عدالة تقهر الظلم
03-22-2010, 10:35 PM
برئاسة السيد القاضي / يحيـــــى جــــــلال فضـــــل رئيـــــس المحكمــــة وعضويـــــة القاضييـن / محمـــــد نـــاجــــي دربالـــــة و محمــد عبـد الرحمــن الجـــراح
اتهمت النيابة العامة ....... ،
أنه في 15 / 6 / 2007 م ، بدائرة إمارة رأس الخيمة
1ـــ قتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد المجني عليهما / ....... و ....... ، وذلك بأن بيت نية القتل وأعد لذلك مسدساً وملأ مخزنه بالذخيرة وسحب أقسامه وتربص بالمجني عليه الأول في مسرح الجريمة حتى وصوله ونزوله من السيارة فأقبل عليه وصوب سلاحه وأفرغ ذخيرته في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً قتله ، ثم توجه إلى منزل المجني عليه الثاني فلما لم يجد سيارته انصرف وتوجه إلى منزل والده فلما وجد سيارة المجني عليه قام بنزع مخزن سلاحه وحشاه بذخيرة أخرى وطرق باب المنزل وطلب خروج المجني عليه حتى إذا أقبل عليه أفرغ ذخيرة السلاح في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً قتله ، وتصول بفعله إلى تحقيق قصده بقتلهما ... على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية .
2ـــ حاز وحمل سلاحاً نارياً " مسدس " بدون ترخيص .
3ـــ اقتنى ذخائر بدون ترخيص .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والمواد 1 ، 331 ، 332 ، 333 من قانون العقوبات الصادر بالقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمعدل بالقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005 ، والمواد 1 بند ( ج ) ، 2 ، 19 ، 36 ، 39 من القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1976 في شأن الأسلحة النارية والذخائر والمتفجرات .
ـــ وبجلسة 30 من يوليو سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم / .......، بالقتل قصاصاً جزاء ما أُسند إليه من قتل المجني عليهما / ....... و....... ، وذلك بالوسيلة المتاحة في الدولة وأمرت بمصادرة السلاح والسيارة المضبوطين .
ـــ عرضت الدعوى على محكمة استئناف جنايات رأس الخيمة فقضت حضورياً بجلسة 4 من ديسمبر سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف .
ـــ فعُرض الحكم الصادر بالقتل قصاصاً على محكمة التمييز وفقاً لأحكام المادة 38 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006
من حيث إن أي من النيابة العامة أو المحكوم عليه ....... لم يقرر بالطعن بالنقض .
ومن حيث إنه من المقرر وفق نص المادة 38/1 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام ـــ ومن ذلك القضاء بالقتل في جرائم الحدود والقصاص ـــ يعتبر مطعوناً فيه أمام محكمة التمييز وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن ـــ مهما كان سببه والقانون الذي صدر في ظله ـــ وذلك بقوة القانون لتبسط محكمة التمييز رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية فتقضي من تلقاء نفسها بتصحيح ما اعتراه من خطأ في تطبيق القانون ، أو تفسيره ، أو تأويله أو ما شابه من قصور أو فساد في الاستدلال أو إخلال بحق الدفاع ـــ ولو لم يكن مطعوناً فيه من المحكوم عليه أو من النيابة العامة ـــ غير مقيدة في ذلك بأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه ، أو بما تضمنته مذكرة النيابة العامة من رأي .
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من قتل المحكوم عليه قصاصاً ، ونقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة .
ومن حيث إن القتل يُعرف في الشريعة بأنه فعل من العباد تزول به الحياة أي أنه إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر وأركانه ثلاثة : أولها : أن يكون المجني عليه آدمياً حياً . ثانيها : أن يكون القتل نتيجة لفعل الجاني . ثالثها : أن يقصد الجاني إحداث الوفاة ، فللقتل العمد العدوان الموجب للقصاص شروط وجوب : أولها : جان وشرطه : أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا قصاص لعدم التكليف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ " . ثانيها : مجني عليه : وشرطه : أن يكون معصوم الدم فإن كان زانياً محصناً ، أو مرتداً فلا قصاص إذ هؤلاء دمهم هدر لجريمتهم . وثالثها : أن يكافئ المقتول القاتل . ورابعها : ألا يكون القاتل والداً للمقتول : أباً أو أماً أو جداً لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقتل والد بولده " وللقتل تقسيمات عدة أولها : ما حسن الدحي لم يقرر بالطعن بالنقض .
ومن حيث إنه من المقرر وفق نص المادة 38/1 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام ـــ ومن ذلك القضاء بالقتل في جرائم الحدود والقصاص ـــ يعتبر مطعوناً فيه أمام محكمة التمييز وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن ـــ مهما كان سببه والقانون الذي صدر في ظله ـــ وذلك بقوة القانون لتبسط محكمة التمييز رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية فتقضي من تلقاء نفسها بتصحيح ما اعتراه من خطأ في تطبيق القانون ، أو تفسيره ، أو تأويله أو ما شابه من قصور أو فساد في الاستدلال أو إخلال بحق الدفاع ـــ ولو لم يكن مطعوناً فيه من المحكوم عليه أو من النيابة العامة ـــ غير مقيدة في ذلك بأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه ، أو بما تضمنته مذكرة النيابة العامة من رأي .
