محمد ابراهيم البادي
05-10-2010, 07:39 PM
حدود سلطات الضبط الاداري
المقدمة
ان مهمة الضبط الاداري قد تزايدت اهميتها وضرورتها في الآونة الأخيرة وباتت مهمتها في تنظيم الحريات امراً حتمياً وضرورياً حتى لايتحول ممارسة الحريات العامة واوجه النشاط الخاص الى الفوضى لانه اذا كانت السلطة المطلقة مفسدة مطلقة فان الحرية المطلقة هي بدورها مفسدة مطلقة او فوضى مطلقة وبالتالي يتعين تحقيق التوازن التام بينهما حتى يتحقق للدولة الاستقرار والمناخ الملائم لتحقيق غاياتها.
ونظراً لأن أعمال الضبط الاداري تتعلق مباشرة بحقوق وحريات الافراد لذلك لايمكن ان يكون مطلقة بل يجب ان يكون مقيدة بحيث يحقق التوازن بين المحافظة على النظام العام والحريات العامة للأفراد, وان هذا التقييد يكون بموجب القوانين ووفقاً لمبدأ المشروعية أي بمعنى ان الضبط الاداري يجب ان يلتزم بمبدأ المشروعية في تصرفاته, وان السلطات التي يتمتع بها هيئات الضبط الاداري يختلف باختلاف المكان والزمان. وان السلطات التي يتمتع بها الضبط الاداري في الظروف الاعتيادية يختلف عن السلطات التي يتمتع بها في الظروف الاستثنائية وفي كلا الحالتين يجب ان تتقيد بمبدأ المشروعية.
على ضوء ماتقدم ونظراً لاهمية هذا الموضوع قد عمدنا الى كتابة بحث متواضع في هذا الموضوع الحيوي والهام وقد قمنا باستخدام المنهج التحليلي في كتابة البحث.
ولعل من اهم المشاكل التي واجهتنا في كتابة البحث هو ان المصادر المتوفرة بين ايدينا قد تتشابه من حيث المفردات والمضمون ولم يأتوا بشيء جديد لكي نقارن بعضها بالبعض، وأيضا لقلة الوقت لم نتمكن من التعمق اكثر من ذلك في الكتابة.
ان عنوان البحث هو ((حدود سلطات الضبط الاداري)) وقمنا بتقسيمه الى مطلبين - المطلب الأول تحت عنوان – ماهية الضبط الاداري – يحتوي هذا المطلب على ثلاث فروع فضلاً عن مقدمةٍ تمهيدية، فَفي الفرع الأول تطرقت الى اهم التعاريف المقدمة بشأن الضبط الاداري وخصائصه، وفي الفرع الثاني تطرقت الى التمييز بين الضبط الاداري عن الضبط القضائي والتشريعي، وخصصت الفرع الثالث الى اهم اهداف الضبط الاداري المتمثل في الامن العام والصحة العامة والسكينة العامة.
اما المطلب الثاني والتي هي تحت عنوان ((حدود سلطات الضبط الاداري)) ينقسم الى فرعين، ففي الفرع الأول تطرقنا الى سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية وفيها بيّنا مبدأ المشروعية بشكل موجز وبعد ذلك الرقابة القضائية على سلطات الضبط الاداري.
وخصصنا الفرع الثاني الى سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية وفيها بيَّنا الظروف الاستثنائية وما يتطلبه من اجراءات ضبطية، وما هي دور القضاء الاداري في مراقبة أعمال الضبطية في الظروف الاستثنائية، واخيرا تطرقنا الى اهم الاستنتاجات التي توصلت اليها من خلال البحث.
نرجوا ان نكون في كتابة بحثنا المتواضع هذا قد تمكننا من الالمام بالمواضيع المدرجة في خطة البحث ولو بشكل بسيط ووجيز, على الرغم من اننا حاولنا ان يكون البحث بحثاً متكاملاً ولكن نعلم انه فيه جوانب الضعف.
المطلب الأول
ماهية الضبط الاداري
المقصود باصطلاح الضبط تنظيم الدولة بطريقة وقائية لضمان سلامة وأمن المجتمع, فنظام الضبط في معناه العام هو تنظيم وقائي.
ويختلف نظام الضبط بهذا المعنى عن النظام القانوني الذي لايتدخل الا لمحاسبة الأفراد عما يقع منهم من جرائم او مخالفات.
والضبط الاداري من اول الوظائف العامة التي أضطلعت بها الدولة الحديثة, وتمثل هذه االوظيفة, حماية المجتمع وكيانه والاسس التي يقوم عليها من أي عدوان او تمهيد فقد كانت الادارة و منذ القدم وستبقى مكلفة بواجب مواجهة اي مخاطر تهدد المجتمع وتوفير الامن والصحة والسكينة لابنائه, وهي وظفية مستمرة لايتصور ان تنتهي بتحقيق امرها او فوات مدة معينة اذ يمثل المجتمع المنظم ضرورة لا غنى عنها لكل المجتمعات باعتبار توقي الاضرار والجرائم وانهاء أي اعتداء او اخلال بنظام المجتمع من دعائم قيام الدولة التي تنهار بانهيار هذه الدعامة.
اما بخصوص تعريف الضبط الاداري فلم تتعرض التشريعات الادارية المقارنة لتعريف الضبط الاداري بصورة محددة وقاطعة وانما رددت فقط اغراضه بصورة عامة.
ويرجع فقهاء القانون الدستوري السبب في عدم تعرض التشريعات الادارية المقارنة لتعريف الضبط الاداري الى ما تتسم به فكرة النظام العام كهدف للضبط ألادارى - من مرونة لان مضمونها ليست ثابتاً دائماً, وانما تتغير بتغير الظروف الزمان والمكان - الامر الذي جعل المشرع الاداري يعزف عن وضع تعريف محدد لفكرة الضبط الاداري تكون جامعة لجميع عناصر النظام العام.
الفرع الأول
تعريف الضبط الإداري
نحاول في هذه الفقرة عرض مجموعة من التعاريف التي وردت بشأن الضبط الاداري في المصادر التي اطلعت عليها، ومن اهم هذه التعاريف التي قدمت بهذا الشأن هي:
((الضبط الاداري هو مجموع الإجراءات والقرارات التي تتخذها السلطة الادارية بهدف حماية النظام العام والمحافظة عليه))
وهناك من يعطي لنا تعريفا ضيقاً للضبط الاداري كـ د. نواف كنعان وهي: ((الضبط الاداري يعني النظام القانوني الذي ينظم تقييد الحريات الفردية بهدف حماية النظام العام الذي يعتبر امراً ضرورياً لحياة الجماعة, بما يتسم به هذا النظام القانوني من اجراءات سريعة وفعالة حيث تخول سلطات الضبط الاداري استخدام القوة المادية عند الاقتضاء لضمان احترام انظمة الضبط الاداري وتنفيذها)).
وهناك تعريف اخر لـ د.مصطفى ابو زيد فهمي وهي: ((الضبط الاداري عبارة عن قيود وضوابط ترد على نشاط الافراد في ناحية او عدة نواحي من الحياة البشرية)).
اما د. عبدالغني بسيوني عبدالله فقد عرف الضبط الاداري بأنه ((مجموع الاجراءات والاوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة بالضبط من اجل المحافظة على النظام العام في المجتمع)).
والدكتور على خطار شطناوي في كتابه الوجيز في القانون الاداري يعرف الضبط الاداري ((بأنه مجموع القيود والضوابط التي تفرضها هيئات الضبط الاداري على حريات ونشاطات الأفراد بهدف حماية النظام العام)).
وفق هذا التعريف يدخل ضمن الضبط الاداري التقيد الكلي (الحظر) او الجزئي لبعض نشاطات الأفراد بهدف المحافظة على النظام العام.
اذن ومن جملة التعاريف التي عرضناه يتبين لنا بأن الضبط الاداري هو مجموعة من الاجراءات التي تتخذها الدولة بهدف اقامة النظام في المجتمع وضمان سلامة كيانها واستقرارها, وتوفير الخدمات اللازمة لمواطنيها وكل ذلك من اجل تحقيق الصالح العام, ولبلوغ هذه الغاية تقوم الدولة بوضع القواعد القانونية التي تحدد الاطار التنظيمي للحريات العامة ورسم الحدود اللازمة لها موائمة بين النظام وممارسة الحرية, فالحرية هي القاعدة والتقيد هو الاستثناء, وان كل هذا يختلف من بلد لآخر, بحكم مدى تدخل الدولة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية.
وهدف الضبط الادراي هو المحافظة على النظام العام وهي الصحة العامة والسكينة العامة والامن العام.
ولكن حصل نقاش بصدد مفهوم النظام العام في فقه القانون الاداري ((وقد كان مجلس الدولة الفرنسي فيما مضى يقيم النظام العام على الناحية المادية الخارجية, بذلك لا شأن للضبط الاداري بحالة المجتمع المعنوية او الروحية ولاشأن له بالافكار والعقائد التي تسود المجتمع ولو كانت ضارة بالنظام الاجتماعي بأكمله, لان وظيفة الضبط الاداري مقصورة على ضبط النظام العام من الناحية المادية الخارجية فقط فاذا اقترنت الحالة الفكرية او الروحية بمظهر خارجي يهدد النظام العام كان لهيئة الضبط الاداري ان تتدخل للقضاء على هذا العامل المادي المهدد للامن والسكينة)).
أما في العراق لامجال لاثارة مثل هذا النقاش اذ ان المشرع حسم الموضوع واعتبر النظام العام المعنوي جزءاً من النظام العام بالنص على المحافظة على النظام العام والاداب.
خصائص الضبط الاداري
من جملة التعاريف التي تم عرضها بخصوص الضبط الاداري والتي تبين وجهات النظر مختلفة للباحثين تبين بان للضبط الاداري خصائص وهي:
أ- ان وظيفة الضبط ضرورية ذلك ان وقاية النظام العام من خطر الاخلال به لايمكن ان يتم الا بضبط حدود ممارسة الحريات المختلفة.
الآن انه طبقاً لتصوير الفقه الديمقراطي فان من الضروري الاعتداد بأمرين في وضع قيود على الحريات الفردية:
اولا - ضرورة تفسير تدابير الضبط الاداري متى كانت مرسومة تشريعياً, تفسيراً ضيقا لصالح الحرية.
ثانيا - ان لا تمس الحرية الفردية الا اذا كان هناك داعٍ من دواعي حفظ النظام العام.
ب- ان وظيفة الضبط الاداري هي وظيفة محايدة لا تصطبغ بصبغة سياسية ولايجب ان يفهم من هذا المعنى لحياد سلطة الضبط الاداري على انها وظيفة لاتخص حماية السلطة على نحو مطلق, لان النظام العام في ظاهره امن الشوارع وسكينتها فانه في الحقيقة امن السلطة الحاكمة.
ج- خضوع الضبط الاداري لسيادة القانون:
لابد ان تكون وظيفة الضبط الاداري وظيفة قانونية تستمد اساسها القانوني من نصوص الدستور والخضوع لمبدأ المشروعية.
د- اعتماد الضبط الاداري على وسيلة السلطة العامة:
فلابد لوقاية النظام العام وهو هدف النشاط الضبطي ان يعتمد هذا النشاط على وسيطة السلطة العامة والمتمثلة في المقدرة على اصدار اعمال قانونية من جانب واحد لها قوة ملزمة وتنفيذ تمكن السلطة المعهودة اليها باتخاذها من تأكيد مضمونها طوعاً او كرهاً.
الفرع الثاني
التميز بين الضبط الاداري مع الضبط التشريعي والقضائي
ان بالضبط يصان كيان الدولة ومن ثم فان فكرة الضبط كانت وماتزال عصب السلطة لذلك لم يكن غريباً ان تكون هذه الوظيفة من اقدم الوظائف التي اضطلعت بها الدولة منذ التأريخ القديم وحتى الان, بل انها اقدم من وظيفية المرفق العام.
والضبط بهذا المعنى تشمل كلآ من النشاط التشريعي والنشاط القضائي والنشاط الاداري باعتبار هذه الاوجه من النشاط تمثل وظائف الدولة التقليدية وباعتبار كل منها وسيلة في نطاق مهامه لحفظ النظام.
((فتدخل المشرع بوضع القواعد المنظمة لنشاط الأفراد والجماعات يعتبر عملاً ضبطياً ويطلق عليه بالضبط التشريعي وتدخل القضاء في توقيع العقوبات الزاجرة يعتبر ضبطاً يستهدف اقامة النظام عن طريق الزجر بالعقوبة وردع الغير عن ارتكاب الجريمة))
اما تدخل الادارة في تنظيم نشاط الأفراد بالمنع او الترخيص او الاخطار فانه يعتبر ضبطاً ادارياً يهدف الى وقاية النظام العام من خطر الاخلال به وتعريض كيان الدولة او امن مواطنيها وصحتهم وسكينتهم للخطر.
اذا كان الضبط الاداري يعني حق سلطة الضبط في فرض القيود والضوابط على ممارسة الأفراد لحرياته في سبيل حماية النظام العام.
((فان الضبط التشريعي ينحرف الى القيود التي يضعها المشرع, اذ ان الضبط التشريعي يشمل القوانين والتشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية والتي تحدد نطاق مباشرة الحريات الفردية التي نص عليا الدستور كما تتولى هذه القوانين تنظيم مباشرة الحريات العامة والقيود التي ترد عليها)).
هذا يعني ان الضبط الاداري وكذلك الضبط التشريعي - حين ينظم الحريات العامة ويضع حدود النشاط الفردي فانه يستهدف وضع تدابير وقائية غايتها منع وقوع الاخلال بالنظام العام, وذلك بتوخي الجرائم وغيرها من الافعال التي تهدد الامن او السكينة او الصحة في المجتمع.
((اما الضبط القضائي فتتلخص مهمته في البحث عن الجرائم بعد وقوعها ومعرفة مرتكبيها وجمع الادلة ضدهم تمهيداً لمحاكمتهم وانزال العقوبات المناسبة بحقهم ويقوم بهذه المهمة القضاء)).
اذن ان الضبط القضائي يأتي بعد ارتكاب الجريمة ليبحث عن الفاعل ويجمع الادلة التي تكفل انزال العقاب به, ولذلك فليس غريباً ان تقرأ ان مهمة الضبط الاداري وقائية اما مهمة الضبط القضائي فهي علاجية.
((فبالرغم من ان الضبط القضائي يؤدي الى صيانة النظام العام عن طريق الزجر والردع التي تحدثه العقوبة في نفوس افراد الجمهور, الا ان هذا الضبط لايمكن الاعتماد عليه وحده في تحقيق النظام العام وحمايته وصيانته, فوظيفة الضبط اوسع مدى من مجرد الزجر او الردع والترهيب من ارتكاب الجرائم وفي هذه الوظيفة ترمي الى منع كل اخلال بالنظام العام أياً كان مصدره, ومن ثم وجب التدخل لمنع كل فعل يخل او من شانه الاخلال بالنظام العام)).
ولكن على الرغم من وجود الاختلاف بين الضبط الاداري والضبط القضائي فان هنالك مايقرب بينهما, بل وربما ما يدعو الى الخلط بينهما, فرجال الشرطة يشتركون في القيام بالمهتمين, فهم يساعدون في تطبيق القيود والضوابط التي توضع على نشاط الافراد لتمنعه من التعارض والتصادم وفي الوقت ذاته يعملون على البحث عن مرتكبي الجرائم ويجمعون ألادلة القائمة ضدهم.
((وقد استقر الفقه الاداري على ان العلاقة بين الضبط الاداري والضبط القضائي تبدأ في استهدافها صيانة النظام العام في المجتمع وان هذا الهدف يتحقق بطرق مختلفة منها الطرق الوقائية ونطاقها الضبط الاداري, والطرق الرادعة والزاجرة ومجالها الضبط القضائي)).
اذن فانه يصعب الفصل بين اختصاصي القضاء.. والسلطة التنفيذية في مجال الضبط احياناً, وتبدو هذه المسألة في حالة تمتع الادارة باختصاصات قضائية كالسلطات الممنوحة للمحافظ او رئيس الوحدة الادارية او الاختصاصات التي يمنحها القانون لهيئة ادارية ذات اختصاص قضائي.
الفرع الثالث
اهداف الضبط الاداري
اذا كانت هيئات الضبط الاداري تتمتع في اطار ممارستها لسلطاتها وصلاحياتها الطبيعية بسلطة اتخاذ العديد من الاجراءات والتدابير الضبطية التي تتميز بها بعض الخصائص والسمات, فيتعين استعمالها لتوقع المخاطر والاخطار التي تحدد النظام العام او اعادته للوضع العادي اذا اخل به وبذا يعيد النظام العام غاية وهدف كل عمل من اعمال الضبط الاداري ولكل اجراء وتدبير ضبطي مهما كان.
((ويجمع الفقه على ان اغراض الضبط الاداري تتمثل في المحافظة على النظام العام, وبذا تتمثل مهام الضبط الاداري في توقع صور الاعتداء على النظام العام والعمل على تجنبها والحيلولة دون وقوعها)).
اذن ان جميع اجراءات الضبط الاداري يهدف دائماً الى حماية النظام العام, وان نطاق مفهوم النظام العام يختلف ضيقاً واتساعاً - باختلاف مدى تدخل الدولة في النشاطات الاجتماعية والاقتصادية..
((يعرف الفقيه هوريو النظام العام بانه انعدام الفوضى والقلائل والنظام العام هو مجموعة مصالح عليا مشتركة لمجتمع ما في زمن معين يتفق الجميع على ضرورة سلامتها ويتكون النظام العام من ثلاث عناصر هي الامن العام والسكينة العامة والصحة العامة)).
اذن لابد ان نوضح المقصود بالعناصر الثلاث التي يهدف الضبط الاداري الى حمايتها وتوفيرها بكونها عناصر النظام العام وهذا يعنى ان أهداف الضبط الادارى هى:-
1- المحافضة على الأمن العام:
يقصد بالامن العام تأمين افراد المجتمع في انفسهم وأولادهم وأعراضهم وأموالهم والمحافظة عليها وحمايتها.
((وتشمل حماية الامن العام اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أفراد المجتمع من اخطار الكوارث سواء كانت عامة وطبيعية, كالحرائق والفيضانات وانهيارات المباني القديمة او الحديثة المخالفة للمواصفات الهندسية المتعارف عليها والزلازل...او كانت من فعل الإنسان كالتزام سلطات الأمن العام بمنع الجرائم المختلفة كالقتل والسرقة او حوادث الطرق وحماية الأفراد أيضا من الحيوانات الضالة او الخطرة على الانسان ومن حوادث الطرق من خلال تنظيم السير على الطرقات العام بمنح تراخيص النقل والقيادة...الخ)).
اذن يقصد بالأمن العام استتباب الأمن والنظام في المدن والقرى والأحياء بما يحقق الاطمئنان لدى جمهور المواطنين على أنفسهم وأولادهم وأعراضهم وأموالهم من خطر الاعتداءات والانتهاكات عليها في الطرق والشوارع والأماكن العامة.
2- المحافظة على السكينة العامة:
ويقصد به المحافظة على الهدوء والسكون ومنع مظاهر الازعاج والمضايقات في الطرق والأماكن العامة..
((يتحقق هذا الغرض باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على الهدوء والسكون في الطرق والأماكن العامة, ومنع الضوضاء والجلية في الاحياء السكنية, والقضاء على مصادر الازعاج في الشوارع والطرقات, ومنع الوسائل المقلقة للراحة من مكبرات الصوت او آلات مزعجة او غيرها وكذلك القضاء على الاضطرابات والمشاحنات التي تخل بالهدوء والسكينة العامة)).( )
اذن المقصود بالمحافظة على السكينة العامة هي المحافظة على حالة الهدوء والسكون في الطرق والأماكن العامة لكي لايتعرض المواطنون لمضايقات الغير في اوقات الراحة.
3- المحافظة على الصحة العامة
ويقصد بهذا الهدف اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية والعلاجية لحماية المواطنين من مخاطر الأوبئة والأمراض والجراثيم التي تتهدد صحتهم, ولقد ازدادت أهمية هذا الهدف في الوقت الحاضر نتيجة ازدياد عدد السكان وسهولة انتشار الأمراض.
((وحتى ان المحافظة على الصحة العامة تخول هيئات الضبط تقيّد حرية الانتفاع بالملك تحقيقاً لأغراض صحية, وهذا ما أكدته أحكام القضاء الاداري الحديث)).
اذن المقصود بالمحافظة على الصحة العامة هي وقاية صحة الجمهور من اخطار المرض ولهذا يقع على سلطات الضبط الإداري اتخاذ الإجراءات الوقائية لمقاومة أسباب المرض.
المطلب الثاني
حدود سلطات الضبط الاداري
ان تحديد مدى ونطاق اختصاصات سلطة الضبط الإداري في تقييد نشاط وحريات الأفراد بهدف حماية النظام العام بعناصره المتعددة يجب ان يتم في اطار مبدأ أساسي بحكم القانون العام مؤداهُ ان الاصل صيانة الحريات الأساسية للأفراد وعدم المساس بها وان الاستثناء هو فرض القيود على هذه الحريات بموجب إجراءات الضبط الاداري.
((إن استخدام الادارة لسلطة الضبط الاداري يعد أقوى مظاهر السلطة العامة واكثرها تقيداً لحريات الأفراد, ومع غيبة القيود والضوابط ذات المصدر التشريعي التي يتحتم على الادارة مراعاتها تدخل القضاء الاداري, بما لديه من سلطة منشئة وخلاقة لسد هذه الثغرة حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم)).
((ان القيود والضوابط التي تدخل على حريات الأفراد لتنظيم استعمالها وتمنعها من التضارب, يجب ان يكون لها حدود تقف عندها, فمهمة الضبط الاداري الاولى هي التنظيم يختلف مداه – باختلاف الزمان والمكان - ويختلف عمقه من نطاق الى اخر, وهو في مجموعه لايصل الى حد مصادرة النشاط الفردي او الغائه)).
((ينتج مباشرة من ممارسة الضابطة الادارية تقييد الحريات العامة وحقوق المواطنين وقد ينجم عن تطبيق الاوامر الضابطية اتخاذ تدابير ذات طابع قهري, وهنا نكون امام الصراع القديم بين السلطة والحرية والذي لايمكن ان يلد له حلاً عادلاً الا باحقاق التوازن بين ضرورات العمل الاداري والنظام العام من جهة وحماية الحريات الاساسية لكل مواطن من جهة اخرى)).
وان حدود سلطات الضبط الاداري يختلف باختلاف الحالات والظروف التي تتم ممارستها فيها, ففي الظروف العادية تتقيد سلطة الضبط الاداري بمبدأ المشروعية وتخضع لرقابة القضاء الاداري, اما في الظروف الاستثنائية حيث لاتكفي السلطات الممنوحة للادارة في الظروف العادية لمواجهتها, تتمتع سلطات الضبط الاداري بسلطات اوسع لمواجهة الظروف الاستثنائية.
وهذا يتطلب منا التميز بين ممارسة سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية وسلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية, والتي نخصص المطلب الثاني في بحثنا هذا الى هذا الموضوع ونتطرق اليها بالتفصيل.
الفرع الأول
سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية
الضبط الاداري نشاط تقوم به الادارة الى جانب أنشطة أخرى وهو يخضع لما تخضع له أعمال الادارة جميعاً من وجوب احترامها للقانون أي لمبدأ المشروعية لا بل ان احترام الادارة لمبدأ المشروعية يجب ان يظهر في احلى في حالة الضبط الاداري ذلك ان الضبط الاداري يتعلق بحريات الأفراد ونشاطه لذلك فان قرارات الضبط الاداري تخضع لرقابة القضاء شأنها في ذلك شأن القرارات الادارية الأخرى فيراقب القضاء اركان القرار الاداري المتعلق بالضبط للتأكد من سلامته القانونية.
