المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم صادر من السودان في القتل


محمد ابراهيم البادي
04-14-2010, 02:35 PM
نمرة القضية:
م ع/م ك/ 16/1987
المحكمة:
المحكمة العليا
العدد:
1988


المبادئ:
إثبات – النصاب الشرعي في جريمة القتل العمد – عدم توفر النصاب – توفر قرائن دالة على الإدانة – جواز الإدانة بالقتل شبه العمد.
إذا نقص نصاب الشهادة في إثبات جريمة القتل العمد ، القصاص في النفس أو كانت الشهادة غير مباشرة أي "لوثا" ولم يكن هناك إقرار صريح غير مرجوع فيه ، ورغماً عن ذلك وجد القاضي في تلك الشهادة الناقصة عن النصاب الشرعي أو في تلك القرائن ما يقتنع به ويطمئن إليه بإدانة المتهم بجريمة القتل في هذه الحالة تكون الجريمة الثابتة هي جريمة القتل شبه العمد وليس جريمة القصاص في النفس وذلك تأسيساً على شبهة انعدام ثبوت جريمة القتل العمد وفقاً للنصاب الشرعي.

الرأي المخالف :
رغم أن قانون الإثبات لسنة 1983م قد فرق بين طرف الإثبات في جرائم الحدود والجرائم الأخرى التعزيرية ، إلا أنه لم يشترط في أهلية الشاهد لأداء الشهادة في الجرائم التعزيرية البلوغ أو الذكورة أو الإسلام أو العدالة كما لم يشترط توفر نصاب معين للشهادة لذلك فإنه يكفي لتوفر الأهلية لدى الشاهد أن يكون عاقلاً مميزاً بالنسبة للجرائم التعزيرية.
أما الطعن في الشهادة بسبب تهمة الولاء أو المصلحة أو الإدانة بشهادة الزور أو عدم العدالة أو غير ذلك مما يصور الشهادة من عيوب فإن ذلك أمر يتعلق بوزنها وتخضع للسلطة التقديرية للمحكمة أن تأخذ بها إن اطمأنت لصحتها أو تطرحها إن لم تطمئن لها . وينطبق ذلك على جريمة القتل إذ أنها لا تعتبر من الجرائم الحدية.
الحكم:
المحكمة العليا
القضاة :
السيد / عبد المنعم الزين النحاس قاضي المحكمة العليا رئيساً
السيد/ بابكر زين العابدين قاضي المحكمة العليا عضواً
السيد/ يوسف دفع الله قاضي المحكمة العليا عضواً
حكومة السودان
ضد
أحمد أبو سن حامد
م ع/م ك/ 16/1987
الحكم
القاضي : عبد المنعم النحاس
أدانت محكمة كبرى عقدت بمحكمة سنجة برئاسة قاضي الدرجة الأولى ----------- المتهم -------- تحت المادة 251 عقوبات وقضت عليه بالإعدام شنقاً وذلك لتسديد طعنة بمدية أودت بحياة المجني عليها --------- وذلك بالمزموم سنجة.
عرضت الأوراق للتأييد وتقدم المحكوم عليه باستئناف في الحكم فحواه أن المحكمة الكبرى لم تمكنه من استدعاء شهود دفاعه وإن الحكم اعتمد على (بينة امرأة خصم اختلفتا وافترقت عنها وكانت محبوسة معي في الحراسة . والمرحومة ذكرت أن الجاني يدعي بوش وفي المنطقة ثلاثة أشخاص باسم --------- المرحومة لم تثبت القاتل.
خلاصة الوقائع كما صدقتها المحكمة الكبرى ، أنه في يوم الحادث اختلى المحكوم ضده -------- بشاهدة الإثبات الثانية ----------- بمنزلها ليلاً ، وعند خروجه من منزل الشاهدة التقى المجني عليها --------- ، ودار بينهما حديث قصير استفسر المتهم من المجني عليها عن وجهتها و أفهمته أنها في طريقها إلى داخل منزل الشاهدة ---------- وعند ذلك لاحقها بطعنة في الصدر – صرخت على إثرها وهرعت إلى داخل حوش منزل الشاهدة ---------- صائحة – ود -------- يا --------- عوقني . على إثر الاستغاثة هبت الشاهدة -------- في أثر المتهم ورأته هارباً إلى داخل منزله الذي كان على بعد أمتار قلائل.
