محمد ابراهيم البادي
04-27-2010, 12:24 PM
مقدمة:
شهد العالم خلال النصف الثاني من القرن الماضي تطورا كبيرا في النشاطات الإجرامية و تزايدا ملحوظا في عددالمجموعات الإجرامية التي أصبحت تهدد استقرار الدول و أمن المواطن و تؤثر على جهود التنمية الاقتصادية و على التطور في جميع الميادين ، و قد تجاوزت الأعمال الإجرامية المنظمة حدود الإقليم الواحد و تجاوزت أثارها و أضرارها الحدود الإقليمية إلى الدولية، وهذا ما جعلها جريمة خطيرة ضد الأمن الإنساني و النظام الدولي، وضد حقوق وحريات الأفراد الأساسية.
إن الجريمة المنظمة تشكل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار على الصعيدين الوطني و الدولي، وتمثل هجوما مباشرا على السلطة السياسية والتشريعية، بل تتحدى سلطة الدولة نفسها، وهي تهدم المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، و تضعفها مسببة فقدانا للثقة في العمليات الديمقراطية، وهي تغلب التنمية، وتحرف مكاسبها عن اتجاهها الصحيح و تلحق الضرر بمجموع العالم كله. و لقد ساعدت الظروف و التغيرات العالمية على زيادة حجم التنظيمات الإجرامية عبر الدول وخاصة في ظل العولمة الاقتصادية، وثورة الاتصالات و المواصلات و انعكس ذلك على زيادة أنواع الأنشطة التي تمارسها الجريمة المنظمة عبر الدول.
بالرغم من أن ظاهرة الجريمة المنظمة، تضاعفت في العشر سنوات الأخيرة، و تعددت آثارها السلبية حدود الدولة، إلا أنها ظاهرة ليست حديثة بالمعنى الكامل، فهي وإن تعددت الجرائم التي ترتكب عن طريقها، إلا و زاد كمها، إلا أنها معروفة منذ وقت طويل، بدأ بالمافيا وبالعصابات المنظمة في أمريكا، منذ بداية هذا القرن، هذا المجتمع الأمريكي الذي يموجب المتغيرات السريعة، و يعيش حالة غليانا، بعكس المجتمع الأوروبي الذي حدثت فيه المتغيرات بشكل منسجم و متدرج. و لكن منذ أن بدأت أوروبا تتأثر بالنموذج الاجتماعي و الاقتصادي الأمريكي في النصف الثاني من هذا القرن فأثرت المتغيرات الأمريكية على الحياة في أوروبا فأصبحت الظاهرة الإجرامية للجريمة المنظمة في أوروبا تقترب من مثيلتها في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، و أصبحت الدول النامية مسرحا مشتعلا بالخطر من جراء الآثار المدمرة للجريمة المنظمة كما يحدث في أفغانستان و الهند ومصر و العراق.
و الكشف عن ظاهرة الجريمة المنظمة و تسليط الأضواء عليها، حضي بأن يعطيها الاهتمام الذي تستحقه من قبل الأجهزة التي تقوم على الوقاية و المكافحة، كما أن ذلك ينبه الأذهان في عملية وضع الخطط الاقتصادية التنموية، فلعل الجريمة المنظمة هي أحد الآثار الجانبية لدرجة عالية من الاتصال بالمجتمعات و الثقافات والمنظمات الاقتصادية و السياسية الأخرى، ما لم تضبط عملية التغيير و التنمية والإصلاح الذي تطالب به الدول المتقدمة ذات القوة السياسية و الاقتصادية و العسكرية ، و تفرضه على الدول العربية ، و توجه منذ البداية و تحت ملاحظة و الأجهزة متخصصة للبحث و التقييم.
لموضوع الجريمة المنظمة، أهمية متزايدة في العصر الحالي، معسرعة و سهولة الاتصال، و زيادة موجات العنف و انتشار الفساد و الرشوة و الرغبة المحمومة في الإثراء غير المشروع. من هنا يحتل هذا الموضوع أهمية نظرية و عملية على حد سواء. فمن الناحية النظرية يتعلق موضوع الجريمة المنظمة بفكرة عالمية الجريمة la mondialisation du crime organisé، و كذلك تتعلق بالأثر السلبي التي تتركه الجريمةالمنظمة على البلاد النامية المعرضة للخطر و الاعتداء على أمنها و مصالحها.
و من الناحية العملية التطبيقية نجد ان الجريمة المنظمة تتعلق يممارسة أنشطة إقتصادية وتجارية حيوية للاقتصاد القومي الوطني و العالمي، مما قد يعرض هذا الاقتصاد للمخاطر نتيجة للاحتمالات الممارسات غير القانونية و الأنشطة غير مشروعةles activités illégales من التجارة بالمخدرات و الأسلحة وتجارة بالأعضاء البشرية، و تبييض الأموال، و الواقع العملي يؤكد زيادة حجم الجريمة المنظمة و هذا ما أكدت عليه مختلف مؤتمرات الأمم المتحدة و خاصة مع تحرير التجارة العالمية من القيود. لذا كان لابد من تبيان آليات مكافحة الجريمة المنظمة التي أصبحت منتشرة عبر جميع الدول.
ولدراستنا لهذا الموضوع إعتمدنا على المنهج التحليلي الوصفي لملائمته وطبيعة الموضوع، و الخطة المنطقية لتحليل الجريمة المنظمة، و مما لا شك فيه أن الجريمة المنظمة تحكمها أولا قواعد موضوعية عامة وخاصة تقتضي منا دراسة الجريمة المنظمة و خصائصها و تبيان أنشطتها المختلفة و ذلك في الفصل الأول، أما في الفصل الثاني، فتناولنا آليات مكافحة الجريمة المنظمة على المستوى الدولي ، تلك هي مبررات المنطقية لخطة البحث التي نتبناها لتحليل الموضوع على النحو التالي:
الفصل الأول: ماهية الجريمة المنظمة مع تبيان مختلف أنماطها
الفصل الثاني: ضرورة التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة
الفصل الأول: ماهية الجريمةالمنظمة
و يفضل البعض الآخر عبارة " الإجرام المنظم "، و يرى أن لها أصلا بوليسيا، حيث أستخدمت من عشرينيات هذا القرن، في تقاريرالشرطة، على إثر حظر الكحول في أمريكا من 1919-1923. و بدأ تطور هذا النوع من الإجرام، إبتداءا من سبعينات هذا القرن، حتى شهد خلال السنوات العشر الأخيرة ازدهارا غير عادي، من الناحية الكمية، حيث زادت عملياته بصورة كبيرة، أو من الناحية الكيفية، من حيث الإحترافية في إرتكاب أعماله، و الميل إلى التنظيم الشديد، والتوسع الدولي له، حتى صدق عليه قول الباحث Phil Williams » « عام 1995 أنه أصبح يغطي العالم و له ألف شكل(1)
إنه و رغم شيوع استخدام عبارة "الجريمة المنظمة"،إلا أننا نؤيد الرأي القائل بعبارة "الإجرام المنظم"، حيث أنه من الناحية الكمية ، ترتكب مجموعة من الجرائم على القدر محسوس من الجسامة، و من الناحية الكيفية، هنالك مجموعة من استراتجيات المواجهة و المكافحة، و من ثم، فنحن أمام مجموعة من التصرفات والأعمال الإجرامية، التي لها طابع مختلف أو غير متجانس، ليس أمام أفعال فردية جنائية منعزلة، بما يسوغ معه إطلاق عبارة الإجرام المنظم.
المبحث الأول: مفهوم الجريمة المنظمة
إن القواعد الموضوعية للجريمة المنظمة، تتعلق بقواعد القسم العام لقانون العقوبات، و كذلك تفاصيل الجريمة التي يهتم بها القسم الخاص، والجريمة المنظمة ذات طبيعة خاصة تختلف عن الجريمة العادية، مما يؤكد ضرورة الاهتمام بتحليلها و دراستها.
المطلب الأول:تعريف الجريمةالمنظمة
رغم النمو و الانتشار الذي تشهده الجريمة المنظمة ، فلا يوجد تعريف متفق عليه و مقبول لها من كل دول العالم، رغم أهمية التعريف، فيتحديد نوعية المنظمات الإجرامية، التي سيجري التعاون بين الدول لمكافحتها.و وصلت صعوبة التعريف، الى الحد الذي شبهه البعض بأنه محاولة الإمساك بالسمك المراوغ والسابح في الماء(2)
و تمر الجريمة المنظمة في هذا السياق، حيث يعترف الجميع إبتداءا من العاملين في مجال تطبيق القانون (من الشرطة و الادعاء العام و القضاة) ، إلى مجموعة أصحاب اتخاذ القرار (من سياسيين و مشرعين وحكام)، فان ظاهرة الجريمة المنظمة قد أصبحت اليوم من الأحجام الجديدة للسلوك الإجرامي، ذات الجوانب العديدة المعقدة، و تتمثل هذه الجوانب المعقدة للمشكلة في العنصرين التاليين:
1- المشكلة من حيث التعريف.
2- المشكلة من حيث تحديد الأنماط و الحجم والاتجاه.
فالجريمة المنظمة فكرة غامضة، و موضوع مختلط و معقد، مما يصعب الإتفاق حول ما تعنيه، و بالتالي حول الإستراتجيات التي ستكون أكثر تأثيرا في مكافحتها، وذلك بالنظر الى أن الجرائم المنظمة العابرة للحدود تستدعي الانتباه يوميا، و تستدعيأن توضع موضع التنفيذ، وسائل صحيحة لمحاربتها، و كيفية اكتشافها و التعرف على هوية مرتكبيها و القبض عليهم (4)، و لن يتأتى ذلك، إلا بتحديد مدلول محدد لها، و هوالأمر الذي يكاد يجمع الفقه على مدى صعوبته، و يعتبرونه مدلولا غامضا وواسع اللغاية، و لا توجد رؤية متكاملة لبنائه، كما أنه يختلط بالعديد من المصطلحات.
ولقد طالبت معظم الاجتماعات و المؤتمرات العلمية، مثل المؤتمر الوزاري، الذي نظمته الأمم المتحدة في نابولي 1994، و مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين، 1995، بضرورة وضع تعريف دقيق، وواضح للجريمة المنظمة تطبقه أنظمة العدالةالجنائية (5).
لعل أفضل تعريف للجريمة المنظمة، هو ذلك التعريف المأخوذ من البلاد المنتشرة فيها هذه الجريمة، و هي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن الجريمة المنظمة متغلغلة فيها، إلى حد إن الأرباح التي تحصل عليها العصابات الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة الأمريكية، تقدر بمبلغ يفوق خمسة ملايين دولارسنويا (6)
و في مجال تعريف الجريمة المنظمة، قد تتسع الدائرة، وقد تضيق، فالبعض يرى الجريمة المنظمة، من خلال فكرة التنظيم الوارد في إعدادها، أما البعض الآخر يرى الجريمة المنظمة من خلال عنصر الاستمرارية، و البعض الآخر، يراها من خلال تواطؤ مجموعة من الأفراد على الإعداد لها بطريقة تكفل لها النجاح و الاستمرار، و الإفلات من قبضة رجال الأمن.
و المعاني الواردة كلها مقصودة، و لا بد من توافرها في الجريمة المنظمة، لأن التنظيم يحتاج إلى مجموعة من الناس، يتقاسم أفرادها العمل، ويتخصص كل فرد بجزء منه، بحيث تتكامل الجريمة من خلال جميع المراحل التي تمر بها، وبمشاركة جميع الذين اشتركوا في الإعداد و التنفيذ، و من الطبيعي أن الأمر يحتاج إلى استخدام الذكاء، و العقل، و بعض الوسائل العلمية و التقنية، لكي تكون الجريمة في دائرة الجريمة المنظمة.
أن "الإجرام المنظم، عبارة عن مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج، و محكم، تمارس أنشطة غير مشروعة من أجل الحصول على هدف مادي غير مشروع، أو المساس بالمصالح الاستراتجية، و الأمن العام لدولة، أو لعدد من الدول،مستخدما في ذلك العنف و القوة و الفساد"(7). فهذا التعريف حسب رأينا، يتضمن الخصائص الجوهرية للجريمة المنظمة.
المطلب الثاني: خصائص الجريمة المنظمة
خصائص الجريمة المنظمة يمكن أن تشتق من تعريفها و هي ان الجريمة المنظمة يتم إرتكابها عن طريق عصابات اجرامية منظمة، تتخذ الشكل الهرمي المتدرج تقوم على مبدأ تقسيم العمل داخل المنظمة، سرية الخطط والأنشطة التي تمارسها الاستمرارية و الثبات في وجودها، استخدام العنف و التهديد والإرهاب و الرشوة لتنفيذ أغراضها، تحقيق الربح كهدف لها، القدرة على شل تطبيق قانون العقوبات بالتخويف و الرشوة، المزج بين الأنشطة مشروعة و غير مشروعة بغرض التمويه.
و يمكن إجمال خصائص الجريمة المنظمة عبر الوطنية، في خاصيتين هما:
الفرع الأول:المنظمة الإجرامية وهي إتحاد ارادة ثلاثة أشخاص أو أكثر، و انعقادها على الإجرام،و تأسيس المنظمة في معظم التشريعات، يعد جريمة قائمة بذاتها، معاقب عليها، دون التوقف على وقوع الجرائم المتفق عليها أو عدم تحقيقها، فالمشرعون هنا يحرمون النزعة الاجرامية الجماعية، نظرا لخطرها و تهديدها لأمن الجماعة و سلامتها، و تظهر هذه النزعة، في إتجاه إرادة أفراد العصبة، إلى إرتكاب عدة جرائم، و الدول ملزمة بوجوب العقاب على مجرد الأعمال، التي تنطوي على الاشتراك في جماعة إجرامية منظمة، يكون الغرض منها ارتكاب هذه الجرائم.