ان المشكلة الاساسية والهامة التي تواجه السلطات الضبط الادارية عندما تمارس اختصاصها في الظروف العادية هي كيفية التوفيق بين الحريات العامة التي نص عليها الدستور وقوانين حماية النظام العام.
ومن كل تقدمناه يتبين لنا بأن سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية تتقيد بمبدأ المشروعية من ناحية وتخضع لرقابة دقيقة من القضاء الاداري من ناحية اخرى.
1- تقيد سلط الضبط بمبدأ المشروعية:
ان مبدأ المشروعية تعني سيادة القانون على الحاكمين والمحكومين على حد سواء, وانه لايجوز للحاكمين الخروج على القواعد القانونية التي تنظم شؤون الحكم والادارة وإلا غدت تصرفاتهم سواء كانت ايجابية ام سلبية غير مشروعة ويحكم القاضي بالغائها والتعويض عن الضرر الذي تحدثه.
((اذن المقصود بمبدأ المشروعية خضوع السلطة الادارية للقانون في كل مايصدر عنها من تصرفات وماتتخدذ من اعمال وقرارات وفي جميع مظاهر النشاط الذي تقوم به)).
ويترتب على ذلك بطلان أي تصرف او اجراء تتخذه سلطة الادارة يخالف القانون او يخرج على قواعده الملزمة.
((وتبرز اهمية التزام الادارة بهذا المبدأ كون القرارات والتصرفات والاعمال التي تقوم بها تتمتع ابتداء بقرينة السلامة أي انها صحيحة ومشروعة وعلى من يدعي العكس اثبات ذلك امام القاضي, واذا لم يقضِ القاضي بعدم مشروعتيها فانها تكون ملزمة ونافذة ازاء المخاطبين بأحكامها)).
وبذلك فان مبدأ المشروعية هي احترام الادارة للتدرج الموضوعي والشكلي للقواعد والقرارات القانونية.
بناء على ذلك تحتل الدستور قمة الهرم, ثم تليها الهيئة التشريعية ومن بعدها الهيئة التنفيذية, والتي تتدرج في داخلها كذلك في شكل هرم من رئيس الدولة الى الموظفين التنفيذيين مروراً بالوزراء ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء الاقسام والدوائر والشعب.
اذن وفقاً لمبدأ المشروعية فان سلطة الادارة في النطاق الاداري ليست طليقة من كل قيد وانما هي مقيدة باحترام احكام وقواعد القانون.
هنا يجب ان يكون سلطات الضبط الاداري والتي هي مقيدة لحريات الأفراد لغرض المحافظة على النظام العام هي ليست مطلقة بل مقيدة بمبدأ المشروعية وهي مشروعية الظروف العادية.
((يعتبر تنظيم الحريات الاساسية في الدولة من الاختصاصات الجوهرية للسلطة التشريعية وفقاً للمبادئ الدستورية العامة بسبب ما يترتب على هذا التنظيم من تقيد لحريات الاخرين. وهذا التقيد لايمكن ان يكون الا بنص القانون, ومن ناحية اخرى, فقد تخول الدساتير السلطة التنفيذية صلاحية تنظيم نشاط الأفراد والتدخل في شؤونهم ووضع القيود على حرياتهم العامة لاسباب تتيح لها هذا التدخل في حدود المحافظة على النضام العام, فهي عليها اصدار انظمة ضبط بالشكل الذي رتبه القانون)).
ويترتب على ماتقدم ان كافة التصرفات التي تقوم بها السلطة التنفيذية لتحقيق الضبط يقضي ان تكون خاضعة لقواعد المشروعية التي تحكم القرارات الادارية الأخرى, فاجراءات الضبط الاداري في الواقع تتصدى لحريات الأفراد وحقوقهم العامة وبذلك تثور مشكلة كبيرة في هذا المجال هي التعارض بين متطلبات الادارة الحديثة والمحافظة على النظام العام ومن جهة اخرى بين الاحترام الواجب والضروري للحريات والنشاط الفردي.
2- خضوع اجراءات الضبط الاداري لرقابة القضاء:
ان قرارات الضبط الاداري واجراءته هي في الواقع اجراءات ادارية فاذا كان الأمر كذلك, وهو كذلك طبعاً فانها تخضع لجميع قواعد المشروعية التي تحكم كافة القرارات الادارية وهي من ناحية اخرى تخضع لرقابة القضاء.
((يرى مجلس الدولة الفرنسي ان سلطة الضبط الاداري هي سلطة مقيدة لا مطلقة, ولهذا لايجوز للبوليس الاداري (الضبط الاداري) ان يتخذ أي اجراء كان للمحافظة على النظام العام بل يجب عليه ان يتخذ الاجراء الضروري لذلك يقع على عاتق سلطات الضبط الاداري ان توفق بين المحافظة على النظام العام وبين ضمان حرية الأفراد))
وتمتد رقابة القضاء الاداري في البلدان التي يوجد فيها قضاء اداري مثل فرنسا ومصر الى ابعد من مراقبة المشروعية في قرارات الضبط, فيراقب ملائمة اجراءات الضبط ووسائله للظروف التي استدعت تدخل السلطات الضبط. ((وهكذا فان القاضي الاداري قد وضع وهو يراقب الملائمة قاعدة جديدة باعتبار الملائمة في قرارات الضبط عنصراً من عناصر المشروعية فيشترط في صحة الأجراء الضبطي ان يكون ضرورياً ولازما ومتناسبا مع اهمية الوقائع التي تدعو الادارة لاتخاذها, ويراقب القضاء اهداف اجراءات الضبط للـتأكد من كونها تدخل في اهداف الضبط الاداري, كما يراقب اسباب التدخل ويلزم الادارة ببيان اسباب اجراءاتها, كما يراقب تناسب الوسائل المستخدمة مع المسبب)).
اذ مما تقدم يتبين لنا بأن مراقبة القضاء على اجراءات الضبط الاداري ينصب على:-
أ- اهداف الضبط الاداري:
((يشكل حدود سلطة الضابطة الادارية من حيث الهدف عنصراً اساسيا في هذا الموضوع, اذ ان تجاوز الضابطة الادارية للهدف الذي وجدت من اجله يجعل التدبير الذي اتخذته معرضاً للالغاء.. وقد رأينا ان الهدف من الضابطة الادارية ينحصر في هدف اقرار النظام العام))
وهذا يعني ان هيئات الضبط الادارى لايجوز لها استعمال السلطة المنوطة بها لتحقيق غرض اخر وبعكسه يقيم القضاء الاداري ولايته على ابطال القرارات التي ترمي الى تحقيق اهداف اخرى بحجة انحراف السلطة وان كانت هادفة الى تحقيق المصلحة العامة, وهناك امثلة تطبيقية في القضاء الاداري الفرنسي بهذا الصدد كالقرار الصادر من هيئة الضبط الاداري بقصد اجبار متعاقد لتنفيذ التزاماته التعاقدية.
ب- الرقابة على الأسباب
الأسباب هي الدوافع المادية والقانونية التي حملت الادارة على اتخاذ القرار وعليه ثمة اسباب حقيقية تهدد النظام العام وبالتالي يقرر تدخل الادارة, والقضاء هو الذي يقرر مدى جدية هذه الاسباب ومشروعية الاجراءات المتخذة من خلال وقائع القضية.
((ومن هذه الناحية الغى مجلس الدولة الفرنسي في قراره المؤرخ في 6/8/1941 التدبير الضابطي الذي يتخذ لمنع القاصرين والقاصرات من حضور حفلات الرقص العامة لان ظروف الحادث لاتمنع الضابطة الادارية أي سبب مقبول يستدل منه فعلاً ان التدابير اتخذت فعلًا لضرورة المحافظة على النظام العام)).( )
اذن الاسباب لاتفترض افتراضا بل يجب ان تؤيد بدليل ثابت ومادي.
ج- لرقابة على الوسائل:
تشمل رقابة القضاء الاداري على مشروعية الوسيلة التي لجأت اليها الادارة بذاتها, وهذا يعني ان هيئات الضبط الاداري يمكنها استعمال وسائل الضبط الاداري بشرط ان لايؤدي ذلك الى المنع الكامل والمطلق لاحدى الحريات, لان الاصل هو السماح للافراد بممارسة الحريات الفردية ومنعهم من ذلك يجب ان يكون بشكل مؤقت وضمن ظروف معينة.
اذن القضايا الادارية هو الذي له الحق بالتأكد من ملائمة الوسيلة لظروف التدخل من عدمه, أي مدى صلاحية تقدير تناسب الاجراء مع الحالة ومن تهديدها للنظام العام بمراعات الشروط التالية:
1- ان لايترتب على استعمال الوسيلة المنع الكامل والمطلق للحريات العامة.
2- ان يتم التفسير لمضمون وسائل الضبط الاداري تفسيراً ضيقاً وان يتم تغليب الحرية على تقييدها.
- ان يعتمد مبدأ المرونة في استخدام وسائل الضبط الاداري بما يتلائم مع طبيعة النشاط الفردي المطلوب تقيده, وان لايلجأ هيئات الضبط الاداري الى وسائل صارمة او قاسية لمواجهة ما يهدد النظام العام)).( )
الفرع الثاني
سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية
لقد تطرقنا في الفرع الأول من هذا المطلب الى سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية ولكن السلطات التي يتمتع بها هيئات الضبط الاداري في الظروف العادية قد لاتكفي لمواجهة ظروف استثنائية خطيرة والتي تهدد الأمن والنظام العام وتعطل سير المرافق العامة, كأن يهدد امن الدولة خطر حرب خارجية او اضطرابات داخلية كالفتن والتمرد والعصيان والازمات الاقتصادية او بسبب ظروف طبيعية او بيئية كالفيضانات والاعاصير والجفاف والزلازل والاوبئة وغير ذلك, ما يستوجب اتخاذ تدابير واجراءات سريعة وصارمة لمواجهة هذه الظروف الطارئة.
لذلك ان هذه الاخطار يجب مواجهتها بقواعد قانونية تمنح سلطات استثنائية لهيئات الضبط الاداري, على حساب حريات الأفراد فيكون لها بصورة مؤقتة تنتهي بانتهاء الازمة فرض القيود على اختلاف اوجه النشاط الفرد وفي كافة المجالات.
((وتجد هذه القواعد القانونية اساسها في نصوص تشريعية (التشريعات الاستثنائية) وفي نظرية الضرورة التي ابتدعها القضاء الاداري لرفع الحرج عن الادارة وتمكينها من معالجة الظروف المستمدة وقت الازمات واتخاذ القرار المناسب عند غياب النص))
وقبل ان ندخل في تفاصيل حدود سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية لابد ان نتطرق الى مضمون الظروف الاستثنائية اولاً.
((تتضمن نظرية الظروف الاستثنائية توسيع سلطات الضابطة الادارية عندما تقتضي ذلك ظروف استثنائية, وبالقدر التي تقتضيه تلك الظروف, وينتج عن ذلك ان الاحكام المقررة في النصوص القانونية المختلطة بشأن الضابطة الادارية تتوقف تماما ويحل محلها احكام اخرى تتناسب مع الظروف الاستثنائية ويدخل ضمن اختصاصات القضاء الاداري تقدير توسيع تلك السلطات بما يتلائم مع حاجة الضابطة الادارية)).
((ان مجلس الدولة الفرنسي هو اول من ابتدع نظرية الظروف الاستثنائية لكي يسمح باعتبار القرارات الادارية التي تصدرها السلطة التنفيذية لمواجهة هذه الظروف مشروعة رغم مايشوبها من عيوب تجعلها غير مشروعة في الظروف العادية, وبذلك يكون المجلس قد عمل على توسعة نطاق مبدأ المشروعية في الظروف الاستثنائية ليستوعب ما تصدره الادارة من قرارات لمجابهة هذه الظروف)).
اذن ان الظروف الاستثنائية في مجال الضبط الاداري تعني السماح لسلطات الضبط الداري باصدار قرارات واوامر تعتبر في الاوقات العادية خروجاً على مبدأ المشروعية ولكنها تعتبر مشروعة بالرغم من ذلك لصدورها في اطار ظروف استثنائية للمحافظة على النظام العام, وبذلك تعفي هذه السلطات من قيود المشروعية العادية سواء تعلقت هذه القيود بالاختصاص او الشكل او الموضوع, كما تتمتع هذه السلطات باختصاصات واسعة وشاملة لم ينص القانون على تمتعها بها من ناحية اخرى.
