محمد الروحاني
07-16-2012, 12:09 AM
حكم زواج الصغيرين
جاء القرآن الكريم شريعة للدين والدنيا فشرع للفرد والمجتمع من النظم والقواعد ما يؤمن الحياة الكريمة المستقره للانسانية جمعاء،وقد لقيت الاسرة التي تعد اللبنة الاولى في بناء المجتمع اهتمام كبير من القرآن الكريم حيث جاءت احكامها مفصلة ومبينةً ما لكل فرد من الحقوق والواجبات.و سبق القول بان الاصل عدم جواز زواج الصغيرين فزواج الصغيرين هو استثناء من الاصل.وبشروط حددها الفقهاء.
ولما كانت المرأه الدعامه القويه في الاسرة كان لا بد من اعطاءها حقوقها كاملة مثلها مثل الرجل تماما،فالمراه اهم الدعائم والاسس التي تقوم من خلالها الاسره ولها من الحقوق ما يفوق في الاهميه والمكانه ماهو للرجل ،وحتى تنشئ اسره قويه من الداخل والخارج لابد من توافر المبادئ العامه للزواج وسنتطرق اليها قبل الخوض في موضوع حكم زواج الصغيرين في الفقه الاسلامي والوضعي، على النحو التالي:
1-حسن الاختيار:
اوصى الاسلام ان يختار كل من الزوجين شريك حياته على اسس ثابته لا تزول وهي الدين والخلق واما غير ذلك من مال او جمال او نسب فهو زائل فالمال غاد ورائح،والجمال له ايام وساعات معدوده،والنسب لافخر فيه لان التفاخر بالعمل وقيمة كل امرئ بما ينتسب اليه ولان سوء الاختيار لا يؤدي الى السكن النفسي والموده والرحمه بين الزوجين وبحسن اختيار كل من الزوجين صاحبه تستمر الحياة الزوجيه مليئة بالحب والسعادة وتضمن للاولاد ثمرة هذا الزواج حسن التربيه لان الجيل الجديد لا يكون قوياً في اسر وبيوت مليئه بالبغضاء والخلافات وسوء التفاهم([1] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn1)).
2- الخطبه:
يتطلب الزواج فرصه كافيه من اجل ان يتعرف احد الطرفين على الاخر،ونظراً لقدسية عقد الزواج واهميته ولما يترتب عليه من اثار ونتائج فقد جعل الشارع له مقدمه وهي الخطبه ووضع لها احكاماً مفصله فاباح للخاطب رؤية خطيبته وان تراه ايضاً ليعرف كلاً منهما الاخر ضمن حدود الشرع اساساً ومن اجل بناء حياه مشتركه على ارض صلبه وواضحه([2] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn2)).
3- حرية المراه في اختيار زوجها:
تمتعت المراه العربيه قبل الاسلام بقدر وافر من الحريه في اختيار زوجها،فلم تكن تكره على زوج لاترتضيه او تزوج بغير مشوره.فقد جرت الاعراف والتقاليد لدى كثير من القبائل العربيه قبل الاسلام على استشارة الفتيات المقبلات على الزواج واخذ موافقتهن في شان الراغبين في الزواج منهن، وكثيراً ما كان الاباء ينزولون على رغبة بناتهم،مهما كان الراغب في الزواج موضع تقدير واحترام الاب، لسمو مكانته وعلو منزلته في قومه([3] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn3))فذلك كان وضع المراه قبل الاسلام فكيف بوضعها بعد الاسلام ؟بالتاكيد وضعها احسن بكثير فقد جاء الاسلام واعطى للمرأه الحريه في كل شيء حتى في اختيار زوجها فقد اشترطت الشريعة الاسلاميه موافقة المراه على زواجها وبدون موافقتها يكون العقد باطلا واصبحت المراه طرفا في العقد بدلا من وليها،ولم تعد هي المعقود عليه([4] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn4))،فقد رويت احاديث كثيره عن النبي صلى الله عليه وسلم حرم فيها تزويج المراه بدون ارادتها.
عن عبدالله بن عباس قال:جاءت فتاه بكر الى رسول الله فشكت له ان اباها زوجها من رجل وهي كارهة له،فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين قبوله او رفضه([5] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn5)).
وعن (بريده)قال:جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم امراه فقالت ان ابي زوجني من ابن اخيه ليرفع بي خسيسته،فجعل النبي الامر اليها،فقالت:لقد اجزت ما صنع ابي ولكني اردت ان تعلم النساء ان ليس للاباء من هذا الامر شيء([6] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn6)).
4- الرضا :
لابد للزواج وهو عقد الحياة ان تتوافر فيه الارادة الكاملة والرضا التام لكل من الزوجين،فلا اكراه لاحد على زواج ممن لا يحب،ولا سلطة لرئيس الاسره على بعض افرادها بالزامهم على الزواج،فمتى بلغ الرجل راشداً كان له الزواج بمن يرغب او يريد،وكذلك الفتاه البالغه العاقله الراشدة([7] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn7)).
5- حسن المعامله:
اوجب الاسلام حسن المعامله بين افراد المجتمع عامة وافراد الاسره خاصة وبين الزوجين بصوره مؤكده،فالاسره المسلمه لاتعرف الاستبداد بالراي ولا الظلم في المعامله ولا الطاعة العمياء،بل هناك حقوق وواجبات،اذ لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق بل الطاعه للشرع فطاعة الزوجه لزوجها ليست لرغباته الشخصيه بل للاوامر والقواعد والنظم التي بموجبها تم عقد الزواج، وقيام الزوج بالتزاماته نحو زوجته ليست مجاملة او عطفا بل من قبيل القيام بالواجب([8] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn8)).
فالحياة الزوجية المشتركه تستلزم مجموعة من القواعد والضوابط التي لايمكن بدونها الاستمرار في تلك الحياه،ذلك ان الحياة الزوجية انما تقوم على الموده والحب لكي يمكن العيش في ظلال من الطمانينة والسلام، يمكن من خلالها طي الطريق والوصول الى الكمال المنشود،فالحياة المشتركه الخاليه من اثار الحب والتضحيه والتسامح تافهه لامعنى لها،والحياة بدون المودة والاحترام المتبادل حياة مذلة لا قيمة لها بل لا يمكن ان نسميها حياة([9] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn9)) فالزوجان العاقلان الناضجان يعمل كل منها على مساعدة الاخر ودعمه مادياً ومعنوياً.
من خلال ماسبق يتضح ان المبادئ العامه للزواج لاتتحقق على اكمل وجه الا اذا كان الزوجين بالغين عاقلين فلا تتحقق تلك المبادئ من الزوجين الصغيرين غير القادرين على فهم احكام الزواج، فالزواج المفروض من الاباء او الاولياء هو من اخطر حالات الزواج على الاطلاق حيث يقوم الوالدان او الاولياء بتزويج الابناء دون اعتبار لرغباتهم او لارادتهم على اعتبار ان ارادة الصغير والصغيره لا يعتد بها،وبالتالي فان مجرد الشعور بالقهر وحده سيدفع بالطرفين للخلاص من ذلك الاجبار المتجاوز حدود القيد او التقييد بعد البلوغ، الامر الذي يعني انهيار الحياة الزوجيه باسرع وقت ممكن.
ولما كان الاصل عدم زواج الصغيرين (غير البالغين)والاستنثناء زواج الصغيرين فقد كان للفقه الاسلامي رايه في هذا الموضوع وادلته وحججه فالفقهاء حين سمحوا بزواج الصغيرين جعلوا له عدة شروط بعكس الزواج بعد البلوغ الذي لم يشترطوا له سوى الدين والخلق مما يعني ان الفقهاء لم يجيزوا زواج الصغيرين(غير البالغين)الا استثناء وبناءً على شروط يجب توافرها والتاكد منها قبل زواج الصغيرين كما ان معظم الفقهاء او الغالبيه لم يجعلوا ذلك الحق الا للاب فقط باعتباره اكثر شفقة وحنانا على اطفاله وبعضهم اضاف الجد لانه ينزل منزلة الاب ولشفقته وحنانه.
