محمد ابراهيم البادي
05-10-2010, 07:41 PM
عقدالإِذعان
عقد الإِذعان , عقد وضع شروطه الجوهرية مسبقاً أحد طرفيه, ليتقيد بها كل من يرغب في التعامل معه. وقد أفرد المشرع في القانون المدني السوري نصوصاً خاصة بعقود الإِذعان بين النصوص المتعلقة بآثار العقد أي بتفسيرها أو تنفيذها فقد نصت المادة 150 منه: «إِذا تم العقد بطريق الإِذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها, وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة, ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك». ونصت المادة 152: «1- يفسر الشك في مصلحة المدين . 2- ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإِذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن».
وإِذا كان القبول عادة في دائرة العقود وهو في ذلك كالإِيجاب لا يقع إِلا بعد مفاوضة وأخذ ورد, وذلك حتى يُقَدّر القابل أن له مصلحة في عقد العقد, فقد ظهر في العصر الحديث, نتيجة للتطور الاقتصادي في هذا النوع من العقود, اتجاه يستبعد كل مناقشة بين الطرفين, إِذ يتقدم أحدهما, وهو الجانب القوي, بمشروع عقد يوجهه إِلى الطرف الآخر وهو الجانب الضعيف ولا يسمح لهذا إلا بالقبول الذي قد يكون مجرد إِذعان لما يمليه الموجب, فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مناقشة ومفاوضة بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إِلا أن يأخذ أو أن يدع. إِنه حر, لكن حريته تنحصر في قبول التعاقد كما هو أو رفضه, ولما كان في أغلب الحالات في حاجة إِلى التعاقد على شيء لا غنى له عنه فهو مضطر إِلى القبول, فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن ثم سميت هذه العقود بعقود الإِذعان.
خصائص عقود الإِذعان
ما دامت هذه العقود محصورة في دائرة معينة وتتصل بسلع أو مرافق ضرورية لا يستطاع الاستغناء عنها, فهي تحدد بالخصائص التالية:
ـ إِنها تتعلق بسلع أو مرافق تعد من الضروريات للمستهلكين والمنتفعين أمثال التعاقد مع شركات أو مؤسسات الكهرباء والغاز ومصالح البريد والهاتف والفاكس وعقد النقل بوسائطه المختلفة من سكك حديد وطائرات وسيارات وبواخر, والتعاقد مع شركات التأمين بأنواعه, وعقد العمل في الصناعات الكبرى وغيرها.
ـ صدور الإِيجاب من محتكر هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً, أو على الأقل مسيطر عليها سيطرة تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق.
ـ توجيه الإِيجاب إِلى الناس كافة على نمط واحد وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر أي لمدة غير محددة ويغلب أن يكون في صيغة مطبوعة تحتوي على شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة وأكثرها لمصلحة الموجب, فهي تخفف تارة من مسؤوليته التعاقدية وأخرى تشدد في مسؤولية الطرف الآخر, وهي على درجة من التعقيد تجعل فهمها صعباً.
ففي كل هذه العقود يعرض الموجب إِيجابه في صيغة نهائية لا تقبل المناقشة فيه ولا يسع الطرف الآخر إِلا أن يقبل, إِذ لا غنى له عن التعاقد. ولكن هذا الإِذعان للتعاقد ليس إِكراهاً يعيب الرضاء, بل هو نوع من الإِكراه الاقتصادي الذي لا أثر له في صحة التراضي.
طبيعة عقود الإِذعان
اختلف الفقهاء في طبيعة عقود الإِذعان فانقسموا فريقين رئيسين: ويدور اختلافهم في الواقع حول الجواب عن السؤال التالي: هل يعد القبول في عقد الإِذعان قبولاً على المعنى الذي بصدوره ينعقد العقد, أو إِنه لا يعد كذلك, وإِذن فلن يكون هناك عقد.