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من قتل المحكوم عليه قصاصاً ، ونقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة .
ومن حيث إن القتل يُعرف في الشريعة بأنه فعل من العباد تزول به الحياة أي أنه إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر وأركانه ثلاثة : أولها : أن يكون المجني عليه آدمياً حياً . ثانيها : أن يكون القتل نتيجة لفعل الجاني . ثالثها : أن يقصد الجاني إحداث الوفاة ، فللقتل العمد العدوان الموجب للقصاص شروط وجوب : أولها : جان وشرطه : أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا قصاص لعدم التكليف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ " . ثانيها : مجني عليه : وشرطه : أن يكون معصوم الدم فإن كان زانياً محصناً ، أو مرتداً فلا قصاص إذ هؤلاء دمهم هدر لجريمتهم . وثالثها : أن يكافئ المقتول القاتل . ورابعها : ألا يكون القاتل والداً للمقتول : أباً أو أماً أو جداً لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقتل والد بولده " وللقتل تقسيمات عدة أولها : ما بوضوح أن الجاني قصد القتل ، والمتحصل من أقوال فقهاء المذاهب ، أن المعتدي بالإيذاء المؤدي إلى الموت ، يعتبر قاتلاً عامداً ، إذا اجتمع لديه أمران : قصد الإتيان بالفعل المؤذي الضار ، مع قصد الوصول إلى إزهاق الروح ويستدل على ذلك بالآلة التي استعملت في الإيذاء ، والكيفية التي تم بها ، فإذا صدر فعل الإيذاء بآلة من شأنها إزهاق الروح ، وبكيفية تؤدي إلى ذلك اعتبر الفاعل قاتلاً عمداً ، باتفاق جميع المذاهب الفقهية ، وإذا لم يتعمد الفاعل نتيجة الفعل المؤذي من الأساس ، ومات المعتدى عليه بذلك الفعل ، اعتبر القتل خطأ باتفاق المذاهب أيضاً ، أما إذا تعمد الفاعل الإيذاء به ، ونتج عنها الموت ، وكانت الكيفية التي استعملت لا تؤدي إلى الوفاة عادة ، فهذه الصورة وحدها هي محل اختلاف الفقهاء ، فالجمهور ما عدا المالكية يصفون القتل في هذه الحالة بالقتل شبه العمد ، والمالكية يدخلونه في القتل العمد ، لأنهم يرون أنه ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسماً ثالثاً زاد على النص ، ذلك أن القرآن نص على القتل العمد والقتل الخطأ فقط فقال تعالى " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها " النساء ـــ الآية 93 ، وقال تعالى " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ " النساء ـــ الآية 92 ، وعلى هذا الأساس يعرف مالك العمد في القتل : بأنه إتيان الفعل بقصد العدوان ، وهو لا يشترط أن يقصد الجاني نتيجة فعله ، أما الشافعية والحنابلة والحنفية فيؤول رأيهم إلى الاتفاق على أن شبه العمد في القتل معناه : إتيان الفعل القاتل بقصد العدوان ، دون أن تتجه نية الجاني إلى إحداث القتل ويستدلون لذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إلا أن في قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل " ويتفرع على هذا الخلاف أن عقوبة العمد الأساسية القتل قصاصاً ، إلا أن يعفو ولي الدم ، وعقوبة شبه العمد الدية والتعزير حسبما يراه ولي الأمر ، وتحفل كتب الفقهاء بما يقرر تلك القاعدة : فكتب المالكية تقرر " أن قصد الضرب بآلة ، كيفما كانت ، أحدثت الوفاة توجب القصاص وقال الزرقاني شارح خليل ( وإن قصد أي تعمد القاتل ضرباً بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً ، وفعل ذلك لغضب أو لعداوة يُقتص منه ) وأوضح الشيخ البناني في حاشيته : ( عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان ، فنبه المصنف إلى العمد بقوله ( إن قصد وأما العدوان فالظاهر أنه أشار إليه بقوله : أو عداوة ) الجزء 8 ـــ ص 7 . وأما الشافعية والحنابلة والأحناف يشترطون لكون القتل موجباً للقصاص أن يكون بكيفية يقع معها القتل غالباً ( المغني الجزء 7 ـــ ص 640 ـــ التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الأول ـــ ص 405 : 407 ) . لما كان ذلك ، وكان للقصاص في الشريعة الإسلامية شروط هي أن يكون صاحب الحق مكلفاً ، وأن يتفق أولياء الدم على القصاص فإن عفا بعضهم فلا قصاص ، ومن لم يعف فله قسطه من الدية ، وأن يُؤمن في حال الاستيفاء التعدي بألا يتعدى الجرح مثله وألا يُقتل غير القاتل وألا تُقتل امرأة في بطنها جنين حتى تضع وتفطم ولدها وذلك في حضور سلطان أو نائبه وأن يكون بآلة حادة كالسيف أو بأداة أسرع من السيف كالمقصلة والكرسي الكهربائي وغيرهما مما يفضي إلى الموت بسرعة ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني ـــ ص 154 ) . لما كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي قد أقام قضاءه على ما أورده بأسبابه