وحتى نعرف اراء الفقهاء في زواج الصغيرين لا بد ان نعرف اولاً ان الولاية في الزواج تنقسم الى قسمين:
أ- ولاية الاجبار: التي ينفرد بها الولي الذي له حق تزويج الصغير والصغيره.
ب- ولايةالاختيار:وهي الولايه التي يشترك فيها الولي بالراي مع من في ولايته.
1- زواج الصغير والصغيره في مذهب الحنابله:
أ- زواج الصغيرة:
يجوز للاب ان يزوج ابنته البكر صغيره كانت او كبيره حتى وان كرهت والنكاح ثابت بشرط ان يزوجها من شخص كفء،خالي من العيوب وادلتهم:
زواج البكر الصغيره لاخلاف فيه،فقد قال ابن المنذر اجمع اهل العلم ان نكاح الاب ابنته البكر الصغيره جاز اذا زوجها من كفء ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها([10] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn10))،واستدلوا بالاتي:
*قال تعالى(واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن) فجعل اللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة اشهر ولا تكون العدة ثلاثة اشهر الا من الطلاق في نكاح او فسخ فدل ذلك على ان الصغيره تزوج وتطلق ولا اذن لها فيعتبر.
* قالت عائشه رضي الله عنها(تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وانا ابنة ست وبني بي وانا ابنة تسع)متفق عليه([11] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn11)).
ب- زواج الصغير: يصح زواج الغلام غير البالغ والمعتوه بشرط ان يزوجه والده او وصي ناظر له في التزويج،وبالتالي فليس لغير الاب او وصيه تزويج الغلام قبل بلوغه وادلتهم:
*فاما الغلام السليم من الجنون فلا نعلم بين اهل العلم خلاف في ان لابيه تزويجه وذلك لما روي ان ابن عمر زوج ابنه وهو صغير فاختصما الى زيد فاجازه جميعاً.رواه الاثرم باسناده.
*وقد قال الحنابله لان الصغير والغلام غير بالغ ملك ابوه تزويجة كالعاقل ولانه اذا ملك تزويج العاقل مع ان له مع احتياجه الى التزوج راياً ونظراً لنفسه فلأن يجوز تزويج الصغير الذي لا راي له ولا نظر من باب اولى.
ويقبل عنه ابيه لانه لايعتد بعبارة الصبي وذك لانه ليس من اهل التصرف ([12] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn12)).
وبالتالي فان زواج الصغير والصغيره جائز في مذهب الحنابله بشرط ان يكون المزوج لهما هو الاب وان يتوفر في زواجهم الكفاءه والخلو من العيوب.
2- زواج الصغير والصغيره في مذهب الشافعيه:
للاب تزويج الصغير وتزويج البكر صغيرة كانت او كبيره، ويستحب استئذان الكبيره وليس للاب تزويج البنت الصغيره الا باذنها وبعد البلوغ، والاب كالجد عند عدمه، وسواءً زالت البكاره بوطئ حلال او حرام، ولا اثر لزوالها بلا وطء كسقطه ولتزويج الاب ابنته الصغيره بغير اذنها لابد من توفر عدد من الشروط عند الشافعيه وهي:
1- ان لايكون بينه وبينها عداوه ظاهرة.
2- ان يزوجها من كفء.
3- ان يزوجها بمهر المثل.
4- ان يكون من نقد البلد.
5- ان لايكون الزوج معسراً بالمهر.
6- ان لايزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كاعمى وشيخ هرم.
7- ان لايكون قد وجب عليها الحج، فان الزوج قد يمنعها لكون الحج على التراخي ولها غرض في تعجيل براءة ذمتها.
8- ان تنتفي العداوه بينها وبين الزوج.
واستدلوا على زواج الصغيره بحديث(الثيب احق بنفسها من وليها،والبكر يزوجها ابوها)([13] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn13)) وقالوا ان البكر شديدة الحياء لانها لم تمارس الرجال بالوطء وان الولي يحتاط لموليته لخوف العار وغيره.
وعليه فلا بد من توافر هذه الشروط حتى يستطيع الاب اجبار ابنته الصغيره على الزواج ولتزويج الاب ابنه الصغير شرطوا لها شرطين 1- ان يزوجه بكفوءه.
2- ان لايزوجه بمن تعاف والا ثبت له الخيار عند البلوغ([14] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn14)).
وبعد ذكر الشافعيه لهذه الشروط اختتموا قولهم بانه يستحب استئذان البكر البالغه تطييباً لخاطرها لان اذنها معتبر بعكس الصغيره ويسن استفهام المراهقة وان لاتزوج الصغيره حتى تبلغ وليس للاب تزويج الثيب الصغيره سواءً احتملت الوطء ام لم تحتمل لان اذن الصغيره غير معتبر فمنعوا تزويجها الا بعد ان تبلغ([15] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn15)).
وبالتالي فان الشافعيه حين اجازوا زواج الصغير والصغيره قصروا هذا الحق على الاب والجد واشترطوا فيهما بالاضافة الى الشروط العامه البلوغ والذكوره والرشد في شؤون الزواج بان لا يكونا فاسقين والا يكونا سفيهين ، وكذلك شرطوا لزواج الصغيرين عدد كبير من الشروط وفي حالة عدم توفر هذه الشروط فانه يثبت لهما الخيار عند البلوغ،مما يعني ان الافضل عند الشافعيه للصغير والصغيره سواء كانت بكر او ثيب هو الزواج بعد البلوغ لاقبله؛وذلك لانهم قاموا بتوفير العديد من الضمانات في زواج الصغيرين بعكس زواج البالغين الذين اجازوه بدون أي شروط وضمانات.
3- زواج الصغير والصغيره في مذهب الجعفريه:
لاعبرة في النكاح بعبارة الصبي ايجابا وقبولا،ولا ولاية في عقد النكاح لغير الاب والجد للاب وان علا والمولى والوصي والحاكم ...
واختلفوا في ولاية الجد هل تكون له ولايه مع وجود الاب ام لا الى وجهين :
الوجه الاول: قال نعم يشترط بقاء الاب في ولاية الجد.
الوجه الثاني: لايشترط بقاء الاب لاثبات ولاية الجد.
فتثبت ولاية الاب والجد لاب على الصغيره،حتى وان ذهبت بكارتها بوطء او غيره،ولا خيار لها بعد بلوغها على اشهر الروايتين،وكذا لو زوج الاب او الجد الولد الصغير لزمه العقد،ولاخيار له مع بلوغه ورشده على الاشهر ([16] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn16)).وليس للحاكم والوصي تزويج من لم يبلغ فهذا الحق مقصور على الاب والجد للاب فقط.
فالجعفرية لم يشترطوا توافر نوع معين من الشروط لجواز نكاح الصغيرين بل اجازوا نكاح الصغيرين وقصروا حق انكاحهم على الاب والجد للاب فقط على اعتبار انهم اكثر شفقه وحناناً من غيرهما من الاولياء.
4- زواج الصغير والصغيره في مذهب الظاهريه :
للاب ان يزوج ابنته الصغيره البكر مالم تبلغ ولا خيار لها اذا بلغت فان كانت ثيباً من زوج مات عنها او طلقها لم يجز للاب ولا لغيره ان يزوجها حتى تبلغ ولا اذن لهما قبل ان تبلغ،واذا بلغت البكر والثيب لم يجز للاب ولا لغيره ان يزوجها الا باذنها فان وقع فهو مفسوخ ابداً،واما الصغيرة التي لا اب لها فليس لاحد ان ينكحها لامن ضرورة ولا من غير ضرورة حتى تبلغ([17] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn17)).