وقد ذهب فريق أول, أكثرهم من فقهاء القانون العام, إِلى إِنكار صفة العقد على عقد الإِذعان ولم يعدوه مركزاً قانونياً منظماً, فهذا الذي يوصف بوصف العقد ليس إِلا تصرفاً قانونياً من جانب واحد, ذلك أن إرادة واحدة هي التي استقلت بوضع شروط التعاقد ثم فرضته فرضاً على الجانب الضعيف الذي كان قبوله مجرد إِذعان وانصياع, فهي من ثم قريبة الشبه بالقاعدة القانونية وينبغي أن تفسر كما تفسر هذه القاعدة أي وفق مقتضيات الصالح العام والعدالة وحسن النية وينظر فيه إِلى ما تستلزمه الروابط الاقتصادية التي وضع لتنظيمها, لا كما يفسر العقد, أي طبقاً لما قصده الطرفان. أي يجب أن يعنى في تطبيقه بمصلحة العمل أولاً, ثم بما يستحق الحماية من مصالح كل من طرفي العقد.
ويرى فريق ثان, وهم غالبية فقهاء القانون المدني, أن عقد الإِذعان عقد حقيقي يتم بتوافق إِرادتين ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود, إِذ ليس من المحتم أن تسبق القبول في العقود مفاوضات ومناقشات ولا أن يكون نصيب الطرفين في إِنشاء العقد متساوياً, وكل ما يتطلبه القانون هو اتفاق الطرفين على إِحداث أثر قانوني معين. فإِذا قيل إِن أحد المتعاقدين ضعيف أمام الآخر, فإِن هذه ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية, ولا يكون علاج الأمر بإِنكار صفة العقد على عقد حقيقي, ينضوي تحت تعريف العقد بأنه تبادل تعبير عن إِرادتين متطابقتين بقصد إِنشاء التزام أو أكثر, بل إِن هذه العقود تفضل العقود المعتادة لأنها واحدة للجميع فيقل فيها خطر الغلط والتدليس, ولأنها تمكن السلطات العامة من مراقبة شروطها. وعلى هذا لا يتمكن القاضي من تفسير هذا العقد كما يشاء بدعوى حماية الضعيف فتضطرب المعاملات وتفقد استقرارها وهذا الرأي هو الذي ساد في فقه القانوني المدني, وهو الذي ارتضاه نص القانون المدني السوري المواد (150-152).
نظام عقود الإِذعان في التشريع السوري والمقارن
كان القضاء يعد عقود الإِذعان عقوداً حقيقية واجبة الاحترام, وكان يطبق شروط العقد المطبوعة والمكتوبة على السواء إِلا أنه كان يُغَلَّب عند الاختلاف الشرط المكتوب على الشرط المطبوع. كما أنه كان يتساهل أحياناً في الاعتراف بوجود عيب في الإرادة حتى يهيَّئ طريق الخلاص من العقد, كما أنه لم يكن يتبع القاعدة العامة في تفسير العقود التي تقول إِن الشك يفسر لمصلحة المدين, بل كان يفسر الشك دائماً لمصلحة الطرف المذعن, دائناً كان أم مديناً, وذلك حتى تتحقق الحكمة التي توخاها الشارع من وضعه لتلك القاعدة.
وقد انقلبت هذه الحماية القضائية بعد إِقرار القانون المدني السوري إِلى حماية تشريعية ونظَّم بنصوص خاصة عقد التزام المرافق العامة وعقد العمل وعقد التأمين وأتى القانون بنصوص عامة لتنظيم عقود الإِذعان كافة وبذلك جعل للقضاء سنداً تشريعياً ومهد أمامه الطريق ليخطو خطوات أوسع في حماية الجانب المذعن.
