المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الركن الشرعي للجريمة طبقا للقانون الجزائري


محمد ابراهيم البادي
06-06-2010, 02:36 PM
الركن الشرعي للجريمة
المقدمة
يقسم الفقهاء أركان الجريمة إلى ثلاثة أركان, ركن مادي يتمثل في النشاط الإجرامي للجاني ونتيجة محققة بالفعل, تصل بينهما رابطة سببية.بينما يتمثل الركن المعنوي في تلازم الإرادة والعلم بتجريم القانون للفعل لدى الجاني, واتجاه إرادة الجاني لتحقيق النتيجة هو ما يحدد القصد الجنائي. أما الركن الثالث والأخير فهو الركن الشرعي للجريمة وهو محل بحثنا هذا:
فما هو مبدأ الشرعية الجنائية وكيف يسري النص الجنائي زمانا ومكانا ؟
نقسم بحثنا هذا إلى مبحثين:
- نخصص المبحث الأول لمبدأ الشرعية الجنائية
- ونتناول في المبحث الثاني سريان النص الجنائي زمانا ومكانا
المبحث الأول:مبدأ الشرعية الجنائية
المطلب الأول:مفهوم المبدأ وأسسه
الفرع الأول :ماهية مبدأ الشرعية الجنائية
1 – تعريف: يقصد بمبدأ الشرعية الجنائية أو الركني الشرعي للجريمة وجود نص يجرم الفعل ويقدر عقوبته قبل وقوعه, وعدم تمتع الفعل بسبب من أسباب الإباحة
وجود نص يجرم الفعل قبل وقوعه : وجود النص يسبق وقوع الفعل ,فالمبدأ يقضي بعدم جواز معاقبة الشخص على فعل وقع منه إلا إذا كان هذا الفعل مجرما بنص قبل وقوع الفعل كما يجب ان يكون النص المجرم تشريعيا مكتوبا .
عدم وجود سبب من أسباب الإباحة تبيح الفعل : يشترط المبدأ كذالك عدم اتسام الفعل بالمشروعية و هي تندرج تحت ثلاثة عناصر:
- ما يأمر به القانون ( حكم الإعدام ……)
- ما يأذن به القانون ( الجراحة , الملاكمة ……)
- حالات الدفاع الشرعي
2 – تاريخ المبدأ :
للمبدأ جذور تاريخية يمكن أن نتاولها في تاريخ القانون الوضعي بعد أن نعرج ولو قليلا على الشريعة الإسلامية , فقد أقرت المبدأ في الكثير من النصوص نورد بعضها على سبيل المثال:
- يقول تعالى في الآية 15 من سورة الإسراء ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا)
- ويقول أيضا ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) الاية59 من سورة القصص.
وهذه القاعدة مفادها أن الأصل في الشريعة الإسلامية هو أن استحقاق العقاب متوقف على سبق الإنذار بهذا العقاب . أما في تاريخ النظم القانونية الوضعية فيمكن القول أن حضارة بلاد الرافدين كانت السباقة إلى فكرة تدوين القوانين وكتابتها فجدرت بدالك للمبدأ الشرعية الجنائية إلا أن أول إقرار للمبدأ كان بعد ظهور الماغناكارتا بعد الثورة الكبرى على الملك جون الأول في بريطانيا حيت جاء فيه” لن يسلب أي رجل حر أملاكه أو يسجن على يد رجال آخرين مساوين له إلا إذا خضع لمحاكمة عادلة أو لن نبيع العدالة لأحد ولن ننكرها على أحد، ولن نؤخرها عن أحد.” إلا انه لم يكن بتلك الصورة الواضحة بل هو منادات بمحاولة حصر الجرائم والنص عليها ,تم تلا ذالك ظهور موجة من الفقهاء بعد استبداد القرون الوسطى نادوا بالنظر في سلطات القضاة ومحاولة تقييدها بحصر الجرائم وتقدير العقوبات , فذكره مونتيسكيو في مؤلفه الشهير روح القوانين ,إلا أن بيكار يا الايطالي كان المنظر لهذا المبدأ حيت أشار في كتابه الجرائم والعقوبات إلى أن المشرع هو المحدد للعقوبة وذالك حماية لحقوق الإفراد وتقييدا لسلطة القاضي” القوانين وحدها هي التي يمكن أن تحدد عقوبات الجرائم , وان هذه السلطة لا يمكن أن يتولاها سوى المشرع بذاته الذي يمثل المجتمع بأسره بمقتضى العقد الاجتماعي ”
ولقد تبنت الولايات المتحدة الأمريكية المبدأ في دستورها لسنة 1774 ثم ما لبتت الثورة الفرنسية سنة 1789 أن جعلته من أهم مبادئ إعلان حقوق الإنسان . أما حديثا فيعد المبدأ من الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الجمعية العامة الأمم المتحدة سنة 1948فاضحى ركنا أساسيا لكل نظام قانوني.