ولا يجوز للاب ولا لغيره انكاح الصغير الذكر حتى يبلغ فان فعل فهو مفسوخ ابداً،واجازه قوما لا حجة لهم الا قياسه على الصغيرة وقال ابو محمد بن علي بن حزم:قول الله عزوجل (ولاتكسب كل نفس الا عليها)مانع من جواز عقد احد على احد الا ان يوجب انفاذ ذلك نص قران او سنه ولا نص ولاسنه في جواز انكاح الاب لابنه الصغير وقد قال بهذا طائفه من السلف.وروى من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال:اذا انكح الصغيرين ابواهما فهما بالخيار اذا كبرا ولا يتوارثان ان ماتا قبل ذلك.وبه عن معمر عن قتاده قال:اذا انكح الصبيين ابواهما فماتا قبل ان يدركا(أي قبل ان يبلغا)فلا ميراث بينهما .قال معمر:سواء انكحهم ابواهما او غيرهما وهو قول سفيان الثوري([18] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn18)).
مما سبق نرى ان الظاهريه اجازوا زواج الصغيره بدون أي شروط لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط على اعتبار انه اكثر شفقه وحنانا على ابتنه الصغيرة اكثر من غيره،ولم يجيزوا زواج الصغير ولا الثيب الصغيره لا للاب ولا غيره الا بعد البلوغ.
5- زواج الصغير والصغيره في مذهب المالكيه:
للاب تزويج ابنته البكر دون ان يستامرها سواء بلغت او لم تبلغ عنست او لم تعنس وينفذ انكاحه لها وان كرهت وكذلك ان دخل بها زوجها الا انه لم يطاها اما اذا بقيت معه سنه وشهدت المشاهد وان كان زوجها لم يطاها لم يجز للاب ولا غيره ان ينكحها بعد ذلك الا باذنها.
والجد لا يزوج البكر ولاغيرها الا باذنها كسائر الاولياء([19] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn19)).اما بالنسبه لزواج الصغير فلم اجد في المذهب المالكي ما يدل على جوازه او عدم جوازه.
مما سبق يتضح ان المالكيه اجازوا زواج البكر سواء كانت بالغه ام غير بالغه او بمعنى اصح سواء كانت صغيره او كبيره لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط دون غيره من الاولياء.على اعتبار انه اكثر شفقة وحنانا على ابنته البكر سواء كانت صغيره اوكبيره.
6- زواج الصغير والصغيره في مذهب الزيديه:
لا يصح ان يزوج الصغيره غير الاب والجد وقال بعضهم لا يزوجها الا الاب فقط ، واذا زوجها ابوها في صغرها فانه لا خيار له اذا بلغت لكن بشرطين احدهما.
ان يكون زوجها(كفوءً)فاما لو زوجها بغير كفوء لها ثبت لها الخيار، والشرط الثاني ان يكون زوجها ممن لا يعاف فاما لوزوجها ابوها من تعاف عشرته كالاجذم والابرص والمجنون فانها اذا بلغت ثبت لها الخيار على التراضي وكذلك الصغير من الذكر كالانثى اذا عقد له وليه بزوجه كان النكاح موقوفا مجازا كالصغيره فيخير متى بلغ وعلم البلوغ وعلم العقد وعلم تجدد الخيار الا من زوجه ابوه كفوءه لاتعاف وقبل البلوغ يجوز له الوطء وتجب النفقه في ماله والميراث بينهما ولا يخير بعد البلوغ وعلى الجمله فهو كالانثى في الاصح من المذهب ([20] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn20)).
مما سبق يتضح ان الزيديين اجازوا زواج الصغير والصغيره لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط وبعضهم على الاب والجد كما انهم شرطوا لزواج الصغير والصغيره شرطين هما الكفاءه والخلو من العيوب حتى يكون زواج الصغيرين صحيح وملزم.
7- زواج الصغير والصغيره في مذهب الاحناف:
تثبت ولاية الاجبار والاختيار للعصبات جمعياً عند الحنفيه فلم يقصروها على الاب والجد كما فعل بعضهم،اما عند ابي حنيفه فتثبت للعصبه ولذوي الارحام، وترتيب العصبات في ولاية الزواج كترتيبهم في الميراث عند ابي حنيفه وابي يوسف فيقدم من كان من جهة البنوه ثم الابوه ثم الاخوه ثم العمومه. اما عند الامام محمد تثبت الولايه للاب لا للابن لانه اعرف بشؤون الزواج ولان للاب الولايتين الولايه على المال والولايه على النفس فولايته اقوى من ولاية الابن التي تقتصر على الزواج فقط.
واذا اجتمع عدة عصابات عند الحنفيه وكانوا من جهة واحده قدم اقربهم درجه فيقدم الاخ الشقيق على الاخ لاب وفي حالة اجتماع عدة عصبات وكانوا من جهة واحدة ودرجه واحدة وقوه واحدة كاخوين شقيقين واستوفى كل منهم شروط الولايه فان كلا منهم يعتبر ولياً فان لم يكن للصغير او الصغيره عصبه فعلى قول ابي حنيفة تنتقل ولاية الزواج الى الاقارب غير العصبات من اصحاب السهام وذوي الارحام فان لم يكن احد من هؤلاء انتقلت ولاية التزويج الى القاضي لانه ولي من لاولي له بينما ابو يوسف ومحمد قالوا اذا لم يكن هناك عصبه فان الولاية تنتقل للقاضي وهذا ما عليه المذهب الحنفي بمعنى ان الولايه تثبت للعصبات ثم للقاضي([21] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn21)).
وبالتالي فان ولاية الاجبار للصغير والصغيره تنقسم الى قسمين:
1- الاب والجد الصحيح وان علا،والفرع المذكر أي الابن وابن الابن وان نزل.
2- بقية الاولياء العصبات والحاكم.
ولاية الاب والجد والابن في زواج الصغير والصغيره لاتخلو من امرين:
أ- اذا كان احد هؤلاء غير معروف بسوء الاختيار وغير مشهور بالفسق والاستهتار وفساد الراي فان العقد صحيح لازم لا يدخله خيار البلوغ وسواء كان العقد بمهر المثل وكان الزوج كفوء ام لم يكن ذلك لان وفور الشفقه عند هؤلاء وحسن السمعه تغني عن بقية الامور بحيث لا يتطرق شك في هذا النوع من الزواج لان هناك كثير من الامور غير المهر تقوم مقامه من حسن الخلق والسمعه وكرم الصحبه وتوسيع النفقه وغير ذلك من الصفات التي تزيد على شرطي الكفاءه ومهر المثل وعلى هذا فان كان الزوج غير كفوء والمهر فيه غبن فاحش بالنسبه للصغيرة وزيادة في مهر الصغير فالعقد صحيح نافذ لان الاب ومن في حكمه لم يزوج الصغير الا بعد ان رجح المصالح والمنافع الاخرى على المهر والكفاءه هذا عند ابي حنيفه،والمعمول به في المذهب الحنفي اما عند الصاحبين ابو يوسف ومحمد فزواج الصغير والصغيره لا يكون نافذ ولازم اذا زوجهما الاب ومن في حكمه الا اذا توفر في حقهما الكفاءه ومهر المثل.
ب- اذا كان كلا من الاب والجد والابن مشهورا قبل العقد بسوء الاختيار والفسق وفساد الراي فلا يصح زواجهما للصغير والصغيرة اذا كان الزوج اوالزوجه غير كفء وكان المهر بغبن فاحش للصغيره وبزياده مرتفعه للصغير،لان مصلحة كلا منهم الا يتزوج غير كفء له وهذا باتفاق بين ابي حنيفة وصاحبيه.
اما بالنسبه لباقي العصبات فان شفقتهم اقل من شفقة الاب ومن في حكمه فلا يصح زواج الصغير والصغيره من باقي العصبات الا بتوفر شرطي الكفاءه ومهر المثل ومع ذلك لو تم العقد بمهر المثل وبالكفاءه فانه يعتبر صحيحا نافذا ولكنه غير لازم ولكل من الصغير والصغيرة حق الفسخ حين البلوغ او وقت العلم بالنكاح([22] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn22)).
مما سبق يتضح ان الحنفيه بالرغم من انهم اجازوا زواج الصغير والصغيره لم يقصروا هذا الحق على الاب او الجد بل اعطوا هذا الحق لجميع العصبات الا انهم شرطوا له العديد من الشروط ضماناً لحق الصغير والصغيره كما اعتبروا زواج الصغير والصغيره من غير الاب والجد والابن صحيح ونافذ اذا توفر شرطي الكفاءه ومهر المثل لكنه غير ملزم.
8- زواج الصغير والصغيره عند عثمان البتي وابن شبرمه وابي بكر الاصم:
قالوا ان ولاية الاجبار تكون على المجانين والمعاتيه فقط،، ولا تكون على الصغار قط،لان الصغر يتنافى مع مقتضيات عقد الزواج اذ هو عقد لا تظهر اثاره الا بعد البلوغ،فلا حاجه اليه قبله،والولاية الاجباريه اساس ثبوتها هو حاجة المولى عليه اليها.وحيث لاحاجه الى زواج بسبب الصغر فلا ولاية تثبت على الصغار فيه،وقدجعل الله سبحانه وتعالى بلوغ النكاح هو الحد الفاصل بين القصور والكمال،فقال تعالى(وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم)([23] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn23)) فقد جعل سبحانه وتعالى في هذة الايه الكريمه بلوغ سن النكاح هو امارة انتهاء الصغر،واذاً فلا ثمره في العقد قبل البلوغ،لانه عقد لا تظهر ثمرته قبل البلوغ وفي اثباته قبل البلوغ ضرربالصغير،لانه لايستفيد من العقد،ويبلغ ويجد نفسه مكبلا بقيود الزوجيه وهو عقد يستمر في اصل شرعته مدى الحياة([24] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn24)).
اما بالنسبه لموقف المشرع اليمني في قانون الاحوال الشخصية رقم(24) لسنة 1999م من زواج الصغيرين فقد نصت الماده(15)منه بان (عقد ولي الصغيره بها صحيح ولا يمكن المعقود له من الدخول بها ولا تزف اليه الا بعد ان تكون صالحه للوطء ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنة ولايصح العقد للصغير الا لثبوت مصلحه)ممايعني ان زواج الصغيره بناء على نص هذه الماده صحيح لكن قانون الاحوال الشخصية اليمني لم يبين المقصود من عبارة (الا بعد ان تكون صالحه للوطء ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنة) هل يقصد بذلك بعد البلوغ ام قبل البلوغ وان كان يقصد بالعباره صحة زواج الصغيرة بعد البلوغ فلماذا جعل عقد ولي الصغيره لها صحيح منذ البدايه على الرغم من انه منع زفاف الصغيره للمعقود له ولم يسمح للاخير الدخول بها فما العلة من التقرير بصحة زواج الصغيرة حينئذ مع العلم ان الصغيره هي التي لم تبلغ،كذلك القانون السابق ذكره لم يبين ماالمقصود بعبارة(ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنه)هل المقصود من ذلك تحديد سن زواج الفتاه ام ماذا فاذ كان قصده تحديد سن زواج الفتاه فلا بد من النص على ذلك صراحة وليس ضمناً،وزواج الصغير في القانون اليمني صحيح بشرط توفر المصلحه وكان الاحرى بالمشرع اليمني ان يحدد سن معين كحد ادنى لصحة زواج الصغير والصغيره ب 18 عام تماشيا مع اتفاقية حقوق الطفل ولتحقيق اهداف الزواج والثمار المرجوة منه.
[1] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref1))) عبد الرحمن الصابوني،احكام الزواج في الفقه الاسلامي،ص25،الطبعه الاولى، مكتبة الفلاح،الكويت1408ه-1987م.
[/URL]([2]) المرجع السابق،ص30.
[3] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref2))) عبد الكريم محمد عبدالكريم،وضع المراه القانوني عند العرب قبل الاسلام، ص28،بدون رقم الطبعه،دار النهضه العربيه،القاهره.
([4]) ابراهيم فوزي،احكام الاسره في الجاهليه والاسلام،ص42،الطبعة الاولى ،1982م،دار الكلمة للنشر،لبنان-بيروت.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref4)([5]) رواه ابو دواود والنسائي وابن ماجه.
([6]) رواه النسائي والترمذي وابن ماجه واحمد.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref6)([7]) احكام الزواج في الفقه الاسلامي ،مرجع سابق،ص32.
([8]) المرجع السابق،ص37.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref8)([9]) علي القائمي،الاسره وقضايا الزواج ،ص11،الطبعة الاولى1414ه-1994م،دار النبلاءبيروت-لبنان،.
([10]) ابي محمد عبالله بن محمد بن قدامه المقدسي،المعنى لابن قدامه،الجزء السادس،ص487بدون رقم الطبعه،مكتبة الجمهورية العربيه،مكتبة الكليات الازهريه،القاهره-مصر.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref10)([11]) المغنى لابن قدامه،مرجع سابق،ص87.
([12]) المرجع السابق،ص501.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref12)([13]) رواه مسلم.
([14]) احمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني،التاج المذهب لاحكام المذاهب،ج2، ص37،الطبعة الاولى،1316ه-1947م،بيروت-لبنان،.
[15] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref14))) مغني المحتاج،محمد الشربيني الخطيب،ج3، ص،149،بدون رقم الطبعة،دار احياء التراث العربي،بيروت-لبنان.
[16] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref16))) شرائع الاسلام في الفقه الاسلامي الجعفري،جعفر بن الحسن بن ابي زكريا بن سعيد الهذلي،ص9،بدون رقم الطبعة،دار مكتبة الحياه،بيروت-لبنان.
([17]) ابي محمد علي احمد سعيد بن حزم،الحلى،ج9، ص458-459،بدون رقم الطبعه،دار الفكر.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref17)([18]) المرجع السابق،ص462-463.
([19]) شمس الدين محمد الدسوقي،حاشية الدسوقي على الشرح الكبير،ج2، ص222-223،بدون رقم الطبعه،دار احياء الكتب العربيه،.
[20] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref19))) محمد بن يحيى المرتضى،شرح الازهار،ج2، ص248-251،مطبعة المعاهد مصر.
([21]) الامام علاء الدين ابو بكر الكاساني الحنفي،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع،الطبعة الثانيه،ج1 ص240 -241،بدون رقم الطبعه،بدون مكان النشر،1402هـ-1982م،.
[22] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref21))) رد المحتار على الدر المختار،حاشية ابن عابدين،ج2 ص304-307،بدون رقم الطبعه،دار احياء التراث العربي بيروت- لبنان.
([23]) سورة النساء ،الايه رقم5.
[URL="http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref24"] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref23)([24]) محمد ابو زهره،محاضرات في عقد الزواج واثاره، ص137،136،بدون رقم الطبعه،دار الفكر العربي
جاء القرآن الكريم شريعة للدين والدنيا فشرع للفرد والمجتمع من النظم والقواعد ما يؤمن الحياة الكريمة المستقره للانسانية جمعاء،وقد لقيت الاسرة التي تعد اللبنة الاولى في بناء المجتمع اهتمام كبير من القرآن الكريم حيث جاءت احكامها مفصلة ومبينةً ما لكل فرد من الحقوق والواجبات.و سبق القول بان الاصل عدم جواز زواج الصغيرين فزواج الصغيرين هو استثناء من الاصل.وبشروط حددها الفقهاء.
ولما كانت المرأه الدعامه القويه في الاسرة كان لا بد من اعطاءها حقوقها كاملة مثلها مثل الرجل تماما،فالمراه اهم الدعائم والاسس التي تقوم من خلالها الاسره ولها من الحقوق ما يفوق في الاهميه والمكانه ماهو للرجل ،وحتى تنشئ اسره قويه من الداخل والخارج لابد من توافر المبادئ العامه للزواج وسنتطرق اليها قبل الخوض في موضوع حكم زواج الصغيرين في الفقه الاسلامي والوضعي، على النحو التالي:
1-حسن الاختيار:
اوصى الاسلام ان يختار كل من الزوجين شريك حياته على اسس ثابته لا تزول وهي الدين والخلق واما غير ذلك من مال او جمال او نسب فهو زائل فالمال غاد ورائح،والجمال له ايام وساعات معدوده،والنسب لافخر فيه لان التفاخر بالعمل وقيمة كل امرئ بما ينتسب اليه ولان سوء الاختيار لا يؤدي الى السكن النفسي والموده والرحمه بين الزوجين وبحسن اختيار كل من الزوجين صاحبه تستمر الحياة الزوجيه مليئة بالحب والسعادة وتضمن للاولاد ثمرة هذا الزواج حسن التربيه لان الجيل الجديد لا يكون قوياً في اسر وبيوت مليئه بالبغضاء والخلافات وسوء التفاهم([1] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn1)).
2- الخطبه:
يتطلب الزواج فرصه كافيه من اجل ان يتعرف احد الطرفين على الاخر،ونظراً لقدسية عقد الزواج واهميته ولما يترتب عليه من اثار ونتائج فقد جعل الشارع له مقدمه وهي الخطبه ووضع لها احكاماً مفصله فاباح للخاطب رؤية خطيبته وان تراه ايضاً ليعرف كلاً منهما الاخر ضمن حدود الشرع اساساً ومن اجل بناء حياه مشتركه على ارض صلبه وواضحه([2] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn2)).
3- حرية المراه في اختيار زوجها:
تمتعت المراه العربيه قبل الاسلام بقدر وافر من الحريه في اختيار زوجها،فلم تكن تكره على زوج لاترتضيه او تزوج بغير مشوره.فقد جرت الاعراف والتقاليد لدى كثير من القبائل العربيه قبل الاسلام على استشارة الفتيات المقبلات على الزواج واخذ موافقتهن في شان الراغبين في الزواج منهن، وكثيراً ما كان الاباء ينزولون على رغبة بناتهم،مهما كان الراغب في الزواج موضع تقدير واحترام الاب، لسمو مكانته وعلو منزلته في قومه([3] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn3))فذلك كان وضع المراه قبل الاسلام فكيف بوضعها بعد الاسلام ؟بالتاكيد وضعها احسن بكثير فقد جاء الاسلام واعطى للمرأه الحريه في كل شيء حتى في اختيار زوجها فقد اشترطت الشريعة الاسلاميه موافقة المراه على زواجها وبدون موافقتها يكون العقد باطلا واصبحت المراه طرفا في العقد بدلا من وليها،ولم تعد هي المعقود عليه([4] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn4))،فقد رويت احاديث كثيره عن النبي صلى الله عليه وسلم حرم فيها تزويج المراه بدون ارادتها.
عن عبدالله بن عباس قال:جاءت فتاه بكر الى رسول الله فشكت له ان اباها زوجها من رجل وهي كارهة له،فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين قبوله او رفضه([5] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn5)).
وعن (بريده)قال:جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم امراه فقالت ان ابي زوجني من ابن اخيه ليرفع بي خسيسته،فجعل النبي الامر اليها،فقالت:لقد اجزت ما صنع ابي ولكني اردت ان تعلم النساء ان ليس للاباء من هذا الامر شيء([6] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn6)).
4- الرضا :
لابد للزواج وهو عقد الحياة ان تتوافر فيه الارادة الكاملة والرضا التام لكل من الزوجين،فلا اكراه لاحد على زواج ممن لا يحب،ولا سلطة لرئيس الاسره على بعض افرادها بالزامهم على الزواج،فمتى بلغ الرجل راشداً كان له الزواج بمن يرغب او يريد،وكذلك الفتاه البالغه العاقله الراشدة([7] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn7)).
5- حسن المعامله:
اوجب الاسلام حسن المعامله بين افراد المجتمع عامة وافراد الاسره خاصة وبين الزوجين بصوره مؤكده،فالاسره المسلمه لاتعرف الاستبداد بالراي ولا الظلم في المعامله ولا الطاعة العمياء،بل هناك حقوق وواجبات،اذ لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق بل الطاعه للشرع فطاعة الزوجه لزوجها ليست لرغباته الشخصيه بل للاوامر والقواعد والنظم التي بموجبها تم عقد الزواج، وقيام الزوج بالتزاماته نحو زوجته ليست مجاملة او عطفا بل من قبيل القيام بالواجب([8] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn8)).
فالحياة الزوجية المشتركه تستلزم مجموعة من القواعد والضوابط التي لايمكن بدونها الاستمرار في تلك الحياه،ذلك ان الحياة الزوجية انما تقوم على الموده والحب لكي يمكن العيش في ظلال من الطمانينة والسلام، يمكن من خلالها طي الطريق والوصول الى الكمال المنشود،فالحياة المشتركه الخاليه من اثار الحب والتضحيه والتسامح تافهه لامعنى لها،والحياة بدون المودة والاحترام المتبادل حياة مذلة لا قيمة لها بل لا يمكن ان نسميها حياة([9] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn9)) فالزوجان العاقلان الناضجان يعمل كل منها على مساعدة الاخر ودعمه مادياً ومعنوياً.
من خلال ماسبق يتضح ان المبادئ العامه للزواج لاتتحقق على اكمل وجه الا اذا كان الزوجين بالغين عاقلين فلا تتحقق تلك المبادئ من الزوجين الصغيرين غير القادرين على فهم احكام الزواج، فالزواج المفروض من الاباء او الاولياء هو من اخطر حالات الزواج على الاطلاق حيث يقوم الوالدان او الاولياء بتزويج الابناء دون اعتبار لرغباتهم او لارادتهم على اعتبار ان ارادة الصغير والصغيره لا يعتد بها،وبالتالي فان مجرد الشعور بالقهر وحده سيدفع بالطرفين للخلاص من ذلك الاجبار المتجاوز حدود القيد او التقييد بعد البلوغ، الامر الذي يعني انهيار الحياة الزوجيه باسرع وقت ممكن.
ولما كان الاصل عدم زواج الصغيرين (غير البالغين)والاستنثناء زواج الصغيرين فقد كان للفقه الاسلامي رايه في هذا الموضوع وادلته وحججه فالفقهاء حين سمحوا بزواج الصغيرين جعلوا له عدة شروط بعكس الزواج بعد البلوغ الذي لم يشترطوا له سوى الدين والخلق مما يعني ان الفقهاء لم يجيزوا زواج الصغيرين(غير البالغين)الا استثناء وبناءً على شروط يجب توافرها والتاكد منها قبل زواج الصغيرين كما ان معظم الفقهاء او الغالبيه لم يجعلوا ذلك الحق الا للاب فقط باعتباره اكثر شفقة وحنانا على اطفاله وبعضهم اضاف الجد لانه ينزل منزلة الاب ولشفقته وحنانه.
وحتى نعرف اراء الفقهاء في زواج الصغيرين لا بد ان نعرف اولاً ان الولاية في الزواج تنقسم الى قسمين:
أ- ولاية الاجبار: التي ينفرد بها الولي الذي له حق تزويج الصغير والصغيره.
ب- ولايةالاختيار:وهي الولايه التي يشترك فيها الولي بالراي مع من في ولايته.
1- زواج الصغير والصغيره في مذهب الحنابله:
أ- زواج الصغيرة:
يجوز للاب ان يزوج ابنته البكر صغيره كانت او كبيره حتى وان كرهت والنكاح ثابت بشرط ان يزوجها من شخص كفء،خالي من العيوب وادلتهم:
زواج البكر الصغيره لاخلاف فيه،فقد قال ابن المنذر اجمع اهل العلم ان نكاح الاب ابنته البكر الصغيره جاز اذا زوجها من كفء ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها([10] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn10))،واستدلوا بالاتي:
*قال تعالى(واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن) فجعل اللائي لم يحضن عدتهن ثلاثة اشهر ولا تكون العدة ثلاثة اشهر الا من الطلاق في نكاح او فسخ فدل ذلك على ان الصغيره تزوج وتطلق ولا اذن لها فيعتبر.
* قالت عائشه رضي الله عنها(تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وانا ابنة ست وبني بي وانا ابنة تسع)متفق عليه([11] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn11)).
ب- زواج الصغير: يصح زواج الغلام غير البالغ والمعتوه بشرط ان يزوجه والده او وصي ناظر له في التزويج،وبالتالي فليس لغير الاب او وصيه تزويج الغلام قبل بلوغه وادلتهم:
*فاما الغلام السليم من الجنون فلا نعلم بين اهل العلم خلاف في ان لابيه تزويجه وذلك لما روي ان ابن عمر زوج ابنه وهو صغير فاختصما الى زيد فاجازه جميعاً.رواه الاثرم باسناده.
*وقد قال الحنابله لان الصغير والغلام غير بالغ ملك ابوه تزويجة كالعاقل ولانه اذا ملك تزويج العاقل مع ان له مع احتياجه الى التزوج راياً ونظراً لنفسه فلأن يجوز تزويج الصغير الذي لا راي له ولا نظر من باب اولى.
ويقبل عنه ابيه لانه لايعتد بعبارة الصبي وذك لانه ليس من اهل التصرف ([12] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn12)).
وبالتالي فان زواج الصغير والصغيره جائز في مذهب الحنابله بشرط ان يكون المزوج لهما هو الاب وان يتوفر في زواجهم الكفاءه والخلو من العيوب.
2- زواج الصغير والصغيره في مذهب الشافعيه:
للاب تزويج الصغير وتزويج البكر صغيرة كانت او كبيره، ويستحب استئذان الكبيره وليس للاب تزويج البنت الصغيره الا باذنها وبعد البلوغ، والاب كالجد عند عدمه، وسواءً زالت البكاره بوطئ حلال او حرام، ولا اثر لزوالها بلا وطء كسقطه ولتزويج الاب ابنته الصغيره بغير اذنها لابد من توفر عدد من الشروط عند الشافعيه وهي:
1- ان لايكون بينه وبينها عداوه ظاهرة.
2- ان يزوجها من كفء.
3- ان يزوجها بمهر المثل.
4- ان يكون من نقد البلد.
5- ان لايكون الزوج معسراً بالمهر.
6- ان لايزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كاعمى وشيخ هرم.
7- ان لايكون قد وجب عليها الحج، فان الزوج قد يمنعها لكون الحج على التراخي ولها غرض في تعجيل براءة ذمتها.
8- ان تنتفي العداوه بينها وبين الزوج.
واستدلوا على زواج الصغيره بحديث(الثيب احق بنفسها من وليها،والبكر يزوجها ابوها)([13] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn13)) وقالوا ان البكر شديدة الحياء لانها لم تمارس الرجال بالوطء وان الولي يحتاط لموليته لخوف العار وغيره.
وعليه فلا بد من توافر هذه الشروط حتى يستطيع الاب اجبار ابنته الصغيره على الزواج ولتزويج الاب ابنه الصغير شرطوا لها شرطين 1- ان يزوجه بكفوءه.
2- ان لايزوجه بمن تعاف والا ثبت له الخيار عند البلوغ([14] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn14)).
وبعد ذكر الشافعيه لهذه الشروط اختتموا قولهم بانه يستحب استئذان البكر البالغه تطييباً لخاطرها لان اذنها معتبر بعكس الصغيره ويسن استفهام المراهقة وان لاتزوج الصغيره حتى تبلغ وليس للاب تزويج الثيب الصغيره سواءً احتملت الوطء ام لم تحتمل لان اذن الصغيره غير معتبر فمنعوا تزويجها الا بعد ان تبلغ([15] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn15)).
وبالتالي فان الشافعيه حين اجازوا زواج الصغير والصغيره قصروا هذا الحق على الاب والجد واشترطوا فيهما بالاضافة الى الشروط العامه البلوغ والذكوره والرشد في شؤون الزواج بان لا يكونا فاسقين والا يكونا سفيهين ، وكذلك شرطوا لزواج الصغيرين عدد كبير من الشروط وفي حالة عدم توفر هذه الشروط فانه يثبت لهما الخيار عند البلوغ،مما يعني ان الافضل عند الشافعيه للصغير والصغيره سواء كانت بكر او ثيب هو الزواج بعد البلوغ لاقبله؛وذلك لانهم قاموا بتوفير العديد من الضمانات في زواج الصغيرين بعكس زواج البالغين الذين اجازوه بدون أي شروط وضمانات.
3- زواج الصغير والصغيره في مذهب الجعفريه:
لاعبرة في النكاح بعبارة الصبي ايجابا وقبولا،ولا ولاية في عقد النكاح لغير الاب والجد للاب وان علا والمولى والوصي والحاكم ...
واختلفوا في ولاية الجد هل تكون له ولايه مع وجود الاب ام لا الى وجهين :
الوجه الاول: قال نعم يشترط بقاء الاب في ولاية الجد.
الوجه الثاني: لايشترط بقاء الاب لاثبات ولاية الجد.
فتثبت ولاية الاب والجد لاب على الصغيره،حتى وان ذهبت بكارتها بوطء او غيره،ولا خيار لها بعد بلوغها على اشهر الروايتين،وكذا لو زوج الاب او الجد الولد الصغير لزمه العقد،ولاخيار له مع بلوغه ورشده على الاشهر ([16] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn16)).وليس للحاكم والوصي تزويج من لم يبلغ فهذا الحق مقصور على الاب والجد للاب فقط.
فالجعفرية لم يشترطوا توافر نوع معين من الشروط لجواز نكاح الصغيرين بل اجازوا نكاح الصغيرين وقصروا حق انكاحهم على الاب والجد للاب فقط على اعتبار انهم اكثر شفقه وحناناً من غيرهما من الاولياء.
4- زواج الصغير والصغيره في مذهب الظاهريه :
للاب ان يزوج ابنته الصغيره البكر مالم تبلغ ولا خيار لها اذا بلغت فان كانت ثيباً من زوج مات عنها او طلقها لم يجز للاب ولا لغيره ان يزوجها حتى تبلغ ولا اذن لهما قبل ان تبلغ،واذا بلغت البكر والثيب لم يجز للاب ولا لغيره ان يزوجها الا باذنها فان وقع فهو مفسوخ ابداً،واما الصغيرة التي لا اب لها فليس لاحد ان ينكحها لامن ضرورة ولا من غير ضرورة حتى تبلغ([17] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn17)).
ولا يجوز للاب ولا لغيره انكاح الصغير الذكر حتى يبلغ فان فعل فهو مفسوخ ابداً،واجازه قوما لا حجة لهم الا قياسه على الصغيرة وقال ابو محمد بن علي بن حزم:قول الله عزوجل (ولاتكسب كل نفس الا عليها)مانع من جواز عقد احد على احد الا ان يوجب انفاذ ذلك نص قران او سنه ولا نص ولاسنه في جواز انكاح الاب لابنه الصغير وقد قال بهذا طائفه من السلف.وروى من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال:اذا انكح الصغيرين ابواهما فهما بالخيار اذا كبرا ولا يتوارثان ان ماتا قبل ذلك.وبه عن معمر عن قتاده قال:اذا انكح الصبيين ابواهما فماتا قبل ان يدركا(أي قبل ان يبلغا)فلا ميراث بينهما .قال معمر:سواء انكحهم ابواهما او غيرهما وهو قول سفيان الثوري([18] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn18)).
مما سبق نرى ان الظاهريه اجازوا زواج الصغيره بدون أي شروط لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط على اعتبار انه اكثر شفقه وحنانا على ابتنه الصغيرة اكثر من غيره،ولم يجيزوا زواج الصغير ولا الثيب الصغيره لا للاب ولا غيره الا بعد البلوغ.
5- زواج الصغير والصغيره في مذهب المالكيه:
للاب تزويج ابنته البكر دون ان يستامرها سواء بلغت او لم تبلغ عنست او لم تعنس وينفذ انكاحه لها وان كرهت وكذلك ان دخل بها زوجها الا انه لم يطاها اما اذا بقيت معه سنه وشهدت المشاهد وان كان زوجها لم يطاها لم يجز للاب ولا غيره ان ينكحها بعد ذلك الا باذنها.
والجد لا يزوج البكر ولاغيرها الا باذنها كسائر الاولياء([19] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn19)).اما بالنسبه لزواج الصغير فلم اجد في المذهب المالكي ما يدل على جوازه او عدم جوازه.
مما سبق يتضح ان المالكيه اجازوا زواج البكر سواء كانت بالغه ام غير بالغه او بمعنى اصح سواء كانت صغيره او كبيره لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط دون غيره من الاولياء.على اعتبار انه اكثر شفقة وحنانا على ابنته البكر سواء كانت صغيره اوكبيره.
6- زواج الصغير والصغيره في مذهب الزيديه:
لا يصح ان يزوج الصغيره غير الاب والجد وقال بعضهم لا يزوجها الا الاب فقط ، واذا زوجها ابوها في صغرها فانه لا خيار له اذا بلغت لكن بشرطين احدهما.
ان يكون زوجها(كفوءً)فاما لو زوجها بغير كفوء لها ثبت لها الخيار، والشرط الثاني ان يكون زوجها ممن لا يعاف فاما لوزوجها ابوها من تعاف عشرته كالاجذم والابرص والمجنون فانها اذا بلغت ثبت لها الخيار على التراضي وكذلك الصغير من الذكر كالانثى اذا عقد له وليه بزوجه كان النكاح موقوفا مجازا كالصغيره فيخير متى بلغ وعلم البلوغ وعلم العقد وعلم تجدد الخيار الا من زوجه ابوه كفوءه لاتعاف وقبل البلوغ يجوز له الوطء وتجب النفقه في ماله والميراث بينهما ولا يخير بعد البلوغ وعلى الجمله فهو كالانثى في الاصح من المذهب ([20] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn20)).
مما سبق يتضح ان الزيديين اجازوا زواج الصغير والصغيره لكنهم قصروا هذا الحق على الاب فقط وبعضهم على الاب والجد كما انهم شرطوا لزواج الصغير والصغيره شرطين هما الكفاءه والخلو من العيوب حتى يكون زواج الصغيرين صحيح وملزم.
7- زواج الصغير والصغيره في مذهب الاحناف:
تثبت ولاية الاجبار والاختيار للعصبات جمعياً عند الحنفيه فلم يقصروها على الاب والجد كما فعل بعضهم،اما عند ابي حنيفه فتثبت للعصبه ولذوي الارحام، وترتيب العصبات في ولاية الزواج كترتيبهم في الميراث عند ابي حنيفه وابي يوسف فيقدم من كان من جهة البنوه ثم الابوه ثم الاخوه ثم العمومه. اما عند الامام محمد تثبت الولايه للاب لا للابن لانه اعرف بشؤون الزواج ولان للاب الولايتين الولايه على المال والولايه على النفس فولايته اقوى من ولاية الابن التي تقتصر على الزواج فقط.
واذا اجتمع عدة عصابات عند الحنفيه وكانوا من جهة واحده قدم اقربهم درجه فيقدم الاخ الشقيق على الاخ لاب وفي حالة اجتماع عدة عصبات وكانوا من جهة واحدة ودرجه واحدة وقوه واحدة كاخوين شقيقين واستوفى كل منهم شروط الولايه فان كلا منهم يعتبر ولياً فان لم يكن للصغير او الصغيره عصبه فعلى قول ابي حنيفة تنتقل ولاية الزواج الى الاقارب غير العصبات من اصحاب السهام وذوي الارحام فان لم يكن احد من هؤلاء انتقلت ولاية التزويج الى القاضي لانه ولي من لاولي له بينما ابو يوسف ومحمد قالوا اذا لم يكن هناك عصبه فان الولاية تنتقل للقاضي وهذا ما عليه المذهب الحنفي بمعنى ان الولايه تثبت للعصبات ثم للقاضي([21] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn21)).
وبالتالي فان ولاية الاجبار للصغير والصغيره تنقسم الى قسمين:
1- الاب والجد الصحيح وان علا،والفرع المذكر أي الابن وابن الابن وان نزل.
2- بقية الاولياء العصبات والحاكم.
ولاية الاب والجد والابن في زواج الصغير والصغيره لاتخلو من امرين:
أ- اذا كان احد هؤلاء غير معروف بسوء الاختيار وغير مشهور بالفسق والاستهتار وفساد الراي فان العقد صحيح لازم لا يدخله خيار البلوغ وسواء كان العقد بمهر المثل وكان الزوج كفوء ام لم يكن ذلك لان وفور الشفقه عند هؤلاء وحسن السمعه تغني عن بقية الامور بحيث لا يتطرق شك في هذا النوع من الزواج لان هناك كثير من الامور غير المهر تقوم مقامه من حسن الخلق والسمعه وكرم الصحبه وتوسيع النفقه وغير ذلك من الصفات التي تزيد على شرطي الكفاءه ومهر المثل وعلى هذا فان كان الزوج غير كفوء والمهر فيه غبن فاحش بالنسبه للصغيرة وزيادة في مهر الصغير فالعقد صحيح نافذ لان الاب ومن في حكمه لم يزوج الصغير الا بعد ان رجح المصالح والمنافع الاخرى على المهر والكفاءه هذا عند ابي حنيفه،والمعمول به في المذهب الحنفي اما عند الصاحبين ابو يوسف ومحمد فزواج الصغير والصغيره لا يكون نافذ ولازم اذا زوجهما الاب ومن في حكمه الا اذا توفر في حقهما الكفاءه ومهر المثل.
ب- اذا كان كلا من الاب والجد والابن مشهورا قبل العقد بسوء الاختيار والفسق وفساد الراي فلا يصح زواجهما للصغير والصغيرة اذا كان الزوج اوالزوجه غير كفء وكان المهر بغبن فاحش للصغيره وبزياده مرتفعه للصغير،لان مصلحة كلا منهم الا يتزوج غير كفء له وهذا باتفاق بين ابي حنيفة وصاحبيه.
