الحقانية
04-03-2010, 04:26 AM
أثر النفاق في هدم المجتمع والقضاء على الامم
لقد كان للنفاق دور بارز في إسقاط الخلافة العباسية في حادثة من أبشع حوادث التاريخ ذكرها بتفاصيلها وآلامها الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية، ملخصها: أن المستعصم بالله محمد بن الظاهر كان هو الخليفة السابع والثلاثين من خلفاء بني العباس. وكان للمستعصم وزيرا منافقاً رافضياً خبيثاً استطاع بإظهاره الصلاح والتقوى التقرب إلى السلطان حتى صار وزيراً للخليفة، وهذا هو شأن المنافقين في كل وقت، فإنهم يحرصون على مثل هذه المناصب ليحققوا من خلالها ما يريدون. كتب هذا المنافق كتاباً إلى هولاكو ملك التتار يبدي له استعداده أن يسلمه بغداد وأن يزيل خلافة المسلمين إذا حضر بجيوشه إليها، وكان التتار قد هُزموا في عهد المستنصر بالله وقُتل منهم خلق كثير، وكان هذا الوزير يريد ويهدف إلى محو أهل السنة وإقامة دولة فاطمية رافضية مكانها. فكتب هولاكو للوزير بأن " عساكر المسلمين على بغداد كثيرة، فإن كنت صادقاً فيما قلت لنا وداخلاً تحت طاعتنا ففرِّق العسكر، فإذا عملت ذلك حضرنا" فلما وصل كتاب هولاكو إلى الوزير دخل على المستعصم وزيّن له أن يُسرّح خمسة عشر ألف فارس من عسكره، لأنه لا داعي لهذا العدد الضخم الآن، ولأن التتار قد رجعوا إلى بلادهم، ولا حاجة لتحميل الدولة رواتب هؤلاء العساكر، ولثقة الخليفة بوزيره كما هي العادة، استجاب الخليفة لرأيه وأصدر قراراً عسكرياً بتسريح خمسة عشر ألف عسكري، فخرج الوزير ومعه الأمر، واستعرض الجيش واختار تسريح أفضلهم، وأمرهم بمغادرة بغداد وكل ملحقاتها الإدارية، وفرقهم في البلاد. وبعد عدة أشهر زيّن هذا المنافق للخليفة مرة أخرى أن يسرّح أيضاً عشرين ألفاً، واستجاب الخليفة له وأصدر أمراً بذلك، ففعل الوزير مثلما فعل في المرة الأولى، وانتقى أفضل الفرسان فسرّحهم، وكان هؤلاء الفرسان الذين انتقاهم بقوة مائتي ألف فارس. فأصبح عدد جيش بغداد لا يزيد على عشرة آلاف جندي بعد أن كانوا نحو مائة ألف جندي.
ولما أتم مكيدته كتب إلى هولاكو بما فعل، فركب هولاكو وقدم بجيشه إلى بغداد، وأحس أهل بغداد بمداهمة جيش التتار لهم فاجتمعوا وتحالفوا وخرجوا إلى ظاهر المدينة وقاتلوا ببسالة وصبر حتى حلت الهزيمة بجيش التتار مرة أخرى، وتبعهم المسلمون وأسروا منهم، وعادوا مؤيدين منصورين ومعهم الأسرى ورؤوس القتلى ونزلوا في خيامهم مطمئنين، فأرسل الوزير المنافق جماعة من أصحابه ليلاً فحبسوا مياه دجلة، ففاض الماء على عساكر بغداد وهم نائمون في خيامهم وصارت معسكراتهم مغمورة ومحاطة بالوحل، وغرقت خيولهم وأمتعتهم وعتادهم بالوحل، والناجي منهم من أدرك فرساً فركبه وخرج من معسكر الوحل.
وكان الوزير قد أرسل إلى هولاكو يعلمه بمكيدته ويدعوه أن يرجع بجيوشه فقد هيأ له الأمر بما يحقق له ولجيوشه الظفر، فعاد هولاكو بجيوشه وعسكر حول بغداد، ولمّا أصبح الصباح دخل جيش التتار بغداد ووضعوا السيف في أهلها وجعلوا يقتلون الناس كباراً وصغاراً، شيوخاً وأطفالاً، ودخلوا على الخليفة فاحتملوه هو وولده وأحضروهما إلى ملك التتار هولاكو، فأخرجهما هولاكو إلى ظاهر بغداد ووضعهما في خيمة صغيرة، ثم أمر عسكره بقتلهما ضرباً بالأرجل، فوضعوا الخليفة في كيس وقتلوه رفساً، ثم دخل التتار دار الخلافة فسلبوا ما فيها وصاروا يقتلون كل من يشاهدون من أهل مدينة بغداد.