في الجزائر تجدر الإشارة إلى أن المشرع تناول مبدأ الشرعية الجنائية في جميع الدساتير :
- المادة 40 من دستور1963
- المادة 45 من دستور 1976
- المادة 45 من دستور 1989
- أما دستور 1996 الحالي ففي المواد 140 “أساس القضاء الشرعية و المسا وات ” والمادة 142 ” تخضع العقوبات الجزائية إلى الشرعية و الشخصية ” واستهل به قانون العقوبات مواده حيت نصت المادة الأولى منه بما يلي ” لا جريمة ولا عقوبة ولا تدابير امن إلا بنص ” والمادة 46 ” لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل ارتاب الفعل المجرم ”
الفرع الثاني :أسس المبدأ
يتأسس مبدآ الشرعية الجنائية على مبادئ أخرى هامة :
- مبدأ الفصل بين السلطات : يقضي باستقلالية كل سلطة باختصاصها ,فالسلطة التشريعية هي التي تضع القوانين (تحدد الجرائم وتقدر العقوبات ),والسلطة القضائية تطبقها عمليا في الأحكام و القرارات الصادرة عنها , أما السلطة التنفيذية فلها دور التنفيذ.
- ضمانات دولة القانون :فالنظام القانوني مرتبط باحترام الدولة للقانون ,حيت يكون المشرع ممثلا, منتخبا من الشعب وهادفا إلى حماية المجتمع والفرد على السواء وعندما يتولى سلطة التجريم والعقاب فهو يقف دون استبداد السلطة التنفيذية .
ثم إن كون التجريم والعقاب بنصوص قانونية مكتوبة متميزة كغيرها من القاعد القانونية الأخرى بخاصيتي العمومية و التجريد مما يكسبها الاحترام من الجميع .
المطلب الثاني: الأهمية والنتائج
الفرع الأول: أهمية المبدأ
عموما يهدف هذا المبدأ إلى الموازنة بين المصلحة الفردية والجماعية.
1-في اتجاه مصلحة الفرد : المبدأ يحمي ويحافظ على حرية الأشخاص في تقيد السلطة و منعها من التحكم في حركية الأفراد فلا يعاقب الفرد أو يتابع إلا إذا كان الفعل الذي إتاه مجرما قبل إثيانه .
- تصنيف الأفعال المجرمة يساعد في اجتنابها وتحديد إطار حياة الفرد إذا فللقانون دور وقائي.
2-إتجاه مصلحة المجتمع :
-تفرد المشرع بالتجريم والعقاب يكسب النصوص احتراما عاما, لخصوصيتي العمومية و التجريد ولأنها بيد ممثلي الشعب فصدروها من المشرع يقيد السلطة في تنفيذها (عدم التجاوز ).
- إطفاء الصبغة القانونية على العقاب .
الفرع الثاني :النتائج
له ثلاثة نتائج هامة
1- سريان النص الجنائي على الحاضر والمستقبل فقط : ويشترط لتطبيق العقوبة أو جود النص قبل أنيان الفعل المجرم ،وسوف نتناوله بإسهاب في سريان النص الجنائي.
2- التشريع المصدر الوحيد للتجريم والعقاب قانون العقوبات والقوانين المكملة له) و تستبعد كل المصادر الأخرى .
3- التشريع المصدر الوحيد للتجريم والعقاب قانون العقوبات والقوانين المكملة له) و تستبعد كل المصادر الأخرى .
رغم أن البرلمان هو المكلف بالتشريع إلا أن هناك بعض الحالات يمكن أن تصدر فيها نصوص تجريمية وعقابية خارج البرلمان مثل:
- الأوامر التشريعية خاصة برئيس الجمهورية في الحالات المحددة في الدستور.
- المراسيم التنفيذية :رئيس الحكومة.
- القرارات الإدارية (الوزراء ،الولاة،البلديات) ًمخالفة النصوص المراسيم والقرارات الإدارية تحرم كمخالفةً المادة 459 ق ع.
4- تقيد سلطة القاضي في تفسير النص الجنائي :
في البداية يجب أن نشير أن النص الجنائي يجب أن يتميز ب
- عدم الإفراط بالتجريم والعقاب (تلاؤم العقوبة مع الفعل) .
- وضوح النص الجنائي حتى يسهل على القاضي التطبيق وإذا وجد القاضي صعوبة أو غموض في النص يلجأ إلى التفسير الضيق وهو البحث عن إرادة المشرع وقصده من النص دون توسع وهو ما يبرز مبدأ تبعية القاضي للمشرع.
حيث يحرم على القاضي التدخل في تجريم الفعل ولو بطريق غير مباشر.فالمشرع تتجه أرادته إلى حماية المصلحة العامة والفردية وهو الإطار الذي يسير فيه القاضي .
الفرع الثالث:تقييم المبدأ
رغم ما حققه المبدأ من حماية للمصلحة الفردية والجماعية إلا أن هناك انتقادات وجهت له نوجزها في ما يلي (5):
- عدم إحاطة النصوص بجميع الأفعال والوقائع التي تعد خطرة اتجاه الفرد والمجتمع .
- الفعل الذي لم يحرمه المشرع لا يعتبر جريمة حتى لو اضر بالصالح العام أو بالحرية الفردية للأشخاص ومن أمن العقوبة لا يكترث لما يفعل.
- عدم أخلاقية المبدأ في بعض الحالات التي لا يوجد فيها نص فالمجرم يرتكب أفعال ويفلت م العقاب بحجة عدم وجود نص يجرم الفعل وكذلك في تقادم الحقوق وتقادم الفعل والعقوبة.
- تقيد حرية القاضي في الاستعانة بمصادر أخرى والتوسع في التفسير فنظريا المشرع يحدد الجرائم والعقوبات بناء على درجة خطورتها إلا أن درجة الخطورة تكون عمليا ومن خلال الوقائع حيث تطرح القضية إما القاضي فالأجدر والأولى أن يكون للقاضي نوع من السلطة التقديرية وليس مجرد آلة.
- القانون الجنائي جامد وبطيء التحديث بينما الجرائم في تطور دائم من حيث رسائل الجريمة وتقنيات التطبيق
المبحث الثاني :سريان القانون الجنائي مكانا و زمانا
المطلب الأول :سريان النص الجنائي من حيت الزمان
إن المشرع يضع تشريعات عقابية من أجل مكافحة الجريمة و تكون تشريعاته متماشية مع حركة المجتمع و نشاط المجرمين ،مما يقتضي على المشرع تبديل أو تغير القانون الجنائي فيصبح تطبيقه لاغيا عن الجرائم التي و وقعت قبل صدوره و نافدا عن الجرائم الواقعة بعد ذلك ، و تكون القوانين نافدة بعد إصدارها و نشرها في الجريدة الرسمية.
الفرع الأول :مبدأ عدم رجعية القوانين
لقد نصت المادة الثانية من قانون العقوبات حيث ورد في نصها “لا يسري قانون العقوبات على الماضي”أي أن القانون لا يحكم الوقائع التي سبقته و إنما يحكم الوقائع بعد نفاذه و يترتب على هذه المادة قاعدة عدم رجعية القوانين العقابية الأسوأ للمتهم ، كما ورد أيضا في نص المادة التي ذكرت سابقا “الأ ما كان أقل شدة “فيترتب على هذه الحالة قاعدة أخرى هي رجعية القوانين العقابية الأصلح للمتهم و التي سنتطرق إليها في الفرع الثاني.