ولكن على الرغم من ذلك فان سلطات الضبط الاداري لايستطيع ان تعمل بما يشاء وانه ليس طليقة الايدي في التصرف بل ان سلطاته مقيدة بمشروعية تسمى بمشروعية الازمات وتخضع اعمال هيئات الضبط الاداري لرقابة القضاء.
من كل ذلك يتبين لنا بأن نتائج التي تؤدي اليها نظرية الظروف الاستثنائية هي:-
1- ذهب مجلس الدولة الفرنسي الى اعفاء الادارة من التقيد بالاحكام القانونية السارية المفعول اذا كان اعمال هذه الاحكام يعيقها عن اداء وظيفتها في المحافظة على النظام العام.
2- تخضع الادارة الى القواعد المشروعية الخاصة بالازمات بالشكل الذي يحدده القاضي.
وتتضمن المشروعية الخاصة بالازمات عنصرين رئيسين وهما:- ان الهدف الذي تسعى الادارة اليه يجب ان يكون مواجهة الازمة أولاً كما يجب ان تكون الوسائل المستخدمة ملائمة للهدف الذي تسعى الى تحقيقه ثانياً.
3- قد تسأل الادارة عن تعويض الأفراد على اساس نظرية المخاطر.
اما من حيث رقابة القضاء الاداري لسلطة الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية عنها في ظل الظروف العادية, اذ لايكفي ان تدعي سلطات الضبط الاداري بوجود ظروف استثنائية حاصلة لكي تبرر الاجراءات غير المشروعة التي اتخذتها.
((وهذا يعني ان القضاء الاداري يتولى رقابة التناسب بين الاجراء الضبطي وجسامة الخطر الذي يهدد النظام العام, فيتعين ان يكون هناك تناسب واضح بين جسامة الاجراء الضبطي المتخذ وبين جسامة التهديد بالاخلال بالنظام العام)).
((وهذا يعني ان القضاء الاداري لايقتصر دوره على مراقبة مشروعية وسيلة الضبط المتخذة وانما يراقب كذلك ملاءمتها لاسباب التدخل، فيوجب على الادارة اختيار الوسيلة الملائمة لسبب التدخل, أي ان تناسب شدة الاجراءات المتخذة مع خطروة الظروف الاستثنائية, فالتوسع في سلطة الضبط الاداري يجب ان يكون بالقدر اللازم لمجابهة الظروف الاستثنائية وفي فترة حدوث دون ان يتعداها)).
فالقاضي الاداري يتحقق من وجود الظروف الاستثنائية والتي قد تكون سبب ظروف خارجية كالعدوان او ظروف داخلية كالاضطرابات والتي لا تجدي مواجهتها بالقوانين الموضوعة للظروف العادية حيث يتحقق من وجود الخطر ودرجة جسامته وهي من المسائل الموضوعية التي تختلف من حالة لاخرى ومدى تعريض المصلحة العامة للخطر المسائل الموضوعية التي تختلف من حال لأخرى ومدى تعريض المصلحة العامة للخطر. (( فاذا ما تأكد من وجود هذه الظروف الاستثنائية فانه يقضي بمشروعية بعض الأعمال التي قد تكون غير مشروعة وفقاً للظروف العادية, أما اذا تحقق القاضي الاداري في عدم وجود كل الظروف والحظر ليس عل درجة معينة من الجسامة وبالتالي عدم وجود المبررات التي تسمح للأدارة بالخروج عن مبدأ المشروعية فانه يقضي بعدم مشروعية هذه الأعمال)).
((فرقابة القضاء الاداري تنصب أولاً على عنصر السبب فيتحقق من وجود الظروف الاستثنائية الذي يبرر الخروج على قواعد المشروعية ويتأكد من صحة الحالة الواقعية التي وقعت الادارة الى استخدامها لسلطاتها الاستثنائية ومن صحة وصفها القانوني باعتبارها تمثل ظرفا استثنائياً.
كما وتنصب رقابة القضاء على شرطي عجز الوسائل العادية عن مواجهة الظرف الاستثنائي)).
من كل ماتقدم يتبين لنا بأن سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية هي ليست مطلقة بل مقيدة وهناك رقابة قضائية على اعمال هيئات الضبط الاداري والقرارات الصادرة منه من حيث مدى تناسب القرارات الصادرة من الادارة في حالة ما اذا تحقق للقاضي عدم التناسب بين القرار المتخذ والظرف الاستثنائي او اذا ثبت لديه ان الادراة كان بوسعها الالتجاء الى الوسائل العادية دون الوسائل الاستثنائية لمواجهة الظروف الاستثنائية حين اذ يلجأ الى الغاء القرار .
كما وان رقابة القضاء الاداري تنصب اخيراً على عنصر الغاية في القرارات الصادرة في الظروف الاستثنائية, على انه يجب ان نضيف ان قرارات الصادرة من الضابطة الادارية في حالة الظروف الاستثنائية تخضع لمبدأ تخصيص الهدف وبمعنى انها يجب ان يكون صادرة بقصد مواجهة الخطر القائم.
نستنتج ونقول ان الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية ليست ولاشك طليقة من كل قيد بل تخضع لاصول وضوابط, فيجب ان تقوم ظروف الاستثنائية وهناك حالة الخطورة ويجب ان يكون تصرف الحكومة لازماُ لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لمواجهة الموقف. وأخيراً أن يكون الهدف من التصرف المحافظة على النظام العام والمصلحة العامة.
الخاتمة
اهم الاستنتاجات التي توصلنا اليها هي:
أ- على الرغم من ان التعاريف المقدمة بشأن الضبط الاداري هي كثيرة ومتنوعة لكن ان اللذين بحثوا فيه قد اتجهوا في تعريفهم له اتجاهات متباينة تبعاً لتباين جوانب وجهات نظرهم في الضبط التي اتخذوها اساساً لتعاريفهم فضلاً عن اختلاف الصياغة في التعاريف المتماثلة لكن من مجموع التعاريف نرى ان الهدف واحد وهي المحافظة على النظام العام وتنظيم المجتمع وتنظيم الحريات العامة.
2- ان الضبط الاداري يختلف عن الضبط القضائي كون الأول هو اجراء وقائي والثاني اجراء زجري ورادع يأتي بعد وقوع الاخلال بالنظام العام ويختلف الضبط الاداري عن الضبط التشريعي كون الضبط التشريعي يقوم بها المشرع بوضعه القوانين التي تنظم الحقوق والحريات العامة المرسومة لها وفقا للدستور بينما الضبط الاداري هي مجموعة من الاجراءات والتعليمات التي تصدر من قبل السلطة التنفيذية والمرسومة وفقا للدستور والتشريع.
3- ان مفهوم النظام العام يتسم بالمرونة والنسبية, فهو مفهوم نسبي ومرن يختلف من دولة الى اخرى ومن وقت الى لآخر في ذات الدولة, فقد أدت هذه النسبية في مفهوم النظام العام الى عدم ثباته واستقراره, فما يعد من قبيل النظام العام في وقت من الاوقات قد لايعد كذلك بعد مرور فترة من الزمن او في دولة اخرى.
4- ان الدولة وبواسطة سلطات الضبط الاداري يهدف الى حماية أمن المواطنين من المخاطر وسلامة حياتهم وايضاً يهدف الى حمايتهم من مخاطر الامراض وانتشارها والمحافظة على الهدوء في المدن والاماكن العامة.
5- فاذا كانت الادارة في نطاق ممارستها لسلطات الضبط لها سلطة تقديرية الا انها ليست مطلقة من كل قيد, اذ تخضع اجراءات الضبط وباعتبارها مجموعة من القرارات الادارية لمبدأ المشروعية القانونية, كما لما كانت اجراء ووسائل الضبط من شأنها ان تضع قيوداً على حريات الأفراد فإنها تخضع لعدة قيود تحدد المدى الذي يجوز فيه للادارة المساس بهذه الحريات.
6- وجود رقابة قضائية على سلطات الضبط الاداري من حيث الهدف اذ يجب ان يهدف الضبط حماية النظام العام واذا لم يهدف الى حماية النظام العام نكون امام انحراف في استعمال السلطة وايضا يجب ن يكون السبب موجود وحقيقياً وان يكون الوسيلة المستعملة في حماية النظام العام لايؤدي الى تقيد الحريات تقيداُ مطلقاً لأنها اهدار للحريات العامة.
7- عندما تحدث ظروف الاستثنائية غير عادية لا تكفي السلطات الممنوحة للادارة في الظروف العادية لمواجهتها, مما يتطلب اعطاءها سلطات أوسع لمواجهة تلك الظروف ويراقب القضاء الاداري سلطة الضبط الاداري في اثناء الظروف الاستثنائية ولكن بطريقة مختلفة عن رقابته في الظروف الاعتيادية.
8- ان المشروعية التي يجب الالتزام بها في الظروف الاعتيادية من قبل هيئات الضبط الاداري يختلف عن المشروعية الموجودة في اوقات الازمات والظروف الاستثنائية فالمشروعية في الظروف الاستثنائية هي مشروعية الازمات. أي وجود قوانين خاصة بهذه الظروف وهذا يعني ان الادارة مقيدة وغير مطلقة في السلطة.
قائمة المصادر
1- د. ابراهيم عبدالعزيز شيحا - القضاء الاداري - مبدأ المشروعية، منشأة المعارف بالاسكندرية, سنة 2006.
2- د. زين العابدين بركات – الموسوعة الادارية في القانون الاداري والسوري والمقارن, دار الفكر، سنة 1974.
3- د. حسين عثمان محمد عثمان - دراسة متعمقة في القانون الاداري - جامعة العلاقات الدولية, برامج التعليم المفتوح, بلا سنة طبع.
4- د. ماهر صالح علاوي الجبوري – مبادئ القانون الاداري - دراسة مقارنة – دار الكتب للطباعة والنشر, سنة1996
5- د. مصطفى ابو زيد فهمي – الوسيط في القانون الاداري, المكتبة القانونية, بلا سنة طبع.
6- د. مصطفى محمود الشربيني- بطلان اجراءات التقاضي امام القضاء الاداري – دارسة مقارنة - دار الجامعة للنشر , سنة 2006.
7- د. نواف كنعان – القانون الاداري, ك1, ط1, دار الثقافة للنشر والتوزيع سنة 1993.
8- د.سامي جمال الدين – اصول القانون الاداري – منشأة المعارف بالاسكندرية, سنة 2004.
9- د.عبد الغني بسيوني عبدالله – القانون الاداري – دراسة تطبيقية – منشأة المعارف بالاسكندرية – سنة 2005.
10- د.عبدالغني بسيونى عبدالله - القضاء الاداري - منشأة المعارف بالاسكندرية, بلا سنة طبع.
11- د.عبدالله طلبة - مبادئ القانون الاداري - ج2، ط2، جامعة دمشق سنة 1997.
12- د. عدنان عمرو - القضاء الاداري – مبدأ المشروعية (دراسة مقارنة), منشأة المعارف بالاسكندرية ط2, سنة 2004.
13- د. علي محمد بدير و د.عصام عبدالوهاب البرزنجي و د.مهدي ياسين السلامي - مبادئ واحكام القانون الاداري – جامعة بغداد – كلية القانون - سنة 1993.
14- د.علي خطار شطناوي – الوجيز في القانون الاداري, ط1, دار الوائل للنشر, سنة 2003.
15- د. فوزي الجبوري - دراسة معمقة في القانون الاداري – جامعة العلاقات الدولية بلا سنة طبع.
16 - د.شاب توما منصور - القانون الاداري – دراسة مقارنة, ج1، دار الطبع والنشر الأهلية, سنة1970- 1971.
