مَريم~
06-05-2013, 02:51 PM
قصة الأسبوع - رحلة شاب حالم من وإلى وعبر الموت
أبوظبي 3 يونيو 2013
كان شاباً في خطوات شبابه الأولى، يعيش بين أسرته في قرية رسم الفقر تاريخها وحاضرها و لايزال يغمس ريشته في لون السواد ليغطي به مستقبلها. ولكنه كان يحلم أن يخرج بعائلته نحو أيام أفضل، كثيرون غادروا القرية وعادوا ليغيروا حياتهم وحياة عائلاتهم، حتى أن القرية بفضلهم تعرفت مؤخراً على منازل تبنى بالحجر ولها نوافذ وأبواب قوية مايكفي لتمنع دخول الأغراب بدون إذن، وهو أراد أن يكون مثلهم، فراح يبحث عن من يساعده على تحقيق حلمهحتى عثر عليه بعد أن عرف أنه الرجل الذي يملك مفتاح السفر إلى المرتبة الأعلى من الحلم، أبوظبي التي طالما سمع من العائدين أنها الأغنى والأكرم والأقدر على الإسراع بحلمه نحو الواقع.
لم يمانع الرجل من فتح الطريق أمامه نحو أبوظبي، ولأنه لا يملك ثمن التأشيرة، قال له أن عليه إذن أن يقدم له خدمة توصيل أمانة إلى رجل موجود في أبوظبي، وهذا الرجل سيقوم بتأمين إقامة وعمل له بمجرد استلام الأمانة، وكانت الأمانة هي كمية من مخدر الهيرويين سيتم وضعها في حذاء يلبسه بقدميه ويعبر به الحدود ليوصلها إلى التاجر في أبوظبي، حاول الشاب أن يجد له منفذاً آخر كأن يكتب على نفسه إيصال أمانة بقيمة التأشيرة أو أي تعهد، ولكن الرجل رفض وأصر أنه وبعد أن عرف سره لم يعد أمامه مجال إلا تنفيذ المهمة برضاه أو غصباً عنه وإلا فإنه سيقتل عائلته، ولم يكتفي بهذا بل أخبره أنه لن يعطيه مصاريف الرحلة وعليه أن يتدبر أمره لوحده، فقط هو سيوصله من بلده حتى حدود إيران ثم عليه هو أن يجد طريقة لتجاوز البحر والوصول إلى أبوظبي.
وبالفعل تحرك الشاب من قريته إلى حدود بلاده في سيارة برفقة مرشد من طرف التاجر، ثم قطع المسافة مشياً على الأقدام إلى إيران ، ومن هناك استقل مركبة عبر بها مياه الخليج العربي إلى عمان ، حيث استلمه مرشد رابع أوصله إلى حدود الإمارات وتركه ليقطع المسافة وحده سيراً على الأقدام متجاوزاً الأسلاك الشائكة إلى مدينة العين، وهناك استقل سيارة أجرة مع آخرين لا يعرفهم وقال لسائقها أنه لا يملك المال وأن هناك شخص ينتظره في أبوظبي وهو من سيعطيه أجرته، واستعمل هاتف السائق في الحديث مع الشخص الذي زوده التاجر برقمه والذي اتضح في ما بعد أنه المصدر السري للشرطة التي وجدها بانتظاره للقبض عليه.
وعندما قبضت عليه الشرطة كان منهكاً لطول المسافة التي قطعها، حتى أنه لم يبدي ردة فعل عندما اخبروه أنهم الشرطة فقط قال لهم انه متعب جداً وجائع لم يأكل منذ فترة طويلة، وعندما أخذت الشرطة الحذاء وجدت به بودرة الهيرويين بوزن يقارب النصف كيلو غرام، كما وجدت كمية من المخدر في دمه، وفي المحكمة أصدرت محكمة الجنايات الحكم عليه بالإعدام عن تهمة جلب والاتجار بمخدر الهيروين، مع إدانته بتهمة التعاطي والحكم عليه بالسجن 4 سنوات عن هذه التهمة وشهر عن تهمة التسلل إلى الدولة وإبعاده، على أن يجب حكم الإعدام العقوبات الأخرى.
