هزاع الكعبي
05-01-2012, 10:25 AM
السلام عليكم
هالبحث صارلي اسبوع ايمع مصادره وحلو للفايدة:)
· مقدمة عقد البيع :
يعتبر عقد البيع من أهم العقود المسماة وأوسعها انتشارا على الإطلاق ولم يسبقه في القدم إلا عقد المقايضة . ويعبر الفقهاء بقولهم " البيع من أهم العقود وأخطرها في حياة الأفراد والأمم باعتباره الوسيلة المألوفة لتبادل الأموال بعد انحسار دور المقايضة " ومع مرور الزمن سرعان ما ظهر عيب المقايضة وذلك بتطور الصناعة والتجارة وتفاوت حاجات الناس مما أدى إلى ظهور عقد البيع وذلك باتخاذ البيع محل المقايضة . وعلى هذا الأساس أصبح البيع اليوم عماد التجارة الداخلية والخارجية بل هو المتنفس الطبيعي لقضاء حاجات الناس على المستويين الفردي والجماعي.
وقد انعكست الأهمية الاقتصادية لعقد البيع على الجوانب القانونية المنظمة له، فحظي بتنظيم قانوني أوسع مما حظيت به العقود الأخرى.
و لاشك بأن الأهمية العلمية والحياتية لهذا العقد قد أدت بالمشرع إلى أن يواجه عمليات البيع والشراء بقواعد تؤدي إلى تحقيق الأمان وبالتالي استقرار التعامل وازدهار القدرات الاقتصادية. و الحقيقة أن ذلك قد جعل للبيع ميزة على العقود الأخرى، حيث تشكل القواعد القانونية المنظمة له جزءا هاما من التنظيم القانوني للمعاملات، بل إن اغلب القواعد التي نشأت في إطار العقود الأخرى نشأت في رحاب القواعد الخاصة بالبيع. وهذا ما حدا بالمشرع عند تعرضه للعقود الأخرى إلى الإحالة على القواعد المنظمة للبيع. بل إننا نتحسس في القواعد المنظمة للنظرية العامة للالتزامات أنها تكاد تكون عرضا لنظرية عقد البيع. وهو الذي نراه بوضوح أيضا لدى فقهاء الشريعة الإسلامية، حيث لا يعرضون لنظرية العقود بصورة عامة وإنما يقتصرون على عرض هذا التنظير في كلامهم عن قواعد عقد البيع.
نشأت عقد البيع:
لم يكن عقد البيع معروفا في البداية بل سبقته إلى الوجود المقايضة أي التقايض بالسلع حيث بموجبها يحصل الشخص على سلعة يرغب فيها مقابل سلعة يملكها وهو من أقدم العقود وأكثرها شيوعا حيث كان البيع في القانون الروماني يقوم على مبدأ الشكلية وعليه لم تكن الإرادة كافية وحدها لقيام العقد بل يجب إفراغها في قالب شكلي معين بحيث يترتب على هذه الشكلية انعقاد العقد وهذا يعني أن العقد كان عقد مجرداً من السبب وينعد ملزما إذا استوفى الأشكال اللازمة لانعقاده ويضاف إلى ذلك أن البيع في القانون الروماني لم يكن يرتب على البائع التزاماً بنقل الملكية بل كان يقتصر التزامه على مجرد الالتزام بنقل الحيازة الهادئة إلى المشتري إلا إذا اشترط خلاف ذلك .
أما في ظل الوضع في القانون الفرنسي القديم كما كان عليه الحال في القانون الروماني فلم تكن ملكية المباع تنتقل إلى المشتري إلا بالتسليم الفعلي أو بالتسليم الرمزي و انتهى إلى مبدأ الاكتفاء بذكر موافقة التسليم في العقد . إما بالنسبة للشريعة الإسلامية البيع حلال بل هو البديل الإسلامي لسائر المعاملات الحرام وهذا ما جاء في قوله تعالى : " واحل الله البيع وحرم الربا " وهي قاعدة شاملة وكلية وإذا كانت اغلب التشريعات الحديثة تأخذ بمبدأ بالمفهوم الحديث لمبدأ انتقال ملكية المبيع بمجرد العقد فان الشريعة الإسلامية أرست هذه القاعدة الأصلية الأساسية قبل عدة قرون خلت .
وعليه فان عقد البيع هو مبادلة مال بمال فلا يشترط فيه إن يكون المقابل مبلغا من النقود وذلك يتسع ليشمل مبادلة المال بثمن وهو الأكثر تداولا وهذا هو البيع في القانون الوضعي أما المشرع الجزائري تناوله في الباب (7) من التقنين المدني .
المبحث الأول :خصائص عقد البيع.
يتميز عقد البيع عن غيره من العقود بعدة خصائص نوردها كالآتي:
1. عقد البيع من عقود التمليك:
الغرض الرئيسي من عقود البيع هو نقل الملكية من البائع إلى المشتري بمجرد انعقاده، فقد نصت المادة 511/1 من قانون المعاملات المدنية أنه "1- تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري. بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون أو الاتفاق بغير ذلك"
وهو ما عبر عنه الفقه الإسلامي فقد ذكر الكاساني في بدائع الصنائع الآتي " بيان صفة الحكم فله صفتان إحداهما اللزوم... والثانية الحلول وهو ثبوت الملك في البدلين للحال لأنه تمليك بتمليك وهو إيجاب الملك من الجانبين للحال فيقتضي ثبوت الملك في البدلين في الحال".
و قد جاء مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه في المادة 18 منه أن "البيع على عقد تمليك ذات معينة غير نظير في نظير عوض، بما يدل عرفا على رضا العاقدين" ويقول المشروع: ويؤخذ من التعريف أن البيع تمليك من البائع والمشتري، والثاني: أن البيع ناقل للملك في كل من العوضين بمجرد العقد الصحيح، من غير توقف على توثيق آخر.
وهذا الذي أخذ به القانون من الفقه الإسلامي من أن الملك في المبيع يثبت بمجرد العقد والقبض له أي ليزيده تأكيدا. وذلك بخلاف الأمر الذي عليه القوانين اللاتينية والتي ترى أن العقد ينشئ التزاما بنقل الملك وإن كان يتم تنفيذ هذا الالتزام فورا بمجرد نشوئه، فينتقل الملك ولكن تنفيذا للالتزام لا بحكم العقد. ويعني ذلك أن عقد البيع ينقل بذاته ومن تلقاء نفسه الملكية.