قاعدة عدم رجعية القوانين العقابية الأسوأ للمتهم:
و مفاد هذه القاعدة أن القانون الجنائي الجديد الذي يجرم فعل لم يكن مجرما من قبل ،كما أنه لا يمكن سريانه على الأشخاص الذين قاموا بالفعل قبل صدور القانون الجديد و هذا من جهة التجريم ، ومن جهة العقاب لا يمكن أن تسري العقوبات التي نص عليها القانون على الجرائم التي ارتكبت قبل صدوره.كما تتطلب هذه القاعدة الإلمام بتاريخ الواقعة فإذا أرتكب المتهم فعله المجرم قبل صدور القانون فل يكون نافذا عليه ،فيما يطبق عليه إذا كان فعله صادرا بعد ذلك ،أما إذا كان تاريخ الواقعة مجهول حيث يقع شك في التاريخ فعله فان القاعدة القانون الجديد لأسوأ له و بعد صدور القانون إذا كان أصلح له
الفرع الثاني :الاستثناء على مبدأ عدم رجعية القوانين
قاعدة رجعية القوانين العقابية الأصلح للمتهم:
و مفاد هذه القاعدة أن القانون العقابي يزيل صفة التجريم عن فعل و يمكن أن يطبق على من أرتكب هذا الفعل قبل صدور القانون ، كما أن القانون الجديد الذي يكون اخف في عقوبته يطبق أيضا على الأفعال المرتكبة قبل صدوره شريطة ألا يكون قد صدر حكم نهائي على الفعل المجرم و بمقتضى هذا الحكم يطبق الأصلح للمتهم بأثر رجعي و علة هذا الاستثناء أن المشرع أذا ألغى عقوبة أو خفضها فلأنه رأى في شدتها ما لا يتماشى مع العدل أو مالا يفيد المجتمع و حتى يكون اثر رجعي يجب توفر شرطين:
– الشرط i :صدور القانون قبل حكم نهائي
حتى يستفيد المتهم من القانون الأصلح يجب أن يصدر هذا القانون قبل أن يصبح حكم نهائيا و الحكم النهائي هو الذي يصدر بعد استنفاده لطرق الطعن المختلفة من معارضة و استئناف و التماس و إعادة النظر و غيرها، فان حكم على المتهم بحكم ابتدائي و ما زالت أمامه فرص للطعن التي يحددها القانون ، ثم ظهر قانون جديد أصلح للمتهم فانه يستفيد منه ، و يصبح الحكم الصادر في شأنه لاغيا.
– غير أن المشرع الجزائري خرج بصفة استثنائية عن هذه القاعدة في القانون رقم 99-08المؤرخ في 13-07-1999 المتعلق باستعادة الوئام المدني إذ نصت المادتان 37 و38 منه على أن القانون يستفيد منه المحكوم عليهم نهائيا.
– أما إذا حاز الحكم قوة الشيء المقضي فالأصل أن لا يستفيد المحكوم عليه من القانون الجديد و عادة ما يستفيد المحكوم عليه في هذه الحالة من عفو رئاسي.
الشرط ii :صلاحية القانون للمتهم
يقوم القاضي بالموازنة بين القانون الجديد و القانون القديم ويرى ان كان القانون الجديد أصلح للمتهم في تطبيقه عليه أم لا دون تخيير المتهم في ذلك .و يعتمد القاضي على ضوابط محددة مستمدة من ترتيب قانون العقوبات من حيث أنواع الجرائم و تدرجها مع العقوبات ، كما يسقط القاضي كلا القانونين بحيث يضع المتهم في وضع احسن و هو القانون الاصلح تطبيقه ، و معنى ذلك انه لا يشترط أن يكون القانون الجديد اخف من القانون القديم، بل يمكن أن يكون القانون الجديد اشد بصفة عامة و لكنه اخف بالنسبة لفعل المتهم فيكون القانون الجديد أصلح للمتهم من ناحية التجريم او الفعل من عدمه أو من ناحية العقاب أو من ناحيتهما معا.
أولا:من ناحية التجريم :
يكون القانون الجديد أصلح للمتهم في أحوال التالية:-
*-إذا أضيف في القانون الجديد ركنا آخر من أركان الجريمة لم يكن موجودا في القانون القديم مما يعني ان الفعل المتهم لا يشكل جريمة بالمعيار الجديد .
*- إذا أضيف في القانون الجديد سبب الإباحة أو مانعا جديدا من موانع المسؤولية أو مانعا من موانع العقاب يتوفر عليه المتهم .
*-إذا كان الفعل المتهم مجرما في القانون القديم ثم حذف في القانون الجديد فأصبح فعل المتهم مباحا .كأن يلغي المادة التي تجرم الفعل.
*-أن يغير القانون الجديد من وصف الجريمة التي ارتكبت قبله من جناية إلى جنحة أو مخالفة أو جنحة إلى مخالفة.
*-إذا أجاز للقاضي منح وقت التنفيذ بعد ما كان يمنع عليه ذلك .