أبلغت الشاهدة ----------- شيخ الحلة شاهد الإثبات الأول الذي بدوره ابلغ الشرطة ونقلا المجني عليها إلى الشفخانة للإسعاف الأولى وانتقلت إلى رحمة مولاها في صباح اليوم الثاني إذ سببت الطعنة جرحاً قطعياً بالصدر بالجانب الأيسر طوله 6 سم نافذاً حتى الرئة الشمال مع نزيف داخلي . وقد أدى النزيف إلى الوفاة.
بناء على هذه الوقائع التي ارتكزت عليها المحكمة الكبرى قررت أن المتهم هو الذي سدد الطعنة للمجني عليها ---------- مما أودى بحياتها ، الثابت من أقوال الشاهدة الثانية ----------- ص 8 الإجراءات (----------- طلع السكين طعن ----------- وبعد طعنها قام دفرها وجات وقعت في الفضاية وشفت ---------- جرى طوالي . و أكدت للشاهد أنها رأت المتهم عندما سدد الطعنة (لأن القمرة كانت بيضاء – الموقع قريب ) وتعرفت الشاهدة على السكين (معروضات) التي استعملها المتهم في الحادث.
هذه بينة امرأة لا يمكن الاعتماد عليها لوحدها في جرائم الحدود والقصاص ففي النفس (جريمة القتل العمد) إذ لا تثبت إلا بالبينة الشرعية الشهادة الصادرة من الشهود العدول أو الإقرار الصحيح غير المرجوع فيه ، ولم ينص الشارع في قانون الإثبات لسنة 1983م على طرق الإثبات التي توجب القصاص في النفس بيد أن جمهور الفقهاء أجمع أن نصاب الشهادة لإثبات جريمة القصاص في النفس (جريمة القتل العمد) شاهدان اثنان الأقل – كما يشير ------------ عودة التشريع الجنائي الإسلامي لأن القصاص إراقة دم على جناية والاحتياط لدرئه اشتراط الشاهدين العدلين كالحدود (وهذا يعني أن القتل يثبت بشاهدين فإن وجد الشاهدان ثبت القتل وإلا فلا ..(عبد الرحمن المالكي كتاب نظام العقوبات ص 112) والسند في ذلك الأحاديث النبوية في قتيل خيبر من الأنصار إذ قال صلي الله عليه وسلم لأوليائه "لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم ". وفي رواية أخرى أقم شاهدين على من قتله ادفعه إليكم"
إذا نقص نصاب الشهادة الشرعية في إثبات جريمة القتل العمد (القصاص في النفس) أو كانت الشهادة غير مباشرة أي (لوثاً) مجرد قرائن أحوال أو بينات ظرفية أو ملابسات اكتنفت وقائع الحادث هذا إذا لم يكن هناك إقرار صريح غير مرجوع فيه ورغما عن كل ذلك وجد القاضي في تلك الشهادة الناقصة عن النصاب الشرعي أو في تلك القرائن ما يقتنع به ويكون عقيدته ويطمئن إليه بإدانة المتهم بجريمة القتل . وفي هذه الحالة تكون الجريمة الثابتة هي جريمة القتل شبه العمد وليس جريمة القصاص في النفس وذلك تأسيساً على شبهة انعدام ثبوت جريمة القتل العمد وفقاً للنصاب الشرعي.
الشاهدان الذين تثبت بهما البينة شرعاً يجب أن لا يكون من بينهما المجني عليه (المرحوم) إن كانت إفادته قبيل وفاته وأدلى بها على اليمين في حضور المتهم وذلك لأن شهادة المجني عليه يعتريها شبهة المصلحة ، وتشكل تلك البينة (لوثاً) أي قرينة تؤيد وتعضد البينة الشرعية ولكنها لا تقوم مقام الشهادة الشرعية لأن المجني عليه يعتبر مدعياً لا شاهداً . الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :"لا يقبل شهادة خصم ولا ظنين" وفي حديث آخر " لا يقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي حنة" والمجني عليه خصم ومتهم بالمحاباة لنفسه لأنه يسعى لتوريط المتهم ويدفع عن نفسه ضرراً . وإن كانت المادة 35 من قانون الإثبات لسنة 1983م تجيز الاعتداد بإفادة المحتضر إذ تنص (لا يقبل الشهادة بنقل البينة الصادرة عن شخص آخر إلا إذا توفي أو استحال العثور عليه).
البعض يرى أن أقوال المحتضر لا تعدو أن تكون (لوثا) أي بينة ظرفية لتعزز البينة الشرعية سواء أكانت إفادات الشهود أو الإقرار الصريح . وهذا الرأي ينبثق من القاعدة الشرعية التي تلزم القاضي (بدرء الحدود بالشبهات) وهذا المبدأ يرمي إلى توفير العدالة وعدم أخذ المتهم بالشبهات وخصوصاً في جرائم القصاص والحدود والخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.
نعود بعد ذلك لمعالجة الوقائع كما ارتكز عليها حكم المحكمة الكبرى . إذ أن البينة الأساسية لشاهدة العيان خديجة التي رأت المتهم يسدد طعنته إلى الجزء الأيسر من صدر المجني عليها ، وقد ذكرت المجني عليها ، وقد ذكرت المجني عليها للمتحري عند استهلال التحري ص 5 من يومية التحري) من ود البوش طعني بالسكين على الجهة اليسرى من صدري .. وقد أكدت المجني عليها هذه الأقوال قضائيا (ص 6 من يومية التحري) بيد أن ما يعيب تسجيل هذه الأقوال أنها لم تؤخذ على اليمين في حضور المتهم ، وقد تضافرت بينات وقرائن أخرى لتؤيد ما ذكرته الشاهدة خديجة إذ ذكر المتحري أنه عثر على حذاء وعراقي المتهم ملوثاً ببقع دماء ، كما وجدت نصل السكين في حوزته بها آثار دماء وقد فشل المتهم في تبيان مصدر هذه الدماء وقد ثبت من التقرير الطبي (مستند اتهام 3) وبينه المساعد الطبي أن الطعنة سببت جرحاً قطعياً بالصدر طوله 6 بوصات نافذاً حتى الرئة الشمال وأدى إلى نزيف داخلي تسببت في صدمه عجلت بوفاة المجني عليها.
وقد اشترط الفقهاء أن يثبت القصد ثبوتاً لا شكل فيه . ويستخلص القصد الجنائي باتفاق الجمهور من الأقوال والأفعال التي تصاحب الفعل ومن تسلسل وترابط التصرفات التي أتاها الجاني وتضافرت مؤدية إلى الموت : مثلاً طبيعة ونوع الآلة المستعملة والموقع في جسم المتوفى الذي استقرت فيه الضربة ، وكيفية استعمال الآلة و قوة وخطورة وعنف الإصابة والمعيار الذي سارت عليه المحاكم (حكومة السودان ضد/ السيد عجب السيد 1974 ص 287 كمثال هو معيار حيوية العضو أو الجزء من الجسم الذي استقرت عليه الضربة بمعنى التصاق ذلك العضو بأسباب الحياة . وقد أشار العلامة عبد القادر عودة (التشريع الجنائي الإسلامي ص 92) إلى اشتراط أبى حنيفة والشافعي واحمد على ثبوت قصد القتل ثبوتاً لا شك فيه ، ويستدل هؤلاء الفقهاء على وجود قصد القتل بالآلة أو الوسيلة التي استعملها الجاني فإن كانت قاتلة غالباً فالقتل عمد وإن كانت لا تقتل غالباً فالقتل شبه عمد ، وليس في مذهب مالك ما يمنع من الاستدلال على قصد المتهم بالآلة المستعملة في القتل أو بمحل الإصابة.