وبغض النظر عن النصوص الخاصة التي تعالج هذه الموضوعات المتنوعة, فإِن النصوص العامة في القانون المدني السوري التي سارت على غرار القانون المدني المصري واتبعتها في ذلك تشريعات عربية أخرى, قد نصت على هذه الحماية ومن ذلك مثلاً ما نصت عليه المادة 150 من القانون المدني السوري الآنفة الذكر والمقابلة للمادة 119 من القانون المدني المصري والمادة 149 من القانون الليبي والمادة 167 من القانون العراقي.
فهذا النص قد جعل للقاضي سلطة تقديرية ليس لمحكمة النقض حق في التعقيب عليها فمتى ارتأى شرطاً تعسفياً في عقد من عقود الإِذعان جاز له أن يعدله ليزيل ما في العقد من تعسف, بل وله أن يلغي الشرط كلياً ولم يجز للمتعاقدين أن يسلبا القاضي هذه السلطة باتفاقهما.
كما جاء نص المادة 152 من القانون المدني السوري مطابقاً للمادة 151 من القانون المدني المصري والمادة 153 من القانون الليبي والمادة 167/3 من القانون المدني العراقي. ليؤكد تفسير الشك في مصلحة المدين ولا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإِذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن. وقد جاء في المذكرة الإِيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد «ويراعى من ناحية أخرى أن الأصل أن يفسر الشك في مصلحة المدين عند غموض عبارة المتعاقد غموضاً لا يتيح زواله. وقد استثنى المشروع من حكم هذا الأصل عقود الإِذعان فقضى أن يفسر الشك فيها لمصلحة العاقد المذعن, دائناً كان أو مديناً. فالمفروض أن العاقد الآخر وهو أقوى العاقدين, يتوافر له من الوسائل ما يمكنه من أن يفرض على المذعن عند التعاقد شروطاً واضحة بينة فإِن لم يفعل ذلك أخذ بخطئه أو تقصيره وحمل تبعته لأنه يعد متسبباً في هذا الغموض» وتتفق التشريعات العربية, إِجمالاً, في الأحكام السالفة عن عقد الإِذعان.
عبد الهادي عباس
الموسوعة العربية
عقد الإِذعان , عقد وضع شروطه الجوهرية مسبقاً أحد طرفيه, ليتقيد بها كل من يرغب في التعامل معه. وقد أفرد المشرع في القانون المدني السوري نصوصاً خاصة بعقود الإِذعان بين النصوص المتعلقة بآثار العقد أي بتفسيرها أو تنفيذها فقد نصت المادة 150 منه: «إِذا تم العقد بطريق الإِذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي الطرف المذعن منها, وذلك وفقاً لما تقضي به العدالة, ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك». ونصت المادة 152: «1- يفسر الشك في مصلحة المدين . 2- ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإِذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن».
وإِذا كان القبول عادة في دائرة العقود وهو في ذلك كالإِيجاب لا يقع إِلا بعد مفاوضة وأخذ ورد, وذلك حتى يُقَدّر القابل أن له مصلحة في عقد العقد, فقد ظهر في العصر الحديث, نتيجة للتطور الاقتصادي في هذا النوع من العقود, اتجاه يستبعد كل مناقشة بين الطرفين, إِذ يتقدم أحدهما, وهو الجانب القوي, بمشروع عقد يوجهه إِلى الطرف الآخر وهو الجانب الضعيف ولا يسمح لهذا إلا بالقبول الذي قد يكون مجرد إِذعان لما يمليه الموجب, فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مناقشة ومفاوضة بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إِلا أن يأخذ أو أن يدع. إِنه حر, لكن حريته تنحصر في قبول التعاقد كما هو أو رفضه, ولما كان في أغلب الحالات في حاجة إِلى التعاقد على شيء لا غنى له عنه فهو مضطر إِلى القبول, فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن ثم سميت هذه العقود بعقود الإِذعان.