الفرع الثاني:الأثر عبر الوطني للجريمة، ويعني تحقيق أحد عناصر الركن المادي للجريمة في اكثر من دولة، سواء الفعل او النتيجة، و من ثم تدخل الجريمة بالأمن، فيكل مكان واقع فيه جزء من الركن المادي لها، و لكن إذا وقع السلوك، و نتيجته في دولة واحدة، و لم يتعداها لغيرها، و ارتكبه أشخاص من نفس الإقليم، فلا يتحقق الأثر عبرالوطني، و تشير العبارة "عابرة للحدود"، كما استخدمتها وثائق الأمم المتحدة، الى المعلومات و الأموال و الأشخاص و الأشياء الملموسة و غير الملموسة، التي تنتقل عبر حدود الدولة، و الواقع أنه، عندما يزيد الطلب على السلع و الخدمات غير المشروعة ، التي يعمل في مجالها الإجرام المنظم، فإن الأنشطة الإجرامية، تمتد الى خارج حدود الدولة عن طريق التنظيمات الإجرامية.
المبحث الثاني: نشاطات الجريمة المنظمة
لا يمكن حصر مجال نشاط المنظمات الإجرامية،لأنه مجال واسع، لذا يستخدم الباحثون في تحديد الأفعال و الأشكال التي تنطوي تحت مصطلح "الجريمة المنظمة" سياسة الباب المفتوح، فإذا كانت هناك أنماط معينة، كانت ترتكب و ما تزال من المافيا الإيطالية، فان الأنماط التي تعتبر من الجريمة المنظمة تختلط في الولايات المتحدة الأمريكية بالمؤامرة(conspiracy)، و الجرائم التنظيمية (Organized Crime (، مثل الجرائم الخاصة، و الإفلاس، و جرائم الكمبيوتر، وجرائم الشركات و جرائم البيئة (Environmental crime) (9) .
الفرع الأول: النشاطات الأساسية للجريمة المنظمة
1) الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية: يعتبر مجال الاتجار غير الشرعي بالمخدرات، القطاع الأقدم و الأكبر في نشاط الإجرام المنظم، و يعد من المصادر الأساسية للأرباح، التي تجنيها العصابات الإجرامية (10)
2) الاتجار غير المشروع في النساء والأطفال: يعتبر مجال الاتجار غير المشروع في النساء و الأطفال، من النشاطات الإجرامية التي أخذت بعدا جغرافيا هائلا، لاسيما في الدعارة، أي الاستغلال و الاسترقاق الجنسي، حيث تستغل المنظمات الإجرامية هذا المجال، عبر شبكات منظمة مختصة في جلب النساء و الأطفال من الدول الفقيرة، لاسيما دول أوروبا الشرقية، إلى فرنسا و بلجيكا و ألمانيا لاستغلالهم في الدعارة و الاسترقاق الجنسي، كما أن المنظمات الإجرامية، تلجأ إلى السياحة الجنسية، لترويج و المتاجرة في الجنس، خاصة في بعض البلدان الآسيوية، مثل تايلاندا و الفلبين (12)
3) الاتجار غير المشروع في الأسلحة
4) تزييف و تزوير العملات
5) الاتجار غير المشروع في المسروقات
6) دفن النفايات السامة و الكميائية.
7) الاتجار غير المشروع في الأعضاء البشرية.
8) الاتجار في الأيدي العاملة المهاجرة و المهربة من الدول الفقيرة إلى الدول المصنعة خاصة الأوروبية.
الفرع الثاني:النشاطات المساعدة لتحقيق الغرض
بالإضافة إلى ما ذكرناه، من المجالات التي تنشط فيهاالمنظمات الإجرامية الدولية، لتحقيق أرباحها، و اعتبرنها رئيسية، فان العصابات الإجرامية، تقوم بأنشطة و أعمال إجرامية أخرى، لتحقيق الغرض الأساسي، و بهذا يكون لها مجالات إجرامية أخرى، يمكن اعتبارها وسائل لتحقيق الهدف المرجو،(13) وهي:
1) تبييض الأموال: Blanchiment d’argent
تعد جرائم غسل الأموال القذرة، من الجرائم الاقتصادية، و أهم الجرائم الخطيرة التي تهدد الاقتصاد الوطني، حيث تقوم المنظمات الإجرامية بغسل و تبييض الأموال القذرة المتحصل عليها من الأنشطة الإجرامية الرئيسية للإجرام المنظم، و توظيفها في مشاريع مشروعة، و عليه تكون جرائم تبييض الأموال، إلا تواصل الجريمة المنظمة لتحقيق الربح.
و تشير بعض الإحصائيات، أن حجم غسيل الأموال على مستوى العالم، و الذي تحقق خلال الفترة من 1991-1995، قد تتراوح بين 350-500 مليار دولار سنويا، و يمثلما نسبته 70%، من حجم الدخول غير المشروعة على المستوى العالمي. و في مصر كمث اللإحدى الدول النامية، أشارت دراسة حديثة إلى أن حجم عمليات غسيل الأموال بلغ 98 ملياردولار في عام 1994، و هو ما يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي في ذات العام(14)، وعلى سبيل المثال، يقوم التنظيم الإجرامي، بتنقية الأموال أي غسيل الأموال عن طريق بعض الأعمال الشرعية في الكازينوهات، و النوادي الليلية و المطاعم و الفنادق وشركات الشاحنات و موزعي تجارة الأطعمة بالجملة، كما يقوم التنظيم الإجرامي بأعمال البنوك و الاستثمار و البناء و الالكترونيات و الخدمات الطبية (15).
و قد نصت الاتفاقية الدولية لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية لسنة 1988، على وجوب تجريم تمويه مصدر أموال المخدرات، و تسيير التعاون القضائي و تسليم المجرمين، كما أقرت بمبدأ عدم عرقلة حرية البنوك سبل الإجراءات القضائية، بسبب السرية أو الحسابات الرقمية[29].و تستخدم هذه العصابات الإجرامية، بالإضافة إلى الشركات و المشروعات والبنوك كواجهة لغسل الأموال القذرة، أيضا إلى مستشارين و رجال المحاماة، كل هؤلاء يعملون وفقا لنظام دقيق، يهدف إلى إثبات مصادر مكان المليارات من الدولارات، و يتم تحويلها إلى بلد الانتماء، حتى تستتر بما يعرف بالوعاء الدبلوماسي الضريبي الذي تتمتع فيه الودائع السرية المصرفية و التجارية بالأمان، و تمر عملية غسيل الأموال المحصلة بطرق غير شرعية، أي من التجارة في المخدرات أو الأسلحة أو العصابات الإرهابية، أو نتيجة لارتكاب جريمة خطيرة أخرى، بعدة مراحل، حتى تبدو وكأنها محصلة من مصدر شرعي لا تشويه فيه، و هذه العمليات من شأنها أن تضرب اقتصاد الدول، وتفقدها استقرارها(16).
2) استعمال العنف و التهديد به
3) التسلل إلى هياكل الإدارة الحكومية و الهياكل السياسية
4) استخدام الرشاوي، و التبرعات لتمويل الحملات الانتخابية و السياسية لبعض السياسيين أو بعض الأحزاب
المطلب الثالث: العلاقة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة
لاشك في وجود روابط بين صور الإجرام المختلفة سواء كان منظما ، اقتصاديا، أو سياسيا، أو غير منظم. و لقد دفع الخطر المتزايد الذي تعكسه الروابط بين الإرهاب و الاجرام المنظم، الذي ينتشر في جميع أرجاء العالم ، دفع الوفد المصري في المؤتمر التاسع للأمم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين، إلى تبني مشروع قرار بشأن الروابط بين جرائم الإرهاب و الجريمة المنظمة عبر الوطنية وذلك بإعتبار الإرهاب شكلا من أشكال الجريمة المنظمة كما أن الأخيرة تستخدم تكتيكات إرهابية. وقد رفضت العديد من الدول ذلك، لإختلاف الهدف في كل منهما، مما لايمكن معه اعتبارها وجهين لعملة واحدة وانتهى المؤتمر الى إدانة كل منهما وأوصي بتبادل المعلومات و الخبرات المشتركة بين الدول لمكافحتها (17). و سنعرض فيما يلي، لأوجه الشبه و الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
- أولا: أوجه الشبهبين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
في بادئ الأمر، يجب أن نؤكد على انه لا يعد من اوجه التشابه بين الإرهاب و الجريمة المنظمة، أو من دواعي الربط بينها، مجرد ادراجهم في بند واحد في أحد المؤتمرات الدولية، أو كلمات بعض المسؤولين حول هذه الروابط، ولكن لابد أن يستند التشابه بينهما، على أشياء مادية ملموسة، يمكن النظر فيها و مناقشتها، فلاشك أن أوجه الشبه تظهر -في ضوء رصد خصائص الجريمة المنظمة فيما سبق- في طبيعتها العابرة للحدود، واستخدام القوة المادية والعنف والترويع، وتماثل بعض الوسائل في تنفيذ العمليات، و بيان ذلك .إن كلا من الجريمة المنظمة و الجرائم الإرهابية، تسعى الى إفشاء الرعب، سواء في مواجهة السلطة أوالأفراد، وقد أظهرت عصابات الجريمة المنظمة، قدرة على التغلغل في جهاز الدولة ولم تتردد في استخدام العنف المتوحش ضد رجال الدولة، أي أنها استخدمت وسائل إرهابية نمطية، لتأكيد قوتها وإستراتجيتها (18)
و التشابه أيضا يكون في التنظيم وسرية العمليات، والقوانين الداخلية التي تحكم الجماعات المنظمة ، و الإرهابية على سواء، والجزاءات على مخالفة القواعد الموضوعية وأساليب العمل و تبادل الخبرات، فكل من الإرهاب و الجريمة المنظمة ، تعبير عن عنف منظم تقوده مجموعات أو منظمات ذات قدرات و امكانيات تنظيمية كبيرة، وتتسم عملياتها بالتخطيط و التنفيذ الدقيق معتمدة على إحداث حالة من الرعب في أوساط المستهدفين، لتسهيل تحقيق أهدافها، وبذلك يصح الارهاب جزءا من الجريمة المنظمة، ولم يقتصر الأمر، على وجود أوجه للشبه بينهما، بل إن الأمر تطور لإقامة علاقات تعاون و تبادل بينهما، فقد عملت الجماعات الإرهابية حديثا، مع مؤسسات الجريمة المنظمة عبر الوطنية ، خاصة تجمعات المخدرات في العديد من البلدان.
ثانيا: أوجه الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
إن أهم أوجه الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة، هو الباعث أو الدافع لارتكاب الجريمة، و الهدف من ورائها. فدافع الإرهاب، نبيل أو شريف -من وجهة نظر مرتكبيه- على الأقل-، أو من الظاهر أو المعلن من جانبهم، حيث أنهم يدعون دائما سعيهم إلى تحقيق الخير و العدل (19)، ويضحون بأنفسهم في سبيل ذلك، هذا عكس الدافع لدى المنظمات الإجرامية التي تسعى الى تحقيق الربح بكافة الوسائل حتى الدنيئة منها، و تتذرع بأهداف أو دوافع سياسية ، فإرهاب يضع لنفسه موقفا وهدفا سياسيا، وفوريا، ينحصر في رفض النظام السياسي المبني على الرأسمالية و يستبدل ذلك بالمساواة.
ومما سبق، يمكن القول أن الفارق الأساسي بين الجريمة المنظمة والإرهاب، يكمن في الأهداف و البواعث، فهدف الإرهاب، هو إحداث تغيرات سياسية أو إجتماعية من خلال القضاء، أو تعديل النظام القائم، فهو يحاول إقامة شرعية -متوهمة- من جانبه، اعتقادا في عدم شرعية النظام القائم فهو يؤكد – من وجهة نظره- الشرعية. في حين أن الهدف من الإجرام المنظم، هو تحقيق الكسب المادي و الربح السريع، وذلك من خلال خروج على الشرعية و مهاجمة القوانين السارية، و عدم الإمتثال لأحكامها، فالإرهابي يقف وراء عمله بواعث إيديولوجية فهو يؤمن بفكرة و يعمل من أجلها، ومستعد بالتضحية بنفسه في سبيلها، أما جماعات الإجرام المنظم، فلا يجمعها سوى الكسب المادي، فلا يوجد باعث إيديولوجي معين، ولكن الأنانية و جمع المال، ومع هذا فالعديد من جماعات الإجرام المنظم، تدعي هدفا سياسيا مزعوما، من أجل الاستفادة من مزايا، التي يمكن أن يتمتع بها المجرم السياسي داخل النظام القانوني للدولة.
الفصل الثاني: ضرورة التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة
يجب أن يأخذ التعاون الدولي في مواجهة الجريمة المنظمة بعدا أعمق و يتم تقوية هذا التعاون بين الدول و أن يتم تنفيذ الاتفاقيات التي تنص على هذا التعاون بآلية فعالة لأن مصلحة الدول هي التي يقع عليها الخطر الداهم من جراء الجريمة المنظمة و يجب تقرير وسائل جديدة متطورة لمكافحة ، و هذا يقتضي وضع سياسة جنائية موحدة لملاحقة و محاصرة الجناة و دعم جهود التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة.
المبحث الأول: وضع سياسة جنائية جديدة للإختصاص خارج الحدود
الأصل هو تطبيق مبدأ الإقليمية في نطاق تشريعات الدولة الجنائية على كل الوقائع التي ترتكب داخل حدود إقليمها و ألا يسري هذا التشريع على ما يقع خارج حدودها و أن تطبق قاعدة العينية فقط فيما يتعلق بالجرائم الماسة بأمنها القومي و الإقتصادي و إن وقعت خارج حدودها. ولكن طبيعة الجريمة المنظمة العابرة للحدود دفعت الدول الى التفكير في قواعد جديدة للإختصاص خارج الحدود(20).
المطلب الأول: وضع قواعد جديدة للإختصاص خارج الحدود
حيث طرحت مشكلة ما مدى إمكانية مد الإختصاص الإقليمي خارج الحدود الدولة على مؤتمر الجمعية الدولية الأخير، إنقسمت الآراء من حيث قبول أو عدم قبول مبدأ امتداد الاختصاص الإقليمي بين مؤيد و معارض. والرأي الأول تبنى تأييد امتداد الاختصاص خارج حدود الدولة جغرافيا و ذلك لمكافحة الجريمة المنظمة التي تعبر حدودهم الى حدود دول أخرى، و تبنوا في سبيل تحقيق ذلك سبيلين:
الأول، خلق قواعد جديدة للاختصاص خارج الحدود.
و الثاني، إمتداد قواعد الاختصاص الإقليمية(21)
المطلب الثاني: العمل من أجل توحيد السياسة الجنائية
يعد التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي، و توحيد السياسة الجنائية، سمة بارزة للعلاقات الدولية في المجال الجنائي، و وسيلة ناجحة في مواجهة ما هو سائد من أن: "الحدود الدولية تعترض القضاة دون الجناة(22)
فالتعاون القضائي الدولي، يتصدى في المجال الجنائي لظاهرة "تداول الجريمة"، التي مهد السبيل أمامها ما تحقق من تقدم علمي، و تشابك في العلاقات الدولية، و سهولة المواصلات، و يسر الاتصالات فغدا الإجرام دوليا في جانب منه، و وجب نقل الإجراءات القضائية و توحيدها لإمكانية التصدي للظاهرة الإجرامية عندما تتجاوز الحدود الوطنية.
و يعد نقل الإجراءات، و المساعدة القضائية المتبادلة، في المسائل الجنائية، من بين سبل التعاون القضائي في المجال الجنائي، ويقتضي الأمر، حتى يسهل الحال أمام المزيد من التعاون القضائي في المجال الجنائي بين الدول، الوقوف أمام الوضع الحالي في النظم القانونية، و القضائية القائمة في عالمنا المعاصر.
الفرع الأول: إتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي.
تعد اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، همزة وصل بين الدول العربية إلى جانب الاتفاقيات الثنائية الأخرى، المبرمة بين الدول العربية فيما بينها في مجال التعاون القضائي، وحرصا من الدول العربية، في تحقيق التعاون البناء في مجال القضائي، رغبة منهم في إقامة ذلك التعاون على أسس راسخة. أبرمت جمهورية مصر العربية و دولة البحرين اتفاقية بشأن التعاون القانوني و القضائي بالقاهرة و تم التوقيع عليها من ممثلي الحكومتين المفوضين لهذا الشأن بتاريخ 17ماي1989(23)، تناولت في الباب الأول:أحكام العامة.
الباب الثاني: إعلان الوثائق و الأوراق القضائية و غير القضائية و تبليغها.
الباب الثالث: الإنابة القضائية.
الباب الرابع: حضور الشهود و الخبراء في المواد الجزائية.
الباب الخامس: الاعتراف بالأحكام الصادرة في المواد المدنية و التجارية و مواد الأحوال الشخصية و تنفيذها.
الباب السادس: تسليم المجرمين.
الباب السابع: أحكام ختامية.
فقد قرر عقد هذه الاتفاقية، التي اعتمدتها مجلس وزراء العدل العربية بالرياض، في 6ابريل1983، إيمانا منهم بأن وحدة التشريع بين الدول العربية، هدف قومي ينبغي السعي إلى تحقيقه بدء من الوحدة العربية الشاملة، و التعاون الشامل لكل المجالات القضائية.
الفرع الثاني:القواعد الإجرائية في تسليم المجرمين
و من الملاحظ، أن التسليم، حينما بدأ يظهر كنظام للعلاقات الدولية بين البلدان، قد جاء للتعبير عن رغبة الدول في تطوير علاقاتها الدبلوماسية، و التصدي للظواهر الإجرامية، التي كانت سائدة في تلك المرحلة من التاريخ.
من العسير الوقوف على التعريف الشامل للجريمة المنظمة-كما اشرنا اليه سابقا-، و في مجال تحديد التزام الدول بتسليم المتهمين في الجريمة المنظمة، نجد ان معظم اتفاقيات التسليم لم تتضمن الاشارة صراحة الى الجريمة المنظمة، حيث اكد الاستاذ وينجرت، انه لا توجد معاهدة تتناول تسليم المجرمين المتهمين بارتكاب الجريمة المنظمة، و اشار الى انه ينبغي مراعاة شرط التجريم المزدوج عند النص في معاهدات التسليم في مثل هذه النوعية من الجرائم، مع المراعاة عدم المغالات في هذا الشرط.وكذا التشريعات الوطنية لم تعن بذلك، و حتى يتمكن من مكافحة الاجرام المنظم، يتطلب تجانس في التشريعات الوطنية لمختلف دول العالم، كما ينبغي ان يمتد هذا التجانس الى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ونظرا لحداثة ظهور الجريمة المنظمة، و لكونها صفة تلحق بالأسلوب الاجرامي اكثر من موضوعه، فلا بد ان معظم السلوكيات التي تندرج تحت اصطلاح الجريمة المنظمة، يجري التسليم بشانها، وذلك بحكم كونها من الانشطة غير المشروعة (24)(33-...)، ان الاتفاقية الامريكية-الفرنسية لعام 1995، من الاتفاقيات الثنائية، التي اشارت ضمنا الى وجوب التسليم في الجريمة المنظمة، و ذلك ما ورد فينص المادة الثانية الفقرة الثانية:" يتم ايضا التسليم في الافعال....او الاشتراك في ارتكاب الجرائم، او المشاركة في عصبة اجرامية...".
و بالرغم من ذلك فانه يمكن مجازا مطالعة هذا الالتزام بالتسليم في بعض صور الجريمة المنظمة، وبصفة خاصة في جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات وذلك في نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية على اعتبار أن هذا السلوك الإجرامي، يعتبر من ابرز صور الإجرام المنظم.
المبحث الثاني: جهود التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة
برزت مسألة مكافحة الجريمة المنظمة في النطاق الدولي و في العالم العربي، نتيجة تطور سبل الإتصالات، و اختصار المسافات، مما سهل عملية الانتقال و الاتصال، بحيث أصبح العالم و كأنه مدينة كبيرة يعيش فيها الناس بدرجات متفاوتة من الغنى، و الثقافة، و التنظيم، و الرفاهية، و ظروف إقتصادية، وإجتماعية متباينة، و بذلك يبدو التفاعل و التأثير المتبادل في المجتمعات المعاصرة التي من أهم مميزاتها انها لم تعد معزولة عن بعضها البعض، كما كان الحال في العصور الماضية، و باتت إهتماماتها و مشاكلها متقاربة ، لذلك عمدت على إرساء سبل التعاون فيما بينها من أجل محاربة ظاهرة الاجرام المنظم، و القضاء على آثاره السلبية المدمرة التي أصبحت تطال هيبة الدول، و سلامتها، و استقرارها، و ترمي بظلالها القائمة على حضارة الإنسان، و تطوره في الحياة (25)(149)
المطلب الأول: مجهودات الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة المنظمة
إن معظم مؤتمرات الامم المتحدة، المتعلقة بالوقاية من الاجرام و معاملة المجرمين كانت تتمحور حول المشاكل العامة للسياسة العقابية زيادة على انشغالها المتعلق بالطابع الخاص للوقاية من الاجرام، و العدالة العقابية ، و الاجرام، و الانحراف، لا يمكن تفسيرها كمشكل نشاط غير شرعي، و قمعي، و لكن ايضا كظاهرة، لها علاقة مشتركة، و ضيقة مع التطور الاقتصادي و الاجتماعي.
الفرع الأول: مؤتمرات الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة المنظمة
إن منظمة الامم المتحدة، منذ انشائها في 25ابريل1945 بانعقاد مؤتمر دولي ضم خمسين دولة بمدينة سان فرنسيسكو (26)(167-...)، و تاسيسها على مبادئ و اهداف عامة للميثاق الامم المتحدة و الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، قد أنجزت عدة ندوات دولية، حول موضوع الوقاية من الاجرام و العدالة الجنائية، فمؤتمرالأمم المتحدة للوقاية و المكافحة من الإجرام و معاملة المجرمين، قد ساهم ابتداءامن المؤتمر الأول لسنة1955 في إعداد مجموعة من القواعد لمعالجة المجرمين، الا ان مجهودات المجموعة الدولية في مواجهة الجريمة المنظمة، بدأت فعليا، في بداية السبعينات، عندما عقد المؤتمر الخامس للأمم المتحدة الخاص (بمنع الجريمة و معاملة المجرمين) لمواجهة الاجرام المنظم العابر للحدود، و الذي عقد في جنيف1955....ثم مؤتمر كراكاس سنة1980، ثم مؤتمر ميلانو سنة1985، الذي ابدى المشاركون وعيهم بخطورة الجريمة المنظمة، من النواحي السياسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية على الشعوب، وعلى السلم والاستقرار.
كما كانت بداية التسعينات، بداية حقيقية لمجهودات الامم المتحدة في محاربة الجريمة المنظمة الدولية، حيث درس المؤتمر الدولي الثامن للامم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين ، الذي انعقد بهافانا سنة1990مشكلة الجريمة المنظمة العابرة للاوطان (التي تتعدى الحدود الوطنية)، و الأنشطةالاجرامية، و الارهابية و مجموعة من المبادئ التوجيهية لمحاربة الجريمة المنظمة فيجميع أشكالها، و رحبت بها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها121/45، وحثت الدول على تطبيقها، كما وردت معاهدة نموذجية متصلة بها اقرها المؤتمر بشان تسليم المجرمين و تبادل المعلومات في المسائل الجنائية، و نقل الاجراءات في المسائل الجنائية والاشراف على سجن المحكوم عليهم.
الفرع الثاني: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة
لقد نجحت لجنة الامم المتحدة في تخطي العقبات، و خرجت الى النور اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة،في نوفمبر عام2001، و عرضت للتوقيع في مؤتمر رفيع المستوى استضافته ايطاليا في باليرمو، في الفترة من 12الى15ديسمبر2000، بناءا على قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم129/54 المؤرخ في17ديسمبر1999، و بقي البروتوكول مفتوحا للامضاء، والمصادقة من باقي الدول و ذلك ما نصت عليه المادة21من الاتفاقية، و المتعلقة بالامضاء، و المصادقة، و الموافقة و الانضمام، التي لم تمض بعد عليها الى غاية 12ديسمبر2002، بمقر الامم المتحدة بنيويورك.
و قد كانت جهود المؤتمرات السابقة للامم المتحدة، تصب في وضع مبادئ و خطط لمكافحة و مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، حيث وضعت خمسة اهداف اساسية و هي:
1- منع الجريمة بين الدول، و داخلالدولة نفسها.
2- السيطرة على الجريمة على مستوى الدولة، و على مستوىالعالمي.
3- تدعيم التعاون الاقليمي، و الدولي في منع الجريمة، ومكافحة الجريمةعبر الدول.
4- التكامل بين الدول، و تدعيم جهود الدولة في منع، و مكافحة الجريمة العابرة للقارات.
5- ادارة افضل و اكثر فعالية للعدالة فيما يتعلق باحترام حقوقالانسان.
كما كانت اشكالية تعريف الجريمة المنظمة الدولية او العابرة للحدود، مناهم انشغالات المؤتمر، حيث كانت عدة محاولات للتوصل الى تعريف يحظى باجماع الدول المشاركة، لاسيما خلال الدورة التاسعة و العاشرة المنعقدة بفيينا، و قد قدم مشروعت عريف للجريمة المنظمة العابرة للحدود، و اهم النشاطات الاجرامية التي تدخل حيز هذا التعريف، و لعل هذا هو المسعى الاساسي للدول المنظمة لتقريب وجهات النظر فيما يخص التعريف بالجريمة المنظمة الدولية.
عرفت اتفاقية الامم المتحدة الجريمة المنظمة على النحو التالي:" هي الجريمة التي يرتكبها جماعة محددة البنية اي جماعة غير مشكلة عشوائيا لغرض الارتكاب الفوري للجرم، و لا يلزم ان يكون لاعضاءها ادوار محددة رسميا، او ان تكون عضويتهم مستمرة لفترة من الزمن، و تقوم هذه الجماعة مكونة من ثلاثة اشخاص فاكثر، و مستمرة لفترة من الزمن، و تقوم هذه الجماعة بالتخطيط والتدبير لارتكاب جريمة خطيرة، او جريمة من الجرائم المقررة وفقا للاتفاقية من اجل الحصول بشكل مباشر على منفعة مالية مادية اخرى".وحددت المادة الاولى من الاتفاقية الى ابراز غرض انشاء هذه الاتفاقية، و هو تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، و مكافحتها بالمزيد من الفعالية. وتعتبر هذه المادة الافتتاحية بمثابة توصية أممية لبذل الجهود، و تكثيف التعاون بين الدول لمكافحة الجريمة المنظمة بكل الوسائل.
لذلك حددت الاتفاقية، بان الجريمة المنظمة تكون عبر الوطنية، اذا توافرت احدى الحالات الأربع التالية:
الحالة الاولى: اذا ارتكبت الجريمة في اكثر من دولة، مثل جريمة تهريب المخدرات او المؤثرات العقلية، او الاسلحة، حيث يمتد السلوك الاجرامي من دولةالإنتاج الى الدولة الموجهة اليها السلع عبر اكثر من دولة.
الحالة الثانية: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن جرى الإعداد لها،او التخطيط لها، او توجيه النشاط الاجرامي، او الإشراف عليه في دولة اخرى. و هذا يعني ان يرتكب الفعل الاصلي للجريمة في دولة، و ان ترتكب الأعمال التحضيرية في دولة، او في دول أخرى.
الحالة الثالثة: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن من قبل عصابة اجرامية منظمة تمارس نشاطها في اكثر من دولة، مثل ان تقوم احدى عصابات المافيا بقتل شخص في دولة ما لامتناعه عن سداد دين قمار.
الحالة الرابعة: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن لها اثار شديدة في دولة اخرى، و مثال ذلك ان تقوم عصابة اجرامية منظمة بتصفية أشخاص ينتمون الى دولة (أ) يمارس نشاطا تجاريا في دولة (ب)، و وقوع صدمات بينهم و بين اجهزة الأمن في الدولة (أ)، و انعكاس ذلك على العلاقات بين البلدين، و قد يتطور الامر الى الانتقام من أشخاص ينتمون الى الدولة (ب)، و يمارس نشاطا تجاريا في الدولة (أ) ، و بهذا حددت اتفاقية الامم المتحدة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تحديدا لالبس فيه (27)
المطلب الثاني: مجهودات الإتحاد الأوروبي
ان النهج الذي تتبعه دول الاتحاد الأوروبي، في التصدي للجريمة المنظمة، هو نهج يستشرق المستقبل ، فهو يحاول ان لايكتفي بالتصدي للاخطار التي تشكلها الجريمة اليوم، و لكنهيرسي ايضا، الاساس لأجهزة دولية فعالة لتطبيق القانون في المستقبل. وفيما تواصل المجموعات الاجرامية استغلال العولمة، و التطورات التكنولوجية، وتبسط اعمالها الاجرامية عبر حدود البلدان، لتصل الى مختلف انحاء العالم، فان تحدي دول الاتحاد الأوروبي، في مكافحة الجريمة المنظمة سيزيد لا محالة.
أنشأ المجلس الأوروبي عام 1949، و هو أقدم و أكثر شمولا من كافة التنظيمات السياسية الأوروبية الأخرى، حيث يغطي كل المجالات ما عدا مسألة الدفاع. و مقره في مدينة ستراسبورج بفرنسا، و يتم نشاط المجلس الأوروبي ضد الجريمة عن طريق اللجنة الأوروبية الخاصة بمشاكل الجريمة.
-
في 31 جان 1995، أعد المجلس الأوروبي اتفاقية لمكافحة الاتجار غير المشروع للمخدرات عبر البحار، و ذلك تنفيذا للمادة 17 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية، لعام 1988.
-
في جوان 1996، قام المجلس الأوروبي، بالاشتراك مع لجنة المجتمعات الأوروبية بتنفيذ مشروع يسمى (أكتوبس Octopus)، بهدف تقويم الوضع في ستة عشر دولة من وسط و شرق أوروبا، بخصوص التشريعات، و الممارسات ضد الفساد، و الجريمة المنظمة.
- في أبريل 1997، أنشئت لجنة جديدة من الخبراء في القانون الجنائي، و ذلك لدراسة ملامح الجريمةالمنظمة ، و تحديد جوانب الضعف في أدوات التعاون الدولي، و اقتراح استراتجيات جديدة. في جون من نفس السنة، تبنى المجلس الأوروبي، مشروع توصية عن حماية الشهود، تهدف إلى تأمين حماية الشهود الذين يدلون بشهاداتهم ضد الجريمة المنظمة في سبتمبر تم التوقيع على اتفاقية غسيل الأموال، البحث، و التحري، و القبض، و مصادرة عوائد الجريمة، من قبل ست عشرة دولة أوروبية.في أكتوبر من نفس العام، تبنت القمة الأوروبية الثانية، موضوعات خاصة بالأمن، و تم الإتفاق على تقوية التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، و محاربة الفساد، و الجريمة المنظمة، و غسيل الأموال.
قامت لجنة وزراء دول الاتحاد الاوروبي، بتوصية رقم11-2001، بتاريخ 19سبتمبر2001 في اطار اجتماع رقم765 لممثلي وزراء دول الاعضاء، و المتعلقة بايجاد الاطر الاساسية لمكافحة الاجرام المنظم، تذكر اللجنة ان هدف المجلس الاوروبي، هو تحقيق اتحاد اكثر قوة بين اعضائه، و هي متفطنة بضرورة، و بأهمية وإيجاد سياسة جنائية موحدة لمكافحة الاجرام المنظم، بتحديد الوسائل القانونية لجعل التشريعات اكثر فعالية و تشديد التعاون الدولي في هذا المجال.
بدأ يظهر التعاون الأمني الأوروبي، بصورة شاملة و منتظمة بعد توقيع معاهدة الوحدة الأوروبية ماسترخ، (Traity of Maastrich) عام 1992، التي وفرت الحرية الكاملة في حركة رأس المال، و السلع و الخدمات، و الأشخاص، عبر حدود الدول الأعضاء، و بدون شك فإن دوائر الجريمة المنظمة، ستستغل هذه الحرية للتحرك داخل الاتحاد، مستغلين الفجوات الموجودة في التشريعات الوطنية للعمل عبر الحدود المفتوحة.و المجلس الاوروبي يوصي الدول الاطراف على ضرورة مراجعة سياستهم الجنائية و تشريعاتهم، و السهر على اعلام كل الهيئات المعنية.و عرف المجلس الاوروبي الجماعة الاجرامية المنظمة، بانها "مجموعة مكونة من ثلاثة اشخاص فاكثر، متواجدة من قبل تعمل بهدف اقتراف احد، او العديد من المخالفات الخطيرة، حتى تحصل بشكل مباشر، اوغير مباشر على مصلحة مالية، او مادية ". L'expression "groupe criminel organisée" désigne un groupe structuré de trois personnes ou plus existant un certain temps et agissant de concert dans le but de commettre une ou plusieurs infractions graves، pour en tirer، directement ou indirectement، un avantage financier ou matériel. هذا ما جاء في التوصية رقم11(2001)، الصادرة عن المجلس الاوروبي(28)
هناك أوجه تعاون أخرى، لدول الاتحاد الأوروبي((UE، لمكافحة الجريمة المنظمة و الجرائم الأخرى الخطيرة. فالمادة 4 من معاهدة ماسترخ ، تنص على تشكيل لجنة من كبارالمسؤولين ، (تعرف باسم لجنة ك 4)، تختص بتنسيق كافة الأعمال في مجال العدالة و الشؤون الاجتماعية . ويرأس الاجتماعات لجنة ك 4 الدولة التي له ارئاسة الاتحاد الأوروبي وتشرف لجنة ك4 على ثلاث مجموعات رئيسية: المجموعةالأولى الهجرة واللجوء السياسي، المجموعة الثانية تعاون الشرطة و الجمارك والتي تشمل المخدرات ـ الجريمة المنظمة، مكتب الشرطة الجنائية الأوروبية، ومكافحةالإرهاب، المجموعة الثالثة التعاون القضائي، وتشمل تسليم المجرمين، تبادل المساعدة القضائية، معاونة الأجهزة القضائية للعمل سويا من خلال الاتحاد الأوروبي، و ذلك لمنع الذين يرتكبون جرائم في دولة من الدول الاعضاء أن يجدوا ملاذا آمنا من المحاكمة في دولة اخرى.
خاتمــــــــــــــة
إن الجريمة المنظمة ظاهرة معقدة تكتنفها أبعاد متعددة نظرا لكونها جريمة عابرة للحدود تمس الإستقرار السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي للدولة و تحتاج لضوابط بما يضمن عدم المساس بالضمانات الدستورية للمتهم، و خطورتها تكمن في خصائصها لأنها ترتكب عن طريق عصابات منظمة متخصصة متدرجة التنظيم تمارس أنشطتها بسرية تامة وبثبات و إستمرارية تزيد خطورتها مع إستعمالها للترويع و الإرهاب و العنف و الرشوة لتحقيق الربح بالمزجبين الأنشطة المشروعة و غير مشروعة بهدف شل تطبيق قانون العقوبات.
العالم اليوم مدعو لاخيار له في ذلك، إلى وضع سياسة موحدة لمكافحة الإجرام المنظم، في شتى أشكاله، و بالأخص ذلك الإجرام الذي يجد وسيلته إلى التسلل عبر الحدود إلى دول مجاورة، فيقتحم على تلك الدول، أمنها الأخلاقي، و الاقتصادي، و السياسي.
إن التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة يقتضي أولا وضع قواعد جديدة للاختصاص خارج الحدود، و ثانيا وضع قواعد جديدة للتعاون الدولي على المستويين القضائي و الأمني،والاهم من ذلك، تفعيل دور التعاون الدولي بتعاون حقيقي بين الدول لمواجهة هذه الظاهرة.نظرا لأهمية موضوع الجريمة المنظمة،و الذي سوف يتفاقم مستقبلا مع زيادة النزعة العالمية، و مبدأ العولمة، و التكتلات الاقتصادية، و السياسية في العالم، و آثاره على العالم بأسره، و التي ستزيد من حدة انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة، مما يقتضي من المشرع في كافة الدول، تضاعف الجهود لمكافحتها، و العمل على:
أولا: تنسيق السياسة الجنائية فيمايتعلق بالظاهرة الإجرامية بشكل عام، و الجرائم المنظمة بشكل خاص
ثانيا: توقيع معاهدات بين الدول المتجاورة، بشأن تنظيم وسائل مقاومة جرائم تهريب الأموال، و العملات، و السلع الممنوعة، و السلاح، و المخدرات، تشديد العقوبات على الجرائم المنظمة، لما تمثله من أخطار
ثالثا: إنشاء إدارة دولية متخصصة في مواجهة الإجرام المنظم عبر الدول تساعد الدول في تمويلها بالمعلومات و تحتفظ ببنك المعلومات عن العصابات المنظمة و نشاطها المعروف دوليا، وتزويدها بكافة الوسائل التكنولوجية المتطورة .
رابعا: الاستفادة من خبرة المنظمات الدولية و المؤسسات الجنائية المختصة، التي تملك خبرات واسعة في مجال مكافحة الإجرام المنظم، و خاصة خبرة الدول الإتحاد الأوروبي.
خامسا: تبادل المعلومات حول حركة المجرمين، و اتخاذ مواقف موحدة للتضييق عليهم، و أن يكونوا تحت إشراف الأجهزة الأمنية
سادسا: إنشاء جهاز خاص على المستوى الأمني، أو المستوى القضائي، يتخصص في مواجهة الإجرام المنظم، بجميع أشكاله، و صوره، و يقوم بدراسة الظاهرة، و تحليلها تحليلا إجراميا، لمعرفة أساليبه، و كيفية نشاطه.
و الله ولي التوفيق.
قائمة المراجع:
1. د.هدى حامد قشقوش، الجريمةالمنظمة، القواعد الموضوعية و الإجرامية و التعاون الدولي، دار النهضة العربية،القاهرة، 200، ص6.
2.
د.طارق سرور، الجماعة الإجرامية المنظمة، دار النهضةالعربية القاهرة، 2000.
3.Queloz Nicolas, les actions internationales de la lutte contre la criminalité organisée.le cas de l’europe , Revue de science criminelle et de droit pénal comparé , 1997 .
4.
د.عبد الواحد الفار، الجرائمالدولية و سلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، 1996، ص22.
5.
أبحاث حلقةعلمية حول الجريمة المنظمة وأساليب مكافحتها المنظمة، من طرف أكاديمية نايف العربيةللعلوم الأمنية و التدريب، من 14-18 نوفمبر 1998، بالرياض.
6.
أعمال المؤتمرنشرتها المجموعة الإيطالية للجمعية الدولية للقانون العقوبات، في المجلة الدوليةلقانون العقوبات بعنوان:L es Systèmes Pénaux a L’épreuve du Crime Organisé
7.Revue Internationale de Droit Pénal, Les Systèmes Pénaux à l’épreuve du Crime Organisé, Préparation du Congres International de Droit Pénal,67 Année, Nouvelle Série,3 éme et 4éme Trimestres, 1996.
8.
هدى حامدقشقوش، المرجع السابق، ص12.
9.
المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد 6،السنة 1977، ص18.
10.
تقرير لجنة منع الجريمة و العدالة الجنائية، أعمال ندواتهافي فيينا في الفترة من21-30 افريل1992.
11.
اللواءد. محمد فتحي عيد، المكافحةالدولية للجريمة المنظمة،تقارير دولية، مجلة الأمن و الحياة، العدد 42،2001.
12.
د.محي الدين عوض، الجريمة المنظمة، المجلة العربية للدراسات الأمنيةو التدريب، العدد19، السنة1998.
13.
د.عبد الواحد الفار، الجرائم الدولية و سلطةالعقاب عليها، دار النهضة العربية، 1996.
14.
د.عبد الواحد الفار، المرجعالسابق، ص25.
15.
د. هدى حامد قشقوش، المرجع السابق، ص30.
16.
أبحاث حلقةعلمية حول الجريمة المنظمة وأساليب مكافحتها المنظمة، المرجع السابق، ص14.
17.
د.طارق سرور، المرجع السابق، ص122.
18.
د.أحمد جلال عز الدين، الإرهاب و العنفالسياسي، كتاب الحرية، القاهرة، العدد العاشر، ص89.
19.
امام حسانين عطا الله،الإرهاب و البنيان القانوني للجريمة، دار المطبوعات الجامعية، 2004، ص114.
20.
هدى حامد قشقوش، المرجع السابق، ص22.
21 .
اتفاقية الرياض العربية للتعاونالقضائي، المبرمة في 18 ماي 1989.
22.
د.عبد الفتاح محمد سراج، النظرية العامةلتسليم المجرمين"دراسة تحليلية تأصيلية"، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعةالمنصورة، 1999، ص14
23.د.علي محمد جعفر، مكافحة الجريمة المنظمة، (مناهج الأممالمتحدة و التشريع الجنائي)، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، بيروت،لبنان، الطبعة الأولى، 1998، ص149.
24.
مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمةو معاملة المجرمين، 1995، القاهرة جمهورية مصر العربية،وثيقة رقم 2/88CONF/E.
25.
مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة و معاملةالمجرمين،المرجع السابق.
26.
د.عوض محمد محي الدين، المرجع السابق،ص110.
27.
إتفاقية الأمم المتحدة ضد الحريمة المنظمة العابرة للحدود المنعقدة فيباليرمو الإيطالية من 12-15 ديسمبر 2000 Flacone, Programme d'échange de formation et de coopération contre le crime organisée, (1998-2002).
شهد العالم خلال النصف الثاني من القرن الماضي تطورا كبيرا في النشاطات الإجرامية و تزايدا ملحوظا في عددالمجموعات الإجرامية التي أصبحت تهدد استقرار الدول و أمن المواطن و تؤثر على جهود التنمية الاقتصادية و على التطور في جميع الميادين ، و قد تجاوزت الأعمال الإجرامية المنظمة حدود الإقليم الواحد و تجاوزت أثارها و أضرارها الحدود الإقليمية إلى الدولية، وهذا ما جعلها جريمة خطيرة ضد الأمن الإنساني و النظام الدولي، وضد حقوق وحريات الأفراد الأساسية.
إن الجريمة المنظمة تشكل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار على الصعيدين الوطني و الدولي، وتمثل هجوما مباشرا على السلطة السياسية والتشريعية، بل تتحدى سلطة الدولة نفسها، وهي تهدم المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، و تضعفها مسببة فقدانا للثقة في العمليات الديمقراطية، وهي تغلب التنمية، وتحرف مكاسبها عن اتجاهها الصحيح و تلحق الضرر بمجموع العالم كله. و لقد ساعدت الظروف و التغيرات العالمية على زيادة حجم التنظيمات الإجرامية عبر الدول وخاصة في ظل العولمة الاقتصادية، وثورة الاتصالات و المواصلات و انعكس ذلك على زيادة أنواع الأنشطة التي تمارسها الجريمة المنظمة عبر الدول.
بالرغم من أن ظاهرة الجريمة المنظمة، تضاعفت في العشر سنوات الأخيرة، و تعددت آثارها السلبية حدود الدولة، إلا أنها ظاهرة ليست حديثة بالمعنى الكامل، فهي وإن تعددت الجرائم التي ترتكب عن طريقها، إلا و زاد كمها، إلا أنها معروفة منذ وقت طويل، بدأ بالمافيا وبالعصابات المنظمة في أمريكا، منذ بداية هذا القرن، هذا المجتمع الأمريكي الذي يموجب المتغيرات السريعة، و يعيش حالة غليانا، بعكس المجتمع الأوروبي الذي حدثت فيه المتغيرات بشكل منسجم و متدرج. و لكن منذ أن بدأت أوروبا تتأثر بالنموذج الاجتماعي و الاقتصادي الأمريكي في النصف الثاني من هذا القرن فأثرت المتغيرات الأمريكية على الحياة في أوروبا فأصبحت الظاهرة الإجرامية للجريمة المنظمة في أوروبا تقترب من مثيلتها في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، و أصبحت الدول النامية مسرحا مشتعلا بالخطر من جراء الآثار المدمرة للجريمة المنظمة كما يحدث في أفغانستان و الهند ومصر و العراق.
و الكشف عن ظاهرة الجريمة المنظمة و تسليط الأضواء عليها، حضي بأن يعطيها الاهتمام الذي تستحقه من قبل الأجهزة التي تقوم على الوقاية و المكافحة، كما أن ذلك ينبه الأذهان في عملية وضع الخطط الاقتصادية التنموية، فلعل الجريمة المنظمة هي أحد الآثار الجانبية لدرجة عالية من الاتصال بالمجتمعات و الثقافات والمنظمات الاقتصادية و السياسية الأخرى، ما لم تضبط عملية التغيير و التنمية والإصلاح الذي تطالب به الدول المتقدمة ذات القوة السياسية و الاقتصادية و العسكرية ، و تفرضه على الدول العربية ، و توجه منذ البداية و تحت ملاحظة و الأجهزة متخصصة للبحث و التقييم.
لموضوع الجريمة المنظمة، أهمية متزايدة في العصر الحالي، معسرعة و سهولة الاتصال، و زيادة موجات العنف و انتشار الفساد و الرشوة و الرغبة المحمومة في الإثراء غير المشروع. من هنا يحتل هذا الموضوع أهمية نظرية و عملية على حد سواء. فمن الناحية النظرية يتعلق موضوع الجريمة المنظمة بفكرة عالمية الجريمة la mondialisation du crime organisé، و كذلك تتعلق بالأثر السلبي التي تتركه الجريمةالمنظمة على البلاد النامية المعرضة للخطر و الاعتداء على أمنها و مصالحها.
و من الناحية العملية التطبيقية نجد ان الجريمة المنظمة تتعلق يممارسة أنشطة إقتصادية وتجارية حيوية للاقتصاد القومي الوطني و العالمي، مما قد يعرض هذا الاقتصاد للمخاطر نتيجة للاحتمالات الممارسات غير القانونية و الأنشطة غير مشروعةles activités illégales من التجارة بالمخدرات و الأسلحة وتجارة بالأعضاء البشرية، و تبييض الأموال، و الواقع العملي يؤكد زيادة حجم الجريمة المنظمة و هذا ما أكدت عليه مختلف مؤتمرات الأمم المتحدة و خاصة مع تحرير التجارة العالمية من القيود. لذا كان لابد من تبيان آليات مكافحة الجريمة المنظمة التي أصبحت منتشرة عبر جميع الدول.
ولدراستنا لهذا الموضوع إعتمدنا على المنهج التحليلي الوصفي لملائمته وطبيعة الموضوع، و الخطة المنطقية لتحليل الجريمة المنظمة، و مما لا شك فيه أن الجريمة المنظمة تحكمها أولا قواعد موضوعية عامة وخاصة تقتضي منا دراسة الجريمة المنظمة و خصائصها و تبيان أنشطتها المختلفة و ذلك في الفصل الأول، أما في الفصل الثاني، فتناولنا آليات مكافحة الجريمة المنظمة على المستوى الدولي ، تلك هي مبررات المنطقية لخطة البحث التي نتبناها لتحليل الموضوع على النحو التالي:
الفصل الأول: ماهية الجريمة المنظمة مع تبيان مختلف أنماطها
الفصل الثاني: ضرورة التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة
الفصل الأول: ماهية الجريمةالمنظمة
و يفضل البعض الآخر عبارة " الإجرام المنظم "، و يرى أن لها أصلا بوليسيا، حيث أستخدمت من عشرينيات هذا القرن، في تقاريرالشرطة، على إثر حظر الكحول في أمريكا من 1919-1923. و بدأ تطور هذا النوع من الإجرام، إبتداءا من سبعينات هذا القرن، حتى شهد خلال السنوات العشر الأخيرة ازدهارا غير عادي، من الناحية الكمية، حيث زادت عملياته بصورة كبيرة، أو من الناحية الكيفية، من حيث الإحترافية في إرتكاب أعماله، و الميل إلى التنظيم الشديد، والتوسع الدولي له، حتى صدق عليه قول الباحث Phil Williams » « عام 1995 أنه أصبح يغطي العالم و له ألف شكل(1)
إنه و رغم شيوع استخدام عبارة "الجريمة المنظمة"،إلا أننا نؤيد الرأي القائل بعبارة "الإجرام المنظم"، حيث أنه من الناحية الكمية ، ترتكب مجموعة من الجرائم على القدر محسوس من الجسامة، و من الناحية الكيفية، هنالك مجموعة من استراتجيات المواجهة و المكافحة، و من ثم، فنحن أمام مجموعة من التصرفات والأعمال الإجرامية، التي لها طابع مختلف أو غير متجانس، ليس أمام أفعال فردية جنائية منعزلة، بما يسوغ معه إطلاق عبارة الإجرام المنظم.
المبحث الأول: مفهوم الجريمة المنظمة
إن القواعد الموضوعية للجريمة المنظمة، تتعلق بقواعد القسم العام لقانون العقوبات، و كذلك تفاصيل الجريمة التي يهتم بها القسم الخاص، والجريمة المنظمة ذات طبيعة خاصة تختلف عن الجريمة العادية، مما يؤكد ضرورة الاهتمام بتحليلها و دراستها.
المطلب الأول:تعريف الجريمةالمنظمة
رغم النمو و الانتشار الذي تشهده الجريمة المنظمة ، فلا يوجد تعريف متفق عليه و مقبول لها من كل دول العالم، رغم أهمية التعريف، فيتحديد نوعية المنظمات الإجرامية، التي سيجري التعاون بين الدول لمكافحتها.و وصلت صعوبة التعريف، الى الحد الذي شبهه البعض بأنه محاولة الإمساك بالسمك المراوغ والسابح في الماء(2)
و تمر الجريمة المنظمة في هذا السياق، حيث يعترف الجميع إبتداءا من العاملين في مجال تطبيق القانون (من الشرطة و الادعاء العام و القضاة) ، إلى مجموعة أصحاب اتخاذ القرار (من سياسيين و مشرعين وحكام)، فان ظاهرة الجريمة المنظمة قد أصبحت اليوم من الأحجام الجديدة للسلوك الإجرامي، ذات الجوانب العديدة المعقدة، و تتمثل هذه الجوانب المعقدة للمشكلة في العنصرين التاليين:
1- المشكلة من حيث التعريف.
2- المشكلة من حيث تحديد الأنماط و الحجم والاتجاه.
فالجريمة المنظمة فكرة غامضة، و موضوع مختلط و معقد، مما يصعب الإتفاق حول ما تعنيه، و بالتالي حول الإستراتجيات التي ستكون أكثر تأثيرا في مكافحتها، وذلك بالنظر الى أن الجرائم المنظمة العابرة للحدود تستدعي الانتباه يوميا، و تستدعيأن توضع موضع التنفيذ، وسائل صحيحة لمحاربتها، و كيفية اكتشافها و التعرف على هوية مرتكبيها و القبض عليهم (4)، و لن يتأتى ذلك، إلا بتحديد مدلول محدد لها، و هوالأمر الذي يكاد يجمع الفقه على مدى صعوبته، و يعتبرونه مدلولا غامضا وواسع اللغاية، و لا توجد رؤية متكاملة لبنائه، كما أنه يختلط بالعديد من المصطلحات.
ولقد طالبت معظم الاجتماعات و المؤتمرات العلمية، مثل المؤتمر الوزاري، الذي نظمته الأمم المتحدة في نابولي 1994، و مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين، 1995، بضرورة وضع تعريف دقيق، وواضح للجريمة المنظمة تطبقه أنظمة العدالةالجنائية (5).
لعل أفضل تعريف للجريمة المنظمة، هو ذلك التعريف المأخوذ من البلاد المنتشرة فيها هذه الجريمة، و هي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن الجريمة المنظمة متغلغلة فيها، إلى حد إن الأرباح التي تحصل عليها العصابات الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة الأمريكية، تقدر بمبلغ يفوق خمسة ملايين دولارسنويا (6)
و في مجال تعريف الجريمة المنظمة، قد تتسع الدائرة، وقد تضيق، فالبعض يرى الجريمة المنظمة، من خلال فكرة التنظيم الوارد في إعدادها، أما البعض الآخر يرى الجريمة المنظمة من خلال عنصر الاستمرارية، و البعض الآخر، يراها من خلال تواطؤ مجموعة من الأفراد على الإعداد لها بطريقة تكفل لها النجاح و الاستمرار، و الإفلات من قبضة رجال الأمن.
و المعاني الواردة كلها مقصودة، و لا بد من توافرها في الجريمة المنظمة، لأن التنظيم يحتاج إلى مجموعة من الناس، يتقاسم أفرادها العمل، ويتخصص كل فرد بجزء منه، بحيث تتكامل الجريمة من خلال جميع المراحل التي تمر بها، وبمشاركة جميع الذين اشتركوا في الإعداد و التنفيذ، و من الطبيعي أن الأمر يحتاج إلى استخدام الذكاء، و العقل، و بعض الوسائل العلمية و التقنية، لكي تكون الجريمة في دائرة الجريمة المنظمة.
أن "الإجرام المنظم، عبارة عن مؤسسة إجرامية ذات تنظيم هيكلي متدرج، و محكم، تمارس أنشطة غير مشروعة من أجل الحصول على هدف مادي غير مشروع، أو المساس بالمصالح الاستراتجية، و الأمن العام لدولة، أو لعدد من الدول،مستخدما في ذلك العنف و القوة و الفساد"(7). فهذا التعريف حسب رأينا، يتضمن الخصائص الجوهرية للجريمة المنظمة.
المطلب الثاني: خصائص الجريمة المنظمة
خصائص الجريمة المنظمة يمكن أن تشتق من تعريفها و هي ان الجريمة المنظمة يتم إرتكابها عن طريق عصابات اجرامية منظمة، تتخذ الشكل الهرمي المتدرج تقوم على مبدأ تقسيم العمل داخل المنظمة، سرية الخطط والأنشطة التي تمارسها الاستمرارية و الثبات في وجودها، استخدام العنف و التهديد والإرهاب و الرشوة لتنفيذ أغراضها، تحقيق الربح كهدف لها، القدرة على شل تطبيق قانون العقوبات بالتخويف و الرشوة، المزج بين الأنشطة مشروعة و غير مشروعة بغرض التمويه.
و يمكن إجمال خصائص الجريمة المنظمة عبر الوطنية، في خاصيتين هما:
الفرع الأول:المنظمة الإجرامية وهي إتحاد ارادة ثلاثة أشخاص أو أكثر، و انعقادها على الإجرام،و تأسيس المنظمة في معظم التشريعات، يعد جريمة قائمة بذاتها، معاقب عليها، دون التوقف على وقوع الجرائم المتفق عليها أو عدم تحقيقها، فالمشرعون هنا يحرمون النزعة الاجرامية الجماعية، نظرا لخطرها و تهديدها لأمن الجماعة و سلامتها، و تظهر هذه النزعة، في إتجاه إرادة أفراد العصبة، إلى إرتكاب عدة جرائم، و الدول ملزمة بوجوب العقاب على مجرد الأعمال، التي تنطوي على الاشتراك في جماعة إجرامية منظمة، يكون الغرض منها ارتكاب هذه الجرائم.