إزاء كل ذلك وبالرغم من الشهادة الناقصة للشهادة في جريمة القصاص في النفس (جريمة القتل العمد) إذ كما نوهنا فقد ارتكزت بينة الاتهام على أقوال شاهدة الإثبات خديجة (وهي شهادة امرأة) ولم تعضدها الأقوال التي أدلت بها المتوفاة قبيل وفاتها وظروف وقرائن أخرى وفي ظل هذه الشهادة الناقصة لا يمكن إدانة المتهم بجريمة القتل العمد و إنما تكون جريمة القتل شبه العمد تحت المادة 253 عقوبات.
الإعفاءات من المسئولية الجنائية ليس هناك ثمة مبرر لانطباقها في هذه الظروف إذ ان المتهم عند ارتكاب الجريمة لم يكن حدثاً طبقاً للمنشور رقم 106/84 وبالتالي لا يستفيد من الإباحة المنصوص عليها في المادة 49 عقوبات ) المعدلة بقانون التعديلات المتنوعة لسنة 1987م كما أن المتهم ثبت أنه عاقل ولم يكن في حالة دفاع عن النفس ليستفيد من الإباحة الواردة في المادتين 50 و 55 عقوبات إزاء كل ذلك يتعين نقض الإدانة تحت المادة 251 عقوبات واستبدالها بالإدانة تحت المادة 253 عقوبات.
العقوبة تحت المادة 253 عقوبات تكون (الإعدام أو الدية) أي أن الدية هي العقوبة الأساسية للقتل شبه العمد ويعتبر في القتل شبه العمد عقوبة أصلية لأنها ليست بدلاً عن عقوبة أخرى كما في القتل العمد إذ تعتبر بديلة لا أصلية لأنها بدلت عن عقوبة القصاص العقوبة الأصلية للقتل العمد، كما يؤكد العلامة –عبد القادر عوده (ص 189 التشريع الجنائي الإسلامي) وتفرض الدية في القتل شبه العمد (وفقاً لنص المادة 253 عقوبات)على أولياء الدم و لا يعتد برفضهم بل أن المحكمة تفرضها عليهم فرضاً إذا رفضت من جانبهم ، والدية المغلظة كما ينص عليها المنشور 91/83 توقع في حالة القتل شبه العمد كعقوبة أصلية ولا يحق لأولياء الدم الرفض لأنهم لا يتمتعون بحق الحيازة ، وعند فرض الدية للمحكمة أن تأخذ في الاعتبار الظروف والملابسات المحيطة بوقائع القضية إذ أن الغرض ليس إغراء أولياء الدم ولكن تعتبر الدية بمثابة جبر لضرر حاق بهم أثر وفاة المورث.
إزاء كل ذلك تعدل الإدانة لتكون تحت المادة 253 عقوبات وتعاد الأوراق إلى المحكمة الكبرى لاستدعاء أولياء الدم وتحديدهم بالطرق الرسمية وتوزيع الدية التي تتوصل إليها وتوقع عقوبة تعزيرية عملاً بأحكام المنشور 94/83م.