خصائص عقود الإِذعان
ما دامت هذه العقود محصورة في دائرة معينة وتتصل بسلع أو مرافق ضرورية لا يستطاع الاستغناء عنها, فهي تحدد بالخصائص التالية:
ـ إِنها تتعلق بسلع أو مرافق تعد من الضروريات للمستهلكين والمنتفعين أمثال التعاقد مع شركات أو مؤسسات الكهرباء والغاز ومصالح البريد والهاتف والفاكس وعقد النقل بوسائطه المختلفة من سكك حديد وطائرات وسيارات وبواخر, والتعاقد مع شركات التأمين بأنواعه, وعقد العمل في الصناعات الكبرى وغيرها.
ـ صدور الإِيجاب من محتكر هذه السلع أو المرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً, أو على الأقل مسيطر عليها سيطرة تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق.
ـ توجيه الإِيجاب إِلى الناس كافة على نمط واحد وبشروط واحدة وعلى نحو مستمر أي لمدة غير محددة ويغلب أن يكون في صيغة مطبوعة تحتوي على شروط مفصلة لا تجوز فيها المناقشة وأكثرها لمصلحة الموجب, فهي تخفف تارة من مسؤوليته التعاقدية وأخرى تشدد في مسؤولية الطرف الآخر, وهي على درجة من التعقيد تجعل فهمها صعباً.
ففي كل هذه العقود يعرض الموجب إِيجابه في صيغة نهائية لا تقبل المناقشة فيه ولا يسع الطرف الآخر إِلا أن يقبل, إِذ لا غنى له عن التعاقد. ولكن هذا الإِذعان للتعاقد ليس إِكراهاً يعيب الرضاء, بل هو نوع من الإِكراه الاقتصادي الذي لا أثر له في صحة التراضي.
طبيعة عقود الإِذعان
اختلف الفقهاء في طبيعة عقود الإِذعان فانقسموا فريقين رئيسين: ويدور اختلافهم في الواقع حول الجواب عن السؤال التالي: هل يعد القبول في عقد الإِذعان قبولاً على المعنى الذي بصدوره ينعقد العقد, أو إِنه لا يعد كذلك, وإِذن فلن يكون هناك عقد.
وقد ذهب فريق أول, أكثرهم من فقهاء القانون العام, إِلى إِنكار صفة العقد على عقد الإِذعان ولم يعدوه مركزاً قانونياً منظماً, فهذا الذي يوصف بوصف العقد ليس إِلا تصرفاً قانونياً من جانب واحد, ذلك أن إرادة واحدة هي التي استقلت بوضع شروط التعاقد ثم فرضته فرضاً على الجانب الضعيف الذي كان قبوله مجرد إِذعان وانصياع, فهي من ثم قريبة الشبه بالقاعدة القانونية وينبغي أن تفسر كما تفسر هذه القاعدة أي وفق مقتضيات الصالح العام والعدالة وحسن النية وينظر فيه إِلى ما تستلزمه الروابط الاقتصادية التي وضع لتنظيمها, لا كما يفسر العقد, أي طبقاً لما قصده الطرفان. أي يجب أن يعنى في تطبيقه بمصلحة العمل أولاً, ثم بما يستحق الحماية من مصالح كل من طرفي العقد.
ويرى فريق ثان, وهم غالبية فقهاء القانون المدني, أن عقد الإِذعان عقد حقيقي يتم بتوافق إِرادتين ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود, إِذ ليس من المحتم أن تسبق القبول في العقود مفاوضات ومناقشات ولا أن يكون نصيب الطرفين في إِنشاء العقد متساوياً, وكل ما يتطلبه القانون هو اتفاق الطرفين على إِحداث أثر قانوني معين. فإِذا قيل إِن أحد المتعاقدين ضعيف أمام الآخر, فإِن هذه ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية, ولا يكون علاج الأمر بإِنكار صفة العقد على عقد حقيقي, ينضوي تحت تعريف العقد بأنه تبادل تعبير عن إِرادتين متطابقتين بقصد إِنشاء التزام أو أكثر, بل إِن هذه العقود تفضل العقود المعتادة لأنها واحدة للجميع فيقل فيها خطر الغلط والتدليس, ولأنها تمكن السلطات العامة من مراقبة شروطها. وعلى هذا لا يتمكن القاضي من تفسير هذا العقد كما يشاء بدعوى حماية الضعيف فتضطرب المعاملات وتفقد استقرارها وهذا الرأي هو الذي ساد في فقه القانوني المدني, وهو الذي ارتضاه نص القانون المدني السوري المواد (150-152).
