الحقانية
03-29-2010, 01:08 AM
يهون علينا الابتلاء عندما نقرأ سورة يوسف عليه السلام و تستوقفنا تحديدا محنة يوسف مع امرأة العزيز التي أخذتها العزة بالإثم لتذهب إلى ابعد ما يكون في مرادها ظنا منها أن جبروتها سيحميها.
و كانت امرأة العزيز امرأة مكتملة الأنوثة ذات قوة وسلطان بحكمها امرأة عزيز مصر. لم تكن فتاة عاشقة بل كانت امرأة ذات رغبة ارتأت في يوسف وعفته وسيلة اختبار لقوة تأثيرها و تحد جديد لسلطانها في مجتمع يؤله ذوي النفوذ. كما أن وحدة يوسف و عزلته عن أهله جعلته هدفا سهلا في نظرها. كان حب امرأة العزيز ليوسف حب تملك و تسلط لا حب بذل وعطاء و الدليل على ذلك أنها لم تتردد في التضحية به بل والإيقاع به عندما لم تسر الأمور على هواها.
خططت امرأة العزيز لمرادها و أحكمت الخطة ثم وضعت يوسف أمام أمر واقع: "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك" فرد عليها العفيف سليل الأنبياء : " قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون". فلم ترتدع أو تستحي بل ازدادت إصرارا : " وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ" لكن التدبير الإلهي كان اسبق حيث افسد خطتها دخول زوجها : " وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ". لم تقل امرأة العزيز ..لقد فعلت.. أو ...قد فعل يوسف.... بل ألقت تهمتها بصورة اشد وطأة و أعظم تأثيرا حيث تلاعبت بخيال زوجها في صورة التساؤل الذي قد يقذف به إلى ابعد ما يكون عليه سوء الظن : " قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" مقدمة العقاب على تتبع الشواهد وتلقين النتائج على سرد الوقائع والإيحاء على إعمال العقل بالتفكير ، و هي حيلة نفسية يتقنها من تمرس في المكر و الخداع و يصدقها و يقع في شراكها السذج. أما يوسف الصديق فقد هم يدافع عن نفسه : " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي" ومن الواضح أن عزيز مصر كان رجلا محنكا فلم تنطل عليه خديعة امرأته فذهب و بحث و تقصى الحقيقة حتى وجد ضالته: " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ " . ووصل عزيز مصر للنتيجة بالدلائل و القرائن : " فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" . إن الكيد هنا صفة مذمومة و هي تدل على الخبث و المكر المذموم الذي ينفق فيه صاحبه وقتا ليحبك الوقيعة و يسد ثغراتها ، و أضافتها إلى نون النسوة سببه أن هذا النوع من الخديعة ينتشر بين أوساط فئة الفارغات من النساء و في مجالسهن التي قد تطول خصيصا لهذا الغرض. و من أوجه ابتلاء يوسف عليه السلام انه على الرغم من ظهور براءته ألا أن الموقف لم يحسم و ظل معلقا ، بل و انتشر الخبر بين الناس و أصبح حديث تندر بين النساء : " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ" مما زاد في عناد امرأة العزيز و إصرارها على تنفيذ مخططها انتقاما لجبروتها و إثباتا لسلطانها : " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ واعتدت لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ". و انصاع يوسف و خرج عليهن مما يدل على انه حتى بعد تلك الواقعة لم يكن يزال تحت إمرتها صابرا محتسبا و هو يعلم أن الابتلاء في زيادة : " فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ" . فأخذتها العزة بالإثم والإصرار على المعصية : " قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ". ذكرت بعض التفاسير أن النسوة انضموا إلي امرأة العزيز في مسعاها الآثم فلجأ الصديق إلى ربه داعيا أن يرفع عنه السوء و كيد النساء و تزيينهم للمعصية و تهوينهن من شأنها: " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ" ، فأجيب : " فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". و رأى العزيز وضعه في السجن و لو ظلما حتى تهدأ الألسنة و ربما كان ذلك من حكمه الله تعالى حتى يدرأ عنه البلاء: " ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ". و بعد عدة أعوام من السجن و بعد تفسيره لحلم الملك، أمر الملك بتقصي قصة النسوة و امرأة العزيز فلم تجد الأخيرة مفرا من الاعتراف على نفسها و تبرئة يوسف و التسليم بجرمها بعد حصارها و تضييق الخناق عليها: " قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ". فأردف يوسف في حديثه عن العزيز: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب و أن الله لا يهدي كيد الخائنين". فان الخائن مطلقا لا ينال بخيانته غايته و سيفتضح أمره لا محالة فهذه سنة الله التي قد خلت في عباده و لن تجد لسنة الله تبديلا فإن الخيانة من الباطل، و الباطل لا يدوم و سيظهر الحق عليه ظهورا فالله لا يهدي كيد الخائنين.