و إذا كان ما قد ذكرنا و الأصل فإنه قد يتطلب القانون إجراء آخر لنقل الملكية، أو أن يتفق المتعاقدان على تعليق انتقال الملكية بالقيام بإجراء في محل اتفاقهما.
و على ذلك فإنه بالنسبة لوقوع البيع على العقار فإن الملكية لا تنتقل سواء فيما بين العاقدين أو الغير إلا بتسجيل هذا البيع، إذ مجرد العقد لا ينقل ملكية العقار ونصت على ذلك المادة 1277 من قانون المعاملات المدنية على أنه " لا تنتقل ملكية العقار ولا الحقوق العينية العقارية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به".
فالعقد على بيع العقار لا ينقل ملكيته بمجرد العقد وإنما ينشئ التزاما على البائع بنقل ملكية العقار للمشتري.
وكذلك لا تنتقل ملكية المنقول المعين بالنوع بمجرد إبرام عقد البيع بلا لابد من القيام بإجراء آخر وهو إفراز المبيع المعين بالنوع عن غيره، وبالتالي فالأمر هنا هو إنشاء التزام على البائع بنقل الملكية وفقا لنص المادة 1276 من قانون المعاملات المدنية حيث نصت على أنه" لا تنتقل الملكية المنقول غير المعين بنوعه إلا بإفرازه"
والواضح من نص المادة 511/1 أنه يجوز للمتعاقدين في البيع تعليق انتقال الالتزام باتفاقهما على أمر آخر كأن لا تنتقل الملكية إلا بدفع الثمن والقول في نص المادة 489 أن البيع هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي يدخل جميع ما يعد مالا غير نقدي في مقابلة النقود إلا ما استثنى، فيجوز أن يقع البيع على حق انتفاع أو حق ارتفاق أو حقوق شخصية كحوالة الحق.
فالقصد إذن من البيع نقل الملكية في الحال أو المال، ويترتب على ذلك اعتبار البيع من أعملا التصرف لا من أعمال الإدارة. فحتى يكون العقد صحيحا نافذا لابد أن يباشره من كان أهلا للتصرف إذا كان يتصرف لحساب نفسه، أو كانت له ولاية التصرف إذا كان يتصرف لحساب غيره الأصل في البيع أنه من العقود الرضائية، فهو ينعقد بتراضي طرفيه على عناصره الجوهرية، المبيع والثمن، دون الحاجة إلى إتباع شكلية معينة.
ومع ذلك فإن التشريعات الحديثة قد تراجعت في بعض جوانب البيع وأشكاله عن مبدأ الرضائية، فاشترطت شكليه معينه يجب على الأطراف إتمامها وإلا كان البيع باطلا، وهذا الأمر من شأنه أن ينقل عقد البيع من حظيرة العقود الرضائية إلى حظيرة العقود الشكلية ولكن في حدود ما ورد فيه نص. فمثلا تنص المادة (66) من قانون التجارة البحرية الإماراتي على أن:" جميع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة أو غيره من الحقوق العينية يجب أن تتم بورقة رسمية وإلا كانت باطلة". وجاءت المادة(9) من قانون التسجيل العقاري الجديد في إمارة دبي رقم (7) لعام 2007، لتقرر أنه: ( يجب أن تسجل في السجل العقاري جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق عقاري أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لتلك التصرفات، ولا يعتد بهذه التصرفات إلا بتسجيلها في السجل العقاري).
وقد يصبح عقد البيع شكليا باتفاق المتعاقدين على ضرورة الكتابة أو التوثيق أما موظف مختص لانعقاده. على أن الشكلية المطلوبة لإثبات العقد أو لترتيب أثر من آثاره، كانتقال الملكية في بيع العقار، لا تجعل من العقد شكليا بل يبقى رضائيا ينعقد صحيحا بمجرد تراضي طرفيه على المبيع والثمن
2. عقد البيع من العقود الرضائية:
يتصف عقد البيع بأنه عقد رضائي ينعقد بمجرد تطابق الإيجاب والقبول دون الحاجة لقيام الطرفين بإجراء شكلي. وهو ما ص عليه الشرع وأجمع عليه الفقه الإسلامي، فقد قال الله تعالى ((يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم...))، فالآية الكريمة حددت أن كل معاوضة تحت رضا الطرفين فهي صحيحة جائزة وهو الأصل. ويقول ابن العربي "إنما يجل مطلق الآية على التجارة عن الرضا وذلك ينقضي بالعقد..". وقال الجصاص: اقتضى-أي من هذه الآية- إباحة سائر التجارات الواقعة عن تراض"، ثم قال: " وتدخل في قوله تعالى- هذا – عقود البياعات والأجارات، والهبات المشروطة فيها الاعواض، لأن المبتغى في جميع ذلك في عادات الناس تحصيل الأعواض لا غير"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إنما البيع عن تراض)). ويستوي فيما تقدم أن يكون موضوع البيع منقولا أو عقارا وهي القاعدة في التقنيات الحديثة ومنها قانون المعاملات المدنية الإماراتي حيث نصت المادة 125 منه على أن " العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر و توافقهما على أن يثبت أثره في المعقود عليه"
وكما قلنا سابقا فان توقف نقل الملكية على التسجيل في العقار لا يعني أن عقد البيع فيها شكلي وإنما يظل رضائياً وإن ارتبط نقل الملكية بشرط وهو التسجيل سواء تم في إدارة التسجيل عن طريق طرفي العقد أو عن طريق تسجيل الحكم بصحة التعاقد الذي صدر لصالح المشتري في حقه في البيع.
ولكون عقد البيع من العقود الرضائية فلا تهم الوسيلة التي يعبر فيها عنه، فقد يجري التعبير عن الإرادة باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المتداولة عرفا، وكما يكون التعبير صريحا فيجوز أن يكون ضمنيا.
وعقد البيع ليس عقدا شكليا وليس عقدا عينيا فهو لا يحتاج لانعقاده إلى شكل معين، وينعقد دون حاجة إلى تسليم العين أو دفع الثمن.
