المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدفاع الشرعي


امبراطورة
01-12-2014, 08:40 PM
ابصر المتهم شخصا مقبلا نحوه في ظلام دامس وفي ساعة متأخرة من الليل وبيده شي ظنه سلاح موجهة إليه حيث سبق تهديده بالقتل اكثر من مرة من أعداء له فعاجله باطلاق الرصاص عليه فقتله ثم تبين بعد ذلك ان هذا الشخص صديقا للمتهم وان مايحمله لم يكن سلاح وانما أداة لا ضرر منها تم القبض على الجاني ووجهت اليه النيابة العامة تهمة ارتكاب جريمة قتل عمد واحالته الى محكمة الجنايات ودفع محاميه امام المحكمة بانه كان في حالة دفاع شرعي ولذا فانه يستفيد من سبب اباحة لاعتقاده لوجود خطر وردت النيابة العامة على هذه الدفع بان اعتقاد المتهم بوجود الخطر لايقوم مقام الخطر الحقيقي في جميع الاحوال.

§ هل يستفيد المتهم بصدد هذه الواقعة من سبب اباحة متمثلا في الدفاع الشرعي او لا؟

§ وهل يختلف الحكم فيما لو كان المتهم ليس مهددا بالقتل وكان الوقت نهارا ونظرا لشدة اضطرابه وخوفه الشديد من اي شخص يقترب منه، ابصر ظل شخص خلفه فعاجله باطلاق عيار ناري عليه اعتقاد منه انه يريد شرا به فارداه قتيلا ثم تبين بعد ذلك ان المجني عليه كان يمر بالطريق بمحض الصدفة وانه لم يكن يريد شرا بالمتهم.

محمد ابراهيم البادي
01-12-2014, 11:10 PM
نصت المادة (56) من قانون العقوبات الاتحادي على انه "لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق الدفاع الشرعي بشروط ذكرها المشرع هي:
اولا: اذا واجه المدافع خطرا حالا من جريمة على نفسه او ماله او نفس غيره او ماله او اعتقد قيام هذا الخطر وكان اعتقاده مبنيا على اسباب معقولة.
ثانيا: ان يتعذر على المدافع الالتجاء الى السلطات العامة لاتقاء الخطر في الوقت المناسب.
ثالثا: الا يكون امام المدافع وسيلة اخرى لدفع هذا الخطر.
رابعا: ان يكون الدفاع لازما لدفع الاعتداء متناسبا معه" .

ونصت المادة (57) من ذات القانون على انه "لا يبيح حق الدفاع الشرعي القتل عمدا الا اذا اريد به دفع احد الامور الاتية:
1- فعل يتخوف ان يحدث الموت او جراح بالغة اذا كان لهذا التخوف اسباب معقولة.
2- مواقعة انثى كرها او هتك عرض اي شخص بالقوة.
3- اختطاف انسان.
4- جنايات الحريق او الاتلاف او السرقة.
5- الدخول ليلا في منزل مسكون او في احد ملحقاته.

ولاجل ايضح الصورة اكثر في السؤال الوارد سأورد حكم من عدل قضاء محكمة نقض ابوظبي التي ذكرت الدفاع الشرعي في الشريعة الاسلامية الغراء في تعريف وافي كافي وستكون اجابة السؤال منه ، وعلى السائلة ايجاده من ذلك الحكم بعد التمعن في قراءته ، وان نحصل على الاجابة منها بعد ذلك في سرد يذكر في السؤال نفسه.