**** فكر فيما تسمعه قبل أن تأخذ به أو تصدقه ، ليس من باب الشك أو عدم الثقة ، بل من باب إعمال العقل و تفعيله و الحرص على العدالة و تأكد انه ليس كل سباق بالشكوى دامع العينين مظلوم......... فقد تذهلك الحقيقة ****
و كانت امرأة العزيز امرأة مكتملة الأنوثة ذات قوة وسلطان بحكمها امرأة عزيز مصر. لم تكن فتاة عاشقة بل كانت امرأة ذات رغبة ارتأت في يوسف وعفته وسيلة اختبار لقوة تأثيرها و تحد جديد لسلطانها في مجتمع يؤله ذوي النفوذ. كما أن وحدة يوسف و عزلته عن أهله جعلته هدفا سهلا في نظرها. كان حب امرأة العزيز ليوسف حب تملك و تسلط لا حب بذل وعطاء و الدليل على ذلك أنها لم تتردد في التضحية به بل والإيقاع به عندما لم تسر الأمور على هواها.
خططت امرأة العزيز لمرادها و أحكمت الخطة ثم وضعت يوسف أمام أمر واقع: "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك" فرد عليها العفيف سليل الأنبياء : " قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون". فلم ترتدع أو تستحي بل ازدادت إصرارا : " وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ" لكن التدبير الإلهي كان اسبق حيث افسد خطتها دخول زوجها : " وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ". لم تقل امرأة العزيز ..لقد فعلت.. أو ...قد فعل يوسف.... بل ألقت تهمتها بصورة اشد وطأة و أعظم تأثيرا حيث تلاعبت بخيال زوجها في صورة التساؤل الذي قد يقذف به إلى ابعد ما يكون عليه سوء الظن : " قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" مقدمة العقاب على تتبع الشواهد وتلقين النتائج على سرد الوقائع والإيحاء على إعمال العقل بالتفكير ، و هي حيلة نفسية يتقنها من تمرس في المكر و الخداع و يصدقها و يقع في شراكها السذج. أما يوسف الصديق فقد هم يدافع عن نفسه : " قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي" ومن الواضح أن عزيز مصر كان رجلا محنكا فلم تنطل عليه خديعة امرأته فذهب و بحث و تقصى الحقيقة حتى وجد ضالته: " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ " . ووصل عزيز مصر للنتيجة بالدلائل و القرائن : " فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" . إن الكيد هنا صفة مذمومة و هي تدل على الخبث و المكر المذموم الذي ينفق فيه صاحبه وقتا ليحبك الوقيعة و يسد ثغراتها ، و أضافتها إلى نون النسوة سببه أن هذا النوع من الخديعة ينتشر بين أوساط فئة الفارغات من النساء و في مجالسهن التي قد تطول خصيصا لهذا الغرض. و من أوجه ابتلاء يوسف عليه السلام انه على الرغم من ظهور براءته ألا أن الموقف لم يحسم و ظل معلقا ، بل و انتشر الخبر بين الناس و أصبح حديث تندر بين النساء : " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ" مما زاد في عناد امرأة العزيز و إصرارها على تنفيذ مخططها انتقاما لجبروتها و إثباتا لسلطانها : " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ واعتدت لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ". و انصاع يوسف و خرج عليهن مما يدل على انه حتى بعد تلك الواقعة لم يكن يزال تحت إمرتها صابرا محتسبا و هو يعلم أن الابتلاء في زيادة : " فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ" . فأخذتها العزة بالإثم والإصرار على المعصية : " قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ". ذكرت بعض التفاسير أن النسوة انضموا إلي امرأة العزيز في مسعاها الآثم فلجأ الصديق إلى ربه داعيا أن يرفع عنه السوء و كيد النساء و تزيينهم للمعصية و تهوينهن من شأنها: " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ" ، فأجيب : " فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". و رأى العزيز وضعه في السجن و لو ظلما حتى تهدأ الألسنة و ربما كان ذلك من حكمه الله تعالى حتى يدرأ عنه البلاء: " ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ". و بعد عدة أعوام من السجن و بعد تفسيره لحلم الملك، أمر الملك بتقصي قصة النسوة و امرأة العزيز فلم تجد الأخيرة مفرا من الاعتراف على نفسها و تبرئة يوسف و التسليم بجرمها بعد حصارها و تضييق الخناق عليها: " قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ". فأردف يوسف في حديثه عن العزيز: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب و أن الله لا يهدي كيد الخائنين". فان الخائن مطلقا لا ينال بخيانته غايته و سيفتضح أمره لا محالة فهذه سنة الله التي قد خلت في عباده و لن تجد لسنة الله تبديلا فإن الخيانة من الباطل، و الباطل لا يدوم و سيظهر الحق عليه ظهورا فالله لا يهدي كيد الخائنين.
**** فكر فيما تسمعه قبل أن تأخذ به أو تصدقه ، ليس من باب الشك أو عدم الثقة ، بل من باب إعمال العقل و تفعيله و الحرص على العدالة و تأكد انه ليس كل سباق بالشكوى دامع العينين مظلوم......... فقد تذهلك الحقيقة ****