من أن المحكوم عليه وقد نشأ مع المجني عليهما ....... و ..... ، ما فتئ يتذكر ما أشاعه عنه أولهما من أنه خنيث وأنه باشر لواطه في صغرهما ، وما لحقه من أذى نفسي وأدبي من جراء ذيوع ما أشاعه حتى تداوله زملاء عمله بالقوات المسلحة ، كما بقي في سريرة نفسه ما وقع بينه وبين المجني عليه الثاني عندما دعاه لمجالسته وندمائه في مجلس خمر ، ولما اعتذر منه لحمله مصحفاً بجيبه ، استهزأ به وطلب منه إلقاء القرآن الذي يحمله بحظيرة الأغنام ، وقد ألحت عليه تلك الوقائع وصاحبته في صحوه ونومه ، فعقد العزم المصمم على قتلهما وأعد لذلك سلاحاً نارياً " مسدس " وزوده بخزنتي ذخيرة ، بيد أنه لم يُنفذ ما عزم عليه لفترة طويلة لتعذر جمعه بين المجني عليهما في مكان واحد ليقضي عليهما معاً ، وأنه في صباح يوم الحادث 15 / 6 / 2007 م حزم أمره على قتلهما فتسلل خلسة إلى منزل الأول حيث فوجئ به .... ( شقيق المجني عليه الأول ) ولما أبدى له غضبه من اقتحامه للمنزل ، أخبره أنه يبحث عن شقيقه لضرورة عاجلة فأخبره بسؤال . ( شقيق المحكوم عليه ) عنه لكونهما يرتبطان بصداقة متينة ، فهاتف المحكوم عليه شقيقه وطلب منه أن يلتقي بالمجني عليه لضرورة لا تحتمل التأخير ، ومن ثم تواعدوا على اللقاء أمام أسواق الخليج بناحية الرمس بعد صلاة ظهر يوم الجمعة ، وفور وصول المجني عليه ..... بصحبة شقيق المحكوم عليه وما أن هم بالترجل من السيارة حتى عاجله المحكوم عليه بوابل من الطلقات فسقط مضرجاً في دمائه ، حيث وافته المنية أثناء محاولة شقيق المحكوم عليه نقله إلى المستشفى لإسعافه ، وأنه فور ارتكابه لجريمته ، سارع إلى منزل ....... حاملاً ذات السلاح الناري بعد أن زوده بخزينة الطلقات الأخرى ولما لم يجد سيارته أمامه توجه إلى منزل والد المجني عليه الثاني وما إن شاهد سيارة الأخير أمام المنزل حتى تيقن بوجوده داخله ، فبادر بطرق باب المنزل وطلب من الخادمة استدعاءه ، ولما خرج إليه أمطره بالطلقات مما أفضى إلى وفاته ـــ ثم سارع إلى تقديم نفسه والسلاح المستعمل في الحادث للشرطة مقراً بما ارتكبه من جرم وقد أقام الحكم الدليل الشرعي على صحة الواقعة بالتصوير المتقدم وإسنادها إلى المحكوم عليه من إقراره أمام النيابة العامة ومحكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف وأقوال شاهدي الواقعة . ، و ........ ، والشاهد ....... ومن تقارير الصفة التشريحية للمجني عليهما ، وتقرير فحص السلاح المستخدم في الحادث ، وهي أدلة سائغة وكافية للتدليل على توافر جريمة القتل العدوان الموجب للقصاص وفق رأي جميع المذاهب الفقهية وسلامة إسنادها للجاني ، كما دلل على توافر شروط استيفاء القصاص بما أورده من طلب أولياء الدم البالغين الذكور من ورثة المجني عليهما تطبيق عقوبة القصاص أمام محكمتي أول درجة والاستئناف . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الاستئناف قد أجابت المدافع عن الطاعن إلى طلبه إحالة المتهم إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية لبيان مدى مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه ، فانتهى تقرير اللجنة المشكلة لفحص حالة المتهم العقلية إلى " أنه مدرك لفعلته مقدراً لعواقبها ، قادراً على الدفاع عن نفسه وتفنيد الأعذار ، وأن لديه بعض الشكوك التي ربما ترقى إلى ضلالات فكرية ، إلا أنها لا ترقى إلى الحد الذي يؤثر في إرادته وفي التمييز بين الخير والشر والخطأ والصواب " ، وكانت محكمة الاستئناف قد أوردت مضمون هذا التقرير للتدليل على مسئولية المتهم عن أفعاله ، وكانت محكمة أول درجة قد أوردت ما لاحظته على المتهم من " إدلائه باعترافه طائعاً مختاراً غير مكره ، وهو في كامل قواه العقلية غير نادم على ما فعل " ونفيه إصابته بأي مرض نفسي أو عقلي ، فإن ذلك يكون كافياً للتدليل على اطمئنان المحكمة لسلامة المتهم من الناحيتين العقلية والنفسية ومسئوليته عن أفعاله ، وللرد على هذا الوجه من أوجه الدفاع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر شرعاً أنه ليس للبواعث التي دفعت الجاني لارتكاب جريمة أثر ما على مسئوليته ولا عقوبته في الشريعة فإذا ارتكب الفعل بقصد الإضرار بالمجني عليه أو لباعث غير شريف ، فإن ذلك لا يزيد من مسئوليته أو عقوبته شيئاً ، كما أن ارتكاب الفعل لباعث شريف لا يخفف مسئولية الجاني أو عقوبته شيئاً ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني ـــ ص 83 ) ، كما أنه لا تأثير للبواعث على ثبوت جريمة القتل أو نسبتها لفاعلها أو مسئوليته الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الجاني قد أقر بقتله المجني عليه أمام النيابة العامة وأمام محكمتي أول درجة