أما محكمة الاستئناف فلم تقتنع بمجريات القضية، فكيف يمكن لتاجر مخدرات أن يضحي بهذه الكمية من مخدر الهيروين الغالي السعر دون أن يقدم على الأقل وسيلة تنقل لناقلها، فأمرت المحكمة بتحليل المادة التي تمت مصادرتها، وكانت المفاجأة أن نسبة الهيرويين في المخدرات المضبوطة لا تتجاوز 2% ، وتبلغ 6 جرامات من مجموع الكمية المضبوطة والبالغة 468 جرام. وفتحت هذه النتيجة باباً واسعاً من التساؤلات حول الملابسات الغريبة لهذه لقضية، فكيف يرسل التاجر رجل ويوهمه بأنه يحمله نصف كيلو من المخدرات ويرسله مشياً على الأقدام إلى بلد بعيد ليعطيه رقم هاتف واحد فقط وهو رقم رجل الشرطة، وبناء عليه ألغت محكمة الاستئناف حكم الإعدام، وقضت ببراءة الشاب من تهمة الاتجار بالمخدرات بناء على ما سبق، كما اعتبرت محكمة الاستئناف أن الفقر المدقع الذي يعاني منه المتهم في بلاده كان عامل إكراه عليه جعل إرادته معدومة أمام عرض التاجر عليه فرصة عمل في أبوظبي. وحول تهمة تعاطي المخدرات، استندت محكمة الاستئناف إلى رأي خبير الطب الشرعي الذي أوضح أن المتهم كان أصيب بعدة جروح في قدمه بسبب طول المسير في رحلته من بلده إلى أبوظبي مما أدى إلى تسرب المخدر الموجود في الحذاء عبر هذه الجروح مع كثرة المشي. وبالتالي حكمت المحكمة ببراءة المتهم أيضاً من تهمة التعاطي ، وحكمت عليه بالحبس شهر مع الإبعاد عن الدولة عن تهمة التسلل إلى الدولة بصورة غير شرعية.
لم يلاقي الحكم القبول من قبل النيابة العامة، واعتبرت أن أركان الجريمة متوفرة في حق المتهم، خاصة أنه اعترف تفصيلياً بجلبه المخدر مع علمه بما يحمل. ووافقت محكمة النقض على رأي النيابة وقالت بوجود تنقض بين حيثيات حكم الاستئناف من حيث قولها مرة بخلق الجريمة ثم إعطاء المتهم الإعفاء من المسئولية استناداً إلى حالة الضرورة المتمثلة بفقره ورغبته بالعمل في الدولة، كما أكدت محكمة النقض أن الفقر المدقع لا يعد من الضرورات التي تعفي من المسئولية، مشيرة أن هذه الضرورات يجب أن تكون من النوع الذي يمثل دفع خطر جسيم عن النفس أو الغير على وشك الوقوع ولا يكون لإرادته دخل في حلوله، وبالتالي لا يعتبر الفقر وفق هذا التعريف من الضرورات التي تمثل عذراً لارتكاب الجرائم أو المحرمات، وبناء عليه حكمت محكمة النقض بنقض حكم البراءة مع إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتنظر من قبل هيئة مغايرة.
ولا تزال القضية تنظر في المحاكم في رحلة هذا الشاب الذي امتطى حلمه عابراً الموت من الموت ونحو الموت، ولا أحد يعلم أين سترسو سفينة قدره.
^نقلاً من موقع دائرة القضاء - أبوظبي
تعليقي: ولكن الرجل رفض وأصر أنه وبعد أن عرف سره لم يعد أمامه مجال إلا تنفيذ المهمة برضاه أو غصباً عنه وإلا فإنه سيقتل عائلته، ولم يكتفي بهذا بل أخبره أنه لن يعطيه مصاريف الرحلة وعليه أن يتدبر أمره لوحده،
طبعاً هذا الأمر لازم يؤخذ بعين الاعتبار وهو أنه قام بهالفعل تحت تهديد ووعيد ولدفع ضرر عن النفس أو عن الغير أي أنه توافر أحد الضرورات المذكورة
استناداً إلى حالة الضرورة المتمثلة بفقره ورغبته بالعمل في الدولة، كما أكدت محكمة النقض أن الفقر المدقع لا يعد من الضرورات التي تعفي من المسئولية، مشيرة أن هذه الضرورات يجب أن تكون من النوع الذي يمثل دفع خطر جسيم عن النفس أو الغير على وشك الوقوع ولا يكون لإرادته دخل في حلوله،
ما أعرف ليش تم الالتفات لموضوع الفقر وإهمال التهديد؟
صحيح أن الفقر ليس من الضرورات ولا يعتبر دافع لهذا الجرم لكن في هذه الحالة يجب الالتفات إلى الضرر الذي تم دفعه عن الغير ألا وهو التهديد بقتل عائلته.. بذلك توفر أحد الضرورات التي قد تكون لصالحه
والمنبر لكم وفي انتظار مشاركاتكم وآرائكم
أبوظبي 3 يونيو 2013
كان شاباً في خطوات شبابه الأولى، يعيش بين أسرته في قرية رسم الفقر تاريخها وحاضرها و لايزال يغمس ريشته في لون السواد ليغطي به مستقبلها. ولكنه كان يحلم أن يخرج بعائلته نحو أيام أفضل، كثيرون غادروا القرية وعادوا ليغيروا حياتهم وحياة عائلاتهم، حتى أن القرية بفضلهم تعرفت مؤخراً على منازل تبنى بالحجر ولها نوافذ وأبواب قوية مايكفي لتمنع دخول الأغراب بدون إذن، وهو أراد أن يكون مثلهم، فراح يبحث عن من يساعده على تحقيق حلمهحتى عثر عليه بعد أن عرف أنه الرجل الذي يملك مفتاح السفر إلى المرتبة الأعلى من الحلم، أبوظبي التي طالما سمع من العائدين أنها الأغنى والأكرم والأقدر على الإسراع بحلمه نحو الواقع.
لم يمانع الرجل من فتح الطريق أمامه نحو أبوظبي، ولأنه لا يملك ثمن التأشيرة، قال له أن عليه إذن أن يقدم له خدمة توصيل أمانة إلى رجل موجود في أبوظبي، وهذا الرجل سيقوم بتأمين إقامة وعمل له بمجرد استلام الأمانة، وكانت الأمانة هي كمية من مخدر الهيرويين سيتم وضعها في حذاء يلبسه بقدميه ويعبر به الحدود ليوصلها إلى التاجر في أبوظبي، حاول الشاب أن يجد له منفذاً آخر كأن يكتب على نفسه إيصال أمانة بقيمة التأشيرة أو أي تعهد، ولكن الرجل رفض وأصر أنه وبعد أن عرف سره لم يعد أمامه مجال إلا تنفيذ المهمة برضاه أو غصباً عنه وإلا فإنه سيقتل عائلته، ولم يكتفي بهذا بل أخبره أنه لن يعطيه مصاريف الرحلة وعليه أن يتدبر أمره لوحده، فقط هو سيوصله من بلده حتى حدود إيران ثم عليه هو أن يجد طريقة لتجاوز البحر والوصول إلى أبوظبي.
وبالفعل تحرك الشاب من قريته إلى حدود بلاده في سيارة برفقة مرشد من طرف التاجر، ثم قطع المسافة مشياً على الأقدام إلى إيران ، ومن هناك استقل مركبة عبر بها مياه الخليج العربي إلى عمان ، حيث استلمه مرشد رابع أوصله إلى حدود الإمارات وتركه ليقطع المسافة وحده سيراً على الأقدام متجاوزاً الأسلاك الشائكة إلى مدينة العين، وهناك استقل سيارة أجرة مع آخرين لا يعرفهم وقال لسائقها أنه لا يملك المال وأن هناك شخص ينتظره في أبوظبي وهو من سيعطيه أجرته، واستعمل هاتف السائق في الحديث مع الشخص الذي زوده التاجر برقمه والذي اتضح في ما بعد أنه المصدر السري للشرطة التي وجدها بانتظاره للقبض عليه.
وعندما قبضت عليه الشرطة كان منهكاً لطول المسافة التي قطعها، حتى أنه لم يبدي ردة فعل عندما اخبروه أنهم الشرطة فقط قال لهم انه متعب جداً وجائع لم يأكل منذ فترة طويلة، وعندما أخذت الشرطة الحذاء وجدت به بودرة الهيرويين بوزن يقارب النصف كيلو غرام، كما وجدت كمية من المخدر في دمه، وفي المحكمة أصدرت محكمة الجنايات الحكم عليه بالإعدام عن تهمة جلب والاتجار بمخدر الهيروين، مع إدانته بتهمة التعاطي والحكم عليه بالسجن 4 سنوات عن هذه التهمة وشهر عن تهمة التسلل إلى الدولة وإبعاده، على أن يجب حكم الإعدام العقوبات الأخرى.
أما محكمة الاستئناف فلم تقتنع بمجريات القضية، فكيف يمكن لتاجر مخدرات أن يضحي بهذه الكمية من مخدر الهيروين الغالي السعر دون أن يقدم على الأقل وسيلة تنقل لناقلها، فأمرت المحكمة بتحليل المادة التي تمت مصادرتها، وكانت المفاجأة أن نسبة الهيرويين في المخدرات المضبوطة لا تتجاوز 2% ، وتبلغ 6 جرامات من مجموع الكمية المضبوطة والبالغة 468 جرام. وفتحت هذه النتيجة باباً واسعاً من التساؤلات حول الملابسات الغريبة لهذه لقضية، فكيف يرسل التاجر رجل ويوهمه بأنه يحمله نصف كيلو من المخدرات ويرسله مشياً على الأقدام إلى بلد بعيد ليعطيه رقم هاتف واحد فقط وهو رقم رجل الشرطة، وبناء عليه ألغت محكمة الاستئناف حكم الإعدام، وقضت ببراءة الشاب من تهمة الاتجار بالمخدرات بناء على ما سبق، كما اعتبرت محكمة الاستئناف أن الفقر المدقع الذي يعاني منه المتهم في بلاده كان عامل إكراه عليه جعل إرادته معدومة أمام عرض التاجر عليه فرصة عمل في أبوظبي. وحول تهمة تعاطي المخدرات، استندت محكمة الاستئناف إلى رأي خبير الطب الشرعي الذي أوضح أن المتهم كان أصيب بعدة جروح في قدمه بسبب طول المسير في رحلته من بلده إلى أبوظبي مما أدى إلى تسرب المخدر الموجود في الحذاء عبر هذه الجروح مع كثرة المشي. وبالتالي حكمت المحكمة ببراءة المتهم أيضاً من تهمة التعاطي ، وحكمت عليه بالحبس شهر مع الإبعاد عن الدولة عن تهمة التسلل إلى الدولة بصورة غير شرعية.
لم يلاقي الحكم القبول من قبل النيابة العامة، واعتبرت أن أركان الجريمة متوفرة في حق المتهم، خاصة أنه اعترف تفصيلياً بجلبه المخدر مع علمه بما يحمل. ووافقت محكمة النقض على رأي النيابة وقالت بوجود تنقض بين حيثيات حكم الاستئناف من حيث قولها مرة بخلق الجريمة ثم إعطاء المتهم الإعفاء من المسئولية استناداً إلى حالة الضرورة المتمثلة بفقره ورغبته بالعمل في الدولة، كما أكدت محكمة النقض أن الفقر المدقع لا يعد من الضرورات التي تعفي من المسئولية، مشيرة أن هذه الضرورات يجب أن تكون من النوع الذي يمثل دفع خطر جسيم عن النفس أو الغير على وشك الوقوع ولا يكون لإرادته دخل في حلوله، وبالتالي لا يعتبر الفقر وفق هذا التعريف من الضرورات التي تمثل عذراً لارتكاب الجرائم أو المحرمات، وبناء عليه حكمت محكمة النقض بنقض حكم البراءة مع إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتنظر من قبل هيئة مغايرة.
ولا تزال القضية تنظر في المحاكم في رحلة هذا الشاب الذي امتطى حلمه عابراً الموت من الموت ونحو الموت، ولا أحد يعلم أين سترسو سفينة قدره.
^نقلاً من موقع دائرة القضاء - أبوظبي
تعليقي: ولكن الرجل رفض وأصر أنه وبعد أن عرف سره لم يعد أمامه مجال إلا تنفيذ المهمة برضاه أو غصباً عنه وإلا فإنه سيقتل عائلته، ولم يكتفي بهذا بل أخبره أنه لن يعطيه مصاريف الرحلة وعليه أن يتدبر أمره لوحده،
طبعاً هذا الأمر لازم يؤخذ بعين الاعتبار وهو أنه قام بهالفعل تحت تهديد ووعيد ولدفع ضرر عن النفس أو عن الغير أي أنه توافر أحد الضرورات المذكورة
استناداً إلى حالة الضرورة المتمثلة بفقره ورغبته بالعمل في الدولة، كما أكدت محكمة النقض أن الفقر المدقع لا يعد من الضرورات التي تعفي من المسئولية، مشيرة أن هذه الضرورات يجب أن تكون من النوع الذي يمثل دفع خطر جسيم عن النفس أو الغير على وشك الوقوع ولا يكون لإرادته دخل في حلوله،
ما أعرف ليش تم الالتفات لموضوع الفقر وإهمال التهديد؟
صحيح أن الفقر ليس من الضرورات ولا يعتبر دافع لهذا الجرم لكن في هذه الحالة يجب الالتفات إلى الضرر الذي تم دفعه عن الغير ألا وهو التهديد بقتل عائلته.. بذلك توفر أحد الضرورات التي قد تكون لصالحه
والمنبر لكم وفي انتظار مشاركاتكم وآرائكم