نظام عقود الإِذعان في التشريع السوري والمقارن
كان القضاء يعد عقود الإِذعان عقوداً حقيقية واجبة الاحترام, وكان يطبق شروط العقد المطبوعة والمكتوبة على السواء إِلا أنه كان يُغَلَّب عند الاختلاف الشرط المكتوب على الشرط المطبوع. كما أنه كان يتساهل أحياناً في الاعتراف بوجود عيب في الإرادة حتى يهيَّئ طريق الخلاص من العقد, كما أنه لم يكن يتبع القاعدة العامة في تفسير العقود التي تقول إِن الشك يفسر لمصلحة المدين, بل كان يفسر الشك دائماً لمصلحة الطرف المذعن, دائناً كان أم مديناً, وذلك حتى تتحقق الحكمة التي توخاها الشارع من وضعه لتلك القاعدة.
وقد انقلبت هذه الحماية القضائية بعد إِقرار القانون المدني السوري إِلى حماية تشريعية ونظَّم بنصوص خاصة عقد التزام المرافق العامة وعقد العمل وعقد التأمين وأتى القانون بنصوص عامة لتنظيم عقود الإِذعان كافة وبذلك جعل للقضاء سنداً تشريعياً ومهد أمامه الطريق ليخطو خطوات أوسع في حماية الجانب المذعن.
وبغض النظر عن النصوص الخاصة التي تعالج هذه الموضوعات المتنوعة, فإِن النصوص العامة في القانون المدني السوري التي سارت على غرار القانون المدني المصري واتبعتها في ذلك تشريعات عربية أخرى, قد نصت على هذه الحماية ومن ذلك مثلاً ما نصت عليه المادة 150 من القانون المدني السوري الآنفة الذكر والمقابلة للمادة 119 من القانون المدني المصري والمادة 149 من القانون الليبي والمادة 167 من القانون العراقي.
فهذا النص قد جعل للقاضي سلطة تقديرية ليس لمحكمة النقض حق في التعقيب عليها فمتى ارتأى شرطاً تعسفياً في عقد من عقود الإِذعان جاز له أن يعدله ليزيل ما في العقد من تعسف, بل وله أن يلغي الشرط كلياً ولم يجز للمتعاقدين أن يسلبا القاضي هذه السلطة باتفاقهما.
كما جاء نص المادة 152 من القانون المدني السوري مطابقاً للمادة 151 من القانون المدني المصري والمادة 153 من القانون الليبي والمادة 167/3 من القانون المدني العراقي. ليؤكد تفسير الشك في مصلحة المدين ولا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإِذعان ضاراً بمصلحة الطرف المذعن. وقد جاء في المذكرة الإِيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد «ويراعى من ناحية أخرى أن الأصل أن يفسر الشك في مصلحة المدين عند غموض عبارة المتعاقد غموضاً لا يتيح زواله. وقد استثنى المشروع من حكم هذا الأصل عقود الإِذعان فقضى أن يفسر الشك فيها لمصلحة العاقد المذعن, دائناً كان أو مديناً. فالمفروض أن العاقد الآخر وهو أقوى العاقدين, يتوافر له من الوسائل ما يمكنه من أن يفرض على المذعن عند التعاقد شروطاً واضحة بينة فإِن لم يفعل ذلك أخذ بخطئه أو تقصيره وحمل تبعته لأنه يعد متسبباً في هذا الغموض» وتتفق التشريعات العربية, إِجمالاً, في الأحكام السالفة عن عقد الإِذعان.
عبد الهادي عباس
الموسوعة العربية