والاستئناف إقراراً مبيناً مفصلاً قاطعاً في ارتكابه الجناية المسندة إليه ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني القسم الخاص ـــ عبد القادر عودة ـــ ص 303 ـــ 304 ) مبيناً ظروف القتل وسببه وباعثه عليه ، والأداة التي استخدمها فيها ، ووقائع ظفره بالمجني عليهما وتعمده قتلهما ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي قد اطمأن إلى أن ذلك الإقرار قد صدر عن الجاني طواعية واختياراً بغير إكراه ، فإن تعويله عليه كحجة في حق المقر وكدليل في إثبات الجريمة قبله ـــ بالإضافة إلى شهادة الشهود والتقارير الفنية ـــ يكون سديداً موافقاً لأحكام الشريعة الغراء . لما كان ذلك ، وكان المحامي الذي نُدب للدفاع عن المتهم قد شهد إجراءات المحاكمة ، وقدم دفاعه شفاهة وفي مذكرات مكتوبة حسبما أوحى به ضميره واجتهاده ووفقاً لتقاليد مهنته ، فإن هذا إنما يتحقق به ما نصت عليه المادة 28 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة والمادة 4/1 من القانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية والمادة 38 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 التي توجب أن يكون لكل متهم في جناية معاقب عليها بالإعدام للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة ليحظى المتهم بدفاع جدي . وكان الحكم قد صدر من محكمة أول درجة وتأيد استئنافياً بإجماع آراء أعضاء المحكمتين ـــ وفق الثابت بمنطوق الحكمين ـــ فإن ذلك يكون محققاً لحكم المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية التي توجب أن تصدر أحكام الإعدام بإجماع الآراء . لما كان كل ذلك ، فإن الحكم المعروض والصادر بالقتل قصاصاً ، وقد وافق أحكام الشريعة الغراء ، والقانون وجاء خلواً من مخالفتهما أو الخطأ في تطبيق أحكامهما ، أو تأويلها ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، وبإجراءات محاكمة صحيحة لا يعتورها بطلان ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة 13 من قانون العقوبات الاتحادي ، كما صمم أولياء الدم على القصاص ، وأصر المحكوم عليه على إقراره بالجريمة أمام هذه المحكمة فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بالقتل قصاصاً قِبل المحكوم عليه عبد الله حسن سعيد حسن الدحي . لما كان كل ذلك ، وكانت المادة 56 من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية قد نصت على أنه " تنفذ عقوبات الإعدام وباقي عقوبات القصاص والحدود طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية " كما نصت المادة 106 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون على أنه " يتم تنفيذ حكم الإعدام حسبما يجيء بمنطوق الحكم الصادر بالإعدام " وكان قانون العقوبات قد خلا من تحديد لوسيلة تنفيذ الحكم بالقتل قصاصاً ، وكان مرمى الشريعة الإسلامية أن تنفذ العقوبة بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب وبأي وسيلة أسرع من السيف وأقل إيلاماً لقول رسول صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة " فإنه يتعين تصحيح الحكم المعروض والقضاء بتنفيذ القصاص رمياً بالرصاص عملاً بالمادتين 33 البند ثانياً ، و 38/2 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 . ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن المصادرة التي تقضي بها المحكمة وفقاً للفقرة الأولى من المادة 82 من قانون العقوبات الاتحادي تستلزم أن تكون الأشياء المضبوطة متحصلة من الجريمة أو استعملت فيها أو كان من شأنها أن تُستعمل فيها ، كما أن المصادرة وجوباً تستلزم أن تكون تلك الأشياء من التي يُعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته ، وكانت السيارة المضبوطة في الدعوى الماثلة ـــ وإن كان المحكوم عليه قد استقلها إلى مكان الجريمة ـــ إلا أنه لا يمكن عدها من الأدوات المستخدمة فيها أو التي كان من شأنها أن تُستعمل فيها ، كما أنها ليست متحصلة منها ، أضف أن السيارة ليست من الأشياء التي يُعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته ، فإن الحكم المعروض يكون فيما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يؤذن لهذه المحكمة بنقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في هذا الشأن عملاً بحقها المقرر وفقاً للمادتين 33 البند ثانياً ، و 38/2 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة بإقرار الحكم الصادر بقتل . قصاصاً وبمصادرة السلاح المضبوط ، وبنقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتنفيذ القصاص رمياً بالرصاص وبإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة .
اتهمت النيابة العامة ....... ،
أنه في 15 / 6 / 2007 م ، بدائرة إمارة رأس الخيمة
1ـــ قتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد المجني عليهما / ....... و ....... ، وذلك بأن بيت نية القتل وأعد لذلك مسدساً وملأ مخزنه بالذخيرة وسحب أقسامه وتربص بالمجني عليه الأول في مسرح الجريمة حتى وصوله ونزوله من السيارة فأقبل عليه وصوب سلاحه وأفرغ ذخيرته في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً قتله ، ثم توجه إلى منزل المجني عليه الثاني فلما لم يجد سيارته انصرف وتوجه إلى منزل والده فلما وجد سيارة المجني عليه قام بنزع مخزن سلاحه وحشاه بذخيرة أخرى وطرق باب المنزل وطلب خروج المجني عليه حتى إذا أقبل عليه أفرغ ذخيرة السلاح في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً قتله ، وتصول بفعله إلى تحقيق قصده بقتلهما ... على النحو المبين بتقرير الصفة التشريحية .
2ـــ حاز وحمل سلاحاً نارياً " مسدس " بدون ترخيص .
3ـــ اقتنى ذخائر بدون ترخيص .
ـــ وطلبت معاقبته بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والمواد 1 ، 331 ، 332 ، 333 من قانون العقوبات الصادر بالقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 والمعدل بالقانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005 ، والمواد 1 بند ( ج ) ، 2 ، 19 ، 36 ، 39 من القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1976 في شأن الأسلحة النارية والذخائر والمتفجرات .
ـــ وبجلسة 30 من يوليو سنة 2007 م قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم / .......، بالقتل قصاصاً جزاء ما أُسند إليه من قتل المجني عليهما / ....... و....... ، وذلك بالوسيلة المتاحة في الدولة وأمرت بمصادرة السلاح والسيارة المضبوطين .
ـــ عرضت الدعوى على محكمة استئناف جنايات رأس الخيمة فقضت حضورياً بجلسة 4 من ديسمبر سنة 2007 م بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف .
ـــ فعُرض الحكم الصادر بالقتل قصاصاً على محكمة التمييز وفقاً لأحكام المادة 38 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006
من حيث إن أي من النيابة العامة أو المحكوم عليه ....... لم يقرر بالطعن بالنقض .
ومن حيث إنه من المقرر وفق نص المادة 38/1 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام ـــ ومن ذلك القضاء بالقتل في جرائم الحدود والقصاص ـــ يعتبر مطعوناً فيه أمام محكمة التمييز وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن ـــ مهما كان سببه والقانون الذي صدر في ظله ـــ وذلك بقوة القانون لتبسط محكمة التمييز رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية فتقضي من تلقاء نفسها بتصحيح ما اعتراه من خطأ في تطبيق القانون ، أو تفسيره ، أو تأويله أو ما شابه من قصور أو فساد في الاستدلال أو إخلال بحق الدفاع ـــ ولو لم يكن مطعوناً فيه من المحكوم عليه أو من النيابة العامة ـــ غير مقيدة في ذلك بأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه ، أو بما تضمنته مذكرة النيابة العامة من رأي .
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من قتل المحكوم عليه قصاصاً ، ونقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة .
ومن حيث إن القتل يُعرف في الشريعة بأنه فعل من العباد تزول به الحياة أي أنه إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر وأركانه ثلاثة : أولها : أن يكون المجني عليه آدمياً حياً . ثانيها : أن يكون القتل نتيجة لفعل الجاني . ثالثها : أن يقصد الجاني إحداث الوفاة ، فللقتل العمد العدوان الموجب للقصاص شروط وجوب : أولها : جان وشرطه : أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا قصاص لعدم التكليف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ " . ثانيها : مجني عليه : وشرطه : أن يكون معصوم الدم فإن كان زانياً محصناً ، أو مرتداً فلا قصاص إذ هؤلاء دمهم هدر لجريمتهم . وثالثها : أن يكافئ المقتول القاتل . ورابعها : ألا يكون القاتل والداً للمقتول : أباً أو أماً أو جداً لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقتل والد بولده " وللقتل تقسيمات عدة أولها : ما حسن الدحي لم يقرر بالطعن بالنقض .
ومن حيث إنه من المقرر وفق نص المادة 38/1 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 أن الحكم الصادر بعقوبة الإعدام ـــ ومن ذلك القضاء بالقتل في جرائم الحدود والقصاص ـــ يعتبر مطعوناً فيه أمام محكمة التمييز وموقوفاً تنفيذه لحين الفصل في الطعن ـــ مهما كان سببه والقانون الذي صدر في ظله ـــ وذلك بقوة القانون لتبسط محكمة التمييز رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية فتقضي من تلقاء نفسها بتصحيح ما اعتراه من خطأ في تطبيق القانون ، أو تفسيره ، أو تأويله أو ما شابه من قصور أو فساد في الاستدلال أو إخلال بحق الدفاع ـــ ولو لم يكن مطعوناً فيه من المحكوم عليه أو من النيابة العامة ـــ غير مقيدة في ذلك بأوجه الطعن المقدمة من المحكوم عليه ، أو بما تضمنته مذكرة النيابة العامة من رأي .
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة بالرأي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من قتل المحكوم عليه قصاصاً ، ونقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة .
ومن حيث إن القتل يُعرف في الشريعة بأنه فعل من العباد تزول به الحياة أي أنه إزهاق روح آدمي بفعل آدمي آخر وأركانه ثلاثة : أولها : أن يكون المجني عليه آدمياً حياً . ثانيها : أن يكون القتل نتيجة لفعل الجاني . ثالثها : أن يقصد الجاني إحداث الوفاة ، فللقتل العمد العدوان الموجب للقصاص شروط وجوب : أولها : جان وشرطه : أن يكون مكلفاً أي بالغاً عاقلاً فإن كان صبياً أو مجنوناً فلا قصاص لعدم التكليف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ " . ثانيها : مجني عليه : وشرطه : أن يكون معصوم الدم فإن كان زانياً محصناً ، أو مرتداً فلا قصاص إذ هؤلاء دمهم هدر لجريمتهم . وثالثها : أن يكافئ المقتول القاتل . ورابعها : ألا يكون القاتل والداً للمقتول : أباً أو أماً أو جداً لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقتل والد بولده " وللقتل تقسيمات عدة أولها : ما بوضوح أن الجاني قصد القتل ، والمتحصل من أقوال فقهاء المذاهب ، أن المعتدي بالإيذاء المؤدي إلى الموت ، يعتبر قاتلاً عامداً ، إذا اجتمع لديه أمران : قصد الإتيان بالفعل المؤذي الضار ، مع قصد الوصول إلى إزهاق الروح ويستدل على ذلك بالآلة التي استعملت في الإيذاء ، والكيفية التي تم بها ، فإذا صدر فعل الإيذاء بآلة من شأنها إزهاق الروح ، وبكيفية تؤدي إلى ذلك اعتبر الفاعل قاتلاً عمداً ، باتفاق جميع المذاهب الفقهية ، وإذا لم يتعمد الفاعل نتيجة الفعل المؤذي من الأساس ، ومات المعتدى عليه بذلك الفعل ، اعتبر القتل خطأ باتفاق المذاهب أيضاً ، أما إذا تعمد الفاعل الإيذاء به ، ونتج عنها الموت ، وكانت الكيفية التي استعملت لا تؤدي إلى الوفاة عادة ، فهذه الصورة وحدها هي محل اختلاف الفقهاء ، فالجمهور ما عدا المالكية يصفون القتل في هذه الحالة بالقتل شبه العمد ، والمالكية يدخلونه في القتل العمد ، لأنهم يرون أنه ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسماً ثالثاً زاد على النص ، ذلك أن القرآن نص على القتل العمد والقتل الخطأ فقط فقال تعالى " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها " النساء ـــ الآية 93 ، وقال تعالى " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ " النساء ـــ الآية 92 ، وعلى هذا الأساس يعرف مالك العمد في القتل : بأنه إتيان الفعل بقصد العدوان ، وهو لا يشترط أن يقصد الجاني نتيجة فعله ، أما الشافعية والحنابلة والحنفية فيؤول رأيهم إلى الاتفاق على أن شبه العمد في القتل معناه : إتيان الفعل القاتل بقصد العدوان ، دون أن تتجه نية الجاني إلى إحداث القتل ويستدلون لذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إلا أن في قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل " ويتفرع على هذا الخلاف أن عقوبة العمد الأساسية القتل قصاصاً ، إلا أن يعفو ولي الدم ، وعقوبة شبه العمد الدية والتعزير حسبما يراه ولي الأمر ، وتحفل كتب الفقهاء بما يقرر تلك القاعدة : فكتب المالكية تقرر " أن قصد الضرب بآلة ، كيفما كانت ، أحدثت الوفاة توجب القصاص وقال الزرقاني شارح خليل ( وإن قصد أي تعمد القاتل ضرباً بقضيب أو نحوه مما لا يقتل غالباً ، وفعل ذلك لغضب أو لعداوة يُقتص منه ) وأوضح الشيخ البناني في حاشيته : ( عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان ، فنبه المصنف إلى العمد بقوله ( إن قصد وأما العدوان فالظاهر أنه أشار إليه بقوله : أو عداوة ) الجزء 8 ـــ ص 7 . وأما الشافعية والحنابلة والأحناف يشترطون لكون القتل موجباً للقصاص أن يكون بكيفية يقع معها القتل غالباً ( المغني الجزء 7 ـــ ص 640 ـــ التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الأول ـــ ص 405 : 407 ) . لما كان ذلك ، وكان للقصاص في الشريعة الإسلامية شروط هي أن يكون صاحب الحق مكلفاً ، وأن يتفق أولياء الدم على القصاص فإن عفا بعضهم فلا قصاص ، ومن لم يعف فله قسطه من الدية ، وأن يُؤمن في حال الاستيفاء التعدي بألا يتعدى الجرح مثله وألا يُقتل غير القاتل وألا تُقتل امرأة في بطنها جنين حتى تضع وتفطم ولدها وذلك في حضور سلطان أو نائبه وأن يكون بآلة حادة كالسيف أو بأداة أسرع من السيف كالمقصلة والكرسي الكهربائي وغيرهما مما يفضي إلى الموت بسرعة ولا يترتب عليه تمثيل بالقاتل ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني ـــ ص 154 ) . لما كان ذلك وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي قد أقام قضاءه على ما أورده بأسبابه من أن المحكوم عليه وقد نشأ مع المجني عليهما ....... و ..... ، ما فتئ يتذكر ما أشاعه عنه