توكلت على الله
07-15-2012, 01:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عن أبي هريرة رضـي الله عنه أن رسـول الله - صلــى الله عليه وسلم -
قال : ( يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه
من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنــة ) رواه البخاري ، و عن أنس رضي
الله عنه قال : سمعت النبـي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الله
قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة) رواه البخاري
وفي رواية للترمــذي ( فصبر واحتسب ) ، و عن أبي أمامـة رضـي الله
عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( يقول الله سبحانه : ابن
آدم إن صبرت و احتسـبت عنـد الصدمــة الأولى لم أرض لك ثوابــا دون
الجنة ) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
معاني المفردات
قبضت صفيه : أي أمتُّ حبيبه وصديقه المصافي من ولد أو والد أو زوجة
أو صديق أو نحو ذلك . حبيبتيه : عينيه و سماهمــا حبيبتين لأنهمـا أحب
الأعضاء إلى الإنسان. فصبر واحتسب: أي صبر مستحضراً ماوعد الله به
الصابرين من الأجر والثواب.
طبيعة الحياة الدنيا
اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض مزيجًا من
السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، و اللذائذ و الآلام ، فيستحيل أن ترى
فيها لذة غير مشوبة بألم ، أو صحة لا يكدرها سقم ، أو سرور لا ينغصه
حزن ، أو راحة لا يخالطها تعب، أو اجتماع لا يعقبه فراق، كل هذا ينافي
طبيعة الحياة الدنيا ، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا جل وعلا بقوله:
{ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }
ضرورة الصبر
و لهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة و مصائب الدنيـا ، الصبر على
الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد من فعل ما لا يحسن
وما لا يليق ، وحقيقته حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي،
والجوارح عن لطم الخدود و نحوها، و هو من الإيمان بـ منزلة الرأس من
الجسد، و قد ذُكر في القرآن في نحو تسعين موضعاً - كما قال الإمــام
أحمد - وما ذاك إلا لضرورته وحاجة العبد إليه .
أنواع الصبر
والصبر أنواع ثلاثة : صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ، وصبر عن
المناهي و المخالفـات حتى لا يقع فيــها ، وصبر على الأقضية والأقدار
حتى لايتسخطها، وهذه الأحاديث القدسية في النوع الثالث من أنواع
الصبر ، وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة .
عند الصدمة الأولى
والصبر النافع الذي يترتب عليه الثواب والأجر ويؤتي ثماره وآثاره في نفس
العبد - كما جاء مصرحاً به في الأحاديث - هو ما كان في أول وقوع البلاء،
بأن يفوض المؤمن أمره ويسلمه إلى أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، و
يستسلم لأمره وقضائه ، فإن للمصيبة روعة تهز القلب ، وتذهب باللُّب ،
فإذا صبر العبد عند الصدمة الأولى انكسرت حِدَّتها ، وضعفت قوتها ، وهان
عليه بعد ذلك استدامة الصبر واستمراره ، وقد مر النبي - صلى الله عليه
وسلم - بامرأة تبكي عند قبر ، فقال لها : ( اتق الله واصبري ، قالت : إليك
عني فـإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه ، فقيل لها : إنه النبـي - صلى
الله عليه وسلم - فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده
بوابين ، فـقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) رواه
البخاري ، قال بعض الحكماء : " العاقل يصنع في أول يوم من أيام المصيبة
ما يفعله الجاهل بعد أيام ". وأما إذا تضجر وتبرم في أول الأمر ثم لما يئس
صبر لأنه لم يجد خياراً غيره فإنه يكون بذلك قد حرم نفسه من أجر الصبر و
ثوابه ، وأتى بما يشترك فيه جميع الناس ، فلا فائدة من الصبر حينئذ.
صبر واحتساب
ولو تأملنا في الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية مهمة وهي قضية
الاحتساب في الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان بــ حسن الجزاء ، وعظم الأجر
عند الله ، يخفف مرارة المصيبة على النفس ويهون وقعها على القلب، وكلما
قوي اليقين ضعف الإحساس بــ ألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفــس من
المكاره إلى المحابِّ ، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : " ما أصبت ببلاء
إلا كان لله عليَّ فيه أربع نعم : أنه لم يكن في ديني ، وأنه لم يكن أكبر منـه،
وأني لم أحرم الرضا به ، وأني أرجو الثواب عليه " ، فجعل انتظار الثواب على
البلاء من أسباب تخفيفه ، ونقله من دائرة المصائب التي توجــب الصبر إلى
دائرة النعم التي تستحق الشكر ، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يسأل
الله اليقين الذي تهون معه المصائب ، فقلما كان يقوم من مجلس إلا و يدعو
بهؤلاء الدعوات: (اللهم اقسم لنامن خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك،
ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا )
رواه الترمذي .
وإذا كانت مقادير الله نافذة على العبد رضي أم سخط ، صبر أم جزع ، فإن العاقل
ينبغي أن يصبر و يحتسب، و يرضى بقضاء الله حتى لا يحرم الأجر والمثوبة، و إلا
جرى عليه المقدور وهو كاره ، قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت إيماناً و
احتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم " ، وعزَّى رجلاً في ابن له مــات ، فقال : " يا
أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير ، و لك الأجر ، و إن جزعـت نفذت فيك
المقادير ، وعليك الوزر ". وقد بينت هذه الأحاديث عظيــــــــــــم الجزاء للصابرين
المحتسبين ، وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله ورضوانه ، نسأل الله أن
يرزقنا الصبر و يرحم أمواتنا أجمعين و يوفقنا لما يحبه ويرضاه. آمين يا رب العالمين
توكلت على الله
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عن أبي هريرة رضـي الله عنه أن رسـول الله - صلــى الله عليه وسلم -
قال : ( يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه
من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنــة ) رواه البخاري ، و عن أنس رضي
الله عنه قال : سمعت النبـي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إن الله
قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة) رواه البخاري
وفي رواية للترمــذي ( فصبر واحتسب ) ، و عن أبي أمامـة رضـي الله
عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( يقول الله سبحانه : ابن
آدم إن صبرت و احتسـبت عنـد الصدمــة الأولى لم أرض لك ثوابــا دون
الجنة ) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
معاني المفردات
قبضت صفيه : أي أمتُّ حبيبه وصديقه المصافي من ولد أو والد أو زوجة
أو صديق أو نحو ذلك . حبيبتيه : عينيه و سماهمــا حبيبتين لأنهمـا أحب
الأعضاء إلى الإنسان. فصبر واحتسب: أي صبر مستحضراً ماوعد الله به
الصابرين من الأجر والثواب.