وبمقتل المستعصم بالله انتهت الخلافة في بغداد وسقطت الدولة بفعل هذا المنافق. استدعى هولاكو الوزير ليكافئه، فحضر بين يديه، وهولاكو رجل ذكي يعلم خطورة هذا الصنف من البشر، والذي خان غيره قد يخونه، فقال له : لو أعطيناك كل ما نملك ما نرجو منك خيراً، وأنت مخالف لملتنا، فإنك لم تحسن لأهل ملتك، فما نرى إلاّ أن نقتلك. ثم أمر بقتله فقُتل شر قتلة.
هكذا النفاق، يقوض أركان الدول إذا لم يُنتبه له، وهذه أحد حيل المنافقين في التخريب والإفساد وهو إدخال العدو إلى داخل الدولة المسلمة، والتمكين له بالعبث داخل المجتمع المسلم، حتى ينهار ذلك المجتمع أو تسقط تلك الدولة.
وإدخال العدو للبلد قد يكون حسياً وذلك بإدخاله مباشرة ليمارس هو الإفساد والقتل مباشرة، والقضاء على المسلمين بسرعة. أو يكون معنوياً فيكون القتل بطيئاً وذلك بإدخال فكره وثقافته وترويجها بين الناس ونشرها عن طريق الطابور الخامس، وهم المنافقون والشهوانيون والعلمانيون، فيقومون هؤلاء بتهيئة الجو وخلخلة الثوابت والأسس حتى يتحلل المجتمع تدريجياً ويتمكن العدو مما يريد بطريقة غير مباشرة، يلعب فيها النفاق دوراً بارزاً وكبيراً.
فنسأل الله جل وتعالى أن يكفينا شر المنافقين وأن يحفظ بلاد المسلمين من شرورهم ونفاقهم وخداعهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
منقول بتصرف و بارك الله في كاتبه.
معرفة المنافقين ليست بالامر السهل و ذلك لتلونهم و تنكرهم على حسب الجو العام و مع ذلك فقد لخص رسول الله صلى الله عليه و سلم الخطوط العريضة لشخصياتهم :
1. اذا حدث كذب
2. اذا وعد اخلف
3. اذا خاصم فجر
4. اذا اؤتمن خان
و حتى هذه الافعال يمارسها المنافقون في الخفاء مما يزيد من صعوبة اكتشافهم الا اذا انتبه الانسان الى تناقض اقوالهم و افعالهم. فيجب على المؤمن ان يكون كيسا فطنا يتفكر فيما يدور من حوله لا ساذجا سطحيا.
وفقنا الله و اياكم
لقد كان للنفاق دور بارز في إسقاط الخلافة العباسية في حادثة من أبشع حوادث التاريخ ذكرها بتفاصيلها وآلامها الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية، ملخصها: أن المستعصم بالله محمد بن الظاهر كان هو الخليفة السابع والثلاثين من خلفاء بني العباس. وكان للمستعصم وزيرا منافقاً رافضياً خبيثاً استطاع بإظهاره الصلاح والتقوى التقرب إلى السلطان حتى صار وزيراً للخليفة، وهذا هو شأن المنافقين في كل وقت، فإنهم يحرصون على مثل هذه المناصب ليحققوا من خلالها ما يريدون. كتب هذا المنافق كتاباً إلى هولاكو ملك التتار يبدي له استعداده أن يسلمه بغداد وأن يزيل خلافة المسلمين إذا حضر بجيوشه إليها، وكان التتار قد هُزموا في عهد المستنصر بالله وقُتل منهم خلق كثير، وكان هذا الوزير يريد ويهدف إلى محو أهل السنة وإقامة دولة فاطمية رافضية مكانها. فكتب هولاكو للوزير بأن " عساكر المسلمين على بغداد كثيرة، فإن كنت صادقاً فيما قلت لنا وداخلاً تحت طاعتنا ففرِّق العسكر، فإذا عملت ذلك حضرنا" فلما وصل كتاب هولاكو إلى الوزير دخل على المستعصم وزيّن له أن يُسرّح خمسة عشر ألف فارس من عسكره، لأنه لا داعي لهذا العدد الضخم الآن، ولأن التتار قد رجعوا إلى بلادهم، ولا حاجة لتحميل الدولة رواتب هؤلاء العساكر، ولثقة الخليفة بوزيره كما هي العادة، استجاب الخليفة لرأيه وأصدر قراراً عسكرياً بتسريح خمسة عشر ألف عسكري، فخرج الوزير ومعه الأمر، واستعرض الجيش واختار تسريح أفضلهم، وأمرهم بمغادرة بغداد وكل ملحقاتها الإدارية، وفرقهم في البلاد. وبعد عدة أشهر زيّن هذا المنافق للخليفة مرة أخرى أن يسرّح أيضاً عشرين ألفاً، واستجاب الخليفة له وأصدر أمراً بذلك، ففعل الوزير مثلما فعل في المرة الأولى، وانتقى أفضل الفرسان فسرّحهم، وكان هؤلاء الفرسان الذين انتقاهم بقوة مائتي ألف فارس. فأصبح عدد جيش بغداد لا يزيد على عشرة آلاف جندي بعد أن كانوا نحو مائة ألف جندي.
ولما أتم مكيدته كتب إلى هولاكو بما فعل، فركب هولاكو وقدم بجيشه إلى بغداد، وأحس أهل بغداد بمداهمة جيش التتار لهم فاجتمعوا وتحالفوا وخرجوا إلى ظاهر المدينة وقاتلوا ببسالة وصبر حتى حلت الهزيمة بجيش التتار مرة أخرى، وتبعهم المسلمون وأسروا منهم، وعادوا مؤيدين منصورين ومعهم الأسرى ورؤوس القتلى ونزلوا في خيامهم مطمئنين، فأرسل الوزير المنافق جماعة من أصحابه ليلاً فحبسوا مياه دجلة، ففاض الماء على عساكر بغداد وهم نائمون في خيامهم وصارت معسكراتهم مغمورة ومحاطة بالوحل، وغرقت خيولهم وأمتعتهم وعتادهم بالوحل، والناجي منهم من أدرك فرساً فركبه وخرج من معسكر الوحل.
وكان الوزير قد أرسل إلى هولاكو يعلمه بمكيدته ويدعوه أن يرجع بجيوشه فقد هيأ له الأمر بما يحقق له ولجيوشه الظفر، فعاد هولاكو بجيوشه وعسكر حول بغداد، ولمّا أصبح الصباح دخل جيش التتار بغداد ووضعوا السيف في أهلها وجعلوا يقتلون الناس كباراً وصغاراً، شيوخاً وأطفالاً، ودخلوا على الخليفة فاحتملوه هو وولده وأحضروهما إلى ملك التتار هولاكو، فأخرجهما هولاكو إلى ظاهر بغداد ووضعهما في خيمة صغيرة، ثم أمر عسكره بقتلهما ضرباً بالأرجل، فوضعوا الخليفة في كيس وقتلوه رفساً، ثم دخل التتار دار الخلافة فسلبوا ما فيها وصاروا يقتلون كل من يشاهدون من أهل مدينة بغداد.
وبمقتل المستعصم بالله انتهت الخلافة في بغداد وسقطت الدولة بفعل هذا المنافق. استدعى هولاكو الوزير ليكافئه، فحضر بين يديه، وهولاكو رجل ذكي يعلم خطورة هذا الصنف من البشر، والذي خان غيره قد يخونه، فقال له : لو أعطيناك كل ما نملك ما نرجو منك خيراً، وأنت مخالف لملتنا، فإنك لم تحسن لأهل ملتك، فما نرى إلاّ أن نقتلك. ثم أمر بقتله فقُتل شر قتلة.
هكذا النفاق، يقوض أركان الدول إذا لم يُنتبه له، وهذه أحد حيل المنافقين في التخريب والإفساد وهو إدخال العدو إلى داخل الدولة المسلمة، والتمكين له بالعبث داخل المجتمع المسلم، حتى ينهار ذلك المجتمع أو تسقط تلك الدولة.
وإدخال العدو للبلد قد يكون حسياً وذلك بإدخاله مباشرة ليمارس هو الإفساد والقتل مباشرة، والقضاء على المسلمين بسرعة. أو يكون معنوياً فيكون القتل بطيئاً وذلك بإدخال فكره وثقافته وترويجها بين الناس ونشرها عن طريق الطابور الخامس، وهم المنافقون والشهوانيون والعلمانيون، فيقومون هؤلاء بتهيئة الجو وخلخلة الثوابت والأسس حتى يتحلل المجتمع تدريجياً ويتمكن العدو مما يريد بطريقة غير مباشرة، يلعب فيها النفاق دوراً بارزاً وكبيراً.
فنسأل الله جل وتعالى أن يكفينا شر المنافقين وأن يحفظ بلاد المسلمين من شرورهم ونفاقهم وخداعهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
منقول بتصرف و بارك الله في كاتبه.
معرفة المنافقين ليست بالامر السهل و ذلك لتلونهم و تنكرهم على حسب الجو العام و مع ذلك فقد لخص رسول الله صلى الله عليه و سلم الخطوط العريضة لشخصياتهم :
1. اذا حدث كذب
2. اذا وعد اخلف
3. اذا خاصم فجر
4. اذا اؤتمن خان
و حتى هذه الافعال يمارسها المنافقون في الخفاء مما يزيد من صعوبة اكتشافهم الا اذا انتبه الانسان الى تناقض اقوالهم و افعالهم. فيجب على المؤمن ان يكون كيسا فطنا يتفكر فيما يدور من حوله لا ساذجا سطحيا.
وفقنا الله و اياكم