ومع ذلك فان إذا كان الأصل هو أن عقد رضائي إلا آن القانون قد يخرج عن ذلك بنص صريح فيستلزم أن يكون رسميا كما هو الحال في عقد بيع السفينة، فقد نصت المادة 66 من قانون التجارة البحرية في دولة الإمارات على أن "جميع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة أو غيره من الحقوق العينية يجب أن تتم بورقة رسمية وإلا كانت باطلا"، فقد استلزم القانون أن تكون الرسمية في العقد على السفينة وإلا كان باطلا. كذلك ما جاء في المادة التاسعة من قانون حماية المصنفات الفكرية وحقوق المؤلف رقم 40 لسنة 1992 في دولة الإمارات والتي اشترطت الكتابة لإجراء أي تصرف فيما يتعلق بحق التأليف. وكذلك ما جاء في نص المادة 42 من قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993 والتي اشترطت الكتابة لنقل ملكية المحل التجاري أو أي حق عيني عليه وإلا كان باطلا، فنصها هو" كل تصرف يكون موضوعه نقل ملكية المحل التجاري أو إنشاء حق عيني عليه يجب أن يكون موثقا من الكاتب العدل ومقيدا أو مصدقا في السجل التجاري وإلا كان باطلا.
ولا يمنع القانون كذلك من أن يتفق المتعاقدان على أن يكون عقد البيع شكليا، بأن تكون الكتابة شرطا الانعقاد البيع فإذا لم تتم الكتابة فلا وجود للعقد، أو أن يكون العقد ثابتا في محرر وتكون الكتابة دليلا من أدلة الإثبات وليست ركنا من أركان عقد البيع، وبالتالي فالعقد يظل قائما ويجوز إثباته بالإقرار أو اليمين.
وهذا الأمر مسلم به في الشريعة الإسلامية، فرغم أن عقد البيع رضائيا كما أسلفنا إلا أنه لا يمنع أن يجعلاه عقدا شكليا كان يتفقا على أن لا ينعقد البيع بالكتابة أو إلا إذا تم تسجيله لدى كاتب العدل ولان هذا الاشتراط يحقق منفعة للعاقد فانه يعد شرطا صحيحا، ويؤكداً مبدأ استقرار التعامل ويثبت مبدأ ما يجري عليه اتفاق الأطراف المتعاقدة
إلى جانب أن الشارع قد حث في كتابة الكريم على الكتابة في التصرفات قال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا ))
3. عقد البيع من عقود المعاوضة:
ذلك لأن كلا من طرفيه يأخذ مقابلا لما يعطى، فالبائع ينقل ملكية الشيء المبيع أو أي حق مالي آخر مقابل التزام المشتري بدفع الثمن فكلا المتعاقدين قد نزل عن ملكه فيخرج الملك من ذمة ليدخل في ذمة أخرى.
ولكونه عقد معاوضة فإنه من العقود التي تدور بين النفع والضرر بالنسبة للبائع والمشتري فيها، ويشترط أن يكون طرفا العقد قد توافرت فيهما أهلية التصرف.
أما إذا كان أحدهما ناقص الأهلية فيكون حكم عقد البيع أنه غير نافذ بالنسبة لناقص الأهلية منهما ويتوقف نفاذه على إجازته ممن له حق الإجازة، كالولي في الحدود التي يجوز له فيها التصرف ابتداء( المادة 159/2 معاملات مدنية)، أو إجازة المحكمة إذا ما كان بالغا الثامنة عشر هجرية( المادة162 معاملات مدنية)،أو إجازته من القاصر ذاته بعد بلوغه سن الرشد أو كانت المحكمة قد أذنت له في التصرف في وقت سابق سواء أكانت الإجازة مطلقة من حيث نوعيتها في جميع التصرفات أو الأعمال التي يجريها القاصر المأذون أم كانت مقيدة يتصرف دون غيره فهو من العقود التي لا تنعقد إلا بوجود مقابل يأخذه كل طرف من نظير ما يعطيه للطرف الآخر، ويكون هذا المقابل هو السبب المباشر الذي دفع كل متعاقد لإبرام العقد. لذلك إذا انعدم هذا المقابل بطل العقد لانعدام سببه.
ويترتب على هذه الصفة أن يصبح عقد البيع من العقود الدائرة بين النفع والضرر و التي يكفي لإبرامها توافر أهلية التصرف لا أهلية التبرع.كما يترتب على صفة المعاوضة أيضا أن لا يكون للغلط في شخص المتعاقد أثر على صحة العقد وإمكان الطعن فيه بالغبن عند توافر شروطه وحالاته.
4. عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين:
ذلك أنه ينشئ التزامات متبادلة تقع على عاتق كل من طرفيه مما يجعل كل طرف فيه دائنا ومدينا في نفس الوقت، فالبالغ يلزم نقل الملكية، والتسليم، والضمان بشقيه ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية، والمشتري يلزم علة وجه الخصوص بدفع الثمن. وهذه الالتزامات المتقابلة مترابطة فيما بينها ومؤدى هذا الترابط أن يكون لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ما دامت هذه الالتزامات مستحقة الوفاء حتى ينفذ الطرف الآخر التزامه( المادة 247 من قانون المعاملات المدنية)، وكذلك إذا لم يقم أحدهما بتنفيذ التزامه جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب تنفيذ العقد أو فسخه( المادة272/1 معاملات مدنية). وإذا استحال على أحد العاقدين تنفيذ التزامه لقوة قاهرة انقضى هذا الالتزام وانقضى معه الالتزام المقابل وانفسخ العقد من تلقاء نفسه( المادة273/1 معاملات مدنية) عقد البيع ينشا التزامات متقابلة في ذمة طرفيه، لذلك فهو من العقود الملزمة للجانبين. ويترتب على هذا التقابل والترابط بين الالتزامات أن تكون كل من طرفي عقد البيع في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ أو الحق في الحبس أو طلب الفسخ، إذا لم يوف الطرف الآخر بالتزامه المقابل أو يعرض الوفاء به. كما تبرر هذه الخاصية أيضا سقوط التزام أحد المتعاقدين تبعا لسقوط التزام المتعاقد الآخر بسبب استحالة التنفيذ لقوة قاهرة، ويتحمل الطرف الذي استحال عليه تنفيذ التزامه تبعة هذه الاستحالة.