طبيعة الحياة الدنيا
اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض مزيجًا من
السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، و اللذائذ و الآلام ، فيستحيل أن ترى
فيها لذة غير مشوبة بألم ، أو صحة لا يكدرها سقم ، أو سرور لا ينغصه
حزن ، أو راحة لا يخالطها تعب، أو اجتماع لا يعقبه فراق، كل هذا ينافي
طبيعة الحياة الدنيا ، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا جل وعلا بقوله:
{ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }
ضرورة الصبر
و لهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة و مصائب الدنيـا ، الصبر على
الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد من فعل ما لا يحسن
وما لا يليق ، وحقيقته حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي،
والجوارح عن لطم الخدود و نحوها، و هو من الإيمان بـ منزلة الرأس من
الجسد، و قد ذُكر في القرآن في نحو تسعين موضعاً - كما قال الإمــام
أحمد - وما ذاك إلا لضرورته وحاجة العبد إليه .
أنواع الصبر
والصبر أنواع ثلاثة : صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ، وصبر عن
المناهي و المخالفـات حتى لا يقع فيــها ، وصبر على الأقضية والأقدار
حتى لايتسخطها، وهذه الأحاديث القدسية في النوع الثالث من أنواع
الصبر ، وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة .
عند الصدمة الأولى
والصبر النافع الذي يترتب عليه الثواب والأجر ويؤتي ثماره وآثاره في نفس
العبد - كما جاء مصرحاً به في الأحاديث - هو ما كان في أول وقوع البلاء،
بأن يفوض المؤمن أمره ويسلمه إلى أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، و
يستسلم لأمره وقضائه ، فإن للمصيبة روعة تهز القلب ، وتذهب باللُّب ،
فإذا صبر العبد عند الصدمة الأولى انكسرت حِدَّتها ، وضعفت قوتها ، وهان
عليه بعد ذلك استدامة الصبر واستمراره ، وقد مر النبي - صلى الله عليه
وسلم - بامرأة تبكي عند قبر ، فقال لها : ( اتق الله واصبري ، قالت : إليك
عني فـإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه ، فقيل لها : إنه النبـي - صلى
الله عليه وسلم - فأتت باب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده
بوابين ، فـقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) رواه
البخاري ، قال بعض الحكماء : " العاقل يصنع في أول يوم من أيام المصيبة
ما يفعله الجاهل بعد أيام ". وأما إذا تضجر وتبرم في أول الأمر ثم لما يئس
صبر لأنه لم يجد خياراً غيره فإنه يكون بذلك قد حرم نفسه من أجر الصبر و
ثوابه ، وأتى بما يشترك فيه جميع الناس ، فلا فائدة من الصبر حينئذ.
صبر واحتساب
ولو تأملنا في الأحاديث السابقة لوجدنا التركيز على قضية مهمة وهي قضية
الاحتساب في الصبر ، وذلك لأن يقين الإنسان بــ حسن الجزاء ، وعظم الأجر
عند الله ، يخفف مرارة المصيبة على النفس ويهون وقعها على القلب، وكلما
قوي اليقين ضعف الإحساس بــ ألم المصيبة ، حتى تتحول لدى النفــس من
المكاره إلى المحابِّ ، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه قوله : " ما أصبت ببلاء
إلا كان لله عليَّ فيه أربع نعم : أنه لم يكن في ديني ، وأنه لم يكن أكبر منـه،
وأني لم أحرم الرضا به ، وأني أرجو الثواب عليه " ، فجعل انتظار الثواب على
البلاء من أسباب تخفيفه ، ونقله من دائرة المصائب التي توجــب الصبر إلى
دائرة النعم التي تستحق الشكر ، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يسأل
الله اليقين الذي تهون معه المصائب ، فقلما كان يقوم من مجلس إلا و يدعو
بهؤلاء الدعوات: (اللهم اقسم لنامن خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك،
ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا )
رواه الترمذي .
وإذا كانت مقادير الله نافذة على العبد رضي أم سخط ، صبر أم جزع ، فإن العاقل
ينبغي أن يصبر و يحتسب، و يرضى بقضاء الله حتى لا يحرم الأجر والمثوبة، و إلا
جرى عليه المقدور وهو كاره ، قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت إيماناً و
احتساباً ، وإلا سلوت سلو البهائم " ، وعزَّى رجلاً في ابن له مــات ، فقال : " يا
أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير ، و لك الأجر ، و إن جزعـت نفذت فيك
المقادير ، وعليك الوزر ". وقد بينت هذه الأحاديث عظيــــــــــــم الجزاء للصابرين
المحتسبين ، وأن الصبر من أعظم أسباب الفوز بجنة الله ورضوانه ، نسأل الله أن
يرزقنا الصبر و يرحم أمواتنا أجمعين و يوفقنا لما يحبه ويرضاه. آمين يا رب العالمين
توكلت على الله
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته