محمد ابراهيم البادي
04-20-2010, 07:30 PM
الطعون ارقام 7 ـ 24 ـ 87 لسنة 28 القضائية جزائي
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 24/6/2009
برئاسة القاضي رانفي محمد ابراهيم رئيس الدائرة
وعضوية السادة القضاة مصطفى الطيب جبورة و احمد عبد الحميد حامد
المبدأ القضائي :-
من المقرر في فقه المذهب المالكي المعمول به في الدولة وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ان لجريمة القتل العمد الموجب للقصاص ثلاثة اركان الاول : الجاني ويشترط فيه ان يكون اهلا للمسئولية الجنائية بان يكون عاقلا بالغا معصوم الدم ، الثاني : المجني عليه ويشترط فيه ان يكون معصوم الدم ، و الثالث : الجناية ويشترط فيها ان يكون عمدا عدوانا ، وانه من المقرر في مذهب الامام مالك ان القتل نوعان عمد و خطأ ، ولا يعترف بالقتل سبه العمد ، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعا باتيان الجاني القتل المؤدي الى الموت عمدا عدوانا ، ولم يقصد للهو اللعب ولا عبرة بما اذا كانت الالة او الوسيلة التي استعملت قاتلة او غير قاتلة ، ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية ص 339 ، 340 في صفة القتل وهو ثلاثة انواع اثنان متفق عليهما وهما العمد و الخطأ وواحد مختلف فيه وهو شبه العمد ، فاما العمد فهو ان يقصد القتل ـ القتل بضرب محدد او بمثل او باحراق او خنق او سم او غير فيوجب القود .
وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 8 ص 7 وان قصد ـ اي تعمد ـ القاتل ضربا مرات بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالبا وفعل ذلك بقضيب او عداوة يقتض منه ، وبما يستخلص من ذلك ان قصد الضرب باي اداة كيفما كانت واحدثت الوفاة فان ذلك يوجب القصاص .
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص و المداولة ،،،
حيث ان النيابة العامة اسندت الى الطاعن و اخر انهما بتاريخ 17/12/2002 بدائرة الشارقة:-
المتهم الاول :-
(1) قتل عمدا -------- بان خنقه بحبل قاصدا في ذلك قتله فحدثت به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالاوراق والتي اودت بحياته .
(2) اخفى جثة المجني عليه سالف الذكر بان القاها في الطريق العام وقام بحرقها بقصد اخفاء معاملها .
(3) وهو مسلم بالغ عاقل شرب الخمر دون ضرورة شرعية تبيح له ذلك .
(4) وهو اجنبي دخل البلاد دون ان يكون له جواز سفر او وثيقة سفر صالحتان او تأشيرة او اذن دخول او تصريح اقامة ساري المفعول .
وطلبت معاقبته وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية والغراء و المواد 266 ، 271 ـ 274 من قانون العقوبات ، و المواد 1 ، 2 ، 3 من القانون رقم 13 لسنة 1976 بشأن دخول الاجانب .
وحيث ان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في ان كل من المتهم والمجني عليه تربطهما علاقة وكان المتهم يقوم بتسيير اعمال الكراج الخاص بالمجني عليه وليلة الحادث وبعد ان قضاء سهرة ليليلة تناولا فيها الطعام و شرب الخمر بمنزل المجني عليه وفي حضور زوجة المجني عليه و شقيقته و زوجها و اولادها ولم انصرف الاخيران وذهبت زوجة المجني عليه بسيارة مستقلة سيارة ابنها ------- الى دبي في ساعة متأخرة من الليل بعدها بقي المجني عليه والمتهم بمفردهما وقام المتهم بقتل المجني عليه ، وذلك بان قام بلف حبل على رقبته حتى فارق الحياة وعندما حمله بسيارة كابرس و القاءه في منطقة عجمان وقام بحرق جثته حيث سكب عليها مادة بترولية واشعل النار فيها ، وحيث انه بسؤال المتهم قرر ان المجني عليها كان مثقلا بالديون وانه هو الذي حاول الانتحار بخنق نفسه بالحبل ، ولكونه مازال حيا قام المتهم بشد الحبل بقوة حتى فارق الحياة وقام يتعين وجثته بحمله و القائه في منطقة نائية وانه قام بحرقه ، وبسؤال زوجة المجني عليه قررت ان المتهم اخبرها عن طريق الهاتف انه قتل زوجها ، وطلب منها غسل الفراش الذي كان يرقد عليه لان المجني عليه قد بال على الفراش ، وبسؤال زوجة شقيق المجني عليه ------- قرر بان المتهم اعترف بانه قتل المجني عليه ، كما اعترف المتهم بقتل المجني عليه بتحقيقات النيابة العامة وقام بتمثيل الجريمة و كيفية ارتكابها امام النيابة العامة ، وبسؤال المتهم امام محكمة الموضوع بدرجتيها انكر ارتكاب الجريمة و اعترف بشرب الخمر فقط .