ثانيا:من ناحية العقاب:
يكون القانون أصلح للمتهم إذا قرر عقوبة أخف من العقوبة المقررة في القانون السابق و مثال ذلك القانون رقم 98-10المعدل و المتمم لقانون الجمارك ،الذي بموجبه أصبحت العقوبة الحبس المقررة لجنحة الاستيراد أو التصدير بدون تصريح من شهرين إلى ستة أشهر “المادة325 ق.ج”بعد ما كانت من 12شهرا إلى 24 شهرا “المادة324 ق.ج”
ثالثا:التطبيق الفوري لقوانين
على خلاف القوانين العقابية التي لا تكون رجعيتها الأّ بصفة أاستثنائية ، فان القوانين الشكلية التي تتعلق فقط بمعاينة الجرائم و متابعتها ،كما أنها لا تمس بعناصر الجرائم و لا بالمسؤولية و لا بالعقوبة فان هذه القوانين تطبق فور نفاذها بحيث تطبق حتى محاكمة من أجل الجرائم المرتكبة قبل صدور هذه القوانين حتى إذا كانت الدعوى قد بوشرت عند صدور هذه القوانين ما لم يصدر فيها حكم نهائي ،غير أن تطبيق الفوري للقانون الجديد يعرف حدين
–لا يطبق القانون الجديد فورا كلما و جد لصالح المتهم المتابع أو المحكوم حق المكتسب ومن هذا القبيل القانون الجديد الذي يحذف احد طرق الطعن أو يقلص من مهلتها أو أثرها فعلى سبيل المثال إذا صدر حكم في ظل القانون الحالي الذي يجيز استئناف في مواد المخالفات و بعد هذا الحكم ب6أيام صدر قانون يلغي هذا الاستئناف في مواد المخالفات ،ففي هذه الحالة يكون من حق المحكوم عليه الاستئناف في الحكم المذكور رغم صدور القانون الجديد ،كما أنه لا تطبق هذه القوانين على من استفاد من طرق الطعن التي يحددها القانون أو أجل صدور الحكم الذي أدانه و من ثم يستبعد تطبيق القانون الجديد لكونه يمس بحق مكتسب.
–لا يؤدي تطبيق القانون الجديد بأي حال من الأحوال إلى إبطال الإجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون السابق.
و على سبيل المثال نذكر ما جاء به القانون رقم 01-08المؤرخ في 26جوان 2001المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية بخصوص الأمر بالحبس المؤقت إذ نص على أن يكون الحبس المؤقت بموجب أمر الوضع في الحبس و ليس بناء على مجرد أمر الإيداع كما كان سابقا ،فان هذا الإجراء الجديد لا يكون له أثر على صحة أوامر الإيداع الحبس التي أصدرها قضاة التحقيق في ظل القانون السابق.
المطلب الثاني : من حيث المكان
الفرع الأول : مبدأ الإقليمية:
لا يكفي تحديد الفترة الزمنية التي يكون فيها النص الجنائي ساري المفعول بل ينبغي أيضا تحديد المكان الذي يغطيه تطبيق هذا النص و ذلك من خلال تحديد المكان الذي وقعت فيه الجريمة وهو ما يسمى بسريان قانون العقوبات من حيث المكان و الذي يحكمه مبدأ الإقليمية
و نعني بمبدأ الإقليمية تطبيق قانون العقوبات على كل الجرائم التي ترتكب في إقليم الدولة مهما كانت جنسية مرتكبيها حسب ما ذكرته المادة 3 من قانون العقوبات يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية و بالرجوع إلى المبادئ العامة في القانون الدولي العام يمكن تحديد إقليم الدولة على انه الإقليم البري و تحدده الحدود السياسية للدولة و الإقليم البحري و يشمل المياه الإقليمية للدولة والإقليم الجوي و هو طبقات الجو الذي يعلو الإقليمين البري و البحري للدولة
الجرائم المرتكبة في السفن و الطائرات:
فيما يخص الجرائم المرتكبة في السفن نصت المادة 590 من قانون الإجراءات الجرائم (( تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات و الجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبيها و كذالك الشأن بالنسبة للجنايات و الجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية ))
فمثلا سفينة جزائرية موجودة في مياه إقليمية أجنبية تطبق عليها القوانين التابعة للإقليم الذي توجد فيه السفينة
فيما يخص الطائرات
تنص المادة 591 من قانون الإجراءات الجزائية تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات و الجنح التي ترتكب على متن طائرات جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة كما ألها تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح على الطائرات الأجنبية إذا كان الجاني أو المعني من جنسية جزائرية أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر بعد قيام الجناية أو الجنحة و تختص بنظرها المحاكم التي وقع بدائرتها هبوط الطائرة في