5. إن عقد البيع من العقود المحددة:
إن عقد البيع في قانون المعاملات المدنية الإماراتي لا يمكن أن يكون إلا محددا، فكل من البائع أو المشتري يحدد مقدما مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ، ولا يمكن أن يكون البيع احتماليا. فقد نصت المادة 49 من قانون المعاملات المدنية على أنه "1- يشترط أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علما نافيا للجهالة الفاحشة"، ونصت المادة203/1 من قانون المعاملات المدنية في النظرية العامة للعقد عند تعيينها محل العقد على انه "1-يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة.." ورتبت الفقرة الثالثة من ذات المادة البطلان على عدم تحديده وجهالته الفاحشة "3-وإذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلا". ومثالا على ذلك لا يمكن أن يكون البيع بثمن هو إيراد مرتب مدى الحياة مثلا، لأن عقد المرتب مدى الحياة لا يجوز أن يكون في المعاوضة( المادة 1022 من قانون المعاملات المدنية البيع من العقد و التي يعرف فيها كل طرف وعند التعاقد مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ، دون أن يترك تحديد ذلك إلى واقعة مستقبلية غير مؤكدة الوقوع أو لا يعرف موعد تحققها.
على أن بعض القوانين قد قبلت أن يكون عقد البيع احتماليا، عندما سمحت بأن يكون ثمن المبيع إيرادا مرتبا مدى حياة البائع أو غيره، لأن البائع في هذا الفرض وإن كان يعرف وقت البيع الذي أعطى، إلا أنه لا يستطيع في ذلك الوقت تحديد القدر الذي سيأخذ، إذ الثمن لا يتحدد قدره النهائي إلا بالموت وهو حادث غير معلوم وقت حصوله.
أما قانون المعاملات المدنية الإماراتي، واتساقا مع قواعد الفقه الإسلامي التي لا تقبل الغرر في عقود المعاوضات المالية، لمك يجار هذه القوانين، لأن المرتب الدوري مدى الحياة لا يصح في هذا القانون إلا في التبرعات ولا يمكن أن يكون عوضا في عقد معاوضة كالبيع. وهذا ما قررته المادة (1022) منه بنصها على أنه: "1.يجوز أن يلتزم شخص لآخر بأن يؤدي له مرتبا دوريا مدى الحياة بغير عوض". فكان القانون الإماراتي بهذا التوجه أكثر.
ويترتب على كون عقد البيع من العقود المحددة جواز الطعن فيه بالغبن، إذ أن ذلك مقصور على هذا النوع من العقود دون العقود الاحتمالية، لأنها أصلا قائمة على الغرر والاحتمال.
6. الأصل في البيع يكون لازما:
فهو العقد الخالي من الخيارات الذي لا يجوز فيه لأحد المتعاقدين الرجوع عنه وفسخه بدون رضاء الآخر، وهو مقابل للبيع غير اللازم الذي دخله أحد الخيارات، بحيث يحق لصاحب الخيار فسخه أو إمضاءه. (الشامسي، 1997-1998)
تمييز عقد البيع عن غيره من العقود
لقد عرضنا فيما سبق إلى أن عقد البيع يتميز بخصائص ذاتية تميزه عن غيره من العقود ومن أهم هذه الخصائص كونه عقدا ناقلا للملكية، وأن انتقال الملكية يتم في مقابل ثمن من النقود.
لذا فهو يتميز عن عقد الهبة من حيث أنها تمليك في الحال بدون عوض، ويتميز عن الوصية من حيث أنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، ويتميز عن عقد الإجارة من حيث أنها تمليك لمنافع دون العين التي ترد عليها المنفعة، ويتميز عن المقاولة من حيث أن العقد فيها منصب على عمل الصانع وهكذا.
إلا انه قد يلتبس على القاضي أو غيره في بعض الأحيان التمييز بينها عند تكييفه العقد سواء أكان العقد بسيطا أم مركبا أم مختلطا، كأن يرد فيه عقد البيع مختلطا بغيره من العقود، فهذا الأمر يستلزم كما سبق أنن ذكرنا العلم بالأركان الأساسية التي يختص بها كل نوع من العقود ومن ثم تفسير إرادة المتعاقدين لاستنتاج قصدهما من التعاقد فهو قد صنف في قانون المعاملات المدنية تحت عنوان " عقود التمليك"، لأن موضوعه نقل ملكية حق من شخص إلى آخر. والبيع بهذه الخاصية يختلف عن التصرفات المنهية للحقوق، كالوفاء الاعتياضي، وعن التصرفات المولدة للحقوق الشخصية( الالتزامات) فقط، كعقد العمل، أو للتأمينات العينية كعقد الرهن، أو الشخصية كالكفالة وحوالة الدين.
وبحسب أحكام قانون المعاملات المدنية الإماراتي فإن ما يمكن أن يكون محلا للانتقال من شخص إلى آخر هي الحقوق المالية، عينية كانت أم شخصية. لذلك يمكن أن يكون موضوع البيع نقل ملكية شي أو حق عيني آخر عليه، كنقل عائدية حق انتفاع أو ارتفاق، كما يمكن أن يكون محله نقل حق شخصي،وهو ما يطلق عليه حوالة لاحق.
ويترتب على كون عقد البيع ناقلا للملكية ضرورة أن تتوفر فيمن يبرمه أهلية التصرف لحساب نفسه، أو ولاية التصرف في أموال غيره. (سرحان)
الخاتمة :
وانطلاقا مما أوردناه في بحثنا نستخلص أن عقد البيع أضحى الوسيلة العملية التي يحصل بها كل شخص على معظم حاجاته وأصبح درجة عالية من الأهمية في ميادين التعامل والنشا الاقتصادي بل أن البيع أصبح من النظم القانونية التي لا غنى عنها في أي مجتمع وأصبح يحتل من حيث الأهمية الاقتصادية المكانة الأولى بين العقود المدنية .
المصادر والمراجع
· جاسم علي سالم الشامسي. (1997-1998). عقد البيع في ضوء قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة . تأليف جاسم علي سالم الشامسي، عقد البيع في ضوء قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (الصفحات 18-26).
· د. عدنان سرحان. أحكام البيع في قانون المعاملات المدنية الاماراتي. تأليف أحكام البيع في قانون المعاملات المدنية الاماراتي (الصفحات 24-26). الآفاق المشرقة.
· علي العبيدلي. (2011). العقود المسماه (عقد البيع).
هالبحث صارلي اسبوع ايمع مصادره وحلو للفايدة:)
· مقدمة عقد البيع :
يعتبر عقد البيع من أهم العقود المسماة وأوسعها انتشارا على الإطلاق ولم يسبقه في القدم إلا عقد المقايضة . ويعبر الفقهاء بقولهم " البيع من أهم العقود وأخطرها في حياة الأفراد والأمم باعتباره الوسيلة المألوفة لتبادل الأموال بعد انحسار دور المقايضة " ومع مرور الزمن سرعان ما ظهر عيب المقايضة وذلك بتطور الصناعة والتجارة وتفاوت حاجات الناس مما أدى إلى ظهور عقد البيع وذلك باتخاذ البيع محل المقايضة . وعلى هذا الأساس أصبح البيع اليوم عماد التجارة الداخلية والخارجية بل هو المتنفس الطبيعي لقضاء حاجات الناس على المستويين الفردي والجماعي.
وقد انعكست الأهمية الاقتصادية لعقد البيع على الجوانب القانونية المنظمة له، فحظي بتنظيم قانوني أوسع مما حظيت به العقود الأخرى.
و لاشك بأن الأهمية العلمية والحياتية لهذا العقد قد أدت بالمشرع إلى أن يواجه عمليات البيع والشراء بقواعد تؤدي إلى تحقيق الأمان وبالتالي استقرار التعامل وازدهار القدرات الاقتصادية. و الحقيقة أن ذلك قد جعل للبيع ميزة على العقود الأخرى، حيث تشكل القواعد القانونية المنظمة له جزءا هاما من التنظيم القانوني للمعاملات، بل إن اغلب القواعد التي نشأت في إطار العقود الأخرى نشأت في رحاب القواعد الخاصة بالبيع. وهذا ما حدا بالمشرع عند تعرضه للعقود الأخرى إلى الإحالة على القواعد المنظمة للبيع. بل إننا نتحسس في القواعد المنظمة للنظرية العامة للالتزامات أنها تكاد تكون عرضا لنظرية عقد البيع. وهو الذي نراه بوضوح أيضا لدى فقهاء الشريعة الإسلامية، حيث لا يعرضون لنظرية العقود بصورة عامة وإنما يقتصرون على عرض هذا التنظير في كلامهم عن قواعد عقد البيع.
نشأت عقد البيع:
لم يكن عقد البيع معروفا في البداية بل سبقته إلى الوجود المقايضة أي التقايض بالسلع حيث بموجبها يحصل الشخص على سلعة يرغب فيها مقابل سلعة يملكها وهو من أقدم العقود وأكثرها شيوعا حيث كان البيع في القانون الروماني يقوم على مبدأ الشكلية وعليه لم تكن الإرادة كافية وحدها لقيام العقد بل يجب إفراغها في قالب شكلي معين بحيث يترتب على هذه الشكلية انعقاد العقد وهذا يعني أن العقد كان عقد مجرداً من السبب وينعد ملزما إذا استوفى الأشكال اللازمة لانعقاده ويضاف إلى ذلك أن البيع في القانون الروماني لم يكن يرتب على البائع التزاماً بنقل الملكية بل كان يقتصر التزامه على مجرد الالتزام بنقل الحيازة الهادئة إلى المشتري إلا إذا اشترط خلاف ذلك .
أما في ظل الوضع في القانون الفرنسي القديم كما كان عليه الحال في القانون الروماني فلم تكن ملكية المباع تنتقل إلى المشتري إلا بالتسليم الفعلي أو بالتسليم الرمزي و انتهى إلى مبدأ الاكتفاء بذكر موافقة التسليم في العقد . إما بالنسبة للشريعة الإسلامية البيع حلال بل هو البديل الإسلامي لسائر المعاملات الحرام وهذا ما جاء في قوله تعالى : " واحل الله البيع وحرم الربا " وهي قاعدة شاملة وكلية وإذا كانت اغلب التشريعات الحديثة تأخذ بمبدأ بالمفهوم الحديث لمبدأ انتقال ملكية المبيع بمجرد العقد فان الشريعة الإسلامية أرست هذه القاعدة الأصلية الأساسية قبل عدة قرون خلت .
وعليه فان عقد البيع هو مبادلة مال بمال فلا يشترط فيه إن يكون المقابل مبلغا من النقود وذلك يتسع ليشمل مبادلة المال بثمن وهو الأكثر تداولا وهذا هو البيع في القانون الوضعي أما المشرع الجزائري تناوله في الباب (7) من التقنين المدني .
المبحث الأول :خصائص عقد البيع.
يتميز عقد البيع عن غيره من العقود بعدة خصائص نوردها كالآتي:
1. عقد البيع من عقود التمليك:
الغرض الرئيسي من عقود البيع هو نقل الملكية من البائع إلى المشتري بمجرد انعقاده، فقد نصت المادة 511/1 من قانون المعاملات المدنية أنه "1- تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري. بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون أو الاتفاق بغير ذلك"
وهو ما عبر عنه الفقه الإسلامي فقد ذكر الكاساني في بدائع الصنائع الآتي " بيان صفة الحكم فله صفتان إحداهما اللزوم... والثانية الحلول وهو ثبوت الملك في البدلين للحال لأنه تمليك بتمليك وهو إيجاب الملك من الجانبين للحال فيقتضي ثبوت الملك في البدلين في الحال".
و قد جاء مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه في المادة 18 منه أن "البيع على عقد تمليك ذات معينة غير نظير في نظير عوض، بما يدل عرفا على رضا العاقدين" ويقول المشروع: ويؤخذ من التعريف أن البيع تمليك من البائع والمشتري، والثاني: أن البيع ناقل للملك في كل من العوضين بمجرد العقد الصحيح، من غير توقف على توثيق آخر.
وهذا الذي أخذ به القانون من الفقه الإسلامي من أن الملك في المبيع يثبت بمجرد العقد والقبض له أي ليزيده تأكيدا. وذلك بخلاف الأمر الذي عليه القوانين اللاتينية والتي ترى أن العقد ينشئ التزاما بنقل الملك وإن كان يتم تنفيذ هذا الالتزام فورا بمجرد نشوئه، فينتقل الملك ولكن تنفيذا للالتزام لا بحكم العقد. ويعني ذلك أن عقد البيع ينقل بذاته ومن تلقاء نفسه الملكية.