لما كان من المقرر أن الشريعة الإسلامية وإن أباحت الدفاع الشرعي دفعاً للصائل وهو حق الإنسان وواجبه لحماية نفسه وغيره أو ماله أو مال غيره من خطر محدق إلا أنه يشترط لتوافره ألا يكون هناك وسيلة أخرى ممكنة لدفع الصائل وأن يكون الدفاع بالقدر اللازم لدفع الاعتداء فإذا كان في وسع المعتدى عليه أن يدرأ الخطر المحدق بفعل معين فلا يباح له أن يدرأه بفعل أشد جسامة وهو ما جرى عليه أيضاً نص المادة (56) من قانون العقوبات الاتحادي وإن تقدير مدى توافر شروط الدفاع الشرعي والتزام حدوده هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك ما دام تقديرها سائغاً وقائماً على ما له أصله الثابت في الأوراق بما يكفي لحمل قضائها .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حال رده على دفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن العرض فإنه يكون قد اقترن بالصواب ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ذلك وكان من المقرر شرعاً أن القتل وفقاً لمذهب الإمام مالك نوعان عمد وخطأ ولا ثالث لهما وإن القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعاً بإتيان الجاني الفعل المؤدي إلى الموت عمداً عدواناً ولو لم يقصد من وراءه قتلاً ولا عبرة في ذلك إذا لما كانت الأداة المستعملة في هذا الفعل قاتلة أو غير قاتلة فقد ورد في شرح "الزرقاني" على متن خليل ج4 ص 7 (وإن قصد أي تعمد القاتل ضرباً وإن بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك لغضب أو عداوة يقتص منه) ويقول "أحمد الدردير" في الشرح الصغير ج4 ص331– 338 وإن شرط الجناية الموجبة للقصاص (وشرطها العمد العدوان وإن تعمد الجاني ضرباً لم يجز بمحدد وإن بقضيب أو عصا أو سوط أو نحوهما مما لا يقتل غالباً وإن لم يقصد قتله) ويقول "ابن جزى" في كتابه القوانين الفقهية ص 339 و340 (فأما العمد فهو أن يتعمد الجاني الضرب بمحدد أو بمثقل أو بإحراق أو خنق أو غير ذلك فيجب فيه القود) وهو ما يستخلص منه أن قصد الضرب بأي أداة كيفما كانت وأحدثت الوفاة يوجب القصاص.
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عرض لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر الشرعية والقانونية لجناية القتل العمد العدوان التي أدان بها الطاعن تعزيراً واستدل على ثبوتها في حقه من اعترافه بتحقيقات النيابة من أنه وعلى إثر تحرش المجني عليه به جنسياً سبه فرد عليه المجني عليه بسبه ودفعه دفعة بسيطة في وجهه فأخرج سكيناً من سيارته وقام بطعنه عدة طعنات وكان المذكور يقاومه ويقوم بضربه حتى سكن واستلقى على المقعد عندها اعتقد أنه فارق الحياة وبعد فترة من الزمن بدأ المجني عليه يوجه له بعض الكلمات فقام بمعاودة طعنه عدة طعنات متفرقة في جسده حتى فارق الحياة ثم توجه بالمجني عليه إلى إمارة الشارقة بغرض التخلص من الجثة حيث التقى الشاهد ............ وطلب منه تزويد سيارته بالوقود بعد أن أحاطه علماً بالواقعة وبسؤال الشاهد المذكور بالتحقيقات أفاد بأنه وعقب وصوله إلى الطاعن لتزويد سيارته بالوقود بناءً على طلبه شاهد الأخير وقد بدت عليه علامات الارتباك وملابسه ملطخة بالدماء وأبصر جثة المجني عليه مسجاة داخل السيارة وأنه ما أن علم من الطاعن بواقعة قتل المجني عليه بادر بإبلاغ الشرطة بالحادث وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي من إصابة المجني عليه بجروح قطعية وطعنية متعددة بعضها نافذ لتجويف البطن والصدر نشأت عن الإصابة بأداة حادة ذات نصل حاد وطرف مدبب كسكين وما شابه وتعزي وفاة الأخير إلى الجروح القطعية والطعنية وما أدت إليه من نزيف خارجي شديد وتهتك الكبد واسترواح الصدر وأن الجروح المشاهدة بكلتا يدي المجني عليه وساعديه وما تعرض له من خنق وعض آدمي بالوجه ويسار العنق وما تعرض له الطاعن من جرح بأصبع خنصر اليد اليسرى وكدمات وخدوش بأعلى الصدر والكتف الأيمن من الخلف يدل على أنه قد صاحب واقعة القتل عراك بالأيدي بين الطرفين وثبت من تقرير المختبر الجنائي أن سمات الـ d.n.a للخلايا الآدمية على أظافر يد الطاعن وأظافر يد المجني عليه وتلوثات الدماء الآدمية بقميص الطاعن وزجاج سيارته من جهة السائق وبابها الأيمن الخلفي من الداخل جاءت جميعها مطابقة لسمات الـ d.n.a لدم المجني عليه مبيناً أن ما اقترفه الطاعن من اعتداء على المجني عليه أدى إلى وفاته يشكل في حقه جناية القتل العمد العدوان الموجب للقصاص وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وقائماً على ما له أصله الصحيح الثابت بالأوراق ويضحي الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع المطعون ضده القائم على إنه كان في حالة دفاع شرعي عن العرض وأطرحه بأسباب سائغة ومن ثم يكون المتهم مسئولاً عن جرائمه شرعاً مسئولية كاملة فيقتص منه وفقاً للقواعد الشرعية المقررة وإذ كان ما تقدم وكان المطعون ضده قد ارتكب جريمة القتل العمد العدوان الموجب للقصاص اعتماداً على النصوص الفقهية لقول الله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) وقول رسوله صلى الله عليه وسلم: (من اعتبط مؤمناً بقتل فهو قود به إلا أن يرضي ولي المقتول فمن حال دونه فعليه لعنة الله وغضبه ولا يقبل منه صرف أو عدل) لما كان ذلك ولئن كانت الأعذار القانونية والمخففة توجب النزول بالعقوبة إلا أن المادة الأولى من قانون العقوبات الاتحادي تنص على أن (تسري في شأن جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية...) ومن المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية أن مناط المسئولية العقل والبلوغ وأن القصاص إذا توافرت أركانه لا يجوز النزول عنه إلا بعفو ممن يملك العفو من أولياء الدم. ولما كان الثابت مما سلف بيانه أن المطعون ضده هو عاقل بالغ رشيد قد قتل المجني عليه عمداً عدواناً وتحققت في فعله أركان القصاص الذي تمسك وكيل أولياء الدم باستيفائه ومن ثم فلا يطبق في حقه الأعذار المخففة التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية لأنه ارتكب جريمة القتل العمد العدوان الموجب للقتل قصاصاً.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل في حق المطعون ضده العذر المخفف عملاً بالمادة (96) من قانون العقوبات الاتحادي وأنزل به عقوبة السجن لمدة خمس سنوات وألزمه بالدية رغم تمسك أولياء الدم بالقصاص فإنه يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية لأنه ارتكب جريمة القتل العمد العدوان الموجب للقتل قصاصاً.
ولما كان موضوع الطعن صالحاً للفصل فيه فإن المحكمة تتصدى له عملاً بحقها المقرر بالمادة (249) من قانون الإجراءات الجزائية وتقضي بتصحيحه بتوقيع العقوبة المقررة شرعاً إلا أنه لما كان مؤدى نص الفقرة الأخيرة من المادة (218) من قانون الإجراءات الجزائية توجب لصحة الحكم بالإعدام قصاصًا إجماع آراء قضاة المحكمة فإن لم يتحقق الإجماع تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد وإذ كان هذا الإجماع لم يتحقق بين قضاة هذه المحكمة فإن المحكمة تقضي في الدعوى في ضوء ما تقدم وفقاً لما سيرد بمنطوق هذا الحكم.


الطعن أرقام 750 ـ 858 ـ 888 لسنة 2010 س4 ق. أ ـ جزائي


جلسة 18/ 1/ 2010