حالة القبض على الجاني ما إذا كان مرتكب الجريمة قد قبض عليه بالجزائر فيما بعدإذا كانت الطائرة أجنبية و الجاني أجنبي و المجني عليه أجنبي لكن الطائرة هبطت في الجزائر يطبق عليه القانون الجزائري إذا كان الجاني جزائري و المجني عليه جزائري حتى و إن كانت الطائرة أجنبية
الفرع الثاني :المبادئ الاحتياطية:
أولا: مبدأ الشخصية:
مفادها تطبيق قانون العقوبات الجزائري على كل شخص يحمل جنسية جزائرية ارتكب جناية أو جنحة في الخارج ثم عاد إلى الجزائر و هو ما يعبر عنه بمبدأ الشخصية الإيجابية
كما يطبق القانون الجزائري إذا كان المجني عليه في جناية أو جنحة جزائري و الجاني أجنبي هذا ما يسمى بمبدأ الشخصية السلبية و هو مبدأ مكمل لمبدأ الإقليمية لأن لو اكتفينا بمبدأ الإقليمية سيعني هذا إن كل شخص ارتكب جريمة في الخارج ثم عاد إلى الجزائر سوف لن يعاقب إضافة إلى انه لا يجوز للدولة ان تسلم الجاني الذي يحمل جنسيتها إلى الدولة التي وقعت فيها الجريمة فهذا مخالف لمبادئ الدستور
ومن شروط تطبيق مبدأ الشخصية بالنسبة إلى الجنايات لا بد من توفر الشروط التالية :
أن توصف الجريمة إلى أنها جناية في نظر القانون الجزائري بالغض النظر عن وصفها في قانون الدولة التي وقعت فيها
أن يتمتع الجاني بالجنسية الجزائرية سواء كانت أصلية أو مكتسبة ولو اكتسبها بعد ارتكاب الجريمة
أن ترتكب الجريمة خارج إقليم الجزائر
أن يعود الجاني إلى الجزائر فلا يحاكم غيابيا
ألا يكون قد حكم على الجاني نهائيا أو قضى العقوبة أو سقطت بالعفو عنه بالدول الأجنبية إذ لا يجوز محاكمة الشخص مرتين على فعل واحد
بالنسبة إلى الجنح:
· أن توصف الجريمة على أنها جنحة في كل من القانون الجزائري و الدول التي وقعت فيها.
· أن يتمتع الجاني بالجنسية الجزائرية
· أن ترتكب الجريمة في الخارج
· أن يعود الجاني إلى الجزائر
· أن لا يكون قد حكم عليه.
ثانيا : مبدأ العينية:
ومعناه تطبيق قانون العقوبات على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب في الخارج جريمة تمس بمصالح الأساسية للدولة بشرط أن يتم القبض عليه في الجزائر أو يستلم من طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة.
شروط تطبيقها :
· أن يرتكب الجاني جنحة أو جناية تمس بمصلحة الدولة
· أن يتمتع الجاني بجنسية أجنبية
· أن تقع الجريمة بالخارج
· أن لا يكون قد حكم عليه و قضى العقوبة
ثالثا :مبدأ العالمية:
معناه تطبيق قانون العقوبات على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب جرائم خطيرة ضد الإنسانية في الخارج وتم القبض عليه في الجزائر
لم يرد نص صريح يفيد بان المشرع أخذ بهذا المبدأ إلا انه و نظرا لتعاون الدول في مكافحة الإجرام أمكن تطبيق هذا المبدأ ومن جرائم الحرب ومن أمثلتها جرائم التجارة بالمخدرات و الأسلحة و أعضاء الإنسان و القرصنة و الإرهاب
المراجع المعتمدة :
1:أ. بلعليات إبراهيم,أركان الجريمة وطرق إثباتها في ق م ج ,دار الخلدونية ,ط 1 ,الجزائر 2007
2: د. منصور رحماني ,الوجيز في القانون الجنائي العام ,دار العلوم , عنابة ,2006
3 : د احمد فتحي سرور .القانون الجنائي الدستوري ,مطابع الشروق , القاهرة,2002
4 :أ.جديدي معراج ,محاضرات في قانون العقوبات الجزائري,2006
5: عبد الله سليمان،شرح ق ع ج، ج 1 ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة 2005
6: أحسن بوسقيعة

law student
06-06-2010, 05:12 PM
تسلم أخي بحث جميل يعطيك العافية

محمد ابراهيم البادي
06-06-2010, 07:10 PM
الله يعافيك استاذي

عقد القانون
06-07-2010, 12:58 AM
جهد جميل ..

ألف شكر لك أستاذي..

محمد ابراهيم البادي
01-12-2011, 07:03 PM
شكر المرور الراقي استاذة

محمد ابراهيم البادي
01-12-2011, 07:04 PM
شاكر المرور الراقي مثل العسل