و إذا كان ما قد ذكرنا و الأصل فإنه قد يتطلب القانون إجراء آخر لنقل الملكية، أو أن يتفق المتعاقدان على تعليق انتقال الملكية بالقيام بإجراء في محل اتفاقهما.
و على ذلك فإنه بالنسبة لوقوع البيع على العقار فإن الملكية لا تنتقل سواء فيما بين العاقدين أو الغير إلا بتسجيل هذا البيع، إذ مجرد العقد لا ينقل ملكية العقار ونصت على ذلك المادة 1277 من قانون المعاملات المدنية على أنه " لا تنتقل ملكية العقار ولا الحقوق العينية العقارية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة به".
فالعقد على بيع العقار لا ينقل ملكيته بمجرد العقد وإنما ينشئ التزاما على البائع بنقل ملكية العقار للمشتري.
وكذلك لا تنتقل ملكية المنقول المعين بالنوع بمجرد إبرام عقد البيع بلا لابد من القيام بإجراء آخر وهو إفراز المبيع المعين بالنوع عن غيره، وبالتالي فالأمر هنا هو إنشاء التزام على البائع بنقل الملكية وفقا لنص المادة 1276 من قانون المعاملات المدنية حيث نصت على أنه" لا تنتقل الملكية المنقول غير المعين بنوعه إلا بإفرازه"
والواضح من نص المادة 511/1 أنه يجوز للمتعاقدين في البيع تعليق انتقال الالتزام باتفاقهما على أمر آخر كأن لا تنتقل الملكية إلا بدفع الثمن والقول في نص المادة 489 أن البيع هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي يدخل جميع ما يعد مالا غير نقدي في مقابلة النقود إلا ما استثنى، فيجوز أن يقع البيع على حق انتفاع أو حق ارتفاق أو حقوق شخصية كحوالة الحق.
فالقصد إذن من البيع نقل الملكية في الحال أو المال، ويترتب على ذلك اعتبار البيع من أعملا التصرف لا من أعمال الإدارة. فحتى يكون العقد صحيحا نافذا لابد أن يباشره من كان أهلا للتصرف إذا كان يتصرف لحساب نفسه، أو كانت له ولاية التصرف إذا كان يتصرف لحساب غيره الأصل في البيع أنه من العقود الرضائية، فهو ينعقد بتراضي طرفيه على عناصره الجوهرية، المبيع والثمن، دون الحاجة إلى إتباع شكلية معينة.
ومع ذلك فإن التشريعات الحديثة قد تراجعت في بعض جوانب البيع وأشكاله عن مبدأ الرضائية، فاشترطت شكليه معينه يجب على الأطراف إتمامها وإلا كان البيع باطلا، وهذا الأمر من شأنه أن ينقل عقد البيع من حظيرة العقود الرضائية إلى حظيرة العقود الشكلية ولكن في حدود ما ورد فيه نص. فمثلا تنص المادة (66) من قانون التجارة البحرية الإماراتي على أن:" جميع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة أو غيره من الحقوق العينية يجب أن تتم بورقة رسمية وإلا كانت باطلة". وجاءت المادة(9) من قانون التسجيل العقاري الجديد في إمارة دبي رقم (7) لعام 2007، لتقرر أنه: ( يجب أن تسجل في السجل العقاري جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق عقاري أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لتلك التصرفات، ولا يعتد بهذه التصرفات إلا بتسجيلها في السجل العقاري).
وقد يصبح عقد البيع شكليا باتفاق المتعاقدين على ضرورة الكتابة أو التوثيق أما موظف مختص لانعقاده. على أن الشكلية المطلوبة لإثبات العقد أو لترتيب أثر من آثاره، كانتقال الملكية في بيع العقار، لا تجعل من العقد شكليا بل يبقى رضائيا ينعقد صحيحا بمجرد تراضي طرفيه على المبيع والثمن
2. عقد البيع من العقود الرضائية:
يتصف عقد البيع بأنه عقد رضائي ينعقد بمجرد تطابق الإيجاب والقبول دون الحاجة لقيام الطرفين بإجراء شكلي. وهو ما ص عليه الشرع وأجمع عليه الفقه الإسلامي، فقد قال الله تعالى ((يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم...))، فالآية الكريمة حددت أن كل معاوضة تحت رضا الطرفين فهي صحيحة جائزة وهو الأصل. ويقول ابن العربي "إنما يجل مطلق الآية على التجارة عن الرضا وذلك ينقضي بالعقد..". وقال الجصاص: اقتضى-أي من هذه الآية- إباحة سائر التجارات الواقعة عن تراض"، ثم قال: " وتدخل في قوله تعالى- هذا – عقود البياعات والأجارات، والهبات المشروطة فيها الاعواض، لأن المبتغى في جميع ذلك في عادات الناس تحصيل الأعواض لا غير"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم((إنما البيع عن تراض)). ويستوي فيما تقدم أن يكون موضوع البيع منقولا أو عقارا وهي القاعدة في التقنيات الحديثة ومنها قانون المعاملات المدنية الإماراتي حيث نصت المادة 125 منه على أن " العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر و توافقهما على أن يثبت أثره في المعقود عليه"
وكما قلنا سابقا فان توقف نقل الملكية على التسجيل في العقار لا يعني أن عقد البيع فيها شكلي وإنما يظل رضائياً وإن ارتبط نقل الملكية بشرط وهو التسجيل سواء تم في إدارة التسجيل عن طريق طرفي العقد أو عن طريق تسجيل الحكم بصحة التعاقد الذي صدر لصالح المشتري في حقه في البيع.
ولكون عقد البيع من العقود الرضائية فلا تهم الوسيلة التي يعبر فيها عنه، فقد يجري التعبير عن الإرادة باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المتداولة عرفا، وكما يكون التعبير صريحا فيجوز أن يكون ضمنيا.
وعقد البيع ليس عقدا شكليا وليس عقدا عينيا فهو لا يحتاج لانعقاده إلى شكل معين، وينعقد دون حاجة إلى تسليم العين أو دفع الثمن.
ومع ذلك فان إذا كان الأصل هو أن عقد رضائي إلا آن القانون قد يخرج عن ذلك بنص صريح فيستلزم أن يكون رسميا كما هو الحال في عقد بيع السفينة، فقد نصت المادة 66 من قانون التجارة البحرية في دولة الإمارات على أن "جميع التصرفات التي يكون موضوعها إنشاء أو نقل أو انقضاء حق الملكية على السفينة أو غيره من الحقوق العينية يجب أن تتم بورقة رسمية وإلا كانت باطلا"، فقد استلزم القانون أن تكون الرسمية في العقد على السفينة وإلا كان باطلا. كذلك ما جاء في المادة التاسعة من قانون حماية المصنفات الفكرية وحقوق المؤلف رقم 40 لسنة 1992 في دولة الإمارات والتي اشترطت الكتابة لإجراء أي تصرف فيما يتعلق بحق التأليف. وكذلك ما جاء في نص المادة 42 من قانون المعاملات التجارية رقم 18 لسنة 1993 والتي اشترطت الكتابة لنقل ملكية المحل التجاري أو أي حق عيني عليه وإلا كان باطلا، فنصها هو" كل تصرف يكون موضوعه نقل ملكية المحل التجاري أو إنشاء حق عيني عليه يجب أن يكون موثقا من الكاتب العدل ومقيدا أو مصدقا في السجل التجاري وإلا كان باطلا.
ولا يمنع القانون كذلك من أن يتفق المتعاقدان على أن يكون عقد البيع شكليا، بأن تكون الكتابة شرطا الانعقاد البيع فإذا لم تتم الكتابة فلا وجود للعقد، أو أن يكون العقد ثابتا في محرر وتكون الكتابة دليلا من أدلة الإثبات وليست ركنا من أركان عقد البيع، وبالتالي فالعقد يظل قائما ويجوز إثباته بالإقرار أو اليمين.
وهذا الأمر مسلم به في الشريعة الإسلامية، فرغم أن عقد البيع رضائيا كما أسلفنا إلا أنه لا يمنع أن يجعلاه عقدا شكليا كان يتفقا على أن لا ينعقد البيع بالكتابة أو إلا إذا تم تسجيله لدى كاتب العدل ولان هذا الاشتراط يحقق منفعة للعاقد فانه يعد شرطا صحيحا، ويؤكداً مبدأ استقرار التعامل ويثبت مبدأ ما يجري عليه اتفاق الأطراف المتعاقدة
إلى جانب أن الشارع قد حث في كتابة الكريم على الكتابة في التصرفات قال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا ))
3. عقد البيع من عقود المعاوضة:
ذلك لأن كلا من طرفيه يأخذ مقابلا لما يعطى، فالبائع ينقل ملكية الشيء المبيع أو أي حق مالي آخر مقابل التزام المشتري بدفع الثمن فكلا المتعاقدين قد نزل عن ملكه فيخرج الملك من ذمة ليدخل في ذمة أخرى.
ولكونه عقد معاوضة فإنه من العقود التي تدور بين النفع والضرر بالنسبة للبائع والمشتري فيها، ويشترط أن يكون طرفا العقد قد توافرت فيهما أهلية التصرف.
أما إذا كان أحدهما ناقص الأهلية فيكون حكم عقد البيع أنه غير نافذ بالنسبة لناقص الأهلية منهما ويتوقف نفاذه على إجازته ممن له حق الإجازة، كالولي في الحدود التي يجوز له فيها التصرف ابتداء( المادة 159/2 معاملات مدنية)، أو إجازة المحكمة إذا ما كان بالغا الثامنة عشر هجرية( المادة162 معاملات مدنية)،أو إجازته من القاصر ذاته بعد بلوغه سن الرشد أو كانت المحكمة قد أذنت له في التصرف في وقت سابق سواء أكانت الإجازة مطلقة من حيث نوعيتها في جميع التصرفات أو الأعمال التي يجريها القاصر المأذون أم كانت مقيدة يتصرف دون غيره فهو من العقود التي لا تنعقد إلا بوجود مقابل يأخذه كل طرف من نظير ما يعطيه للطرف الآخر، ويكون هذا المقابل هو السبب المباشر الذي دفع كل متعاقد لإبرام العقد. لذلك إذا انعدم هذا المقابل بطل العقد لانعدام سببه.
ويترتب على هذه الصفة أن يصبح عقد البيع من العقود الدائرة بين النفع والضرر و التي يكفي لإبرامها توافر أهلية التصرف لا أهلية التبرع.كما يترتب على صفة المعاوضة أيضا أن لا يكون للغلط في شخص المتعاقد أثر على صحة العقد وإمكان الطعن فيه بالغبن عند توافر شروطه وحالاته.
4. عقد البيع من العقود الملزمة للجانبين:
ذلك أنه ينشئ التزامات متبادلة تقع على عاتق كل من طرفيه مما يجعل كل طرف فيه دائنا ومدينا في نفس الوقت، فالبالغ يلزم نقل الملكية، والتسليم، والضمان بشقيه ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية، والمشتري يلزم علة وجه الخصوص بدفع الثمن. وهذه الالتزامات المتقابلة مترابطة فيما بينها ومؤدى هذا الترابط أن يكون لكل من الطرفين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه ما دامت هذه الالتزامات مستحقة الوفاء حتى ينفذ الطرف الآخر التزامه( المادة 247 من قانون المعاملات المدنية)، وكذلك إذا لم يقم أحدهما بتنفيذ التزامه جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب تنفيذ العقد أو فسخه( المادة272/1 معاملات مدنية). وإذا استحال على أحد العاقدين تنفيذ التزامه لقوة قاهرة انقضى هذا الالتزام وانقضى معه الالتزام المقابل وانفسخ العقد من تلقاء نفسه( المادة273/1 معاملات مدنية) عقد البيع ينشا التزامات متقابلة في ذمة طرفيه، لذلك فهو من العقود الملزمة للجانبين. ويترتب على هذا التقابل والترابط بين الالتزامات أن تكون كل من طرفي عقد البيع في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ أو الحق في الحبس أو طلب الفسخ، إذا لم يوف الطرف الآخر بالتزامه المقابل أو يعرض الوفاء به. كما تبرر هذه الخاصية أيضا سقوط التزام أحد المتعاقدين تبعا لسقوط التزام المتعاقد الآخر بسبب استحالة التنفيذ لقوة قاهرة، ويتحمل الطرف الذي استحال عليه تنفيذ التزامه تبعة هذه الاستحالة.
