية فإنه يمتنع على الجهة الإدارية سحبه لتوقيع جزاء أشد منه ، وبناء عليه فلا يجوز للوحدة المحلية لمدينة طنطا أن تسحب قرارها بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه وتطلب إحالته الى المحاكمة التأديبية ، عن ذات المخالفات (حكمها فى الطعن رقم 1587س 35 ق فى 18/2/1995 ).
الخلاصـــــة :-
ويبين مما تقدم أن السحب الذى يمتنع على الجهة الإدارية إجراؤه ، هو سحب القرار التأديبى لتوقيع جزاء أشد على الموظف أو العامل ، أما سحب القرار لتوقيع جزاء أخف فهو سحب صحيح ، حتى لو كان القرار المسحوب صحيحاً ، وذلك قياساً على مبدأ المحكمة الإدارية العليا الذى اجازت فيه سحب قرار الفصل صحيحاً كان أم باطلاً.
(راجع الضمانات والإجراءات التأديبية للدكتور/ ماهر أبو العينين - الطبعة الثانية 1994م صـ228 )
الحالة الثالثة : فى حالة تغير المركز الوظيفى للموظف المحال إلى المحكمة التأديبية :-
ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى حكم حديث لها ، إلى أنه إذا كان الأصل أن توقيع الجزاء التأديبى فى النصاب المقرر للسلطة الرئاسية ، يدخل في اختصاص الجهة الإدارية التى وقعت فيها المخالفة ، والتي كان العامل يتبعها وقت ارتكابها ، ولا يغير من ذلك نقل العامل الى جهة أخرى ، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن يستثنى من تلك القواعد ، حالة نقل العامل الى جهة يختلف فيها نظام التأديب كله ، إذ في تلك الحالة ينعقد الاختصاص للجهة المنقول اليها.
ومرد هذا الاستثناء أن نقل العامل الى جهة ذات نظام تأديبى مغاير ، من شأنه أن ينشئ له مركزاً قانونياً جديداً مغايراً لمركزه السابق ، وبذلك ينعقد الاختصاص بمساءلته تأديبياً للسلطات القانونية طبقا للنظام التأديبى المطبق على العاملين بالجهة المنقول اليها.
( حكمها فى الطعن رقم 319 س 37 ق فى 28/1/1991 ).
وكانت وقائع هذا الطعن خاصة بطبيب عُين فى وظيفة مدرس بالجامعة ، أثناء نظر الدعوى التأديبية المقامه قبله ، إبان عمله كطبيب عادى ليس من أعضاء هيئة التدريس.
فانتهت المحكمة الإدارية العليا الى أن ولاية المحكمة التأديبية تنحسر عنه ، وتنعقد الولاية بنظر تلك الدعوى لمجلس التأديب الخاص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة ، وفى هذه الحالة تقضى المحكمة التأديبية بعدم جواز نظر الدعوى ، والإحالة إلى مجلس التأديب المختص.
ويؤيد ذلك حكم آخر حديث للمحكمة الإدارية العليا ، بشأن صدور قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بعدم اختصاصه بالاستمرار فى السير فى إجراءات الدعوى ، بوصف أن المحال يشغل إحدى وظائف هيئة التدريس.
وانتهت الى أن قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين فى هذا الخصوص يتفق وصحيح القانون.
(حكمها فى الطعن رقم 346 س 35 ق فى 23/1/1993 ).
إذا كانت الجهة الإدارية قد أوقعت جزاء على المخالف، عن واقعة معينة، ثم قامت النيابة الإدارية بعد ذلك بإحالته الى المحاكمة التأديبية عن ذات الواقعة :-
فإن المحكمة التأديبية تقضى فى هذه الحالة بعدم جواز نظر هذه الدعوى ، لأن مركز المخالف القانونى فى هذه الحالة قد استقر ، فلا يجوز تكرار مجازاته عن واقعة واحدة داخل النظام التأديبى الواحد ، بعقوبتين أصليتين من العقوبات الواردة فى المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978م ، 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978م.
عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها :-
تقضى المادة 116 مرافعات بأن : " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ".
وتقضى المادة 101 من قانون الإثبات ، بأن الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضي ، تكون حجة فيما فصلت فيه من حقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية ، إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم ، دون أن تتغير صفاتهم ، وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً.
وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ".
ولذلك فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا الى أن المحكمة تلتزم من تلقاء نفسها بحجية الأمر المقضي ، وتقضى به لتعلقه بالنظام العام ، دون توقف على طلب الخصوم أو تنازلهم الاختيارى عن الحكم.
وإعمال هذه الحجية يستتبع حتماً عدم قبول الدعوى ابتداءً ، وعدم قيامها منذ رفعها ، وما يترتب عليها من إجراءات وأحكام.
( حكمها في الطعن رقم 353س 32ق فى 13/1/1990م ).
ومتى يتم الدفع بعدم جواز المحاكمة التأديبية، لسبق مجازاة العامل تأديبيا ً:-
ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أنه لا يسوغ معاقبة العامل تأديبياً عن ذات الأفعال غير مرة واحدة ، حيث تستنفد السلطة التأديبية ولايتها بتوقيع العقاب التأديبي ، ولا يسوغ لذات السلطة التأديبية ، أو لسلطة تأديبية أخرى ، توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية ، لذات العامل ، الذي سبق مجازاته.
وقد جاء فى أسباب هذا الحكم : " أن تكرار مجازاة العامل تأديبياً ، عن ذات الجرائم التأديبية ، فضلاً عن انعدام سنده القانوني ، يعد مخالفة للنظام العام العقابي ، لإهداره لسيادة القانون ولحقوق الإنسان ، التى تقضى بشخصية العقوبة ، وتحتم فوريتها، وعـدم
تكرارها ، ومن ثم فإن الجزاء التأديبى المتكرر عن ذات الفعل ، لذات العامل ، يكون باطلاً ومنعدم الأثر ، سواء صدر عن السلطة الرئاسية التأديبية ، أو عن المحاكم التأديبية.
وعليه فإن الدفع بعدم جواز المحاكمة التأديبية ، يعد دفعاً متعلقاً بالنظام العام ، ويتصل بالشرعية وسيادة القانون بوجه عام ، ويتعلق بالأسس الجوهرية للنظام العام التأديبى بصفة خاصة ، ومن ثم فإن هذا الدفع يجوز إبداؤه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى التأديبية ، ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
(حكمها فى الطعن رقم 1464س 32ق فى 10/6/198
أولاً :-تقضى المادة 20 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة بأنه :-
" لا تجوز إقامة الدعوى التأديبية على العاملين بعد انتهاء خدمتهم , إلا فى الحالتين الآتيتين :-
إذا كان قد بدء فى التحقيق والمحاكمة قبل انتهاء الخدمة.
إذا كانت المخالفة من المخالفات المالية التى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة , أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة , أو الوحدات التابعة لها , وذلك لمدة 5 (خمس) سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة , ولو لم يكن قد بدء فى التحقيق قبل ذلك ".
ويبين بشأن الحالة الثانية الخاصة بالمخالفة المالية التى يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة , أنه لإمكان جواز تتبع العامل تأديبياً عنها ضرورة توافر شرطين :-
الأول خاص بالمخالفة :-
وهو ألا تكون قد سقطت بالتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 91 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
وألا تكون قد سقطت بالتقادم أيضاً إعمالاً لحكم المادة 93 من القانون 48/1978 , بشأن نظام العاملين بالقطاع العام , سواء أكان هذا التقادم لمدة سنة أو لمدة ثلاث سنوات , فى الأحوال المبينة بهذه المادة.
والثانى: خاص بالمخالف :-
وهو وجوب إقامة الدعوى التأديبية على المخالف فى خلال خمس سنوات من تاريخ ترك الخدمة , لأي سبب من الأسباب عدا الوفاة , ودون أن يخل ذلك بالأصل العام فى تقادم المخالفة سواء تقادمت قبل تحقق الشرط الخاص بالأجل الزمني , أو تقادمت بعد إقامة الدعوى التأديبية خلال هذا الأجل الزمني , إذ أنه إذا لم يتخذ فى الدعوى بعد إقامتها أمام المحكمة التأديبية إجراءات المحاكمة , أو أي إجراء قاطـع للتقادم فيها , لمدة تزيد على ثلاث سنوات فإن الدعوى تسقط بالتقادم الثلاثى , وذلك رغم أن هذه الدعوى أقيمت فى خلال الخمس سنوات المشار إليها فى المادة 20 من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة , وفى المادة 88/2 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , 91 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
وهذا هو ما انتهت إليه المادة 159/10 من التعليمات العامة بتنظيم العمل الفنى بالنيابة الإدارية الصادرة بقرار رئيس هذه الهيئة رقم 136 فى 10/9/1994 : " بأن يكون الحفظ لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لترك العامل الخدمة , فى الأحوال المنصوص عليها قانوناً ".
وهذه الأحوال مشار إليها فى المادة 94 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , ويقابلها المادة 96 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام.
وأما فى حالة اعتبار العامل مستقيلاً حكماً (الاستقالة الضمنية) :-
فإن المادة 88 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 115/1983 (ويقابلها المادة 91 من القانون رقم 48/1978) تقضى بأن :-
"لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأى سبب من الأسباب - عدا الوفاة - من محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدء فى التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته.
ويجوز فى المخالفات التى يترتب عليها ضياع حق من حقوق الخزانة العامة , إقامة الدعوى التأديبية ولو لم يكن قد بدء فى التحقيق قبل إنتهاء الخدمة , وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها ".
والمستفاد من هذا النص , أنه بالنسبة للمخالفات الإدارية والمالية التى لم يترتب عليها ضرر مالى, ثم ترك العامل الخدمة لأى سبب من الأسباب عدا الوفاة , ولم يكن التحقيق قد بدأ فى هذه المخالفات قبل تركه الخدمة , فإنه لا يجوز إقامة الدعوى التأديبية فى هذه الحالة قبله لتركه الخدمة.
ومن بين أسباب انتهاء خدمة الموظف (المادة 94 من القانون رقم 47/1978) قبول الاستقالة الصريحة المقدمة منه.
والأمر كذلك فى حالة اعتباره مستقيلاً حكماً , عندما ينقطع عن العمل , ويعمل فى حقه حكم المادة 98 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , 100 من القانون رقم 48/1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام , ولم يكن التحقيق قد بدأ في المخالفات المنسوبة له قبل قيام الجهة الإدارية بإصدار قرارها بإنهاء خدمته للإنقطاع عن العمل , بشأن المخالفات الإدارية والمخالفات المالية التى لم يترتب عليها ضرر مالي , فإن الحفظ فى هذه الحالة , يكون لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية.
وقد أيد ذلك بحث لإدارة الدراسات والبحوث الفنية بالنيابة الإدارية (الملف رقم 13/1987) والذى أنتهى إلى أنه إذا انتهت النيابة الإدارية إلى اعتبار الموظف المنقطع عن عمله مستقيلاً , وفقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47/1978 , 100 من القانون رقم 48/1978 فإنه يتعين فى هذه الحالة التصرف فى التحقيق , بحفظ هذه الواقعة لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لترك العامل الخدمة.
وثمة أمر هام تجب الإشارة إليه خاص بالإحالة إلى المعاش المبكر:
فقد انتهت فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 547 فى 7/6/1987 (الملف رقم 86/2/192) إلى تكييف إنهاء الخدمة بهذه الطريقة , بأنها استقالة صريحة , وعليه فإن الإحالة إلى المعاش المبكر يسرى عليها جميع القيود , التى تسرى على الاستقالة.
وترتيباً على ذلك , لا يجوز قبول الطلب المقدم من العامل الذى تمت إحالته إلى المحاكمة التأديبية , بإحالته إلى المعاش المبكر.
( راجع التأديب فى الوظيفة العامة للدكتور/ ماهر أبو العينين طبعة 2000م صـ 678 )
عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لسقوط حق الجهاز المركزى للمحاسبات فى طلب إقامتها :-
جاء فى المادة الخامسة من البند ثالثاً (5/3) من القانون رقم 144/1988 بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات بأن من حق رئيس هذا الجهاز التعقيب على قرارات الجزاء النهائية الصادرة فى شأن المخالفات المالية , فى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات له , وإن لم يستعمل حقه فى التعقيب خلال هذه المدة , سقط حقه باعتبار أن هذه مدة سقوط , حسبما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن.
وترتيباً على ذلك يكون من حق النيابة الإدارية إعداد مذكرة بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية فى هذه الحالة.
عدم جواز إقامة الدعوى التأديبية لسقوط حق السلطة المختصة فى طلب إقامتها :-
جاء في المادة 82 البند الثالث (82/3) من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة بأن :
" وللسلطة المختصة حفظ التحقيق , أو إلغاء القرار الصادر بتوقيع الجزاء , أو تعديله.
ولها أيضاً إذا ألغت الجزاء أن تحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية , وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغها بالقرار " .
فإذا لم تستعمل السلطة المختصة حقها فى التعقيب خلال مدة الثلاثين يوماً سالفة الذكر , سقط حقها فى طلب إقامة الدعوى التأديبية , باعتبار أن هذه مدة سقوط أيضاً.
ويكون الحفظ فى هذه الحالة لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية.
وفى هذا الخصوص ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أن للوزير المختص حق إلغاء قرار الجزاء الموقع على العامل , حتى ولو كان قرار الجزاء قد صدر صحيحاً قانوناً , وله فى مثل هذه الحالة أن يحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية , شريطة أن يتم ذل خلال الأجل المحدد قانوناً , وهو ثلاثون يوماً من تاريخ إبلاغ تلك السلطة بقرار الجزاء.
ويتعين هنا ألا يختلط ما يتعرض له أمر هذا الإلغاء , بما يخضع له أمر سحب القرار الإدارى الفردى.
إذ أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفاً للقانون , وأما إذا قام على سبب صحيح مستوفياً شروطه القانونية , فإنه يمتنع على الجهة الإدارية سحبه.
واستعمال الوزير لسلطته المنصوص عليها فى المادة 82 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة , بإلغاء الجزاء , وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية , مناطه ألا يكون الوزير هو الذى أصدر القرار بتوقيع الجزاء.
(حكمها فى الطعن رقم 3743 س 31 ق فى 11/4/1987)
بشأن عدم قبول الدعوى التأديبية
(أ) سبق أن أشرنا إلى ضرورة الحصول على الطلب المنصوص عليه فى المادة 83 من القانون رقم 48/1978, لإمكان بدء إجراءات التحقيق مع رئيس مجلس إدارة شركة القطاع العام, أو مع شاغلى وظائف الإدارة العليا بشركات القطاع العام والشركة القابضة.
- فإذا تخلف هذا الطلب فإن المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا, تقضى بعدم قبول هذه الدعوى قبل النظر فى موضوعها, وذلك باعتبار أن هذا الطلب متعلق بالنظام العام , ويمكن الدفع به فى أى مرحلة من مراحل الدعوى , كما أن فيه ضمانة جوهرية للعامل المحال إلى التحقيق , وضمانة جوهرية للشركة ذاتها.
(ب) وكذلك الأمر بالنسبة للدعوى التأديبية المطلوب رفعها على أعضاء الإدارة القانونية الخاضعين لأحكام القانون رقم 47/1973 : مدير عام إدارة قانونية , ومدير إدارة قانونية وعضو إدارة قانونية (المادتان 21,23 من القانون رقم 47/1973) فيشترط لإمكان رفع هذه الدعوى :
1- تحقيق تتولاه إدارة التفتيش الفنى بوزارة العدل مع أى منهم.
2- وطلب من الوزير المختص , بالموافقة على اتخاذ إجراءات رفع هذه الدعوى.
- فإذا تخلف هذان الشرطان أو أحدهما , فإن المحكمة التأديبية - سواء لمستوى الإدارة العليا أو المستوى العادي , حسب الدرجة التى يشغلها المخالف فى هذه الحالة , تقضى قبل النظر فى الموضوع- بعدم قبول الدعوى , باعتبار أن هذا الشكل من النظام العام.
(ج) ولما كان المشرع قد اشترط الحصول على إذن من مجلسى الشعب والشورى , قبل اتخاذ أية إجراءات تأديبية مع أحد أعضاء هذين المجلسين , ممن يخضعون لولاية النيابة الإدارية , حتى يقدر أى من هذين المجلسين مدى جدية الاتهام المنسوب لأى منهم , فإنه فى حالة تخلف هذا الإذن , تكون الدعوى التأديبية غير مقبولة , ويمكن الدفع بذلك فى أى مرحلة من مراحل الدعوى , باعتبار أن الحصول على هذا الإذن من النظام العام , وتقضى المحكمة فى هذه الحالة بعدم قبول الدعوى قبل النظر فى الموضوع.
(د) وسبق أن أشرنا إلى أنه يجب الحصول على موافقة رئيس جامعة الأزهر , قبل البدء فى التحقيق فى المخالفات المنسوبة إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بهذه الجامعة- ما لم يكن
هذا التحقيق بناء على طلب من رئيس الجامعة نفسه- وإلا كان هذا التحقيق باطلاً , وما يترتب عليه من آثار , ومنها الإحالة إلى المحاكمة التأديبية.
- وفى حالة تخلف الحصول على هذه الموافقة , وتقديم عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب المختص , فإن هذا المجلس يقضى بعدم قبول الدعوى.
- إذ أن كافة ضمانات التحقيق والتأديب التى تسرى على الموظف الذى يقدم للمحكمة التأديبية , تسرى على من يقدم إلى مجلس التأديب بها , على النحو الذى سنراه تفصيلاً فيما بعد , لدى بحثنا المحاكمة التأديبية أمام مجالس التأديب.
(هـ) وهناك حالة أخرى , تقضى فيها المحكمة التأديبية بعدم قبول الدعوى لبطلان قرار الإحالة (قرار الاتهام) لما لحقه من تجهيل :-
فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا , إلى أنه طبقاً للمادة رقم 24 من اللائحة الداخلية للنيابة الإدارية , فإنه يتعين أن يكون قرار الإحالة (قرار الاتهام) متضمناً بيان المخالفة أو المخالفات على وجه الدقة , وأسماء الموظفين المنسوب إليهم هذه المخالفات.
وجاء فى أسباب هذا الحكم : "وحيث أن قرار الاتهام في المنازعة المعروضة قد اقتصر على إحالة المتهمين الواردين فيه بوصف عام , هو أنهم تسببوا بخطئهم فى إلحاق ضرر جسيم بمصلحة وأموال المخبز الآلى بمدينة ملوي , مما ترتب عليه خسارة قدرها ....... وكان ذلك بسبب إهمالهم فى أداء وظائفهم المسندة إليهم , خاصة فى النواحى المالية
والإدارية والإشرافية , ومن ثم فإن هذا التعميم وعدم تحديد الوقائع والأفعال المنسوبة إلى كل منهم , لا يمكن للمحكمة معه وصف التهمة أو تكييفها , أو تحديد المخالفات والأفعال المنسوبة إلى كل منهم على حدة , حتى يمكنها أن تضفى عليها الوصف القانونى السليم.
والقول بغير ذلك، يجعل من المحكمة التأديبية سلطة اتهام ، وتحقيق ، وحكم ، في آن واحد ، وهو ما يخرج المحاكم التأديبية عن رسالتها ".
وانتهت المحكمة الإدارية العليا ، إلى تأييد حكم المحكمة التأديبية ، الذي انتهى إلى عدم قبول الدعوى بالنسبة للمحالين لبطلان قرار الإحالة (قرار الاتهام) لما لحقه من تجهيل.
( حكمها فى الطعن رقم 2241س 33 ق فى 22/2/1991 ).
(و) ولقد سبق أن أشرنا إلى أن من حق رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ، إعمالاً لأحكام قانونه رقم 144/1988، المادة الخامسة البند ثالثاً ، أن يستعمل حقه فـى التعقيـب علـى
قرارات الجزاء النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى شأن المخالفات المالية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات ، وإن لم يستعمل حقه فى التعقيب خلال هذه المدة سقط حقه باعتبار أن هذه المدة هى مدة سقوط.
(ز) وكذلك الحال بالنسبة لحق السلطة المختصة (الوزير، والمحافظ بالنسبة لوحدات الحكم المحلى التابعة له ، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المختص) فى العقيب على قرارات الجزاء الصادرة من الجهات التابعة لهذه السلطة ، في شأن المخالفات المالية والإدارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ ورود هذه الإخطارات لها ، (المادة 82/2 من القانون رقم 47/1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة ) وإن لم تستعمل حقها فى التعقيب خلال هذه المدة ، سقط حقها باعتبار أن هذه المدة ، هي مدة سقوط.
- فإذا قدم الجهاز المركزى للمحاسبات ، أو قدمت السلطة المختصة ، أحد العاملين إلى المحاكمة التأديبية بعد تجاوز مدة الثلاثين يوماً المذكورة ، تقضى المحكمة التأديبية فى هذه الحالة ، بعدم قبول الدعوى.
عـدم جـواز نظـر الدعـوى
الحالة الأولى
فصل أحد الموظفين بقرار جمهورى بغير الطريق التأديبى، ثم تقديمه للمحاكمة التأديبية : -
تقضى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 10/1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبى بأنه : " لا يجوز الإلتجاء الى الفصل بغير الطريق التأديبي ، إذا كانت الدعوى بطلب الفصل قد رفعت أمام المحكمة التأديبية ".
والمقصود بهذا الشرط ، ألا يكون العامل المطلوب فصله ، مقدماً إلى المحاكمة التأديبية ، عن الأفعال التى يجوز من أجلها فصله بغير الطريق التأديبي ، أياً كانت العقوبة التي طلبت النيابة الإدارية توقيعها.
كما لا يجوز تقديم الموظف الى المحاكمة التأديبية ، لمحاكمته عن واقعة ، سبق فصله بغير الطريق التأديبى بسببها ، وإن تم ذلك فإن المحكمة التأديبية تقضى بعدم جواز نظر الدعوى.
فإذا صدر قرار جمهورى بفصل أحد العاملين فى الحكومة أو فى القطاع العام بغير الطريق التأديبى عن تهمة معينة ، ورغم ذلك قدم للمحاكمة التأديبية عن نفس التهمة ، وأثناء محاكمة هذا العامـل ، دفـع بسبـق فصلـه بغيـر الطريـق التأديبـى
بقرار جمهوري عن ذات التهمة المقدم بها للمحاكمة التأديبية ، وقدم للمحاكمة ما يؤيد ذلك ، فإن المحكمة تقضى فى هذه الحالة بعدم جواز نظر الدعوى.
ومما تجب الإشارة إليه فى هذا الخصوص ، أن المادة الثالثة من القانون 10/1972 تقضى بأن يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ، دون غيره ، بالفصل في الطلبات التقى يقدمها العاملون بإحدى وظائف الجهاز الإدارى للدولة ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ووحداتها الاقتصادية ، بالطعن في القرارات النهائية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبى طبقا لهذا القانون.
ولما كانت القرارات الجمهورية بالفصل بغير الطريق التأديبي ، ليست عقوبة تأديبية ، وإنما هي قرارات بإنهاء خدمة فإنها تخرج عن اختصاص القضاء التأديبي ، ويختص بها القضاء الإدارى بمجلس الدولة إعمالاً لصريح نص المادة الثالثة سالفة الذكر.
ولقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى هذا الصدد الى أنه وإن كان القرار الجمهورى الصادر فى هذا الشأن ليس جزاءً تأديبياً ، وإنما هو قرار بإنهاء خدمة هذا الموظف عن التهمة ذاتها ، فإن الدعوى التأديبية لا تحرك قبل هذا الموظف ، إلا إذا ألغى أو سحب القرار المذكور.
( حكمها فى الطعن رقم 6170 س 13 ق فى 27/11/1971 ).
الحالة الثانية : سحب قرار الجزاء لتوقيع جزاء أشد :-
قامت الجهة الإدارية بتوقيع جزاء على موظف تابع لها نتيجة تحقيق أجرته معه عن مخالفة منسوبة إليه ، ثم عادت فسحبت قرار الجزاء ، لتقدمه إلى المحاكمة التأديبية عن ذات التهمة ، بأن طلبت من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية قبله ، الأمر الذي تم فعلاً.
وأثناء نظر الدعوى التأديبية دفع الموظف المحال ، بأنه سبق مجازاته عن هذه التهمة بمعرفة الجهة الإدارية التابع لها ، إلا أن هذه الجهة سحبت قرار الجزاء وقدمته الى المحاكمة التأديبية ، وقدم الى المحكمة التأديبية ما يؤيد ذلك.