الفرع الثاني:الأثر عبر الوطني للجريمة، ويعني تحقيق أحد عناصر الركن المادي للجريمة في اكثر من دولة، سواء الفعل او النتيجة، و من ثم تدخل الجريمة بالأمن، فيكل مكان واقع فيه جزء من الركن المادي لها، و لكن إذا وقع السلوك، و نتيجته في دولة واحدة، و لم يتعداها لغيرها، و ارتكبه أشخاص من نفس الإقليم، فلا يتحقق الأثر عبرالوطني، و تشير العبارة "عابرة للحدود"، كما استخدمتها وثائق الأمم المتحدة، الى المعلومات و الأموال و الأشخاص و الأشياء الملموسة و غير الملموسة، التي تنتقل عبر حدود الدولة، و الواقع أنه، عندما يزيد الطلب على السلع و الخدمات غير المشروعة ، التي يعمل في مجالها الإجرام المنظم، فإن الأنشطة الإجرامية، تمتد الى خارج حدود الدولة عن طريق التنظيمات الإجرامية.
المبحث الثاني: نشاطات الجريمة المنظمة
لا يمكن حصر مجال نشاط المنظمات الإجرامية،لأنه مجال واسع، لذا يستخدم الباحثون في تحديد الأفعال و الأشكال التي تنطوي تحت مصطلح "الجريمة المنظمة" سياسة الباب المفتوح، فإذا كانت هناك أنماط معينة، كانت ترتكب و ما تزال من المافيا الإيطالية، فان الأنماط التي تعتبر من الجريمة المنظمة تختلط في الولايات المتحدة الأمريكية بالمؤامرة(conspiracy)، و الجرائم التنظيمية (Organized Crime (، مثل الجرائم الخاصة، و الإفلاس، و جرائم الكمبيوتر، وجرائم الشركات و جرائم البيئة (Environmental crime) (9) .
الفرع الأول: النشاطات الأساسية للجريمة المنظمة
1) الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية: يعتبر مجال الاتجار غير الشرعي بالمخدرات، القطاع الأقدم و الأكبر في نشاط الإجرام المنظم، و يعد من المصادر الأساسية للأرباح، التي تجنيها العصابات الإجرامية (10)
2) الاتجار غير المشروع في النساء والأطفال: يعتبر مجال الاتجار غير المشروع في النساء و الأطفال، من النشاطات الإجرامية التي أخذت بعدا جغرافيا هائلا، لاسيما في الدعارة، أي الاستغلال و الاسترقاق الجنسي، حيث تستغل المنظمات الإجرامية هذا المجال، عبر شبكات منظمة مختصة في جلب النساء و الأطفال من الدول الفقيرة، لاسيما دول أوروبا الشرقية، إلى فرنسا و بلجيكا و ألمانيا لاستغلالهم في الدعارة و الاسترقاق الجنسي، كما أن المنظمات الإجرامية، تلجأ إلى السياحة الجنسية، لترويج و المتاجرة في الجنس، خاصة في بعض البلدان الآسيوية، مثل تايلاندا و الفلبين (12)
3) الاتجار غير المشروع في الأسلحة
4) تزييف و تزوير العملات
5) الاتجار غير المشروع في المسروقات
6) دفن النفايات السامة و الكميائية.
7) الاتجار غير المشروع في الأعضاء البشرية.
8) الاتجار في الأيدي العاملة المهاجرة و المهربة من الدول الفقيرة إلى الدول المصنعة خاصة الأوروبية.
الفرع الثاني:النشاطات المساعدة لتحقيق الغرض
بالإضافة إلى ما ذكرناه، من المجالات التي تنشط فيهاالمنظمات الإجرامية الدولية، لتحقيق أرباحها، و اعتبرنها رئيسية، فان العصابات الإجرامية، تقوم بأنشطة و أعمال إجرامية أخرى، لتحقيق الغرض الأساسي، و بهذا يكون لها مجالات إجرامية أخرى، يمكن اعتبارها وسائل لتحقيق الهدف المرجو،(13) وهي:
1) تبييض الأموال: Blanchiment d’argent
تعد جرائم غسل الأموال القذرة، من الجرائم الاقتصادية، و أهم الجرائم الخطيرة التي تهدد الاقتصاد الوطني، حيث تقوم المنظمات الإجرامية بغسل و تبييض الأموال القذرة المتحصل عليها من الأنشطة الإجرامية الرئيسية للإجرام المنظم، و توظيفها في مشاريع مشروعة، و عليه تكون جرائم تبييض الأموال، إلا تواصل الجريمة المنظمة لتحقيق الربح.
و تشير بعض الإحصائيات، أن حجم غسيل الأموال على مستوى العالم، و الذي تحقق خلال الفترة من 1991-1995، قد تتراوح بين 350-500 مليار دولار سنويا، و يمثلما نسبته 70%، من حجم الدخول غير المشروعة على المستوى العالمي. و في مصر كمث اللإحدى الدول النامية، أشارت دراسة حديثة إلى أن حجم عمليات غسيل الأموال بلغ 98 ملياردولار في عام 1994، و هو ما يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي في ذات العام(14)، وعلى سبيل المثال، يقوم التنظيم الإجرامي، بتنقية الأموال أي غسيل الأموال عن طريق بعض الأعمال الشرعية في الكازينوهات، و النوادي الليلية و المطاعم و الفنادق وشركات الشاحنات و موزعي تجارة الأطعمة بالجملة، كما يقوم التنظيم الإجرامي بأعمال البنوك و الاستثمار و البناء و الالكترونيات و الخدمات الطبية (15).
و قد نصت الاتفاقية الدولية لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية لسنة 1988، على وجوب تجريم تمويه مصدر أموال المخدرات، و تسيير التعاون القضائي و تسليم المجرمين، كما أقرت بمبدأ عدم عرقلة حرية البنوك سبل الإجراءات القضائية، بسبب السرية أو الحسابات الرقمية[29].و تستخدم هذه العصابات الإجرامية، بالإضافة إلى الشركات و المشروعات والبنوك كواجهة لغسل الأموال القذرة، أيضا إلى مستشارين و رجال المحاماة، كل هؤلاء يعملون وفقا لنظام دقيق، يهدف إلى إثبات مصادر مكان المليارات من الدولارات، و يتم تحويلها إلى بلد الانتماء، حتى تستتر بما يعرف بالوعاء الدبلوماسي الضريبي الذي تتمتع فيه الودائع السرية المصرفية و التجارية بالأمان، و تمر عملية غسيل الأموال المحصلة بطرق غير شرعية، أي من التجارة في المخدرات أو الأسلحة أو العصابات الإرهابية، أو نتيجة لارتكاب جريمة خطيرة أخرى، بعدة مراحل، حتى تبدو وكأنها محصلة من مصدر شرعي لا تشويه فيه، و هذه العمليات من شأنها أن تضرب اقتصاد الدول، وتفقدها استقرارها(16).
2) استعمال العنف و التهديد به
3) التسلل إلى هياكل الإدارة الحكومية و الهياكل السياسية
4) استخدام الرشاوي، و التبرعات لتمويل الحملات الانتخابية و السياسية لبعض السياسيين أو بعض الأحزاب
المطلب الثالث: العلاقة بين الإرهاب و الجريمة المنظمة
لاشك في وجود روابط بين صور الإجرام المختلفة سواء كان منظما ، اقتصاديا، أو سياسيا، أو غير منظم. و لقد دفع الخطر المتزايد الذي تعكسه الروابط بين الإرهاب و الاجرام المنظم، الذي ينتشر في جميع أرجاء العالم ، دفع الوفد المصري في المؤتمر التاسع للأمم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين، إلى تبني مشروع قرار بشأن الروابط بين جرائم الإرهاب و الجريمة المنظمة عبر الوطنية وذلك بإعتبار الإرهاب شكلا من أشكال الجريمة المنظمة كما أن الأخيرة تستخدم تكتيكات إرهابية. وقد رفضت العديد من الدول ذلك، لإختلاف الهدف في كل منهما، مما لايمكن معه اعتبارها وجهين لعملة واحدة وانتهى المؤتمر الى إدانة كل منهما وأوصي بتبادل المعلومات و الخبرات المشتركة بين الدول لمكافحتها (17). و سنعرض فيما يلي، لأوجه الشبه و الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
- أولا: أوجه الشبهبين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
في بادئ الأمر، يجب أن نؤكد على انه لا يعد من اوجه التشابه بين الإرهاب و الجريمة المنظمة، أو من دواعي الربط بينها، مجرد ادراجهم في بند واحد في أحد المؤتمرات الدولية، أو كلمات بعض المسؤولين حول هذه الروابط، ولكن لابد أن يستند التشابه بينهما، على أشياء مادية ملموسة، يمكن النظر فيها و مناقشتها، فلاشك أن أوجه الشبه تظهر -في ضوء رصد خصائص الجريمة المنظمة فيما سبق- في طبيعتها العابرة للحدود، واستخدام القوة المادية والعنف والترويع، وتماثل بعض الوسائل في تنفيذ العمليات، و بيان ذلك .إن كلا من الجريمة المنظمة و الجرائم الإرهابية، تسعى الى إفشاء الرعب، سواء في مواجهة السلطة أوالأفراد، وقد أظهرت عصابات الجريمة المنظمة، قدرة على التغلغل في جهاز الدولة ولم تتردد في استخدام العنف المتوحش ضد رجال الدولة، أي أنها استخدمت وسائل إرهابية نمطية، لتأكيد قوتها وإستراتجيتها (18)
و التشابه أيضا يكون في التنظيم وسرية العمليات، والقوانين الداخلية التي تحكم الجماعات المنظمة ، و الإرهابية على سواء، والجزاءات على مخالفة القواعد الموضوعية وأساليب العمل و تبادل الخبرات، فكل من الإرهاب و الجريمة المنظمة ، تعبير عن عنف منظم تقوده مجموعات أو منظمات ذات قدرات و امكانيات تنظيمية كبيرة، وتتسم عملياتها بالتخطيط و التنفيذ الدقيق معتمدة على إحداث حالة من الرعب في أوساط المستهدفين، لتسهيل تحقيق أهدافها، وبذلك يصح الارهاب جزءا من الجريمة المنظمة، ولم يقتصر الأمر، على وجود أوجه للشبه بينهما، بل إن الأمر تطور لإقامة علاقات تعاون و تبادل بينهما، فقد عملت الجماعات الإرهابية حديثا، مع مؤسسات الجريمة المنظمة عبر الوطنية ، خاصة تجمعات المخدرات في العديد من البلدان.
ثانيا: أوجه الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة.
إن أهم أوجه الخلاف بين الإرهاب و الجريمة المنظمة، هو الباعث أو الدافع لارتكاب الجريمة، و الهدف من ورائها. فدافع الإرهاب، نبيل أو شريف -من وجهة نظر مرتكبيه- على الأقل-، أو من الظاهر أو المعلن من جانبهم، حيث أنهم يدعون دائما سعيهم إلى تحقيق الخير و العدل (19)، ويضحون بأنفسهم في سبيل ذلك، هذا عكس الدافع لدى المنظمات الإجرامية التي تسعى الى تحقيق الربح بكافة الوسائل حتى الدنيئة منها، و تتذرع بأهداف أو دوافع سياسية ، فإرهاب يضع لنفسه موقفا وهدفا سياسيا، وفوريا، ينحصر في رفض النظام السياسي المبني على الرأسمالية و يستبدل ذلك بالمساواة.
ومما سبق، يمكن القول أن الفارق الأساسي بين الجريمة المنظمة والإرهاب، يكمن في الأهداف و البواعث، فهدف الإرهاب، هو إحداث تغيرات سياسية أو إجتماعية من خلال القضاء، أو تعديل النظام القائم، فهو يحاول إقامة شرعية -متوهمة- من جانبه، اعتقادا في عدم شرعية النظام القائم فهو يؤكد – من وجهة نظره- الشرعية. في حين أن الهدف من الإجرام المنظم، هو تحقيق الكسب المادي و الربح السريع، وذلك من خلال خروج على الشرعية و مهاجمة القوانين السارية، و عدم الإمتثال لأحكامها، فالإرهابي يقف وراء عمله بواعث إيديولوجية فهو يؤمن بفكرة و يعمل من أجلها، ومستعد بالتضحية بنفسه في سبيلها، أما جماعات الإجرام المنظم، فلا يجمعها سوى الكسب المادي، فلا يوجد باعث إيديولوجي معين، ولكن الأنانية و جمع المال، ومع هذا فالعديد من جماعات الإجرام المنظم، تدعي هدفا سياسيا مزعوما، من أجل الاستفادة من مزايا، التي يمكن أن يتمتع بها المجرم السياسي داخل النظام القانوني للدولة.
الفصل الثاني: ضرورة التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة
يجب أن يأخذ التعاون الدولي في مواجهة الجريمة المنظمة بعدا أعمق و يتم تقوية هذا التعاون بين الدول و أن يتم تنفيذ الاتفاقيات التي تنص على هذا التعاون بآلية فعالة لأن مصلحة الدول هي التي يقع عليها الخطر الداهم من جراء الجريمة المنظمة و يجب تقرير وسائل جديدة متطورة لمكافحة ، و هذا يقتضي وضع سياسة جنائية موحدة لملاحقة و محاصرة الجناة و دعم جهود التعاون القضائي الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة.
المبحث الأول: وضع سياسة جنائية جديدة للإختصاص خارج الحدود
الأصل هو تطبيق مبدأ الإقليمية في نطاق تشريعات الدولة الجنائية على كل الوقائع التي ترتكب داخل حدود إقليمها و ألا يسري هذا التشريع على ما يقع خارج حدودها و أن تطبق قاعدة العينية فقط فيما يتعلق بالجرائم الماسة بأمنها القومي و الإقتصادي و إن وقعت خارج حدودها. ولكن طبيعة الجريمة المنظمة العابرة للحدود دفعت الدول الى التفكير في قواعد جديدة للإختصاص خارج الحدود(20).
المطلب الأول: وضع قواعد جديدة للإختصاص خارج الحدود
حيث طرحت مشكلة ما مدى إمكانية مد الإختصاص الإقليمي خارج الحدود الدولة على مؤتمر الجمعية الدولية الأخير، إنقسمت الآراء من حيث قبول أو عدم قبول مبدأ امتداد الاختصاص الإقليمي بين مؤيد و معارض. والرأي الأول تبنى تأييد امتداد الاختصاص خارج حدود الدولة جغرافيا و ذلك لمكافحة الجريمة المنظمة التي تعبر حدودهم الى حدود دول أخرى، و تبنوا في سبيل تحقيق ذلك سبيلين:
الأول، خلق قواعد جديدة للاختصاص خارج الحدود.
و الثاني، إمتداد قواعد الاختصاص الإقليمية(21)
المطلب الثاني: العمل من أجل توحيد السياسة الجنائية
يعد التعاون القضائي الدولي في المجال الجنائي، و توحيد السياسة الجنائية، سمة بارزة للعلاقات الدولية في المجال الجنائي، و وسيلة ناجحة في مواجهة ما هو سائد من أن: "الحدود الدولية تعترض القضاة دون الجناة(22)
فالتعاون القضائي الدولي، يتصدى في المجال الجنائي لظاهرة "تداول الجريمة"، التي مهد السبيل أمامها ما تحقق من تقدم علمي، و تشابك في العلاقات الدولية، و سهولة المواصلات، و يسر الاتصالات فغدا الإجرام دوليا في جانب منه، و وجب نقل الإجراءات القضائية و توحيدها لإمكانية التصدي للظاهرة الإجرامية عندما تتجاوز الحدود الوطنية.
و يعد نقل الإجراءات، و المساعدة القضائية المتبادلة، في المسائل الجنائية، من بين سبل التعاون القضائي في المجال الجنائي، ويقتضي الأمر، حتى يسهل الحال أمام المزيد من التعاون القضائي في المجال الجنائي بين الدول، الوقوف أمام الوضع الحالي في النظم القانونية، و القضائية القائمة في عالمنا المعاصر.
الفرع الأول: إتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي.
تعد اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي، همزة وصل بين الدول العربية إلى جانب الاتفاقيات الثنائية الأخرى، المبرمة بين الدول العربية فيما بينها في مجال التعاون القضائي، وحرصا من الدول العربية، في تحقيق التعاون البناء في مجال القضائي، رغبة منهم في إقامة ذلك التعاون على أسس راسخة. أبرمت جمهورية مصر العربية و دولة البحرين اتفاقية بشأن التعاون القانوني و القضائي بالقاهرة و تم التوقيع عليها من ممثلي الحكومتين المفوضين لهذا الشأن بتاريخ 17ماي1989(23)، تناولت في الباب الأول:أحكام العامة.
الباب الثاني: إعلان الوثائق و الأوراق القضائية و غير القضائية و تبليغها.
الباب الثالث: الإنابة القضائية.
الباب الرابع: حضور الشهود و الخبراء في المواد الجزائية.
الباب الخامس: الاعتراف بالأحكام الصادرة في المواد المدنية و التجارية و مواد الأحوال الشخصية و تنفيذها.
الباب السادس: تسليم المجرمين.
الباب السابع: أحكام ختامية.
فقد قرر عقد هذه الاتفاقية، التي اعتمدتها مجلس وزراء العدل العربية بالرياض، في 6ابريل1983، إيمانا منهم بأن وحدة التشريع بين الدول العربية، هدف قومي ينبغي السعي إلى تحقيقه بدء من الوحدة العربية الشاملة، و التعاون الشامل لكل المجالات القضائية.
الفرع الثاني:القواعد الإجرائية في تسليم المجرمين
و من الملاحظ، أن التسليم، حينما بدأ يظهر كنظام للعلاقات الدولية بين البلدان، قد جاء للتعبير عن رغبة الدول في تطوير علاقاتها الدبلوماسية، و التصدي للظواهر الإجرامية، التي كانت سائدة في تلك المرحلة من التاريخ.
من العسير الوقوف على التعريف الشامل للجريمة المنظمة-كما اشرنا اليه سابقا-، و في مجال تحديد التزام الدول بتسليم المتهمين في الجريمة المنظمة، نجد ان معظم اتفاقيات التسليم لم تتضمن الاشارة صراحة الى الجريمة المنظمة، حيث اكد الاستاذ وينجرت، انه لا توجد معاهدة تتناول تسليم المجرمين المتهمين بارتكاب الجريمة المنظمة، و اشار الى انه ينبغي مراعاة شرط التجريم المزدوج عند النص في معاهدات التسليم في مثل هذه النوعية من الجرائم، مع المراعاة عدم المغالات في هذا الشرط.وكذا التشريعات الوطنية لم تعن بذلك، و حتى يتمكن من مكافحة الاجرام المنظم، يتطلب تجانس في التشريعات الوطنية لمختلف دول العالم، كما ينبغي ان يمتد هذا التجانس الى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ونظرا لحداثة ظهور الجريمة المنظمة، و لكونها صفة تلحق بالأسلوب الاجرامي اكثر من موضوعه، فلا بد ان معظم السلوكيات التي تندرج تحت اصطلاح الجريمة المنظمة، يجري التسليم بشانها، وذلك بحكم كونها من الانشطة غير المشروعة (24)(33-...)، ان الاتفاقية الامريكية-الفرنسية لعام 1995، من الاتفاقيات الثنائية، التي اشارت ضمنا الى وجوب التسليم في الجريمة المنظمة، و ذلك ما ورد فينص المادة الثانية الفقرة الثانية:" يتم ايضا التسليم في الافعال....او الاشتراك في ارتكاب الجرائم، او المشاركة في عصبة اجرامية...".
و بالرغم من ذلك فانه يمكن مجازا مطالعة هذا الالتزام بالتسليم في بعض صور الجريمة المنظمة، وبصفة خاصة في جرائم الاتجار غير المشروع في المخدرات وذلك في نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات و المؤثرات العقلية على اعتبار أن هذا السلوك الإجرامي، يعتبر من ابرز صور الإجرام المنظم.
المبحث الثاني: جهود التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة
برزت مسألة مكافحة الجريمة المنظمة في النطاق الدولي و في العالم العربي، نتيجة تطور سبل الإتصالات، و اختصار المسافات، مما سهل عملية الانتقال و الاتصال، بحيث أصبح العالم و كأنه مدينة كبيرة يعيش فيها الناس بدرجات متفاوتة من الغنى، و الثقافة، و التنظيم، و الرفاهية، و ظروف إقتصادية، وإجتماعية متباينة، و بذلك يبدو التفاعل و التأثير المتبادل في المجتمعات المعاصرة التي من أهم مميزاتها انها لم تعد معزولة عن بعضها البعض، كما كان الحال في العصور الماضية، و باتت إهتماماتها و مشاكلها متقاربة ، لذلك عمدت على إرساء سبل التعاون فيما بينها من أجل محاربة ظاهرة الاجرام المنظم، و القضاء على آثاره السلبية المدمرة التي أصبحت تطال هيبة الدول، و سلامتها، و استقرارها، و ترمي بظلالها القائمة على حضارة الإنسان، و تطوره في الحياة (25)(149)
المطلب الأول: مجهودات الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة المنظمة
إن معظم مؤتمرات الامم المتحدة، المتعلقة بالوقاية من الاجرام و معاملة المجرمين كانت تتمحور حول المشاكل العامة للسياسة العقابية زيادة على انشغالها المتعلق بالطابع الخاص للوقاية من الاجرام، و العدالة العقابية ، و الاجرام، و الانحراف، لا يمكن تفسيرها كمشكل نشاط غير شرعي، و قمعي، و لكن ايضا كظاهرة، لها علاقة مشتركة، و ضيقة مع التطور الاقتصادي و الاجتماعي.
الفرع الأول: مؤتمرات الأمم المتحدة في مكافحة الجريمة المنظمة
إن منظمة الامم المتحدة، منذ انشائها في 25ابريل1945 بانعقاد مؤتمر دولي ضم خمسين دولة بمدينة سان فرنسيسكو (26)(167-...)، و تاسيسها على مبادئ و اهداف عامة للميثاق الامم المتحدة و الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، قد أنجزت عدة ندوات دولية، حول موضوع الوقاية من الاجرام و العدالة الجنائية، فمؤتمرالأمم المتحدة للوقاية و المكافحة من الإجرام و معاملة المجرمين، قد ساهم ابتداءامن المؤتمر الأول لسنة1955 في إعداد مجموعة من القواعد لمعالجة المجرمين، الا ان مجهودات المجموعة الدولية في مواجهة الجريمة المنظمة، بدأت فعليا، في بداية السبعينات، عندما عقد المؤتمر الخامس للأمم المتحدة الخاص (بمنع الجريمة و معاملة المجرمين) لمواجهة الاجرام المنظم العابر للحدود، و الذي عقد في جنيف1955....ثم مؤتمر كراكاس سنة1980، ثم مؤتمر ميلانو سنة1985، الذي ابدى المشاركون وعيهم بخطورة الجريمة المنظمة، من النواحي السياسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية على الشعوب، وعلى السلم والاستقرار.
كما كانت بداية التسعينات، بداية حقيقية لمجهودات الامم المتحدة في محاربة الجريمة المنظمة الدولية، حيث درس المؤتمر الدولي الثامن للامم المتحدة لمنع الجريمة و معاملة المجرمين ، الذي انعقد بهافانا سنة1990مشكلة الجريمة المنظمة العابرة للاوطان (التي تتعدى الحدود الوطنية)، و الأنشطةالاجرامية، و الارهابية و مجموعة من المبادئ التوجيهية لمحاربة الجريمة المنظمة فيجميع أشكالها، و رحبت بها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها121/45، وحثت الدول على تطبيقها، كما وردت معاهدة نموذجية متصلة بها اقرها المؤتمر بشان تسليم المجرمين و تبادل المعلومات في المسائل الجنائية، و نقل الاجراءات في المسائل الجنائية والاشراف على سجن المحكوم عليهم.
الفرع الثاني: إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة
لقد نجحت لجنة الامم المتحدة في تخطي العقبات، و خرجت الى النور اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة،في نوفمبر عام2001، و عرضت للتوقيع في مؤتمر رفيع المستوى استضافته ايطاليا في باليرمو، في الفترة من 12الى15ديسمبر2000، بناءا على قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم129/54 المؤرخ في17ديسمبر1999، و بقي البروتوكول مفتوحا للامضاء، والمصادقة من باقي الدول و ذلك ما نصت عليه المادة21من الاتفاقية، و المتعلقة بالامضاء، و المصادقة، و الموافقة و الانضمام، التي لم تمض بعد عليها الى غاية 12ديسمبر2002، بمقر الامم المتحدة بنيويورك.
و قد كانت جهود المؤتمرات السابقة للامم المتحدة، تصب في وضع مبادئ و خطط لمكافحة و مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، حيث وضعت خمسة اهداف اساسية و هي:
1- منع الجريمة بين الدول، و داخلالدولة نفسها.
2- السيطرة على الجريمة على مستوى الدولة، و على مستوىالعالمي.
3- تدعيم التعاون الاقليمي، و الدولي في منع الجريمة، ومكافحة الجريمةعبر الدول.
4- التكامل بين الدول، و تدعيم جهود الدولة في منع، و مكافحة الجريمة العابرة للقارات.
5- ادارة افضل و اكثر فعالية للعدالة فيما يتعلق باحترام حقوقالانسان.
كما كانت اشكالية تعريف الجريمة المنظمة الدولية او العابرة للحدود، مناهم انشغالات المؤتمر، حيث كانت عدة محاولات للتوصل الى تعريف يحظى باجماع الدول المشاركة، لاسيما خلال الدورة التاسعة و العاشرة المنعقدة بفيينا، و قد قدم مشروعت عريف للجريمة المنظمة العابرة للحدود، و اهم النشاطات الاجرامية التي تدخل حيز هذا التعريف، و لعل هذا هو المسعى الاساسي للدول المنظمة لتقريب وجهات النظر فيما يخص التعريف بالجريمة المنظمة الدولية.
عرفت اتفاقية الامم المتحدة الجريمة المنظمة على النحو التالي:" هي الجريمة التي يرتكبها جماعة محددة البنية اي جماعة غير مشكلة عشوائيا لغرض الارتكاب الفوري للجرم، و لا يلزم ان يكون لاعضاءها ادوار محددة رسميا، او ان تكون عضويتهم مستمرة لفترة من الزمن، و تقوم هذه الجماعة مكونة من ثلاثة اشخاص فاكثر، و مستمرة لفترة من الزمن، و تقوم هذه الجماعة بالتخطيط والتدبير لارتكاب جريمة خطيرة، او جريمة من الجرائم المقررة وفقا للاتفاقية من اجل الحصول بشكل مباشر على منفعة مالية مادية اخرى".وحددت المادة الاولى من الاتفاقية الى ابراز غرض انشاء هذه الاتفاقية، و هو تعزيز التعاون على منع الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، و مكافحتها بالمزيد من الفعالية. وتعتبر هذه المادة الافتتاحية بمثابة توصية أممية لبذل الجهود، و تكثيف التعاون بين الدول لمكافحة الجريمة المنظمة بكل الوسائل.
لذلك حددت الاتفاقية، بان الجريمة المنظمة تكون عبر الوطنية، اذا توافرت احدى الحالات الأربع التالية:
الحالة الاولى: اذا ارتكبت الجريمة في اكثر من دولة، مثل جريمة تهريب المخدرات او المؤثرات العقلية، او الاسلحة، حيث يمتد السلوك الاجرامي من دولةالإنتاج الى الدولة الموجهة اليها السلع عبر اكثر من دولة.
الحالة الثانية: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن جرى الإعداد لها،او التخطيط لها، او توجيه النشاط الاجرامي، او الإشراف عليه في دولة اخرى. و هذا يعني ان يرتكب الفعل الاصلي للجريمة في دولة، و ان ترتكب الأعمال التحضيرية في دولة، او في دول أخرى.
الحالة الثالثة: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن من قبل عصابة اجرامية منظمة تمارس نشاطها في اكثر من دولة، مثل ان تقوم احدى عصابات المافيا بقتل شخص في دولة ما لامتناعه عن سداد دين قمار.
الحالة الرابعة: اذا ارتكبت الجريمة في دولة واحدة، و لكن لها اثار شديدة في دولة اخرى، و مثال ذلك ان تقوم عصابة اجرامية منظمة بتصفية أشخاص ينتمون الى دولة (أ) يمارس نشاطا تجاريا في دولة (ب)، و وقوع صدمات بينهم و بين اجهزة الأمن في الدولة (أ)، و انعكاس ذلك على العلاقات بين البلدين، و قد يتطور الامر الى الانتقام من أشخاص ينتمون الى الدولة (ب)، و يمارس نشاطا تجاريا في الدولة (أ) ، و بهذا حددت اتفاقية الامم المتحدة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تحديدا لالبس فيه (27)
المطلب الثاني: مجهودات الإتحاد الأوروبي
ان النهج الذي تتبعه دول الاتحاد الأوروبي، في التصدي للجريمة المنظمة، هو نهج يستشرق المستقبل ، فهو يحاول ان لايكتفي بالتصدي للاخطار التي تشكلها الجريمة اليوم، و لكنهيرسي ايضا، الاساس لأجهزة دولية فعالة لتطبيق القانون في المستقبل. وفيما تواصل المجموعات الاجرامية استغلال العولمة، و التطورات التكنولوجية، وتبسط اعمالها الاجرامية عبر حدود البلدان، لتصل الى مختلف انحاء العالم، فان تحدي دول الاتحاد الأوروبي، في مكافحة الجريمة المنظمة سيزيد لا محالة.
أنشأ المجلس الأوروبي عام 1949، و هو أقدم و أكثر شمولا من كافة التنظيمات السياسية الأوروبية الأخرى، حيث يغطي كل المجالات ما عدا مسألة الدفاع. و مقره في مدينة ستراسبورج بفرنسا، و يتم نشاط المجلس الأوروبي ضد الجريمة عن طريق اللجنة الأوروبية الخاصة بمشاكل الجريمة.
-
في 31 جان 1995، أعد المجلس الأوروبي اتفاقية لمكافحة الاتجار غير المشروع للمخدرات عبر البحار، و ذلك تنفيذا للمادة 17 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و المؤثرات العقلية، لعام 1988.
-
في جوان 1996، قام المجلس الأوروبي، بالاشتراك مع لجنة المجتمعات الأوروبية بتنفيذ مشروع يسمى (أكتوبس Octopus)، بهدف تقويم الوضع في ستة عشر دولة من وسط و شرق أوروبا، بخصوص التشريعات، و الممارسات ضد الفساد، و الجريمة المنظمة.
- في أبريل 1997، أنشئت لجنة جديدة من الخبراء في القانون الجنائي، و ذلك لدراسة ملامح الجريمةالمنظمة ، و تحديد جوانب الضعف في أدوات التعاون الدولي، و اقتراح استراتجيات جديدة. في جون من نفس السنة، تبنى المجلس الأوروبي، مشروع توصية عن حماية الشهود، تهدف إلى تأمين حماية الشهود الذين يدلون بشهاداتهم ضد الجريمة المنظمة في سبتمبر تم التوقيع على اتفاقية غسيل الأموال، البحث، و التحري، و القبض، و مصادرة عوائد الجريمة، من قبل ست عشرة دولة أوروبية.في أكتوبر من نفس العام، تبنت القمة الأوروبية الثانية، موضوعات خاصة بالأمن، و تم الإتفاق على تقوية التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، و محاربة الفساد، و الجريمة المنظمة، و غسيل الأموال.
قامت لجنة وزراء دول الاتحاد الاوروبي، بتوصية رقم11-2001، بتاريخ 19سبتمبر2001 في اطار اجتماع رقم765 لممثلي وزراء دول الاعضاء، و المتعلقة بايجاد الاطر الاساسية لمكافحة الاجرام المنظم، تذكر اللجنة ان هدف المجلس الاوروبي، هو تحقيق اتحاد اكثر قوة بين اعضائه، و هي متفطنة بضرورة، و بأهمية وإيجاد سياسة جنائية موحدة لمكافحة الاجرام المنظم، بتحديد الوسائل القانونية لجعل التشريعات اكثر فعالية و تشديد التعاون الدولي في هذا المجال.
بدأ يظهر التعاون الأمني الأوروبي، بصورة شاملة و منتظمة بعد توقيع معاهدة الوحدة الأوروبية ماسترخ، (Traity of Maastrich) عام 1992، التي وفرت الحرية الكاملة في حركة رأس المال، و السلع و الخدمات، و الأشخاص، عبر حدود الدول الأعضاء، و بدون شك فإن دوائر الجريمة المنظمة، ستستغل هذه الحرية للتحرك داخل الاتحاد، مستغلين الفجوات الموجودة في التشريعات الوطنية للعمل عبر الحدود المفتوحة.و المجلس الاوروبي يوصي الدول الاطراف على ضرورة مراجعة سياستهم الجنائية و تشريعاتهم، و السهر على اعلام كل الهيئات المعنية.و عرف المجلس الاوروبي الجماعة الاجرامية المنظمة، بانها "مجموعة مكونة من ثلاثة اشخاص فاكثر، متواجدة من قبل تعمل بهدف اقتراف احد، او العديد من المخالفات الخطيرة، حتى تحصل بشكل مباشر، اوغير مباشر على مصلحة مالية، او مادية ". L'expression "groupe criminel organisée" désigne un groupe structuré de trois personnes ou plus existant un certain temps et agissant de concert dans le but de commettre une ou plusieurs infractions graves، pour en tirer، directement ou indirectement، un avantage financier ou matériel. هذا ما جاء في التوصية رقم11(2001)، الصادرة عن المجلس الاوروبي(28)
هناك أوجه تعاون أخرى، لدول الاتحاد الأوروبي((UE، لمكافحة الجريمة المنظمة و الجرائم الأخرى الخطيرة. فالمادة 4 من معاهدة ماسترخ ، تنص على تشكيل لجنة من كبارالمسؤولين ، (تعرف باسم لجنة ك 4)، تختص بتنسيق كافة الأعمال في مجال العدالة و الشؤون الاجتماعية . ويرأس الاجتماعات لجنة ك 4 الدولة التي له ارئاسة الاتحاد الأوروبي وتشرف لجنة ك4 على ثلاث مجموعات رئيسية: المجموعةالأولى الهجرة واللجوء السياسي، المجموعة الثانية تعاون الشرطة و الجمارك والتي تشمل المخدرات ـ الجريمة المنظمة، مكتب الشرطة الجنائية الأوروبية، ومكافحةالإرهاب، المجموعة الثالثة التعاون القضائي، وتشمل تسليم المجرمين، تبادل المساعدة القضائية، معاونة الأجهزة القضائية للعمل سويا من خلال الاتحاد الأوروبي، و ذلك لمنع الذين يرتكبون جرائم في دولة من الدول الاعضاء أن يجدوا ملاذا آمنا من المحاكمة في دولة اخرى.
خاتمــــــــــــــة
إن الجريمة المنظمة ظاهرة معقدة تكتنفها أبعاد متعددة نظرا لكونها جريمة عابرة للحدود تمس الإستقرار السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي للدولة و تحتاج لضوابط بما يضمن عدم المساس بالضمانات الدستورية للمتهم، و خطورتها تكمن في خصائصها لأنها ترتكب عن طريق عصابات منظمة متخصصة متدرجة التنظيم تمارس أنشطتها بسرية تامة وبثبات و إستمرارية تزيد خطورتها مع إستعمالها للترويع و الإرهاب و العنف و الرشوة لتحقيق الربح بالمزجبين الأنشطة المشروعة و غير مشروعة بهدف شل تطبيق قانون العقوبات.
العالم اليوم مدعو لاخيار له في ذلك، إلى وضع سياسة موحدة لمكافحة الإجرام المنظم، في شتى أشكاله، و بالأخص ذلك الإجرام الذي يجد وسيلته إلى التسلل عبر الحدود إلى دول مجاورة، فيقتحم على تلك الدول، أمنها الأخلاقي، و الاقتصادي، و السياسي.
إن التعاون الدولي لمواجهة الجريمة المنظمة يقتضي أولا وضع قواعد جديدة للاختصاص خارج الحدود، و ثانيا وضع قواعد جديدة للتعاون الدولي على المستويين القضائي و الأمني،والاهم من ذلك، تفعيل دور التعاون الدولي بتعاون حقيقي بين الدول لمواجهة هذه الظاهرة.نظرا لأهمية موضوع الجريمة المنظمة،و الذي سوف يتفاقم مستقبلا مع زيادة النزعة العالمية، و مبدأ العولمة، و التكتلات الاقتصادية، و السياسية في العالم، و آثاره على العالم بأسره، و التي ستزيد من حدة انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة، مما يقتضي من المشرع في كافة الدول، تضاعف الجهود لمكافحتها، و العمل على:
أولا: تنسيق السياسة الجنائية فيمايتعلق بالظاهرة الإجرامية بشكل عام، و الجرائم المنظمة بشكل خاص
ثانيا: توقيع معاهدات بين الدول المتجاورة، بشأن تنظيم وسائل مقاومة جرائم تهريب الأموال، و العملات، و السلع الممنوعة، و السلاح، و المخدرات، تشديد العقوبات على الجرائم المنظمة، لما تمثله من أخطار
ثالثا: إنشاء إدارة دولية متخصصة في مواجهة الإجرام المنظم عبر الدول تساعد الدول في تمويلها بالمعلومات و تحتفظ ببنك المعلومات عن العصابات المنظمة و نشاطها المعروف دوليا، وتزويدها بكافة الوسائل التكنولوجية المتطورة .
رابعا: الاستفادة من خبرة المنظمات الدولية و المؤسسات الجنائية المختصة، التي تملك خبرات واسعة في مجال مكافحة الإجرام المنظم، و خاصة خبرة الدول الإتحاد الأوروبي.
خامسا: تبادل المعلومات حول حركة المجرمين، و اتخاذ مواقف موحدة للتضييق عليهم، و أن يكونوا تحت إشراف الأجهزة الأمنية
سادسا: إنشاء جهاز خاص على المستوى الأمني، أو المستوى القضائي، يتخصص في مواجهة الإجرام المنظم، بجميع أشكاله، و صوره، و يقوم بدراسة الظاهرة، و تحليلها تحليلا إجراميا، لمعرفة أساليبه، و كيفية نشاطه.
و الله ولي التوفيق.
قائمة المراجع:
1. د.هدى حامد قشقوش، الجريمةالمنظمة، القواعد الموضوعية و الإجرامية و التعاون الدولي، دار النهضة العربية،القاهرة، 200، ص6.
2.
د.طارق سرور، الجماعة الإجرامية المنظمة، دار النهضةالعربية القاهرة، 2000.
3.Queloz Nicolas, les actions internationales de la lutte contre la criminalité organisée.le cas de l’europe , Revue de science criminelle et de droit pénal comparé , 1997 .
4.
د.عبد الواحد الفار، الجرائمالدولية و سلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، 1996، ص22.
5.
أبحاث حلقةعلمية حول الجريمة المنظمة وأساليب مكافحتها المنظمة، من طرف أكاديمية نايف العربيةللعلوم الأمنية و التدريب، من 14-18 نوفمبر 1998، بالرياض.
6.
أعمال المؤتمرنشرتها المجموعة الإيطالية للجمعية الدولية للقانون العقوبات، في المجلة الدوليةلقانون العقوبات بعنوان:L es Systèmes Pénaux a L’épreuve du Crime Organisé
7.Revue Internationale de Droit Pénal, Les Systèmes Pénaux à l’épreuve du Crime Organisé, Préparation du Congres International de Droit Pénal,67 Année, Nouvelle Série,3 éme et 4éme Trimestres, 1996.
8.
هدى حامدقشقوش، المرجع السابق، ص12.
9.
المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد 6،السنة 1977، ص18.
10.
تقرير لجنة منع الجريمة و العدالة الجنائية، أعمال ندواتهافي فيينا في الفترة من21-30 افريل1992.
11.
اللواءد. محمد فتحي عيد، المكافحةالدولية للجريمة المنظمة،تقارير دولية، مجلة الأمن و الحياة، العدد 42،2001.
12.
د.محي الدين عوض، الجريمة المنظمة، المجلة العربية للدراسات الأمنيةو التدريب، العدد19، السنة1998.
13.
د.عبد الواحد الفار، الجرائم الدولية و سلطةالعقاب عليها، دار النهضة العربية، 1996.
14.
د.عبد الواحد الفار، المرجعالسابق، ص25.
15.
د. هدى حامد قشقوش، المرجع السابق، ص30.
16.
أبحاث حلقةعلمية حول الجريمة المنظمة وأساليب مكافحتها المنظمة، المرجع السابق، ص14.
17.
د.طارق سرور، المرجع السابق، ص122.
18.
د.أحمد جلال عز الدين، الإرهاب و العنفالسياسي، كتاب الحرية، القاهرة، العدد العاشر، ص89.
19.
امام حسانين عطا الله،الإرهاب و البنيان القانوني للجريمة، دار المطبوعات الجامعية، 2004، ص114.
20.
هدى حامد قشقوش، المرجع السابق، ص22.
21 .
اتفاقية الرياض العربية للتعاونالقضائي، المبرمة في 18 ماي 1989.
22.
د.عبد الفتاح محمد سراج، النظرية العامةلتسليم المجرمين"دراسة تحليلية تأصيلية"، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعةالمنصورة، 1999، ص14
23.د.علي محمد جعفر، مكافحة الجريمة المنظمة، (مناهج الأممالمتحدة و التشريع الجنائي)، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، بيروت،لبنان، الطبعة الأولى، 1998، ص149.
24.
مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمةو معاملة المجرمين، 1995، القاهرة جمهورية مصر العربية،وثيقة رقم 2/88CONF/E.
25.
مؤتمر الأمم المتحدة التاسع لمنع الجريمة و معاملةالمجرمين،المرجع السابق.
26.
د.عوض محمد محي الدين، المرجع السابق،ص110.
27.
إتفاقية الأمم المتحدة ضد الحريمة المنظمة العابرة للحدود المنعقدة فيباليرمو الإيطالية من 12-15 ديسمبر 2000 Flacone, Programme d'échange de formation et de coopération contre le crime organisée, (1998-2002).