أولهما من أنه خنيث وأنه باشر لواطه في صغرهما ، وما لحقه من أذى نفسي وأدبي من جراء ذيوع ما أشاعه حتى تداوله زملاء عمله بالقوات المسلحة ، كما بقي في سريرة نفسه ما وقع بينه وبين المجني عليه الثاني عندما دعاه لمجالسته وندمائه في مجلس خمر ، ولما اعتذر منه لحمله مصحفاً بجيبه ، استهزأ به وطلب منه إلقاء القرآن الذي يحمله بحظيرة الأغنام ، وقد ألحت عليه تلك الوقائع وصاحبته في صحوه ونومه ، فعقد العزم المصمم على قتلهما وأعد لذلك سلاحاً نارياً " مسدس " وزوده بخزنتي ذخيرة ، بيد أنه لم يُنفذ ما عزم عليه لفترة طويلة لتعذر جمعه بين المجني عليهما في مكان واحد ليقضي عليهما معاً ، وأنه في صباح يوم الحادث 15 / 6 / 2007 م حزم أمره على قتلهما فتسلل خلسة إلى منزل الأول حيث فوجئ به .... ( شقيق المجني عليه الأول ) ولما أبدى له غضبه من اقتحامه للمنزل ، أخبره أنه يبحث عن شقيقه لضرورة عاجلة فأخبره بسؤال . ( شقيق المحكوم عليه ) عنه لكونهما يرتبطان بصداقة متينة ، فهاتف المحكوم عليه شقيقه وطلب منه أن يلتقي بالمجني عليه لضرورة لا تحتمل التأخير ، ومن ثم تواعدوا على اللقاء أمام أسواق الخليج بناحية الرمس بعد صلاة ظهر يوم الجمعة ، وفور وصول المجني عليه ..... بصحبة شقيق المحكوم عليه وما أن هم بالترجل من السيارة حتى عاجله المحكوم عليه بوابل من الطلقات فسقط مضرجاً في دمائه ، حيث وافته المنية أثناء محاولة شقيق المحكوم عليه نقله إلى المستشفى لإسعافه ، وأنه فور ارتكابه لجريمته ، سارع إلى منزل ....... حاملاً ذات السلاح الناري بعد أن زوده بخزينة الطلقات الأخرى ولما لم يجد سيارته أمامه توجه إلى منزل والد المجني عليه الثاني وما إن شاهد سيارة الأخير أمام المنزل حتى تيقن بوجوده داخله ، فبادر بطرق باب المنزل وطلب من الخادمة استدعاءه ، ولما خرج إليه أمطره بالطلقات مما أفضى إلى وفاته ـــ ثم سارع إلى تقديم نفسه والسلاح المستعمل في الحادث للشرطة مقراً بما ارتكبه من جرم وقد أقام الحكم الدليل الشرعي على صحة الواقعة بالتصوير المتقدم وإسنادها إلى المحكوم عليه من إقراره أمام النيابة العامة ومحكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف وأقوال شاهدي الواقعة . ، و ........ ، والشاهد ....... ومن تقارير الصفة التشريحية للمجني عليهما ، وتقرير فحص السلاح المستخدم في الحادث ، وهي أدلة سائغة وكافية للتدليل على توافر جريمة القتل العدوان الموجب للقصاص وفق رأي جميع المذاهب الفقهية وسلامة إسنادها للجاني ، كما دلل على توافر شروط استيفاء القصاص بما أورده من طلب أولياء الدم البالغين الذكور من ورثة المجني عليهما تطبيق عقوبة القصاص أمام محكمتي أول درجة والاستئناف . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الاستئناف قد أجابت المدافع عن الطاعن إلى طلبه إحالة المتهم إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية لبيان مدى مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه ، فانتهى تقرير اللجنة المشكلة لفحص حالة المتهم العقلية إلى " أنه مدرك لفعلته مقدراً لعواقبها ، قادراً على الدفاع عن نفسه وتفنيد الأعذار ، وأن لديه بعض الشكوك التي ربما ترقى إلى ضلالات فكرية ، إلا أنها لا ترقى إلى الحد الذي يؤثر في إرادته وفي التمييز بين الخير والشر والخطأ والصواب " ، وكانت محكمة الاستئناف قد أوردت مضمون هذا التقرير للتدليل على مسئولية المتهم عن أفعاله ، وكانت محكمة أول درجة قد أوردت ما لاحظته على المتهم من " إدلائه باعترافه طائعاً مختاراً غير مكره ، وهو في كامل قواه العقلية غير نادم على ما فعل " ونفيه إصابته بأي مرض نفسي أو عقلي ، فإن ذلك يكون كافياً للتدليل على اطمئنان المحكمة لسلامة المتهم من الناحيتين العقلية والنفسية ومسئوليته عن أفعاله ، وللرد على هذا الوجه من أوجه الدفاع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر شرعاً أنه ليس للبواعث التي دفعت الجاني لارتكاب جريمة أثر ما على مسئوليته ولا عقوبته في الشريعة فإذا ارتكب الفعل بقصد الإضرار بالمجني عليه أو لباعث غير شريف ، فإن ذلك لا يزيد من مسئوليته أو عقوبته شيئاً ، كما أن ارتكاب الفعل لباعث شريف لا يخفف مسئولية الجاني أو عقوبته شيئاً ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني ـــ ص 83 ) ، كما أنه لا تأثير للبواعث على ثبوت جريمة القتل أو نسبتها لفاعلها أو مسئوليته الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الجاني قد أقر بقتله المجني عليه أمام النيابة العامة وأمام محكمتي أول درجة والاستئناف إقراراً مبيناً مفصلاً قاطعاً