فى هذه الحالة تقضى المحكمة التأديبية بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية ، ذلك أن سحب قرار الجزاء الصحيح يكون صحيحاً فى حالة سحبه لتوقيع جزاء أخف ، أما سحبه لتوقيع جزاء أشد مثل الإحالة الى المحكمة التأديبية فيكون قرار السحب فى هذه الحالة غير مشروع.
1) ولقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا تأكيدا لذلك ،2) إلى أن سبق التحقيق مع العامل عن مخالفة معينة ومجازاته عنها إدارياً ،3) فقيام الجهة الإدارية بسحب قرار الجزاء الذى صدر صحيحاً فى هذا الشأن ،4) وإحالة العامل الى المحاكمة التأديبية عن ذات المخالفة ،5) من مقتضاه الحكم بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية ،6) إذ أن القرارات التأديبية الصادرة من السلطة الرئاسية ،7) هي قرارات إدارية تسرى فى شأنها القواعد المتعلقة بالتظلم والسحب والإلغاء ،8) وأنه من المسَّلم به عدم جواز سحب القرارات الإدارية الصحيحة.
فالسلطة التأديبية الرئاسية استنفدت سلطتها التقديرية ، في تقدير الذنب الإداري ، والجزاء الملائم له (حكمها فى الطعن رقم 78 س 20 ق فى 19/11/1980).
9) وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا هذا المبدأ فى حكم حديث لها جاء به :
" ومن حيث أنه لما كان الثابت من الأوراق ، أن قرار مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه ، قد صدر من سلطة مختصة بإصداره ، عن مخالفات ثابتة قبله ، فإنه لا يجوز سحبه إذ أن مشروعية سحب القرارات الإدارية تقوم أساساً على تمكين الجهة الإدارية من تصحيح خطأ وقعت فيه ، ويقتضى ذلك أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفا للقانون.
أما إذا قام الجزاء على سبب صحيح مستوفياً شرائطه القانونية فإنه يمتنع على الجهة الإدارية سحبه لتوقيع جزاء أشد منه ، وبناء عليه فلا يجوز للوحدة المحلية لمدينة طنطا أن تسحب قرارها بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه وتطلب إحالته الى المحاكمة التأديبية ، عن ذات المخالفات (حكمها فى الطعن رقم 1587س 35 ق فى 18/2/1995 ).
الخلاصـــــة :-
ويبين مما تقدم أن السحب الذى يمتنع على الجهة الإدارية إجراؤه ، هو سحب القرار التأديبى لتوقيع جزاء أشد على الموظف أو العامل ، أما سحب القرار لتوقيع جزاء أخف فهو سحب صحيح ، حتى لو كان القرار المسحوب صحيحاً ، وذلك قياساً على مبدأ المحكمة الإدارية العليا الذى اجازت فيه سحب قرار الفصل صحيحاً كان أم باطلاً.
(راجع الضمانات والإجراءات التأديبية للدكتور/ ماهر أبو العينين - الطبعة الثانية 1994م صـ228 )
الحالة الثالثة : فى حالة تغير المركز الوظيفى للموظف المحال إلى المحكمة التأديبية :-
ذهبت المحكمة الإدارية العليا فى حكم حديث لها ، إلى أنه إذا كان الأصل أن توقيع الجزاء التأديبى فى النصاب المقرر للسلطة الرئاسية ، يدخل في اختصاص الجهة الإدارية التى وقعت فيها المخالفة ، والتي كان العامل يتبعها وقت ارتكابها ، ولا يغير من ذلك نقل العامل الى جهة أخرى ، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن يستثنى من تلك القواعد ، حالة نقل العامل الى جهة يختلف فيها نظام التأديب كله ، إذ في تلك الحالة ينعقد الاختصاص للجهة المنقول اليها.
ومرد هذا الاستثناء أن نقل العامل الى جهة ذات نظام تأديبى مغاير ، من شأنه أن ينشئ له مركزاً قانونياً جديداً مغايراً لمركزه السابق ، وبذلك ينعقد الاختصاص بمساءلته تأديبياً للسلطات القانونية طبقا للنظام التأديبى المطبق على العاملين بالجهة المنقول اليها.
( حكمها فى الطعن رقم 319 س 37 ق فى 28/1/1991 ).
وكانت وقائع هذا الطعن خاصة بطبيب عُين فى وظيفة مدرس بالجامعة ، أثناء نظر الدعوى التأديبية المقامه قبله ، إبان عمله كطبيب عادى ليس من أعضاء هيئة التدريس.
فانتهت المحكمة الإدارية العليا الى أن ولاية المحكمة التأديبية تنحسر عنه ، وتنعقد الولاية بنظر تلك الدعوى لمجلس التأديب الخاص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعة ، وفى هذه الحالة تقضى المحكمة التأديبية بعدم جواز نظر الدعوى ، والإحالة إلى مجلس التأديب المختص.
ويؤيد ذلك حكم آخر حديث للمحكمة الإدارية العليا ، بشأن صدور قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بعدم اختصاصه بالاستمرار فى السير فى إجراءات الدعوى ، بوصف أن المحال يشغل إحدى وظائف هيئة التدريس.
وانتهت الى أن قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين فى هذا الخصوص يتفق وصحيح القانون.
(حكمها فى الطعن رقم 346 س 35 ق فى 23/1/1993 ).
إذا كانت الجهة الإدارية قد أوقعت جزاء على المخالف، عن واقعة معينة، ثم قامت النيابة الإدارية بعد ذلك بإحالته الى المحاكمة التأديبية عن ذات الواقعة :-
فإن المحكمة التأديبية تقضى فى هذه الحالة بعدم جواز نظر هذه الدعوى ، لأن مركز المخالف القانونى فى هذه الحالة قد استقر ، فلا يجوز تكرار مجازاته عن واقعة واحدة داخل النظام التأديبى الواحد ، بعقوبتين أصليتين من العقوبات الواردة فى المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978م ، 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978م.
عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها :-
تقضى المادة 116 مرافعات بأن : " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ".
وتقضى المادة 101 من قانون الإثبات ، بأن الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضي ، تكون حجة فيما فصلت فيه من حقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية ، إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم ، دون أن تتغير صفاتهم ، وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً.
وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ".
ولذلك فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا الى أن المحكمة تلتزم من تلقاء نفسها بحجية الأمر المقضي ، وتقضى به لتعلقه بالنظام العام ، دون توقف على طلب الخصوم أو تنازلهم الاختيارى عن الحكم.
وإعمال هذه الحجية يستتبع حتماً عدم قبول الدعوى ابتداءً ، وعدم قيامها منذ رفعها ، وما يترتب عليها من إجراءات وأحكام.
( حكمها في الطعن رقم 353س 32ق فى 13/1/1990م ).
ومتى يتم الدفع بعدم جواز المحاكمة التأديبية، لسبق مجازاة العامل تأديبيا ً:-
ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أنه لا يسوغ معاقبة العامل تأديبياً عن ذات الأفعال غير مرة واحدة ، حيث تستنفد السلطة التأديبية ولايتها بتوقيع العقاب التأديبي ، ولا يسوغ لذات السلطة التأديبية ، أو لسلطة تأديبية أخرى ، توقيع الجزاء التأديبى عن ذات الجرائم التأديبية ، لذات العامل ، الذي سبق مجازاته.
وقد جاء فى أسباب هذا الحكم : " أن تكرار مجازاة العامل تأديبياً ، عن ذات الجرائم التأديبية ، فضلاً عن انعدام سنده القانوني ، يعد مخالفة للنظام العام العقابي ، لإهداره لسيادة القانون ولحقوق الإنسان ، التى تقضى بشخصية العقوبة ، وتحتم فوريتها، وعـدم
تكرارها ، ومن ثم فإن الجزاء التأديبى المتكرر عن ذات الفعل ، لذات العامل ، يكون باطلاً ومنعدم الأثر ، سواء صدر عن السلطة الرئاسية التأديبية ، أو عن المحاكم التأديبية.
وعليه فإن الدفع بعدم جواز المحاكمة التأديبية ، يعد دفعاً متعلقاً بالنظام العام ، ويتصل بالشرعية وسيادة القانون بوجه عام ، ويتعلق بالأسس الجوهرية للنظام العام التأديبى بصفة خاصة ، ومن ثم فإن هذا الدفع يجوز إبداؤه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى التأديبية ، ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
(حكمها فى الطعن رقم 1464س 32ق فى 10/6/198