17- د. خالد خليل الظاهر - القانون الاداري – دراسة مقارنة ج2, ط1, دار المسيرة للنشر والتوزيع, سنة 1997
المقدمة
ان مهمة الضبط الاداري قد تزايدت اهميتها وضرورتها في الآونة الأخيرة وباتت مهمتها في تنظيم الحريات امراً حتمياً وضرورياً حتى لايتحول ممارسة الحريات العامة واوجه النشاط الخاص الى الفوضى لانه اذا كانت السلطة المطلقة مفسدة مطلقة فان الحرية المطلقة هي بدورها مفسدة مطلقة او فوضى مطلقة وبالتالي يتعين تحقيق التوازن التام بينهما حتى يتحقق للدولة الاستقرار والمناخ الملائم لتحقيق غاياتها.
ونظراً لأن أعمال الضبط الاداري تتعلق مباشرة بحقوق وحريات الافراد لذلك لايمكن ان يكون مطلقة بل يجب ان يكون مقيدة بحيث يحقق التوازن بين المحافظة على النظام العام والحريات العامة للأفراد, وان هذا التقييد يكون بموجب القوانين ووفقاً لمبدأ المشروعية أي بمعنى ان الضبط الاداري يجب ان يلتزم بمبدأ المشروعية في تصرفاته, وان السلطات التي يتمتع بها هيئات الضبط الاداري يختلف باختلاف المكان والزمان. وان السلطات التي يتمتع بها الضبط الاداري في الظروف الاعتيادية يختلف عن السلطات التي يتمتع بها في الظروف الاستثنائية وفي كلا الحالتين يجب ان تتقيد بمبدأ المشروعية.
على ضوء ماتقدم ونظراً لاهمية هذا الموضوع قد عمدنا الى كتابة بحث متواضع في هذا الموضوع الحيوي والهام وقد قمنا باستخدام المنهج التحليلي في كتابة البحث.
ولعل من اهم المشاكل التي واجهتنا في كتابة البحث هو ان المصادر المتوفرة بين ايدينا قد تتشابه من حيث المفردات والمضمون ولم يأتوا بشيء جديد لكي نقارن بعضها بالبعض، وأيضا لقلة الوقت لم نتمكن من التعمق اكثر من ذلك في الكتابة.
ان عنوان البحث هو ((حدود سلطات الضبط الاداري)) وقمنا بتقسيمه الى مطلبين - المطلب الأول تحت عنوان – ماهية الضبط الاداري – يحتوي هذا المطلب على ثلاث فروع فضلاً عن مقدمةٍ تمهيدية، فَفي الفرع الأول تطرقت الى اهم التعاريف المقدمة بشأن الضبط الاداري وخصائصه، وفي الفرع الثاني تطرقت الى التمييز بين الضبط الاداري عن الضبط القضائي والتشريعي، وخصصت الفرع الثالث الى اهم اهداف الضبط الاداري المتمثل في الامن العام والصحة العامة والسكينة العامة.
اما المطلب الثاني والتي هي تحت عنوان ((حدود سلطات الضبط الاداري)) ينقسم الى فرعين، ففي الفرع الأول تطرقنا الى سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية وفيها بيّنا مبدأ المشروعية بشكل موجز وبعد ذلك الرقابة القضائية على سلطات الضبط الاداري.
وخصصنا الفرع الثاني الى سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية وفيها بيَّنا الظروف الاستثنائية وما يتطلبه من اجراءات ضبطية، وما هي دور القضاء الاداري في مراقبة أعمال الضبطية في الظروف الاستثنائية، واخيرا تطرقنا الى اهم الاستنتاجات التي توصلت اليها من خلال البحث.
نرجوا ان نكون في كتابة بحثنا المتواضع هذا قد تمكننا من الالمام بالمواضيع المدرجة في خطة البحث ولو بشكل بسيط ووجيز, على الرغم من اننا حاولنا ان يكون البحث بحثاً متكاملاً ولكن نعلم انه فيه جوانب الضعف.
المطلب الأول
ماهية الضبط الاداري
المقصود باصطلاح الضبط تنظيم الدولة بطريقة وقائية لضمان سلامة وأمن المجتمع, فنظام الضبط في معناه العام هو تنظيم وقائي.
ويختلف نظام الضبط بهذا المعنى عن النظام القانوني الذي لايتدخل الا لمحاسبة الأفراد عما يقع منهم من جرائم او مخالفات.
والضبط الاداري من اول الوظائف العامة التي أضطلعت بها الدولة الحديثة, وتمثل هذه االوظيفة, حماية المجتمع وكيانه والاسس التي يقوم عليها من أي عدوان او تمهيد فقد كانت الادارة و منذ القدم وستبقى مكلفة بواجب مواجهة اي مخاطر تهدد المجتمع وتوفير الامن والصحة والسكينة لابنائه, وهي وظفية مستمرة لايتصور ان تنتهي بتحقيق امرها او فوات مدة معينة اذ يمثل المجتمع المنظم ضرورة لا غنى عنها لكل المجتمعات باعتبار توقي الاضرار والجرائم وانهاء أي اعتداء او اخلال بنظام المجتمع من دعائم قيام الدولة التي تنهار بانهيار هذه الدعامة.
اما بخصوص تعريف الضبط الاداري فلم تتعرض التشريعات الادارية المقارنة لتعريف الضبط الاداري بصورة محددة وقاطعة وانما رددت فقط اغراضه بصورة عامة.
ويرجع فقهاء القانون الدستوري السبب في عدم تعرض التشريعات الادارية المقارنة لتعريف الضبط الاداري الى ما تتسم به فكرة النظام العام كهدف للضبط ألادارى - من مرونة لان مضمونها ليست ثابتاً دائماً, وانما تتغير بتغير الظروف الزمان والمكان - الامر الذي جعل المشرع الاداري يعزف عن وضع تعريف محدد لفكرة الضبط الاداري تكون جامعة لجميع عناصر النظام العام.
الفرع الأول
تعريف الضبط الإداري
نحاول في هذه الفقرة عرض مجموعة من التعاريف التي وردت بشأن الضبط الاداري في المصادر التي اطلعت عليها، ومن اهم هذه التعاريف التي قدمت بهذا الشأن هي:
((الضبط الاداري هو مجموع الإجراءات والقرارات التي تتخذها السلطة الادارية بهدف حماية النظام العام والمحافظة عليه))
وهناك من يعطي لنا تعريفا ضيقاً للضبط الاداري كـ د. نواف كنعان وهي: ((الضبط الاداري يعني النظام القانوني الذي ينظم تقييد الحريات الفردية بهدف حماية النظام العام الذي يعتبر امراً ضرورياً لحياة الجماعة, بما يتسم به هذا النظام القانوني من اجراءات سريعة وفعالة حيث تخول سلطات الضبط الاداري استخدام القوة المادية عند الاقتضاء لضمان احترام انظمة الضبط الاداري وتنفيذها)).
وهناك تعريف اخر لـ د.مصطفى ابو زيد فهمي وهي: ((الضبط الاداري عبارة عن قيود وضوابط ترد على نشاط الافراد في ناحية او عدة نواحي من الحياة البشرية)).
اما د. عبدالغني بسيوني عبدالله فقد عرف الضبط الاداري بأنه ((مجموع الاجراءات والاوامر والقرارات التي تتخذها السلطة المختصة بالضبط من اجل المحافظة على النظام العام في المجتمع)).
والدكتور على خطار شطناوي في كتابه الوجيز في القانون الاداري يعرف الضبط الاداري ((بأنه مجموع القيود والضوابط التي تفرضها هيئات الضبط الاداري على حريات ونشاطات الأفراد بهدف حماية النظام العام)).
وفق هذا التعريف يدخل ضمن الضبط الاداري التقيد الكلي (الحظر) او الجزئي لبعض نشاطات الأفراد بهدف المحافظة على النظام العام.
اذن ومن جملة التعاريف التي عرضناه يتبين لنا بأن الضبط الاداري هو مجموعة من الاجراءات التي تتخذها الدولة بهدف اقامة النظام في المجتمع وضمان سلامة كيانها واستقرارها, وتوفير الخدمات اللازمة لمواطنيها وكل ذلك من اجل تحقيق الصالح العام, ولبلوغ هذه الغاية تقوم الدولة بوضع القواعد القانونية التي تحدد الاطار التنظيمي للحريات العامة ورسم الحدود اللازمة لها موائمة بين النظام وممارسة الحرية, فالحرية هي القاعدة والتقيد هو الاستثناء, وان كل هذا يختلف من بلد لآخر, بحكم مدى تدخل الدولة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية.
وهدف الضبط الادراي هو المحافظة على النظام العام وهي الصحة العامة والسكينة العامة والامن العام.
ولكن حصل نقاش بصدد مفهوم النظام العام في فقه القانون الاداري ((وقد كان مجلس الدولة الفرنسي فيما مضى يقيم النظام العام على الناحية المادية الخارجية, بذلك لا شأن للضبط الاداري بحالة المجتمع المعنوية او الروحية ولاشأن له بالافكار والعقائد التي تسود المجتمع ولو كانت ضارة بالنظام الاجتماعي بأكمله, لان وظيفة الضبط الاداري مقصورة على ضبط النظام العام من الناحية المادية الخارجية فقط فاذا اقترنت الحالة الفكرية او الروحية بمظهر خارجي يهدد النظام العام كان لهيئة الضبط الاداري ان تتدخل للقضاء على هذا العامل المادي المهدد للامن والسكينة)).
أما في العراق لامجال لاثارة مثل هذا النقاش اذ ان المشرع حسم الموضوع واعتبر النظام العام المعنوي جزءاً من النظام العام بالنص على المحافظة على النظام العام والاداب.
خصائص الضبط الاداري
من جملة التعاريف التي تم عرضها بخصوص الضبط الاداري والتي تبين وجهات النظر مختلفة للباحثين تبين بان للضبط الاداري خصائص وهي:
أ- ان وظيفة الضبط ضرورية ذلك ان وقاية النظام العام من خطر الاخلال به لايمكن ان يتم الا بضبط حدود ممارسة الحريات المختلفة.
الآن انه طبقاً لتصوير الفقه الديمقراطي فان من الضروري الاعتداد بأمرين في وضع قيود على الحريات الفردية:
اولا - ضرورة تفسير تدابير الضبط الاداري متى كانت مرسومة تشريعياً, تفسيراً ضيقا لصالح الحرية.
ثانيا - ان لا تمس الحرية الفردية الا اذا كان هناك داعٍ من دواعي حفظ النظام العام.
ب- ان وظيفة الضبط الاداري هي وظيفة محايدة لا تصطبغ بصبغة سياسية ولايجب ان يفهم من هذا المعنى لحياد سلطة الضبط الاداري على انها وظيفة لاتخص حماية السلطة على نحو مطلق, لان النظام العام في ظاهره امن الشوارع وسكينتها فانه في الحقيقة امن السلطة الحاكمة.
ج- خضوع الضبط الاداري لسيادة القانون:
لابد ان تكون وظيفة الضبط الاداري وظيفة قانونية تستمد اساسها القانوني من نصوص الدستور والخضوع لمبدأ المشروعية.
د- اعتماد الضبط الاداري على وسيلة السلطة العامة:
فلابد لوقاية النظام العام وهو هدف النشاط الضبطي ان يعتمد هذا النشاط على وسيطة السلطة العامة والمتمثلة في المقدرة على اصدار اعمال قانونية من جانب واحد لها قوة ملزمة وتنفيذ تمكن السلطة المعهودة اليها باتخاذها من تأكيد مضمونها طوعاً او كرهاً.
الفرع الثاني
التميز بين الضبط الاداري مع الضبط التشريعي والقضائي
ان بالضبط يصان كيان الدولة ومن ثم فان فكرة الضبط كانت وماتزال عصب السلطة لذلك لم يكن غريباً ان تكون هذه الوظيفة من اقدم الوظائف التي اضطلعت بها الدولة منذ التأريخ القديم وحتى الان, بل انها اقدم من وظيفية المرفق العام.
والضبط بهذا المعنى تشمل كلآ من النشاط التشريعي والنشاط القضائي والنشاط الاداري باعتبار هذه الاوجه من النشاط تمثل وظائف الدولة التقليدية وباعتبار كل منها وسيلة في نطاق مهامه لحفظ النظام.
((فتدخل المشرع بوضع القواعد المنظمة لنشاط الأفراد والجماعات يعتبر عملاً ضبطياً ويطلق عليه بالضبط التشريعي وتدخل القضاء في توقيع العقوبات الزاجرة يعتبر ضبطاً يستهدف اقامة النظام عن طريق الزجر بالعقوبة وردع الغير عن ارتكاب الجريمة))
اما تدخل الادارة في تنظيم نشاط الأفراد بالمنع او الترخيص او الاخطار فانه يعتبر ضبطاً ادارياً يهدف الى وقاية النظام العام من خطر الاخلال به وتعريض كيان الدولة او امن مواطنيها وصحتهم وسكينتهم للخطر.
اذا كان الضبط الاداري يعني حق سلطة الضبط في فرض القيود والضوابط على ممارسة الأفراد لحرياته في سبيل حماية النظام العام.
((فان الضبط التشريعي ينحرف الى القيود التي يضعها المشرع, اذ ان الضبط التشريعي يشمل القوانين والتشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية والتي تحدد نطاق مباشرة الحريات الفردية التي نص عليا الدستور كما تتولى هذه القوانين تنظيم مباشرة الحريات العامة والقيود التي ترد عليها)).
هذا يعني ان الضبط الاداري وكذلك الضبط التشريعي - حين ينظم الحريات العامة ويضع حدود النشاط الفردي فانه يستهدف وضع تدابير وقائية غايتها منع وقوع الاخلال بالنظام العام, وذلك بتوخي الجرائم وغيرها من الافعال التي تهدد الامن او السكينة او الصحة في المجتمع.
((اما الضبط القضائي فتتلخص مهمته في البحث عن الجرائم بعد وقوعها ومعرفة مرتكبيها وجمع الادلة ضدهم تمهيداً لمحاكمتهم وانزال العقوبات المناسبة بحقهم ويقوم بهذه المهمة القضاء)).
اذن ان الضبط القضائي يأتي بعد ارتكاب الجريمة ليبحث عن الفاعل ويجمع الادلة التي تكفل انزال العقاب به, ولذلك فليس غريباً ان تقرأ ان مهمة الضبط الاداري وقائية اما مهمة الضبط القضائي فهي علاجية.
((فبالرغم من ان الضبط القضائي يؤدي الى صيانة النظام العام عن طريق الزجر والردع التي تحدثه العقوبة في نفوس افراد الجمهور, الا ان هذا الضبط لايمكن الاعتماد عليه وحده في تحقيق النظام العام وحمايته وصيانته, فوظيفة الضبط اوسع مدى من مجرد الزجر او الردع والترهيب من ارتكاب الجرائم وفي هذه الوظيفة ترمي الى منع كل اخلال بالنظام العام أياً كان مصدره, ومن ثم وجب التدخل لمنع كل فعل يخل او من شانه الاخلال بالنظام العام)).
ولكن على الرغم من وجود الاختلاف بين الضبط الاداري والضبط القضائي فان هنالك مايقرب بينهما, بل وربما ما يدعو الى الخلط بينهما, فرجال الشرطة يشتركون في القيام بالمهتمين, فهم يساعدون في تطبيق القيود والضوابط التي توضع على نشاط الافراد لتمنعه من التعارض والتصادم وفي الوقت ذاته يعملون على البحث عن مرتكبي الجرائم ويجمعون ألادلة القائمة ضدهم.
((وقد استقر الفقه الاداري على ان العلاقة بين الضبط الاداري والضبط القضائي تبدأ في استهدافها صيانة النظام العام في المجتمع وان هذا الهدف يتحقق بطرق مختلفة منها الطرق الوقائية ونطاقها الضبط الاداري, والطرق الرادعة والزاجرة ومجالها الضبط القضائي)).
اذن فانه يصعب الفصل بين اختصاصي القضاء.. والسلطة التنفيذية في مجال الضبط احياناً, وتبدو هذه المسألة في حالة تمتع الادارة باختصاصات قضائية كالسلطات الممنوحة للمحافظ او رئيس الوحدة الادارية او الاختصاصات التي يمنحها القانون لهيئة ادارية ذات اختصاص قضائي.
الفرع الثالث
اهداف الضبط الاداري
اذا كانت هيئات الضبط الاداري تتمتع في اطار ممارستها لسلطاتها وصلاحياتها الطبيعية بسلطة اتخاذ العديد من الاجراءات والتدابير الضبطية التي تتميز بها بعض الخصائص والسمات, فيتعين استعمالها لتوقع المخاطر والاخطار التي تحدد النظام العام او اعادته للوضع العادي اذا اخل به وبذا يعيد النظام العام غاية وهدف كل عمل من اعمال الضبط الاداري ولكل اجراء وتدبير ضبطي مهما كان.
((ويجمع الفقه على ان اغراض الضبط الاداري تتمثل في المحافظة على النظام العام, وبذا تتمثل مهام الضبط الاداري في توقع صور الاعتداء على النظام العام والعمل على تجنبها والحيلولة دون وقوعها)).
اذن ان جميع اجراءات الضبط الاداري يهدف دائماً الى حماية النظام العام, وان نطاق مفهوم النظام العام يختلف ضيقاً واتساعاً - باختلاف مدى تدخل الدولة في النشاطات الاجتماعية والاقتصادية..
((يعرف الفقيه هوريو النظام العام بانه انعدام الفوضى والقلائل والنظام العام هو مجموعة مصالح عليا مشتركة لمجتمع ما في زمن معين يتفق الجميع على ضرورة سلامتها ويتكون النظام العام من ثلاث عناصر هي الامن العام والسكينة العامة والصحة العامة)).
اذن لابد ان نوضح المقصود بالعناصر الثلاث التي يهدف الضبط الاداري الى حمايتها وتوفيرها بكونها عناصر النظام العام وهذا يعنى ان أهداف الضبط الادارى هى:-
1- المحافضة على الأمن العام:
يقصد بالامن العام تأمين افراد المجتمع في انفسهم وأولادهم وأعراضهم وأموالهم والمحافظة عليها وحمايتها.
((وتشمل حماية الامن العام اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أفراد المجتمع من اخطار الكوارث سواء كانت عامة وطبيعية, كالحرائق والفيضانات وانهيارات المباني القديمة او الحديثة المخالفة للمواصفات الهندسية المتعارف عليها والزلازل...او كانت من فعل الإنسان كالتزام سلطات الأمن العام بمنع الجرائم المختلفة كالقتل والسرقة او حوادث الطرق وحماية الأفراد أيضا من الحيوانات الضالة او الخطرة على الانسان ومن حوادث الطرق من خلال تنظيم السير على الطرقات العام بمنح تراخيص النقل والقيادة...الخ)).
اذن يقصد بالأمن العام استتباب الأمن والنظام في المدن والقرى والأحياء بما يحقق الاطمئنان لدى جمهور المواطنين على أنفسهم وأولادهم وأعراضهم وأموالهم من خطر الاعتداءات والانتهاكات عليها في الطرق والشوارع والأماكن العامة.
2- المحافظة على السكينة العامة:
ويقصد به المحافظة على الهدوء والسكون ومنع مظاهر الازعاج والمضايقات في الطرق والأماكن العامة..
((يتحقق هذا الغرض باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على الهدوء والسكون في الطرق والأماكن العامة, ومنع الضوضاء والجلية في الاحياء السكنية, والقضاء على مصادر الازعاج في الشوارع والطرقات, ومنع الوسائل المقلقة للراحة من مكبرات الصوت او آلات مزعجة او غيرها وكذلك القضاء على الاضطرابات والمشاحنات التي تخل بالهدوء والسكينة العامة)).( )
اذن المقصود بالمحافظة على السكينة العامة هي المحافظة على حالة الهدوء والسكون في الطرق والأماكن العامة لكي لايتعرض المواطنون لمضايقات الغير في اوقات الراحة.
3- المحافظة على الصحة العامة
ويقصد بهذا الهدف اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية والعلاجية لحماية المواطنين من مخاطر الأوبئة والأمراض والجراثيم التي تتهدد صحتهم, ولقد ازدادت أهمية هذا الهدف في الوقت الحاضر نتيجة ازدياد عدد السكان وسهولة انتشار الأمراض.
((وحتى ان المحافظة على الصحة العامة تخول هيئات الضبط تقيّد حرية الانتفاع بالملك تحقيقاً لأغراض صحية, وهذا ما أكدته أحكام القضاء الاداري الحديث)).
اذن المقصود بالمحافظة على الصحة العامة هي وقاية صحة الجمهور من اخطار المرض ولهذا يقع على سلطات الضبط الإداري اتخاذ الإجراءات الوقائية لمقاومة أسباب المرض.
المطلب الثاني
حدود سلطات الضبط الاداري
ان تحديد مدى ونطاق اختصاصات سلطة الضبط الإداري في تقييد نشاط وحريات الأفراد بهدف حماية النظام العام بعناصره المتعددة يجب ان يتم في اطار مبدأ أساسي بحكم القانون العام مؤداهُ ان الاصل صيانة الحريات الأساسية للأفراد وعدم المساس بها وان الاستثناء هو فرض القيود على هذه الحريات بموجب إجراءات الضبط الاداري.
((إن استخدام الادارة لسلطة الضبط الاداري يعد أقوى مظاهر السلطة العامة واكثرها تقيداً لحريات الأفراد, ومع غيبة القيود والضوابط ذات المصدر التشريعي التي يتحتم على الادارة مراعاتها تدخل القضاء الاداري, بما لديه من سلطة منشئة وخلاقة لسد هذه الثغرة حماية لحقوق الأفراد وحرياتهم)).
((ان القيود والضوابط التي تدخل على حريات الأفراد لتنظيم استعمالها وتمنعها من التضارب, يجب ان يكون لها حدود تقف عندها, فمهمة الضبط الاداري الاولى هي التنظيم يختلف مداه – باختلاف الزمان والمكان - ويختلف عمقه من نطاق الى اخر, وهو في مجموعه لايصل الى حد مصادرة النشاط الفردي او الغائه)).
((ينتج مباشرة من ممارسة الضابطة الادارية تقييد الحريات العامة وحقوق المواطنين وقد ينجم عن تطبيق الاوامر الضابطية اتخاذ تدابير ذات طابع قهري, وهنا نكون امام الصراع القديم بين السلطة والحرية والذي لايمكن ان يلد له حلاً عادلاً الا باحقاق التوازن بين ضرورات العمل الاداري والنظام العام من جهة وحماية الحريات الاساسية لكل مواطن من جهة اخرى)).
وان حدود سلطات الضبط الاداري يختلف باختلاف الحالات والظروف التي تتم ممارستها فيها, ففي الظروف العادية تتقيد سلطة الضبط الاداري بمبدأ المشروعية وتخضع لرقابة القضاء الاداري, اما في الظروف الاستثنائية حيث لاتكفي السلطات الممنوحة للادارة في الظروف العادية لمواجهتها, تتمتع سلطات الضبط الاداري بسلطات اوسع لمواجهة الظروف الاستثنائية.
وهذا يتطلب منا التميز بين ممارسة سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية وسلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية, والتي نخصص المطلب الثاني في بحثنا هذا الى هذا الموضوع ونتطرق اليها بالتفصيل.
الفرع الأول
سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية
الضبط الاداري نشاط تقوم به الادارة الى جانب أنشطة أخرى وهو يخضع لما تخضع له أعمال الادارة جميعاً من وجوب احترامها للقانون أي لمبدأ المشروعية لا بل ان احترام الادارة لمبدأ المشروعية يجب ان يظهر في احلى في حالة الضبط الاداري ذلك ان الضبط الاداري يتعلق بحريات الأفراد ونشاطه لذلك فان قرارات الضبط الاداري تخضع لرقابة القضاء شأنها في ذلك شأن القرارات الادارية الأخرى فيراقب القضاء اركان القرار الاداري المتعلق بالضبط للتأكد من سلامته القانونية.
ان المشكلة الاساسية والهامة التي تواجه السلطات الضبط الادارية عندما تمارس اختصاصها في الظروف العادية هي كيفية التوفيق بين الحريات العامة التي نص عليها الدستور وقوانين حماية النظام العام.
ومن كل تقدمناه يتبين لنا بأن سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية تتقيد بمبدأ المشروعية من ناحية وتخضع لرقابة دقيقة من القضاء الاداري من ناحية اخرى.
1- تقيد سلط الضبط بمبدأ المشروعية:
ان مبدأ المشروعية تعني سيادة القانون على الحاكمين والمحكومين على حد سواء, وانه لايجوز للحاكمين الخروج على القواعد القانونية التي تنظم شؤون الحكم والادارة وإلا غدت تصرفاتهم سواء كانت ايجابية ام سلبية غير مشروعة ويحكم القاضي بالغائها والتعويض عن الضرر الذي تحدثه.
((اذن المقصود بمبدأ المشروعية خضوع السلطة الادارية للقانون في كل مايصدر عنها من تصرفات وماتتخدذ من اعمال وقرارات وفي جميع مظاهر النشاط الذي تقوم به)).
ويترتب على ذلك بطلان أي تصرف او اجراء تتخذه سلطة الادارة يخالف القانون او يخرج على قواعده الملزمة.
((وتبرز اهمية التزام الادارة بهذا المبدأ كون القرارات والتصرفات والاعمال التي تقوم بها تتمتع ابتداء بقرينة السلامة أي انها صحيحة ومشروعة وعلى من يدعي العكس اثبات ذلك امام القاضي, واذا لم يقضِ القاضي بعدم مشروعتيها فانها تكون ملزمة ونافذة ازاء المخاطبين بأحكامها)).
وبذلك فان مبدأ المشروعية هي احترام الادارة للتدرج الموضوعي والشكلي للقواعد والقرارات القانونية.
بناء على ذلك تحتل الدستور قمة الهرم, ثم تليها الهيئة التشريعية ومن بعدها الهيئة التنفيذية, والتي تتدرج في داخلها كذلك في شكل هرم من رئيس الدولة الى الموظفين التنفيذيين مروراً بالوزراء ووكلاء الوزارات والمديرين ورؤساء الاقسام والدوائر والشعب.
اذن وفقاً لمبدأ المشروعية فان سلطة الادارة في النطاق الاداري ليست طليقة من كل قيد وانما هي مقيدة باحترام احكام وقواعد القانون.
هنا يجب ان يكون سلطات الضبط الاداري والتي هي مقيدة لحريات الأفراد لغرض المحافظة على النظام العام هي ليست مطلقة بل مقيدة بمبدأ المشروعية وهي مشروعية الظروف العادية.
((يعتبر تنظيم الحريات الاساسية في الدولة من الاختصاصات الجوهرية للسلطة التشريعية وفقاً للمبادئ الدستورية العامة بسبب ما يترتب على هذا التنظيم من تقيد لحريات الاخرين. وهذا التقيد لايمكن ان يكون الا بنص القانون, ومن ناحية اخرى, فقد تخول الدساتير السلطة التنفيذية صلاحية تنظيم نشاط الأفراد والتدخل في شؤونهم ووضع القيود على حرياتهم العامة لاسباب تتيح لها هذا التدخل في حدود المحافظة على النضام العام, فهي عليها اصدار انظمة ضبط بالشكل الذي رتبه القانون)).
ويترتب على ماتقدم ان كافة التصرفات التي تقوم بها السلطة التنفيذية لتحقيق الضبط يقضي ان تكون خاضعة لقواعد المشروعية التي تحكم القرارات الادارية الأخرى, فاجراءات الضبط الاداري في الواقع تتصدى لحريات الأفراد وحقوقهم العامة وبذلك تثور مشكلة كبيرة في هذا المجال هي التعارض بين متطلبات الادارة الحديثة والمحافظة على النظام العام ومن جهة اخرى بين الاحترام الواجب والضروري للحريات والنشاط الفردي.
2- خضوع اجراءات الضبط الاداري لرقابة القضاء:
ان قرارات الضبط الاداري واجراءته هي في الواقع اجراءات ادارية فاذا كان الأمر كذلك, وهو كذلك طبعاً فانها تخضع لجميع قواعد المشروعية التي تحكم كافة القرارات الادارية وهي من ناحية اخرى تخضع لرقابة القضاء.
((يرى مجلس الدولة الفرنسي ان سلطة الضبط الاداري هي سلطة مقيدة لا مطلقة, ولهذا لايجوز للبوليس الاداري (الضبط الاداري) ان يتخذ أي اجراء كان للمحافظة على النظام العام بل يجب عليه ان يتخذ الاجراء الضروري لذلك يقع على عاتق سلطات الضبط الاداري ان توفق بين المحافظة على النظام العام وبين ضمان حرية الأفراد))
وتمتد رقابة القضاء الاداري في البلدان التي يوجد فيها قضاء اداري مثل فرنسا ومصر الى ابعد من مراقبة المشروعية في قرارات الضبط, فيراقب ملائمة اجراءات الضبط ووسائله للظروف التي استدعت تدخل السلطات الضبط. ((وهكذا فان القاضي الاداري قد وضع وهو يراقب الملائمة قاعدة جديدة باعتبار الملائمة في قرارات الضبط عنصراً من عناصر المشروعية فيشترط في صحة الأجراء الضبطي ان يكون ضرورياً ولازما ومتناسبا مع اهمية الوقائع التي تدعو الادارة لاتخاذها, ويراقب القضاء اهداف اجراءات الضبط للـتأكد من كونها تدخل في اهداف الضبط الاداري, كما يراقب اسباب التدخل ويلزم الادارة ببيان اسباب اجراءاتها, كما يراقب تناسب الوسائل المستخدمة مع المسبب)).
اذ مما تقدم يتبين لنا بأن مراقبة القضاء على اجراءات الضبط الاداري ينصب على:-
أ- اهداف الضبط الاداري:
((يشكل حدود سلطة الضابطة الادارية من حيث الهدف عنصراً اساسيا في هذا الموضوع, اذ ان تجاوز الضابطة الادارية للهدف الذي وجدت من اجله يجعل التدبير الذي اتخذته معرضاً للالغاء.. وقد رأينا ان الهدف من الضابطة الادارية ينحصر في هدف اقرار النظام العام))
وهذا يعني ان هيئات الضبط الادارى لايجوز لها استعمال السلطة المنوطة بها لتحقيق غرض اخر وبعكسه يقيم القضاء الاداري ولايته على ابطال القرارات التي ترمي الى تحقيق اهداف اخرى بحجة انحراف السلطة وان كانت هادفة الى تحقيق المصلحة العامة, وهناك امثلة تطبيقية في القضاء الاداري الفرنسي بهذا الصدد كالقرار الصادر من هيئة الضبط الاداري بقصد اجبار متعاقد لتنفيذ التزاماته التعاقدية.
ب- الرقابة على الأسباب
الأسباب هي الدوافع المادية والقانونية التي حملت الادارة على اتخاذ القرار وعليه ثمة اسباب حقيقية تهدد النظام العام وبالتالي يقرر تدخل الادارة, والقضاء هو الذي يقرر مدى جدية هذه الاسباب ومشروعية الاجراءات المتخذة من خلال وقائع القضية.
((ومن هذه الناحية الغى مجلس الدولة الفرنسي في قراره المؤرخ في 6/8/1941 التدبير الضابطي الذي يتخذ لمنع القاصرين والقاصرات من حضور حفلات الرقص العامة لان ظروف الحادث لاتمنع الضابطة الادارية أي سبب مقبول يستدل منه فعلاً ان التدابير اتخذت فعلًا لضرورة المحافظة على النظام العام)).( )
اذن الاسباب لاتفترض افتراضا بل يجب ان تؤيد بدليل ثابت ومادي.
ج- لرقابة على الوسائل:
تشمل رقابة القضاء الاداري على مشروعية الوسيلة التي لجأت اليها الادارة بذاتها, وهذا يعني ان هيئات الضبط الاداري يمكنها استعمال وسائل الضبط الاداري بشرط ان لايؤدي ذلك الى المنع الكامل والمطلق لاحدى الحريات, لان الاصل هو السماح للافراد بممارسة الحريات الفردية ومنعهم من ذلك يجب ان يكون بشكل مؤقت وضمن ظروف معينة.
اذن القضايا الادارية هو الذي له الحق بالتأكد من ملائمة الوسيلة لظروف التدخل من عدمه, أي مدى صلاحية تقدير تناسب الاجراء مع الحالة ومن تهديدها للنظام العام بمراعات الشروط التالية:
1- ان لايترتب على استعمال الوسيلة المنع الكامل والمطلق للحريات العامة.
2- ان يتم التفسير لمضمون وسائل الضبط الاداري تفسيراً ضيقاً وان يتم تغليب الحرية على تقييدها.
- ان يعتمد مبدأ المرونة في استخدام وسائل الضبط الاداري بما يتلائم مع طبيعة النشاط الفردي المطلوب تقيده, وان لايلجأ هيئات الضبط الاداري الى وسائل صارمة او قاسية لمواجهة ما يهدد النظام العام)).( )
الفرع الثاني
سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية
لقد تطرقنا في الفرع الأول من هذا المطلب الى سلطات الضبط الاداري في الظروف العادية ولكن السلطات التي يتمتع بها هيئات الضبط الاداري في الظروف العادية قد لاتكفي لمواجهة ظروف استثنائية خطيرة والتي تهدد الأمن والنظام العام وتعطل سير المرافق العامة, كأن يهدد امن الدولة خطر حرب خارجية او اضطرابات داخلية كالفتن والتمرد والعصيان والازمات الاقتصادية او بسبب ظروف طبيعية او بيئية كالفيضانات والاعاصير والجفاف والزلازل والاوبئة وغير ذلك, ما يستوجب اتخاذ تدابير واجراءات سريعة وصارمة لمواجهة هذه الظروف الطارئة.
لذلك ان هذه الاخطار يجب مواجهتها بقواعد قانونية تمنح سلطات استثنائية لهيئات الضبط الاداري, على حساب حريات الأفراد فيكون لها بصورة مؤقتة تنتهي بانتهاء الازمة فرض القيود على اختلاف اوجه النشاط الفرد وفي كافة المجالات.
((وتجد هذه القواعد القانونية اساسها في نصوص تشريعية (التشريعات الاستثنائية) وفي نظرية الضرورة التي ابتدعها القضاء الاداري لرفع الحرج عن الادارة وتمكينها من معالجة الظروف المستمدة وقت الازمات واتخاذ القرار المناسب عند غياب النص))
وقبل ان ندخل في تفاصيل حدود سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية لابد ان نتطرق الى مضمون الظروف الاستثنائية اولاً.
((تتضمن نظرية الظروف الاستثنائية توسيع سلطات الضابطة الادارية عندما تقتضي ذلك ظروف استثنائية, وبالقدر التي تقتضيه تلك الظروف, وينتج عن ذلك ان الاحكام المقررة في النصوص القانونية المختلطة بشأن الضابطة الادارية تتوقف تماما ويحل محلها احكام اخرى تتناسب مع الظروف الاستثنائية ويدخل ضمن اختصاصات القضاء الاداري تقدير توسيع تلك السلطات بما يتلائم مع حاجة الضابطة الادارية)).
((ان مجلس الدولة الفرنسي هو اول من ابتدع نظرية الظروف الاستثنائية لكي يسمح باعتبار القرارات الادارية التي تصدرها السلطة التنفيذية لمواجهة هذه الظروف مشروعة رغم مايشوبها من عيوب تجعلها غير مشروعة في الظروف العادية, وبذلك يكون المجلس قد عمل على توسعة نطاق مبدأ المشروعية في الظروف الاستثنائية ليستوعب ما تصدره الادارة من قرارات لمجابهة هذه الظروف)).
اذن ان الظروف الاستثنائية في مجال الضبط الاداري تعني السماح لسلطات الضبط الداري باصدار قرارات واوامر تعتبر في الاوقات العادية خروجاً على مبدأ المشروعية ولكنها تعتبر مشروعة بالرغم من ذلك لصدورها في اطار ظروف استثنائية للمحافظة على النظام العام, وبذلك تعفي هذه السلطات من قيود المشروعية العادية سواء تعلقت هذه القيود بالاختصاص او الشكل او الموضوع, كما تتمتع هذه السلطات باختصاصات واسعة وشاملة لم ينص القانون على تمتعها بها من ناحية اخرى.
ولكن على الرغم من ذلك فان سلطات الضبط الاداري لايستطيع ان تعمل بما يشاء وانه ليس طليقة الايدي في التصرف بل ان سلطاته مقيدة بمشروعية تسمى بمشروعية الازمات وتخضع اعمال هيئات الضبط الاداري لرقابة القضاء.
من كل ذلك يتبين لنا بأن نتائج التي تؤدي اليها نظرية الظروف الاستثنائية هي:-
1- ذهب مجلس الدولة الفرنسي الى اعفاء الادارة من التقيد بالاحكام القانونية السارية المفعول اذا كان اعمال هذه الاحكام يعيقها عن اداء وظيفتها في المحافظة على النظام العام.
2- تخضع الادارة الى القواعد المشروعية الخاصة بالازمات بالشكل الذي يحدده القاضي.
وتتضمن المشروعية الخاصة بالازمات عنصرين رئيسين وهما:- ان الهدف الذي تسعى الادارة اليه يجب ان يكون مواجهة الازمة أولاً كما يجب ان تكون الوسائل المستخدمة ملائمة للهدف الذي تسعى الى تحقيقه ثانياً.
3- قد تسأل الادارة عن تعويض الأفراد على اساس نظرية المخاطر.
اما من حيث رقابة القضاء الاداري لسلطة الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية عنها في ظل الظروف العادية, اذ لايكفي ان تدعي سلطات الضبط الاداري بوجود ظروف استثنائية حاصلة لكي تبرر الاجراءات غير المشروعة التي اتخذتها.
((وهذا يعني ان القضاء الاداري يتولى رقابة التناسب بين الاجراء الضبطي وجسامة الخطر الذي يهدد النظام العام, فيتعين ان يكون هناك تناسب واضح بين جسامة الاجراء الضبطي المتخذ وبين جسامة التهديد بالاخلال بالنظام العام)).
((وهذا يعني ان القضاء الاداري لايقتصر دوره على مراقبة مشروعية وسيلة الضبط المتخذة وانما يراقب كذلك ملاءمتها لاسباب التدخل، فيوجب على الادارة اختيار الوسيلة الملائمة لسبب التدخل, أي ان تناسب شدة الاجراءات المتخذة مع خطروة الظروف الاستثنائية, فالتوسع في سلطة الضبط الاداري يجب ان يكون بالقدر اللازم لمجابهة الظروف الاستثنائية وفي فترة حدوث دون ان يتعداها)).
فالقاضي الاداري يتحقق من وجود الظروف الاستثنائية والتي قد تكون سبب ظروف خارجية كالعدوان او ظروف داخلية كالاضطرابات والتي لا تجدي مواجهتها بالقوانين الموضوعة للظروف العادية حيث يتحقق من وجود الخطر ودرجة جسامته وهي من المسائل الموضوعية التي تختلف من حالة لاخرى ومدى تعريض المصلحة العامة للخطر المسائل الموضوعية التي تختلف من حال لأخرى ومدى تعريض المصلحة العامة للخطر. (( فاذا ما تأكد من وجود هذه الظروف الاستثنائية فانه يقضي بمشروعية بعض الأعمال التي قد تكون غير مشروعة وفقاً للظروف العادية, أما اذا تحقق القاضي الاداري في عدم وجود كل الظروف والحظر ليس عل درجة معينة من الجسامة وبالتالي عدم وجود المبررات التي تسمح للأدارة بالخروج عن مبدأ المشروعية فانه يقضي بعدم مشروعية هذه الأعمال)).
((فرقابة القضاء الاداري تنصب أولاً على عنصر السبب فيتحقق من وجود الظروف الاستثنائية الذي يبرر الخروج على قواعد المشروعية ويتأكد من صحة الحالة الواقعية التي وقعت الادارة الى استخدامها لسلطاتها الاستثنائية ومن صحة وصفها القانوني باعتبارها تمثل ظرفا استثنائياً.
كما وتنصب رقابة القضاء على شرطي عجز الوسائل العادية عن مواجهة الظرف الاستثنائي)).
من كل ماتقدم يتبين لنا بأن سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية هي ليست مطلقة بل مقيدة وهناك رقابة قضائية على اعمال هيئات الضبط الاداري والقرارات الصادرة منه من حيث مدى تناسب القرارات الصادرة من الادارة في حالة ما اذا تحقق للقاضي عدم التناسب بين القرار المتخذ والظرف الاستثنائي او اذا ثبت لديه ان الادراة كان بوسعها الالتجاء الى الوسائل العادية دون الوسائل الاستثنائية لمواجهة الظروف الاستثنائية حين اذ يلجأ الى الغاء القرار .
كما وان رقابة القضاء الاداري تنصب اخيراً على عنصر الغاية في القرارات الصادرة في الظروف الاستثنائية, على انه يجب ان نضيف ان قرارات الصادرة من الضابطة الادارية في حالة الظروف الاستثنائية تخضع لمبدأ تخصيص الهدف وبمعنى انها يجب ان يكون صادرة بقصد مواجهة الخطر القائم.
نستنتج ونقول ان الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية ليست ولاشك طليقة من كل قيد بل تخضع لاصول وضوابط, فيجب ان تقوم ظروف الاستثنائية وهناك حالة الخطورة ويجب ان يكون تصرف الحكومة لازماُ لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لمواجهة الموقف. وأخيراً أن يكون الهدف من التصرف المحافظة على النظام العام والمصلحة العامة.
الخاتمة
اهم الاستنتاجات التي توصلنا اليها هي:
أ- على الرغم من ان التعاريف المقدمة بشأن الضبط الاداري هي كثيرة ومتنوعة لكن ان اللذين بحثوا فيه قد اتجهوا في تعريفهم له اتجاهات متباينة تبعاً لتباين جوانب وجهات نظرهم في الضبط التي اتخذوها اساساً لتعاريفهم فضلاً عن اختلاف الصياغة في التعاريف المتماثلة لكن من مجموع التعاريف نرى ان الهدف واحد وهي المحافظة على النظام العام وتنظيم المجتمع وتنظيم الحريات العامة.
2- ان الضبط الاداري يختلف عن الضبط القضائي كون الأول هو اجراء وقائي والثاني اجراء زجري ورادع يأتي بعد وقوع الاخلال بالنظام العام ويختلف الضبط الاداري عن الضبط التشريعي كون الضبط التشريعي يقوم بها المشرع بوضعه القوانين التي تنظم الحقوق والحريات العامة المرسومة لها وفقا للدستور بينما الضبط الاداري هي مجموعة من الاجراءات والتعليمات التي تصدر من قبل السلطة التنفيذية والمرسومة وفقا للدستور والتشريع.
3- ان مفهوم النظام العام يتسم بالمرونة والنسبية, فهو مفهوم نسبي ومرن يختلف من دولة الى اخرى ومن وقت الى لآخر في ذات الدولة, فقد أدت هذه النسبية في مفهوم النظام العام الى عدم ثباته واستقراره, فما يعد من قبيل النظام العام في وقت من الاوقات قد لايعد كذلك بعد مرور فترة من الزمن او في دولة اخرى.
4- ان الدولة وبواسطة سلطات الضبط الاداري يهدف الى حماية أمن المواطنين من المخاطر وسلامة حياتهم وايضاً يهدف الى حمايتهم من مخاطر الامراض وانتشارها والمحافظة على الهدوء في المدن والاماكن العامة.
5- فاذا كانت الادارة في نطاق ممارستها لسلطات الضبط لها سلطة تقديرية الا انها ليست مطلقة من كل قيد, اذ تخضع اجراءات الضبط وباعتبارها مجموعة من القرارات الادارية لمبدأ المشروعية القانونية, كما لما كانت اجراء ووسائل الضبط من شأنها ان تضع قيوداً على حريات الأفراد فإنها تخضع لعدة قيود تحدد المدى الذي يجوز فيه للادارة المساس بهذه الحريات.
6- وجود رقابة قضائية على سلطات الضبط الاداري من حيث الهدف اذ يجب ان يهدف الضبط حماية النظام العام واذا لم يهدف الى حماية النظام العام نكون امام انحراف في استعمال السلطة وايضا يجب ن يكون السبب موجود وحقيقياً وان يكون الوسيلة المستعملة في حماية النظام العام لايؤدي الى تقيد الحريات تقيداُ مطلقاً لأنها اهدار للحريات العامة.
7- عندما تحدث ظروف الاستثنائية غير عادية لا تكفي السلطات الممنوحة للادارة في الظروف العادية لمواجهتها, مما يتطلب اعطاءها سلطات أوسع لمواجهة تلك الظروف ويراقب القضاء الاداري سلطة الضبط الاداري في اثناء الظروف الاستثنائية ولكن بطريقة مختلفة عن رقابته في الظروف الاعتيادية.
8- ان المشروعية التي يجب الالتزام بها في الظروف الاعتيادية من قبل هيئات الضبط الاداري يختلف عن المشروعية الموجودة في اوقات الازمات والظروف الاستثنائية فالمشروعية في الظروف الاستثنائية هي مشروعية الازمات. أي وجود قوانين خاصة بهذه الظروف وهذا يعني ان الادارة مقيدة وغير مطلقة في السلطة.
قائمة المصادر
1- د. ابراهيم عبدالعزيز شيحا - القضاء الاداري - مبدأ المشروعية، منشأة المعارف بالاسكندرية, سنة 2006.
2- د. زين العابدين بركات – الموسوعة الادارية في القانون الاداري والسوري والمقارن, دار الفكر، سنة 1974.
3- د. حسين عثمان محمد عثمان - دراسة متعمقة في القانون الاداري - جامعة العلاقات الدولية, برامج التعليم المفتوح, بلا سنة طبع.
4- د. ماهر صالح علاوي الجبوري – مبادئ القانون الاداري - دراسة مقارنة – دار الكتب للطباعة والنشر, سنة1996
5- د. مصطفى ابو زيد فهمي – الوسيط في القانون الاداري, المكتبة القانونية, بلا سنة طبع.
6- د. مصطفى محمود الشربيني- بطلان اجراءات التقاضي امام القضاء الاداري – دارسة مقارنة - دار الجامعة للنشر , سنة 2006.
7- د. نواف كنعان – القانون الاداري, ك1, ط1, دار الثقافة للنشر والتوزيع سنة 1993.
8- د.سامي جمال الدين – اصول القانون الاداري – منشأة المعارف بالاسكندرية, سنة 2004.
9- د.عبد الغني بسيوني عبدالله – القانون الاداري – دراسة تطبيقية – منشأة المعارف بالاسكندرية – سنة 2005.
10- د.عبدالغني بسيونى عبدالله - القضاء الاداري - منشأة المعارف بالاسكندرية, بلا سنة طبع.
11- د.عبدالله طلبة - مبادئ القانون الاداري - ج2، ط2، جامعة دمشق سنة 1997.
12- د. عدنان عمرو - القضاء الاداري – مبدأ المشروعية (دراسة مقارنة), منشأة المعارف بالاسكندرية ط2, سنة 2004.
13- د. علي محمد بدير و د.عصام عبدالوهاب البرزنجي و د.مهدي ياسين السلامي - مبادئ واحكام القانون الاداري – جامعة بغداد – كلية القانون - سنة 1993.
14- د.علي خطار شطناوي – الوجيز في القانون الاداري, ط1, دار الوائل للنشر, سنة 2003.
15- د. فوزي الجبوري - دراسة معمقة في القانون الاداري – جامعة العلاقات الدولية بلا سنة طبع.
16 - د.شاب توما منصور - القانون الاداري – دراسة مقارنة, ج1، دار الطبع والنشر الأهلية, سنة1970- 1971.
17- د. خالد خليل الظاهر - القانون الاداري – دراسة مقارنة ج2, ط1, دار المسيرة للنشر والتوزيع, سنة 1997