اما بالنسبه لباقي العصبات فان شفقتهم اقل من شفقة الاب ومن في حكمه فلا يصح زواج الصغير والصغيره من باقي العصبات الا بتوفر شرطي الكفاءه ومهر المثل ومع ذلك لو تم العقد بمهر المثل وبالكفاءه فانه يعتبر صحيحا نافذا ولكنه غير لازم ولكل من الصغير والصغيرة حق الفسخ حين البلوغ او وقت العلم بالنكاح([22] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn22)).
مما سبق يتضح ان الحنفيه بالرغم من انهم اجازوا زواج الصغير والصغيره لم يقصروا هذا الحق على الاب او الجد بل اعطوا هذا الحق لجميع العصبات الا انهم شرطوا له العديد من الشروط ضماناً لحق الصغير والصغيره كما اعتبروا زواج الصغير والصغيره من غير الاب والجد والابن صحيح ونافذ اذا توفر شرطي الكفاءه ومهر المثل لكنه غير ملزم.
8- زواج الصغير والصغيره عند عثمان البتي وابن شبرمه وابي بكر الاصم:
قالوا ان ولاية الاجبار تكون على المجانين والمعاتيه فقط،، ولا تكون على الصغار قط،لان الصغر يتنافى مع مقتضيات عقد الزواج اذ هو عقد لا تظهر اثاره الا بعد البلوغ،فلا حاجه اليه قبله،والولاية الاجباريه اساس ثبوتها هو حاجة المولى عليه اليها.وحيث لاحاجه الى زواج بسبب الصغر فلا ولاية تثبت على الصغار فيه،وقدجعل الله سبحانه وتعالى بلوغ النكاح هو الحد الفاصل بين القصور والكمال،فقال تعالى(وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم)([23] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn23)) فقد جعل سبحانه وتعالى في هذة الايه الكريمه بلوغ سن النكاح هو امارة انتهاء الصغر،واذاً فلا ثمره في العقد قبل البلوغ،لانه عقد لا تظهر ثمرته قبل البلوغ وفي اثباته قبل البلوغ ضرربالصغير،لانه لايستفيد من العقد،ويبلغ ويجد نفسه مكبلا بقيود الزوجيه وهو عقد يستمر في اصل شرعته مدى الحياة([24] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftn24)).
اما بالنسبه لموقف المشرع اليمني في قانون الاحوال الشخصية رقم(24) لسنة 1999م من زواج الصغيرين فقد نصت الماده(15)منه بان (عقد ولي الصغيره بها صحيح ولا يمكن المعقود له من الدخول بها ولا تزف اليه الا بعد ان تكون صالحه للوطء ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنة ولايصح العقد للصغير الا لثبوت مصلحه)ممايعني ان زواج الصغيره بناء على نص هذه الماده صحيح لكن قانون الاحوال الشخصية اليمني لم يبين المقصود من عبارة (الا بعد ان تكون صالحه للوطء ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنة) هل يقصد بذلك بعد البلوغ ام قبل البلوغ وان كان يقصد بالعباره صحة زواج الصغيرة بعد البلوغ فلماذا جعل عقد ولي الصغيره لها صحيح منذ البدايه على الرغم من انه منع زفاف الصغيره للمعقود له ولم يسمح للاخير الدخول بها فما العلة من التقرير بصحة زواج الصغيرة حينئذ مع العلم ان الصغيره هي التي لم تبلغ،كذلك القانون السابق ذكره لم يبين ماالمقصود بعبارة(ولو تجاوز عمرها خمسة عشر سنه)هل المقصود من ذلك تحديد سن زواج الفتاه ام ماذا فاذ كان قصده تحديد سن زواج الفتاه فلا بد من النص على ذلك صراحة وليس ضمناً،وزواج الصغير في القانون اليمني صحيح بشرط توفر المصلحه وكان الاحرى بالمشرع اليمني ان يحدد سن معين كحد ادنى لصحة زواج الصغير والصغيره ب 18 عام تماشيا مع اتفاقية حقوق الطفل ولتحقيق اهداف الزواج والثمار المرجوة منه.
[1] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref1))) عبد الرحمن الصابوني،احكام الزواج في الفقه الاسلامي،ص25،الطبعه الاولى، مكتبة الفلاح،الكويت1408ه-1987م.
[/URL]([2]) المرجع السابق،ص30.
[3] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref2))) عبد الكريم محمد عبدالكريم،وضع المراه القانوني عند العرب قبل الاسلام، ص28،بدون رقم الطبعه،دار النهضه العربيه،القاهره.
([4]) ابراهيم فوزي،احكام الاسره في الجاهليه والاسلام،ص42،الطبعة الاولى ،1982م،دار الكلمة للنشر،لبنان-بيروت.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref4)([5]) رواه ابو دواود والنسائي وابن ماجه.
([6]) رواه النسائي والترمذي وابن ماجه واحمد.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref6)([7]) احكام الزواج في الفقه الاسلامي ،مرجع سابق،ص32.
([8]) المرجع السابق،ص37.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref8)([9]) علي القائمي،الاسره وقضايا الزواج ،ص11،الطبعة الاولى1414ه-1994م،دار النبلاءبيروت-لبنان،.
([10]) ابي محمد عبالله بن محمد بن قدامه المقدسي،المعنى لابن قدامه،الجزء السادس،ص487بدون رقم الطبعه،مكتبة الجمهورية العربيه،مكتبة الكليات الازهريه،القاهره-مصر.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref10)([11]) المغنى لابن قدامه،مرجع سابق،ص87.
([12]) المرجع السابق،ص501.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref12)([13]) رواه مسلم.
([14]) احمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني،التاج المذهب لاحكام المذاهب،ج2، ص37،الطبعة الاولى،1316ه-1947م،بيروت-لبنان،.
[15] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref14))) مغني المحتاج،محمد الشربيني الخطيب،ج3، ص،149،بدون رقم الطبعة،دار احياء التراث العربي،بيروت-لبنان.
[16] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref16))) شرائع الاسلام في الفقه الاسلامي الجعفري،جعفر بن الحسن بن ابي زكريا بن سعيد الهذلي،ص9،بدون رقم الطبعة،دار مكتبة الحياه،بيروت-لبنان.
([17]) ابي محمد علي احمد سعيد بن حزم،الحلى،ج9، ص458-459،بدون رقم الطبعه،دار الفكر.
(http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref17)([18]) المرجع السابق،ص462-463.
([19]) شمس الدين محمد الدسوقي،حاشية الدسوقي على الشرح الكبير،ج2، ص222-223،بدون رقم الطبعه،دار احياء الكتب العربيه،.
[20] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref19))) محمد بن يحيى المرتضى،شرح الازهار،ج2، ص248-251،مطبعة المعاهد مصر.
([21]) الامام علاء الدين ابو بكر الكاساني الحنفي،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع،الطبعة الثانيه،ج1 ص240 -241،بدون رقم الطبعه،بدون مكان النشر،1402هـ-1982م،.
[22] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref21))) رد المحتار على الدر المختار،حاشية ابن عابدين،ج2 ص304-307،بدون رقم الطبعه،دار احياء التراث العربي بيروت- لبنان.
([23]) سورة النساء ،الايه رقم5.
[URL="http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref24"] (http://theuaelaw.com/vb/#_ftnref23)([24]) محمد ابو زهره،محاضرات في عقد الزواج واثاره، ص137،136،بدون رقم الطبعه،دار الفكر العربي