وبتاريخ 29/5/2004 قضت محكمة اول درجة وباجماع الاراء وحضوريا بقتل الطاعن قصاصا بالمجني عليه --------- بالوسائل المتاحة .
استأنفت النيابة العامة الحكم بالاستئناف 662/2004 ، كما استأنف المتهم بالاستئناف 680/2004 جزائي الشارقة ، وبتاريخ 13/12/2005 قضت محكمة استئناف الشارقة الاتحادية بقبول الاستئناف شكلا و في الموضوع برفض استئناف الطاعن وقبول استئناف النيابة العامة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من قبل المتهم المستأنف --------- قصاصا لقتله --------- بالوسائل المتاحة عن جميع الجرائم المسندة اليه .
طعن المحكوم عليه بالطعنين الماثلين 7 ، 87/28 بموجب صحيفة طعن اودعت الاولى قلم كتاب المحكمة العليا الاتحادية بتاريخ 3/1/2006 من المحامي --------- ، كما اودعت الصحيفة الثانية قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25/2/2006 من المحامي --------- ، وطعنت النيابة العامة على الحكم بحكم القانون بالطعن رقم 24/28 طالبة اقرار الحكم المطعون فيه من محكمة استئناف الشارقة بحق المتهم بالاعدام بالطرق المتاحة ، قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعنين 7 ـ 87/28 من الطاعن وقبول طعن النيابة العامة 24/28 باقرار الحكم المطعون فيه .
أولا : من حيث الشكل :-
وحيث ان المتهم في طعن النيابة العامة 24/28 قد دفع بعدم قبول الطعن على سند انه قدم بعد الميعاد .
وحيث ان هذا الدفع في غير محله ذلك ان مؤدى نص المادة 245 من قانون الاجراءات الجزائية ان الطعن يقوم خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم و اضافت المادة 331 من ذات القانون عشرة مواعيد مسافة لمن يكون موطنه خارج المحكمة ، ولما كان الطعن مقدما من نيابة الشارقة بتاريخ 20/1/2006 وكان الحكم المطعون فيه صدر في 13/12/2005 ومن ثم فانه يكون قد قدم في اليوم التاسع و الثلاثين باضافة عشرة ايام مواعيد مسافة فان الطعن قدم في الميعاد متعين القبول شكلا ، ويضحى النعي على غير اساس .
ومن ثم فان الطعون الثلاثة تكون قد حازت كافة اوضاعها الشكلية المقررة قانونا وتكون مقبولة شكلا .
ثانيا : من حيث الموضوع :-
اولا: الطعنان 7 ـ 87/28 :-
وحيث ان الطاعن ينعى بالسبب الاول في الطعنين 7 ، 87/28 على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الاخلال بحق الدفاع اذ انه دانه الحكم بناء على اعترافه في تحقيقات النيابة العامة الذي جاء وليد التهديد و التعذيب قد تعرض اثناء وجوده بمركز شرطة عجمان الى ضرب مبرح ونقل الى المستشفى وملابسه ملطخة بالدماء ، وانه انكر قتله المجني عليه منذ فجر التحقيقات ونظرا لانه ظل مستيقظا فترة اثنتين وسبعين ساعة واصيب بالتعب و الجوع والارهاق ، ومن ثم جاء اعترافه وليد هذا الاكراه وانه تمسك بهذا الدفاع امام المحكمة الا ان الحكم المطعون فيه لم يعن مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان النعي غير مقبول ذلك انه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ ان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الادلة و الترجيح بينها و الاخذ بما تراه راجحا منها اذ انها لا تقضي الا على اساس ما تطمئن اليه وتثق به ـ ولها ان تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر الاستدلالات وبتحقيقات النيابة العامة حتى اطمأنت لصدوره عن ارادة حرة ومختارة وواعية و لا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها ان تبين الحقيقة التي اقتنعت بها ، وان تقيم قضاءها على اسباب سائغة تكفي لحمله و لا عليها من بعد بتتبع الخصوم في مختلف اقوالهم و حججهم وطلباتهم ، وان ترد استقلالا على كل قول او طلب اثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها و اوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الاقوال والحجج و الطلبات ، وان الدفع بصدور الاعتراف تحت تأثير اكراه يقع عبء اثباته على من يدعيه لوروده على خلاف الاصل اذ الاصل في الاجراء الصحة .
ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه في مقام الرد علىالدفع بالاكراه اورد قوله "اما عن الدفع بالاكراه و ان الاعتراف كان وليد الخوف و التهديد والضرب فهذا مكتوب بالوقائع المتوفرة والمتضافرة في الاوراق فقد ثبت من معاينة المتهم عدم وجود اي اصابات او اثار وهو التقرير الطبي المؤرخ 25/12/2002 ، كما ان الشهود الرائد ---------- و الرائد --------- اكدوا ان المتهم لم يتعرض للاكراه او الضرب واكد ذلك الشاهد ---------- احد نزلاء السجن مع المتهم ، ان المتهم جاء اليهم بالسجن وكان طبيعيا ولم يشاهد عليه اي كدمات ، وقال الشاهد الرائد ---------- ان المتهم مثل الجريمة ولم يعتد عليه احد او يضربه او يكرهه وان المتهم قال له قد وجد المجني عليه قد لف على عنقه حبلا وكان مازال حيا فقام بشد الحبل على رقبته حتى لم يتبق به حياة او حركة وانه حمل الجثة في صندوق السيارة" ، وكان ما خلص ليه الحكم المطعون فيه جاء سائغا وله اصله الثابت بالاوراق ويكفي لحمل قضائه في شأن صحة اعتراف المتهم ومن ثم فان ما ينعى به الطاعن من كون اعترافه جاء وليد واكراه مادي ومعنوي يضحى على غير اساس ومتعينا الرفض .
وبالسببين الثاني و الثالث بالطعنين 7 ـ 87/28 فان الطاعن ينعى بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الشريعة الاسلامية و القانون والفساد في الاستدلال ذلك انه دانه بجريمة القتل العمد رغم انتفاء اركان جريمة القتل العمد وعدم توفر القصد الجنائي لدى الطاعن كونه تربطه بالمجني عليه علاقة قوية تتمثل في صلة القربى وعلاقة العمل و انه يقضي معظم اوقاته بمنزل المجني عليه ، وان المجني عليه قرر الانتحار للتخلص من ديونه المتراكمة فضلا عن وجود باعث للقتل ولا يوجد ثمة دليل على حدوثه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث ان النعي في غير محله ذلك انه من المقرر في فقه المذهب المالكي المعمول به في الدولة وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ان لجريمة القتل العمد الموجب للقصاص ثلاثة اركان الاول : الجاني ويشترط فيه ان يكون اهلا للمسئولية الجنائية بان يكون عاقلا بالغا معصوم الدم ، الثاني : المجني عليه ويشترط فيه ان يكون معصوم الدم ، و الثالث : الجناية ويشترط فيها ان يكون عمدا عدوانا ، وانه من المقرر في مذهب الامام مالك ان القتل نوعان عمد و خطأ ، ولا يعترف بالقتل سبه العمد ، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعا باتيان الجاني القتل المؤدي الى الموت عمدا عدوانا ، ولم يقصد للهو اللعب ولا عبرة بما اذا كانت الالة او الوسيلة التي استعملت قاتلة او غير قاتلة ، ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية ص 339 ، 340 في صفة القتل وهو ثلاثة انواع اثنان متفق عليهما وهما العمد و الخطأ وواحد مختلف فيه وهو شبه العمد ، فاما العمد فهو ان يقصد القتل ـ القتل بضرب محدد او بمثل او باحراق او خنق او سم او غير فيوجب القود .
وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 8 ص 7 وان قصد ـ اي تعمد ـ القاتل ضربا مرات بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالبا وفعل ذلك بقضيب او عداوة يقتض منه ، وبما يستخلص من ذلك ان قصد الضرب باي اداة كيفما كانت واحدثت الوفاة فان ذلك يوجب القصاص .
ولما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه المؤيد باسبابه للحكم المستأنف انه دان الطاعن بجريمة القتل العمد عدوانا اخذا من اعترافه بتحقيقات النيابة العامة انه خنق المجني عليه بالحبل الذي لف حول عنقه الى ان قضى عليه وفارق الحياة ومن ثم حمله بالسيارة الكابرس والقى جثته في منطقة نائية بعجمان وقام بحرقها وقام بتمثيل كيفية ارتكاب الجريمة للنيابة العامة وذلك بارادة حرة ودون اكراه ، وذلك مما ورد بشهادة الشهود الرائد --------- و ---------- والملازم ---------- و ان اعتراف المتهم تأيد بالادلة القولية و العقلية حيث بين تقرير الطبيب الشرعي ان الوفاة حدثت بالخنق ومن ثم تم حرق الجثة ، واكد ذلك بشهادته امام المحكمة ، كما ثبت من مدونات الحكم المطعون فيه ان المتهم بقي وحيدا مع المجني عليه الى تحرك بالسيارة الكابري وان هذه الافادات جاءت متوافقة و اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما قررته المتهم الثانية (زوجة المجني عليه) بان المتهم اخبرها بقتل المجني عليه وعليها غسل الفراش الذي بال عليه وما ثبت من دائرة الاتصالات من هاتف المتهم الاول (الطاعن) للمتهمة الثانية ، وجاءت كل هذه الافادات مطابقة لاعتراف الطاعن واذ اجتمعت كل هذه الادلة في حق الطاعن على ارتكابه تلك الافعال من خنق وحرق المجني عليه فانه يكون قد ثبت في حقه قتل المجني عليه عمدا و عدوانا ولا عبرة بعد ثبوت جريمة القتل خنقا و الاحراق ان يكون هناك باعث ايا كان مقصوده ولو كان تحقيقت لوصية المجني عليه ومن ثم يكون النعي في غير محله متعينا الرفض .
ثانيا : الطعن رقم 24/28 المقام من النيابة العامة :-
وحيث ان النيابة العامة طعنت على الحكم بحكم القانون طلبة اقراره ذلك انه جاء صحيحا ، وحيث ان الحكم المطعون فيه ـ على ما سلف بيانه ـ في الطعنين 7 ـ 87/28 من المحكوم ضده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه اركان الجريمة التي دان الطاعن المحكوم عليه بالقتل قصاصا ومستمدة من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة والتقرير الطبي واقوال الشهود من خنقه للمجني عليه حتى فارق الحياة ومن ثم حمله وحرقه بعيدا من مكان الواقعة و توافرت في الاوراق جريمة القتل العمد العدوان في حق الطاعن ومن حق اوليا الدم وصمموا على طلب القصاص ومن ثم فانه يتعين اقرار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عقوبة الاعدام قصاصا على المطعون ضده -----.
لذلك
حكمت المحكمة وباجماع الاراء :-
أولا: برفض الطعنين رقمي 7 ، 87/28 المرفوعين من الطاعن ------------ .
ثانيا : في الطعن رقم 24/28 المرفوع من النيابة العامة باقرار الحكم المطعون فيه بما قضى به من قتل المحكوم عليه -------- قصاصا لقتله المجني عليه ----------- عمدا و عدوانا مع عرض الاوراق على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق عليه عملا بنص المادة 283 من قانون الاجراءات الجزائية .
مجلة الشريعة و القانون ـ العدد الثاني و الاربعين ـ ربيع الاخر 1431 ـ ابريل 2010
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 24/6/2009
برئاسة القاضي رانفي محمد ابراهيم رئيس الدائرة
وعضوية السادة القضاة مصطفى الطيب جبورة و احمد عبد الحميد حامد
المبدأ القضائي :-
من المقرر في فقه المذهب المالكي المعمول به في الدولة وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ان لجريمة القتل العمد الموجب للقصاص ثلاثة اركان الاول : الجاني ويشترط فيه ان يكون اهلا للمسئولية الجنائية بان يكون عاقلا بالغا معصوم الدم ، الثاني : المجني عليه ويشترط فيه ان يكون معصوم الدم ، و الثالث : الجناية ويشترط فيها ان يكون عمدا عدوانا ، وانه من المقرر في مذهب الامام مالك ان القتل نوعان عمد و خطأ ، ولا يعترف بالقتل سبه العمد ، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعا باتيان الجاني القتل المؤدي الى الموت عمدا عدوانا ، ولم يقصد للهو اللعب ولا عبرة بما اذا كانت الالة او الوسيلة التي استعملت قاتلة او غير قاتلة ، ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية ص 339 ، 340 في صفة القتل وهو ثلاثة انواع اثنان متفق عليهما وهما العمد و الخطأ وواحد مختلف فيه وهو شبه العمد ، فاما العمد فهو ان يقصد القتل ـ القتل بضرب محدد او بمثل او باحراق او خنق او سم او غير فيوجب القود .
وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 8 ص 7 وان قصد ـ اي تعمد ـ القاتل ضربا مرات بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالبا وفعل ذلك بقضيب او عداوة يقتض منه ، وبما يستخلص من ذلك ان قصد الضرب باي اداة كيفما كانت واحدثت الوفاة فان ذلك يوجب القصاص .
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص و المداولة ،،،
حيث ان النيابة العامة اسندت الى الطاعن و اخر انهما بتاريخ 17/12/2002 بدائرة الشارقة:-
المتهم الاول :-
(1) قتل عمدا -------- بان خنقه بحبل قاصدا في ذلك قتله فحدثت به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالاوراق والتي اودت بحياته .
(2) اخفى جثة المجني عليه سالف الذكر بان القاها في الطريق العام وقام بحرقها بقصد اخفاء معاملها .
(3) وهو مسلم بالغ عاقل شرب الخمر دون ضرورة شرعية تبيح له ذلك .
(4) وهو اجنبي دخل البلاد دون ان يكون له جواز سفر او وثيقة سفر صالحتان او تأشيرة او اذن دخول او تصريح اقامة ساري المفعول .
وطلبت معاقبته وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية والغراء و المواد 266 ، 271 ـ 274 من قانون العقوبات ، و المواد 1 ، 2 ، 3 من القانون رقم 13 لسنة 1976 بشأن دخول الاجانب .
وحيث ان الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في ان كل من المتهم والمجني عليه تربطهما علاقة وكان المتهم يقوم بتسيير اعمال الكراج الخاص بالمجني عليه وليلة الحادث وبعد ان قضاء سهرة ليليلة تناولا فيها الطعام و شرب الخمر بمنزل المجني عليه وفي حضور زوجة المجني عليه و شقيقته و زوجها و اولادها ولم انصرف الاخيران وذهبت زوجة المجني عليه بسيارة مستقلة سيارة ابنها ------- الى دبي في ساعة متأخرة من الليل بعدها بقي المجني عليه والمتهم بمفردهما وقام المتهم بقتل المجني عليه ، وذلك بان قام بلف حبل على رقبته حتى فارق الحياة وعندما حمله بسيارة كابرس و القاءه في منطقة عجمان وقام بحرق جثته حيث سكب عليها مادة بترولية واشعل النار فيها ، وحيث انه بسؤال المتهم قرر ان المجني عليها كان مثقلا بالديون وانه هو الذي حاول الانتحار بخنق نفسه بالحبل ، ولكونه مازال حيا قام المتهم بشد الحبل بقوة حتى فارق الحياة وقام يتعين وجثته بحمله و القائه في منطقة نائية وانه قام بحرقه ، وبسؤال زوجة المجني عليه قررت ان المتهم اخبرها عن طريق الهاتف انه قتل زوجها ، وطلب منها غسل الفراش الذي كان يرقد عليه لان المجني عليه قد بال على الفراش ، وبسؤال زوجة شقيق المجني عليه ------- قرر بان المتهم اعترف بانه قتل المجني عليه ، كما اعترف المتهم بقتل المجني عليه بتحقيقات النيابة العامة وقام بتمثيل الجريمة و كيفية ارتكابها امام النيابة العامة ، وبسؤال المتهم امام محكمة الموضوع بدرجتيها انكر ارتكاب الجريمة و اعترف بشرب الخمر فقط .
وبتاريخ 29/5/2004 قضت محكمة اول درجة وباجماع الاراء وحضوريا بقتل الطاعن قصاصا بالمجني عليه --------- بالوسائل المتاحة .
استأنفت النيابة العامة الحكم بالاستئناف 662/2004 ، كما استأنف المتهم بالاستئناف 680/2004 جزائي الشارقة ، وبتاريخ 13/12/2005 قضت محكمة استئناف الشارقة الاتحادية بقبول الاستئناف شكلا و في الموضوع برفض استئناف الطاعن وقبول استئناف النيابة العامة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من قبل المتهم المستأنف --------- قصاصا لقتله --------- بالوسائل المتاحة عن جميع الجرائم المسندة اليه .
طعن المحكوم عليه بالطعنين الماثلين 7 ، 87/28 بموجب صحيفة طعن اودعت الاولى قلم كتاب المحكمة العليا الاتحادية بتاريخ 3/1/2006 من المحامي --------- ، كما اودعت الصحيفة الثانية قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25/2/2006 من المحامي --------- ، وطعنت النيابة العامة على الحكم بحكم القانون بالطعن رقم 24/28 طالبة اقرار الحكم المطعون فيه من محكمة استئناف الشارقة بحق المتهم بالاعدام بالطرق المتاحة ، قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعنين 7 ـ 87/28 من الطاعن وقبول طعن النيابة العامة 24/28 باقرار الحكم المطعون فيه .
أولا : من حيث الشكل :-
وحيث ان المتهم في طعن النيابة العامة 24/28 قد دفع بعدم قبول الطعن على سند انه قدم بعد الميعاد .
وحيث ان هذا الدفع في غير محله ذلك ان مؤدى نص المادة 245 من قانون الاجراءات الجزائية ان الطعن يقوم خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم و اضافت المادة 331 من ذات القانون عشرة مواعيد مسافة لمن يكون موطنه خارج المحكمة ، ولما كان الطعن مقدما من نيابة الشارقة بتاريخ 20/1/2006 وكان الحكم المطعون فيه صدر في 13/12/2005 ومن ثم فانه يكون قد قدم في اليوم التاسع و الثلاثين باضافة عشرة ايام مواعيد مسافة فان الطعن قدم في الميعاد متعين القبول شكلا ، ويضحى النعي على غير اساس .
ومن ثم فان الطعون الثلاثة تكون قد حازت كافة اوضاعها الشكلية المقررة قانونا وتكون مقبولة شكلا .
ثانيا : من حيث الموضوع :-
اولا: الطعنان 7 ـ 87/28 :-
وحيث ان الطاعن ينعى بالسبب الاول في الطعنين 7 ، 87/28 على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الاخلال بحق الدفاع اذ انه دانه الحكم بناء على اعترافه في تحقيقات النيابة العامة الذي جاء وليد التهديد و التعذيب قد تعرض اثناء وجوده بمركز شرطة عجمان الى ضرب مبرح ونقل الى المستشفى وملابسه ملطخة بالدماء ، وانه انكر قتله المجني عليه منذ فجر التحقيقات ونظرا لانه ظل مستيقظا فترة اثنتين وسبعين ساعة واصيب بالتعب و الجوع والارهاق ، ومن ثم جاء اعترافه وليد هذا الاكراه وانه تمسك بهذا الدفاع امام المحكمة الا ان الحكم المطعون فيه لم يعن مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان النعي غير مقبول ذلك انه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ ان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الادلة و الترجيح بينها و الاخذ بما تراه راجحا منها اذ انها لا تقضي الا على اساس ما تطمئن اليه وتثق به ـ ولها ان تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر الاستدلالات وبتحقيقات النيابة العامة حتى اطمأنت لصدوره عن ارادة حرة ومختارة وواعية و لا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها ان تبين الحقيقة التي اقتنعت بها ، وان تقيم قضاءها على اسباب سائغة تكفي لحمله و لا عليها من بعد بتتبع الخصوم في مختلف اقوالهم و حججهم وطلباتهم ، وان ترد استقلالا على كل قول او طلب اثاروه مادام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها و اوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الاقوال والحجج و الطلبات ، وان الدفع بصدور الاعتراف تحت تأثير اكراه يقع عبء اثباته على من يدعيه لوروده على خلاف الاصل اذ الاصل في الاجراء الصحة .
ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه في مقام الرد علىالدفع بالاكراه اورد قوله "اما عن الدفع بالاكراه و ان الاعتراف كان وليد الخوف و التهديد والضرب فهذا مكتوب بالوقائع المتوفرة والمتضافرة في الاوراق فقد ثبت من معاينة المتهم عدم وجود اي اصابات او اثار وهو التقرير الطبي المؤرخ 25/12/2002 ، كما ان الشهود الرائد ---------- و الرائد --------- اكدوا ان المتهم لم يتعرض للاكراه او الضرب واكد ذلك الشاهد ---------- احد نزلاء السجن مع المتهم ، ان المتهم جاء اليهم بالسجن وكان طبيعيا ولم يشاهد عليه اي كدمات ، وقال الشاهد الرائد ---------- ان المتهم مثل الجريمة ولم يعتد عليه احد او يضربه او يكرهه وان المتهم قال له قد وجد المجني عليه قد لف على عنقه حبلا وكان مازال حيا فقام بشد الحبل على رقبته حتى لم يتبق به حياة او حركة وانه حمل الجثة في صندوق السيارة" ، وكان ما خلص ليه الحكم المطعون فيه جاء سائغا وله اصله الثابت بالاوراق ويكفي لحمل قضائه في شأن صحة اعتراف المتهم ومن ثم فان ما ينعى به الطاعن من كون اعترافه جاء وليد واكراه مادي ومعنوي يضحى على غير اساس ومتعينا الرفض .
وبالسببين الثاني و الثالث بالطعنين 7 ـ 87/28 فان الطاعن ينعى بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الشريعة الاسلامية و القانون والفساد في الاستدلال ذلك انه دانه بجريمة القتل العمد رغم انتفاء اركان جريمة القتل العمد وعدم توفر القصد الجنائي لدى الطاعن كونه تربطه بالمجني عليه علاقة قوية تتمثل في صلة القربى وعلاقة العمل و انه يقضي معظم اوقاته بمنزل المجني عليه ، وان المجني عليه قرر الانتحار للتخلص من ديونه المتراكمة فضلا عن وجود باعث للقتل ولا يوجد ثمة دليل على حدوثه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث ان النعي في غير محله ذلك انه من المقرر في فقه المذهب المالكي المعمول به في الدولة وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ان لجريمة القتل العمد الموجب للقصاص ثلاثة اركان الاول : الجاني ويشترط فيه ان يكون اهلا للمسئولية الجنائية بان يكون عاقلا بالغا معصوم الدم ، الثاني : المجني عليه ويشترط فيه ان يكون معصوم الدم ، و الثالث : الجناية ويشترط فيها ان يكون عمدا عدوانا ، وانه من المقرر في مذهب الامام مالك ان القتل نوعان عمد و خطأ ، ولا يعترف بالقتل سبه العمد ، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعا باتيان الجاني القتل المؤدي الى الموت عمدا عدوانا ، ولم يقصد للهو اللعب ولا عبرة بما اذا كانت الالة او الوسيلة التي استعملت قاتلة او غير قاتلة ، ويقول ابن جزي في القوانين الفقهية ص 339 ، 340 في صفة القتل وهو ثلاثة انواع اثنان متفق عليهما وهما العمد و الخطأ وواحد مختلف فيه وهو شبه العمد ، فاما العمد فهو ان يقصد القتل ـ القتل بضرب محدد او بمثل او باحراق او خنق او سم او غير فيوجب القود .
وورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 8 ص 7 وان قصد ـ اي تعمد ـ القاتل ضربا مرات بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالبا وفعل ذلك بقضيب او عداوة يقتض منه ، وبما يستخلص من ذلك ان قصد الضرب باي اداة كيفما كانت واحدثت الوفاة فان ذلك يوجب القصاص .
ولما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه المؤيد باسبابه للحكم المستأنف انه دان الطاعن بجريمة القتل العمد عدوانا اخذا من اعترافه بتحقيقات النيابة العامة انه خنق المجني عليه بالحبل الذي لف حول عنقه الى ان قضى عليه وفارق الحياة ومن ثم حمله بالسيارة الكابرس والقى جثته في منطقة نائية بعجمان وقام بحرقها وقام بتمثيل كيفية ارتكاب الجريمة للنيابة العامة وذلك بارادة حرة ودون اكراه ، وذلك مما ورد بشهادة الشهود الرائد --------- و ---------- والملازم ---------- و ان اعتراف المتهم تأيد بالادلة القولية و العقلية حيث بين تقرير الطبيب الشرعي ان الوفاة حدثت بالخنق ومن ثم تم حرق الجثة ، واكد ذلك بشهادته امام المحكمة ، كما ثبت من مدونات الحكم المطعون فيه ان المتهم بقي وحيدا مع المجني عليه الى تحرك بالسيارة الكابري وان هذه الافادات جاءت متوافقة و اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما قررته المتهم الثانية (زوجة المجني عليه) بان المتهم اخبرها بقتل المجني عليه وعليها غسل الفراش الذي بال عليه وما ثبت من دائرة الاتصالات من هاتف المتهم الاول (الطاعن) للمتهمة الثانية ، وجاءت كل هذه الافادات مطابقة لاعتراف الطاعن واذ اجتمعت كل هذه الادلة في حق الطاعن على ارتكابه تلك الافعال من خنق وحرق المجني عليه فانه يكون قد ثبت في حقه قتل المجني عليه عمدا و عدوانا ولا عبرة بعد ثبوت جريمة القتل خنقا و الاحراق ان يكون هناك باعث ايا كان مقصوده ولو كان تحقيقت لوصية المجني عليه ومن ثم يكون النعي في غير محله متعينا الرفض .
ثانيا : الطعن رقم 24/28 المقام من النيابة العامة :-
وحيث ان النيابة العامة طعنت على الحكم بحكم القانون طلبة اقراره ذلك انه جاء صحيحا ، وحيث ان الحكم المطعون فيه ـ على ما سلف بيانه ـ في الطعنين 7 ـ 87/28 من المحكوم ضده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه اركان الجريمة التي دان الطاعن المحكوم عليه بالقتل قصاصا ومستمدة من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة والتقرير الطبي واقوال الشهود من خنقه للمجني عليه حتى فارق الحياة ومن ثم حمله وحرقه بعيدا من مكان الواقعة و توافرت في الاوراق جريمة القتل العمد العدوان في حق الطاعن ومن حق اوليا الدم وصمموا على طلب القصاص ومن ثم فانه يتعين اقرار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عقوبة الاعدام قصاصا على المطعون ضده -----.
لذلك
حكمت المحكمة وباجماع الاراء :-
أولا: برفض الطعنين رقمي 7 ، 87/28 المرفوعين من الطاعن ------------ .
ثانيا : في الطعن رقم 24/28 المرفوع من النيابة العامة باقرار الحكم المطعون فيه بما قضى به من قتل المحكوم عليه -------- قصاصا لقتله المجني عليه ----------- عمدا و عدوانا مع عرض الاوراق على صاحب السمو رئيس الدولة للتصديق عليه عملا بنص المادة 283 من قانون الاجراءات الجزائية .
مجلة الشريعة و القانون ـ العدد الثاني و الاربعين ـ ربيع الاخر 1431 ـ ابريل 2010