5. إن عقد البيع من العقود المحددة:
إن عقد البيع في قانون المعاملات المدنية الإماراتي لا يمكن أن يكون إلا محددا، فكل من البائع أو المشتري يحدد مقدما مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ، ولا يمكن أن يكون البيع احتماليا. فقد نصت المادة 49 من قانون المعاملات المدنية على أنه "1- يشترط أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علما نافيا للجهالة الفاحشة"، ونصت المادة203/1 من قانون المعاملات المدنية في النظرية العامة للعقد عند تعيينها محل العقد على انه "1-يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة.." ورتبت الفقرة الثالثة من ذات المادة البطلان على عدم تحديده وجهالته الفاحشة "3-وإذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلا". ومثالا على ذلك لا يمكن أن يكون البيع بثمن هو إيراد مرتب مدى الحياة مثلا، لأن عقد المرتب مدى الحياة لا يجوز أن يكون في المعاوضة( المادة 1022 من قانون المعاملات المدنية البيع من العقد و التي يعرف فيها كل طرف وعند التعاقد مقدار ما يعطي ومقدار ما يأخذ، دون أن يترك تحديد ذلك إلى واقعة مستقبلية غير مؤكدة الوقوع أو لا يعرف موعد تحققها.
على أن بعض القوانين قد قبلت أن يكون عقد البيع احتماليا، عندما سمحت بأن يكون ثمن المبيع إيرادا مرتبا مدى حياة البائع أو غيره، لأن البائع في هذا الفرض وإن كان يعرف وقت البيع الذي أعطى، إلا أنه لا يستطيع في ذلك الوقت تحديد القدر الذي سيأخذ، إذ الثمن لا يتحدد قدره النهائي إلا بالموت وهو حادث غير معلوم وقت حصوله.
أما قانون المعاملات المدنية الإماراتي، واتساقا مع قواعد الفقه الإسلامي التي لا تقبل الغرر في عقود المعاوضات المالية، لمك يجار هذه القوانين، لأن المرتب الدوري مدى الحياة لا يصح في هذا القانون إلا في التبرعات ولا يمكن أن يكون عوضا في عقد معاوضة كالبيع. وهذا ما قررته المادة (1022) منه بنصها على أنه: "1.يجوز أن يلتزم شخص لآخر بأن يؤدي له مرتبا دوريا مدى الحياة بغير عوض". فكان القانون الإماراتي بهذا التوجه أكثر.
ويترتب على كون عقد البيع من العقود المحددة جواز الطعن فيه بالغبن، إذ أن ذلك مقصور على هذا النوع من العقود دون العقود الاحتمالية، لأنها أصلا قائمة على الغرر والاحتمال.
6. الأصل في البيع يكون لازما:
فهو العقد الخالي من الخيارات الذي لا يجوز فيه لأحد المتعاقدين الرجوع عنه وفسخه بدون رضاء الآخر، وهو مقابل للبيع غير اللازم الذي دخله أحد الخيارات، بحيث يحق لصاحب الخيار فسخه أو إمضاءه. (الشامسي، 1997-1998)
تمييز عقد البيع عن غيره من العقود
لقد عرضنا فيما سبق إلى أن عقد البيع يتميز بخصائص ذاتية تميزه عن غيره من العقود ومن أهم هذه الخصائص كونه عقدا ناقلا للملكية، وأن انتقال الملكية يتم في مقابل ثمن من النقود.
لذا فهو يتميز عن عقد الهبة من حيث أنها تمليك في الحال بدون عوض، ويتميز عن الوصية من حيث أنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت، ويتميز عن عقد الإجارة من حيث أنها تمليك لمنافع دون العين التي ترد عليها المنفعة، ويتميز عن المقاولة من حيث أن العقد فيها منصب على عمل الصانع وهكذا.
إلا انه قد يلتبس على القاضي أو غيره في بعض الأحيان التمييز بينها عند تكييفه العقد سواء أكان العقد بسيطا أم مركبا أم مختلطا، كأن يرد فيه عقد البيع مختلطا بغيره من العقود، فهذا الأمر يستلزم كما سبق أنن ذكرنا العلم بالأركان الأساسية التي يختص بها كل نوع من العقود ومن ثم تفسير إرادة المتعاقدين لاستنتاج قصدهما من التعاقد فهو قد صنف في قانون المعاملات المدنية تحت عنوان " عقود التمليك"، لأن موضوعه نقل ملكية حق من شخص إلى آخر. والبيع بهذه الخاصية يختلف عن التصرفات المنهية للحقوق، كالوفاء الاعتياضي، وعن التصرفات المولدة للحقوق الشخصية( الالتزامات) فقط، كعقد العمل، أو للتأمينات العينية كعقد الرهن، أو الشخصية كالكفالة وحوالة الدين.
وبحسب أحكام قانون المعاملات المدنية الإماراتي فإن ما يمكن أن يكون محلا للانتقال من شخص إلى آخر هي الحقوق المالية، عينية كانت أم شخصية. لذلك يمكن أن يكون موضوع البيع نقل ملكية شي أو حق عيني آخر عليه، كنقل عائدية حق انتفاع أو ارتفاق، كما يمكن أن يكون محله نقل حق شخصي،وهو ما يطلق عليه حوالة لاحق.
ويترتب على كون عقد البيع ناقلا للملكية ضرورة أن تتوفر فيمن يبرمه أهلية التصرف لحساب نفسه، أو ولاية التصرف في أموال غيره. (سرحان)
الخاتمة :
وانطلاقا مما أوردناه في بحثنا نستخلص أن عقد البيع أضحى الوسيلة العملية التي يحصل بها كل شخص على معظم حاجاته وأصبح درجة عالية من الأهمية في ميادين التعامل والنشا الاقتصادي بل أن البيع أصبح من النظم القانونية التي لا غنى عنها في أي مجتمع وأصبح يحتل من حيث الأهمية الاقتصادية المكانة الأولى بين العقود المدنية .
المصادر والمراجع
· جاسم علي سالم الشامسي. (1997-1998). عقد البيع في ضوء قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة . تأليف جاسم علي سالم الشامسي، عقد البيع في ضوء قانون المعاملات المدنية لدولة الامارات العربية المتحدة (الصفحات 18-26).
· د. عدنان سرحان. أحكام البيع في قانون المعاملات المدنية الاماراتي. تأليف أحكام البيع في قانون المعاملات المدنية الاماراتي (الصفحات 24-26). الآفاق المشرقة.
· علي العبيدلي. (2011). العقود المسماه (عقد البيع).