لا مناص من الإشارة في ذيل هذه المذكرة إلى أن المحكمة الكبرى قضت على المتهم بالإعدام بعد إدانته تحت المادة 251 عقوبات وقد كان يتعين على رئيس المحكمة وفقاً للمنشور 94/83 بعد الإدانة تحت المادة 251 عقوبات أن يأمر بتقديم أسماء أولياء الدم (أي الورثة الشرعيين) من جهة رسمية ذات اختصاص ثم تبحث المحكمة بعد ذلك مسقطات القصاص في النفس لتدرأ أو تسقط الحكم بالإعدام . وبعد ذلك يجب على المحكمة الكبرى بأن تعرض على أولياء الدم العفو أي التنازل عن القصاص مجاناً دون الدية وإذا قبل واحد منهم العفو سقط القصاص وفي هذه الحالة تحكم المحكمة بالدية الكاملة المغلظة ما بين 20.000-30.000 ج إذا رفض أولياء الدم العفو تعرض المحكمة عليهم الصلح أي التنازل عن القصاص بقاء الدية . إذا قبل واحد فقط سقط القصاص وتحكم المحكمة بالدية الكاملة وتوزع على أولياء الدم . ولكن إذا رفض أولياء الدم العفو الصلح وليس هناك أي مسقط آخر في هذه الحالة توقع المحكمة الكبرى عقوبة القصاص في النفس ثم ترفع الأوراق للتأييد .هذا فحوى المنشور 91/83 والذي يجب أن تهتدي به المحكمة.

القاضي :يوسف دفع الله
التاريخ : 29/2/1988م
أوافق ، وليس لدي ما أضيفه فقد أوفى الزميل عبد المنعم الزين النحاس الموضوع حقه .
رأي مخالف.
القاضي : بابكر زين العابدين
التاريخ : 23/2/1988م

يؤسفني كثيراً جدا ألا اتفق مع الزميلين العالمين فيما توصلا إليه من رأي وذلك للأسباب الآتية :
1/ المسألة في رأي هي أنه أما أن تكون أو لا تكون هناك بينة على الفعل الذي اسند إلي المدان . فإذا كانت هناك بينة على الفعل الذي اسند إلي المدان فانه ينبغي أن يحاسب على ذلك الفعل بقدر حجم وظروف ذلك الفعل فإذا لم تكن هنالك بينة على الفعل فانه ينبغي ألا يسأل عن فعل لم يأت به وبالتالي أرى انه لا خيار لبديل ثالث هذا هو الوضع من الناحية النظرية البحتة . أما من الناحية العلمية فقد اعتمدت محكمة أول درجة في إدانة المدان بارتكاب جريمة القتل العمد – فقد اعتمدت محكمة أول درجة في إدانة المدان بارتكاب جريمة القتل العمد فقد اعتمدت على أقوال القتيلة التي قالت فيها أن المدان قد طعنها بالسكين الطعنة التي أحدثت فيما بعد وفاتها – وعن أقوال شاهدة الإثبات الثانية خديجة بابكر عبد الكريم التي جاء فيها أن المدان هو الذي طعن القتيلة بالسكين الطعنة التي أحدثت وفاة الأخيرة فيما بعد ، وعلى القرائن الظرفية من وجود الدم على قميص وحذاء وسكين المدان.
رفض الزميلان العالمان الأخذ بأقوال القتيلة على أساس أن الشريعة الإسلامية ترفض الأخذ بأقوال المجني عليه أو عليها باعتباره أو اعتبارها خصم ، والخصم متهم بالمحاباة لنفسه . ورفضنا الأخذ بأقوال شاهدة الإثبات الثانية خديجة أبكر عبد الكريم باعتبارها امرأة ، وأن الشريعة الإسلامية تشترط شاهدين عدلين من الرجال لإثبات جريمة القتل العمد ، وكان المرء يتوقع تبعا لذلك أن يرفضا تأييد الإدانة لا تعديلها آلي القتل شبه العمد باعتبار أن الفعل المادي المكون لجريمة القتل سواء عمد أو شبه عمد لم يثبت إسناده إلي المدان ، إلا انهما عدلا الإدانة للمادة 253 من قانون العقوبات القتل شبه العمد باعتبار أن الشريعة الإسلامية تبرر الإدانة بالقتل شبه العمد عندما يتعذر الإثبات على القتل العمد.
ولكن هل ساوى قانون الإثبات لسنة 83 في الإثبات بين الجرائم الحدية من جانب والجرائم غير الحدية من الجانب الآخر ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فهل اشترط قانون الإثبات لسنة 83 الذكورة والنصاب في إثبات الجرائم غير الحدية ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فهل نستطيع أن نحيد من نصوص قانون الإثبات لسنة 83 التي تحكم المسألة محل البحث آلي نصوص الشريعة الإسلامية ؟ وإذا كان الأمر كذلك ، فهل نفعل هكذا على أساس التفسير لنصوص القانون ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل نصوص قانون الإثبات لسنة 83 ناقصة في هذا الصدد وتحتاج إلى رجعة إلى نصوص الشريعة الإسلامية لإزالة الغموض باعتبار أن الأخيرة أصل القانون ؟ وإذا لم يكن كذلك فهل تستطيع المحاكم أن تطبق نصوص الشريعة الإسلامية على مسألة نص عليها قانون الإثبات لسنة 1983م نصاً صريحاً وواضحاً وقاطع الدلالة ولا يحتاج لأي تفسير ؟ وإذا كان كذلك التعطيل أو التجاهل ألا يعد هذا أو ذاك من قبيل الإلغاء أو التعديل أو التعطيل أو التجاهل التام لنصوص الإثبات لسنة 1983م ؟ وإذا كان ذلك فهل تملك المحاكم الصلاحية القانونية في إلغاء أو تعديل أو تجاهل نصوص قانون الإثبات لسنة 83 ؟ لقد فرق قانون الإثبات لسنة 1983م عندما أفرد الفصل الثاني عشر منه للإثبات في جرائم الحدود لقد فرق في الإثبات بين جرائم الحدود من جانب وبين الجرائم من غير الحدود من الجانب الآخر.
بالإضافة إلى أن قانون الإثبات لسنة 83 عندما أفرد الفصل الثاني عشر منه للإثبات في جرائم الحدود – قد فرق في الإثبات بين الحدود من جانب والجرائم من غير الحدود من الجانب الآخر ، فإنه قد فرق عندما لم يشترط تحت المادة 28 منه في أهلية الشاهد لأداء الشهادة في غير الجرائم الحدية أكثر من العقل والتمييز فإنه قد فرق بين الإثبات في جرائم الحدود من جانب وبين الإثبات في الجرائم غير الحدية من الجانب الآخر.
فإنه لم يشترط في أهلية الشاهد لأداء الشهادة في النوع الأخير البلوغ أو الذكورة أو الإسلام أو العدالة أو من أنه من غير المجني عليه أو عليها مثل ما اشترط في النوع الأول جرائم الحدود ولم يشترط نصاباً معيناً لإثبات النوع الثاني – الجرائم من غير الحدود – مثل ما اشترط في إثبات الحدود.
بالإضافة إلى أنه -أي قانون الإثبات- لسنة 83 لم يشترط في أهلية الشاهد لأداء الشهادة في الجرائم من غير الحدود أكثر من العقل والتمييز ، وبالإضافة إلى أنه لم يشترط لإثباتها نصاباً معيناً ، فإنه قد جوز تحت المادة 35 منه قبول الشهادة بالنقل إذا توفى الشاهد بالإضافة إلى أنه لم يشترط في أهلية الشاهد لأداء الشهادة في الجرائم من غير الحدود أكثر من العقل والتمييز ، وبالإضافة إلى أنه لم يشترط لإثباتها نصاباً معيناً ، وبالإضافة إلى أنه قد جوز قبول الشهادة بالنقل فإن الطعن في الشهادة وتقديرها وردها تحت المادتين 32 و 33 من قانون الإثبات لسنة 83 بسبب قيام تهمة الولاء أو المصلحة أو العداء أو الإدانة بشهادة الزور أو عدم عدالة الشاهد أو ضعف تمييزه أو سلوكه أثناء الشهادة – أو اختلاف شهادته مع البينات الأخرى ، بأن الطعن في الشهادة وتقديرها وردها من المسائل التي تتعلق بوزن لا بقبول الشهادة ومن الأمور التي تختص بها المحاكم التي قد تأخذ بالشهادة إذا اطمأنت لصحتها أو قد تردها إذا لم تطمئن لصحتها.
هذا هو بعض من قواعد الإثبات المتعلقة بالإثبات في الجرائم من غير الحدود .
2/ بالإضافة إلى أن قانون الإثبات لسنة 83 قد فرق في الإثبات وبين الإثبات في جرائم الحدود من جانب وبين الإثبات في الجرائم من غير الحدود من الجانب الآخر ، فإن الجريمة الحالية عبارة عن جريمة قتل وجريمة القتل ليست من جرائم الحدود التي حددها جمهور الفقهاء بسبع جرائم هي :-
1/ الزنا 2/ القذف 3/الشرب 4/ السرقة 5/ الحرابة 6/الردة 7/ البغي
3/ بالإضافة إلى أن الجريمة الحالية جريمة قتل ، وليست من جرائم الحدود وبالإضافة إلي أن قواعد الإثبات المتعلقة بالإثبات في جرائم الحدود لا تنطبق على الإثبات في الجرائم من غير الحدود و إنما تنطبق عليها قواعد الإثبات الخاصة بالجرائم من غير الحدود فإن خديجة أبكر عبد الكريم والقتيلة قد شهدتا بان المدان دون غيره هو الذي طعن القتيلة ولم يطعن في شهادة هاتين الشاهدتين في محكمة أول درجة.
4/ بالإضافة إلى أن شهادة هاتين الشاهدتين مقبولة من الناحية القانونية و بالإضافة إلي أن المدان لم يطعن في محكمة أول درجة في هاتين الشهادتين فإن الادعاء بان خديجة أبكر عبد الكريم خصم أو عدو له وان القتيلة لم تقل اكثر من أن الذي طعنها هو بوش ، وهنالك اكثر من شخص باسم بوش ، وبالإضافة إلي انه لم يذكر هذا الادعاء إلا في هذه المرحلة وبالإضافة إلي انه لم يقم الدليل عليه فان وجود الدم في قميصه وسكينه وحذائه وعجزه عن إعطاء تفسير لوجوده دلالة على صدق هاتين الشاهدتين وصحة الشهادة.
5/ أما فيما يختص بالادعاء بان محكمة أول درجة قد رفضت أن تعلن الشهود دفاعه وبالإضافة إلي انه لم يوضح الغرض من هؤلاء الشهود وفائدة شهادتهم بالنسبة له ، فانه قد استغنى بنفسه عن هؤلاء الشهود.
6/ أما فيما يختص بالعقوبة ، وعلى الرغم من أن العقوبة تحت المادة 251 من قانون العقوبات لسنة 83 هي الإعدام قصاصا إذا أصر عليه أولياء الدم أو العفو مجاناً أو مقابل الدية ، فإن محكمة أول درجة لم تقم بحصر أولياء الدم بكشف وراثي معتمد من جهة مختصة ولم تسألهم فرداً فرداً عن الإصرار على القصاص أو العفو مجاناً أو مقابل الدية ، ومن ثم أرى أن تؤيد الإدانة تحت المادة 251 من قانون العقوبات لسنة 83 وان نلغي العقوبة بغرض حصر أولياء الدم واستفسارهم عن العفو مجاناً أو مقابل الدية أو الإصرار على القصاص والنظر فيها وفق الحال.

طموح
04-15-2010, 12:30 AM
ما شاء الله عليك استاذ محمد ... وصلت السودان ....شو رايك بالمقولة اللي تقول ان من اقرب القوانين تشابه للقانون الاماراتي هو القانون السوداني

عقد القانون
04-15-2010, 01:47 AM
يعطيك ألف عافيه ع الطرح الجميل

دمت بكل الود

محمد ابراهيم البادي
04-15-2010, 01:56 PM
شاكر مرورك طموح و التعليق الجميل
بالنسبة لقانون العقوبات الاتحادي من صاغه و اعده هو الرئيس السوداني الحالي عمر حسن البشير

شاكر الطلة الجميلة مثل العسل

بس شو رايكم في اثبات الرأي المخالف في الحكم ؟؟؟؟؟؟