في ارتكابه الجناية المسندة إليه ( التشريع الجنائي الإسلامي ـــ الجزء الثاني القسم الخاص ـــ عبد القادر عودة ـــ ص 303 ـــ 304 ) مبيناً ظروف القتل وسببه وباعثه عليه ، والأداة التي استخدمها فيها ، ووقائع ظفره بالمجني عليهما وتعمده قتلهما ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي قد اطمأن إلى أن ذلك الإقرار قد صدر عن الجاني طواعية واختياراً بغير إكراه ، فإن تعويله عليه كحجة في حق المقر وكدليل في إثبات الجريمة قبله ـــ بالإضافة إلى شهادة الشهود والتقارير الفنية ـــ يكون سديداً موافقاً لأحكام الشريعة الغراء . لما كان ذلك ، وكان المحامي الذي نُدب للدفاع عن المتهم قد شهد إجراءات المحاكمة ، وقدم دفاعه شفاهة وفي مذكرات مكتوبة حسبما أوحى به ضميره واجتهاده ووفقاً لتقاليد مهنته ، فإن هذا إنما يتحقق به ما نصت عليه المادة 28 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة والمادة 4/1 من القانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية والمادة 38 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 التي توجب أن يكون لكل متهم في جناية معاقب عليها بالإعدام للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة ليحظى المتهم بدفاع جدي . وكان الحكم قد صدر من محكمة أول درجة وتأيد استئنافياً بإجماع آراء أعضاء المحكمتين ـــ وفق الثابت بمنطوق الحكمين ـــ فإن ذلك يكون محققاً لحكم المادة 218 من قانون الإجراءات الجزائية التي توجب أن تصدر أحكام الإعدام بإجماع الآراء . لما كان كل ذلك ، فإن الحكم المعروض والصادر بالقتل قصاصاً ، وقد وافق أحكام الشريعة الغراء ، والقانون وجاء خلواً من مخالفتهما أو الخطأ في تطبيق أحكامهما ، أو تأويلها ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، وبإجراءات محاكمة صحيحة لا يعتورها بطلان ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة 13 من قانون العقوبات الاتحادي ، كما صمم أولياء الدم على القصاص ، وأصر المحكوم عليه على إقراره بالجريمة أمام هذه المحكمة فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بالقتل قصاصاً قِبل المحكوم عليه عبد الله حسن سعيد حسن الدحي . لما كان كل ذلك ، وكانت المادة 56 من القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية قد نصت على أنه " تنفذ عقوبات الإعدام وباقي عقوبات القصاص والحدود طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية " كما نصت المادة 106 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون على أنه " يتم تنفيذ حكم الإعدام حسبما يجيء بمنطوق الحكم الصادر بالإعدام " وكان قانون العقوبات قد خلا من تحديد لوسيلة تنفيذ الحكم بالقتل قصاصاً ، وكان مرمى الشريعة الإسلامية أن تنفذ العقوبة بأيسر ما يمكن من الألم والعذاب وبأي وسيلة أسرع من السيف وأقل إيلاماً لقول رسول صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة " فإنه يتعين تصحيح الحكم المعروض والقضاء بتنفيذ القصاص رمياً بالرصاص عملاً بالمادتين 33 البند ثانياً ، و 38/2 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 . ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن المصادرة التي تقضي بها المحكمة وفقاً للفقرة الأولى من المادة 82 من قانون العقوبات الاتحادي تستلزم أن تكون الأشياء المضبوطة متحصلة من الجريمة أو استعملت فيها أو كان من شأنها أن تُستعمل فيها ، كما أن المصادرة وجوباً تستلزم أن تكون تلك الأشياء من التي يُعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته ، وكانت السيارة المضبوطة في الدعوى الماثلة ـــ وإن كان المحكوم عليه قد استقلها إلى مكان الجريمة ـــ إلا أنه لا يمكن عدها من الأدوات المستخدمة فيها أو التي كان من شأنها أن تُستعمل فيها ، كما أنها ليست متحصلة منها ، أضف أن السيارة ليست من الأشياء التي يُعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته ، فإن الحكم المعروض يكون فيما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يؤذن لهذه المحكمة بنقضه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به في هذا الشأن عملاً بحقها المقرر وفقاً للمادتين 33 البند ثانياً ، و 38/2 من قانون محكمة تمييز رأس الخيمة لسنة 2006 .
فلهــــذه الأسبـــــاب
حكمت المحكمة بإقرار الحكم الصادر بقتل . قصاصاً وبمصادرة السلاح المضبوط ، وبنقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتنفيذ القصاص رمياً بالرصاص وبإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة .