يارا
12-27-2011, 10:53 AM
تعدد العقوبات
مجال تعدد العقوبات : تتعدد العقوبات إذا تعددت الجرائم :
فالقانون يقرر لكل جريمة عقوبة , فإذا كانت الجريمة المرتكبة واحدة فلا محل لتعدد العقوبات , أما إذا ارتكب المتهم عددا من الجرائم , فالأصل أن يوقع عليه عدد من العقوبات بقدر عدد جرائمه , ويؤيد ذلك أنه إذا ارتكبت جريمة ثم ارتكبت أخري فلا يجوز أن تكون إحداهما سببا للإعفاء من العقوبة المقررة للأخرى . ويعني ذلك أن ضابط تعدد العقوبات هو تعدد الجرائم . ويقتضي تفصيل هذا الضابط تحديد دلالة " تعدد الجرائم " .
الدلالة القانونية لتعدد الجرائم : تعدد الجرائم هو ارتكاب شخص عددا من الجرائم دون أن يفصل بينها حكم بات . ويعني ذلك أن تعدد الجرائم يقوم علي عناصر ثلاثة : وحدة المجرم , وارتكابه عددا من الجرائم , وعدم صدور حكم بات من أجل إحداها قبل أن يقدم علي جريمته التالية .
المشكلة القانونية التي يثيرها تعدد الجرائم :المشكلة التي يثرها تعدد الجرائم تدور حول العقوبة التي توقع علي مرتكب الجرائم المتعددة : أهي عقوبة واحدة من أجل إحداها أم عقوبات متعددة بقدر عددها ؟ يرجح المنطق القانوني الحل الثاني : ذلك أن لكل جريمة عقوبتها , فإذا كانت الجريمة واحدة فلا توقع سوي عقوبتها , أما إذا تعددت الجرائم فإن عقوبتها تتعدد تبعا لذلك . ولكن هذا الحل يعيبه أن تعدد العقوبات قد يستحيل في العمل لأسباب عديده لا داعي لذكرها الآن .
أما الحل الذي يذهب إلي توقيع عقوبة واحدة فإن تطبيقه يقتضي التساؤل عن العقوبة التي يتعين اختيارها من بين العقوبات المتعددة والاكتفاء بها : لا شك في أن هذه العقوبة ينبغي أن تكون المقررة لأشد الجرائم التي ارتكبها المتهم, ذلك أن الاقتصار علي عقوبة واحدة علي الرغم من تعدد جرائمه هو تخفيف عنه , ويجب أن يقف التخفيف عند حدود معقولة , ومن ثم لا يجوز التفكير في توقيع عقوبة أخف من هذه العقوبة الأشد . ويحتج أنصار هذا الرأي في تأييده بأن ارتكاب جرائم متعاقبة دون أن يصدر حكم بات من أجل إحداها يعني تقصير السلطات العامة في ملاحقة المجرم , إذ كان الأصل أن يلاحق فور جريمته الأولي فلا يتاح له عندئذ الإقدام علي جريمة تالية . ولكن لهذا الحل عيوبه : فالاقتصار علي عقوبة الجريمة الأشد يوحي بأنه لم يوقع عقاب من أجل الجرائم الأخرى , وهذا المعني يناقض العدالة ويخل بمقتضيات الردع , ثم انه يخول ترخيصا لمرتكب جريمة جسيمة في أن يرتكب جرائم أخف مطمئنا إلي أنه لن يوقع عليه من أجلها عقاب , وليس صحيحا الاحتجاج بتقصير السلطات العامة , فقد ترتكب الجرائم المتعددة خلال فترة من الزمن قصيرة لا تسمح باتخاذ إجراءات الملاحقة من أجل إحداها .
وتفاديا لمآخذ التطرف تذهب غالبية التشريعات إلي حلول وسيطة : فمنها ما يأخذ بقاعدة توقيع الجريمة الأشد ثم يقرر تغليظها كي تكون جزاء كافيا للمسئولية عن جرائم متعددة , ومنها ما يأخذ بمذهب تعدد العقوبات , ولكنه يضع لها حدا أقصي أو يقرر جب البعض أو يري في حالات استثنائية الاكتفاء بعقوبة واحدة . وقد تبني الشارع المصري المذهب الأخير : فالأصل تعدد العقوبات إذا تعددت الجرائم ( المواد 33 , 37 , 38 من قانون العقوبات ) ولكن ثمة حدا أقصي للعقوبات الماسة بالحرية لا يجوز أن تتعداه ( المادتان 36 , 38 من قانون العقوبات ) , وتجب عقوبة الأشغال الشاقة بمقدار مدتها – إذا توافر شرط معين – العقوبات الأخرى السالبة للحرية (المادة 35 ) , ويكتفي الشارع بالعقوبة الأشد " إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة " ( المادة 32/2) .
أنواع تعدد الجرائم :إذا فهم لفظ الجريمة في معني "التكييف الإجرامي" فإن تعدد الجرائم متصور بالنسبة لفعل واحد تتعدد أوصافه الإجرامية , وهو متصور كذلك إزاء أفعال متعددة لكل منها علي حده تكييفه الإجرامي . ويطلق علي النوع الأول تعبير " التعدد المعنوي للجرائم " , ويطلق عليه كذلك تعبيرا " التعدد الحكمي والتعدد الصوري للجرائم " , أما النوع الثاني فيطلق عليه تعبير " التعدد المادي للجرائم " , ويطلق عليه كذلك تعبير " التعدد الحقيقي للجرائم " . وقد نص الشارع علي التعدد المعنوي للجرائم وبين حكمه في الفقرة الأولي من المادة 32 من قانون العقوبات , في حين حددت سائر نصوص تعدد العقوبات أحكام التعدد الحقيقي للجرائم . وثمة وضع قانوني يشتبه في الظاهر بالتعدد المعنوي , ولكنه يختلف عنه في الماهية اختلافا كبيرا , هو " تنازع النصوص الجنائية " .
المرجع - شرح قانون العقوبات - القسم العام . أ.د محمود نجيب حسني
التعدد المعنوي للجرائم
ماهية التعدد المعنوي للجرائم :يعني التعدد المعنوي للجرائم تعدد الأوصاف الإجرامية للفعل الواحد بحيث يسوغ القول بأن هذا الفعل تقوم به عدة جرائم باعتبار أن كل وصف تقوم به جريمة علي حدة , وقد حدد الشارع مجال التعدد المعنوي بأنه حالة ما " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة " (المادة 32 من قانون العقوبات , الفقرة الأولي ) . ولما كان كل وصف يتضمنه نص تجريم , فإن من السائغ وصف التعدد المعنوي بأنه " اجتماع نصوص تجريم إزاء فعل واحد أو انطباق نصوص متعددة علي هذا الفعل " . ويتضح بذلك أن التعدد المعنوي يقوم علي عنصرين : وحدة الفعل وتعدد الأوصاف. ويكفل العنصر الأول التمييز بينه وبين التعدد المادي للجرائم , ذلك أنه إذا تعددت الأفعال تعددت تبعا لذلك الجرائم الناشئة عن كل منها , فذلك تعدد مادي للجرائم . ويمثل العنصر الثاني جوهر التعدد المعنوي , ذلك أنه إذا انتفي التعدد في الأوصاف , أي كان للفعل وصف واحد فمعني ذلك أنه تقوم به جريمة واحدة , ومن ثم لا يكون محل تعدد الجرائم . ويفترض هذا العنصر أن الأوصاف المتعددة جميعا تصدق علي الفعل , أما إذا كان أحدها يستبعد سائرها بحيث لا يخضع الفعل في النهاية إلا لنص واحد , فليس ثمة تعدد في الجرائم , وإنما تعد حالة " تنازع نصوص" يتغلب أحدها في النهاية , فلا تقوم بالفعل غير جريمة واحدة . وأمثلة التعدد المعنوي أن يهتك المتهم عرضا في مكان عام , فتقوم بهذا الفعل جريمتا هتك العرض والفعل الفاضح العلني , أو أن يستعمل شخص محررا مزورا مع علمه بذلك للاحتيال علي غيره , فتقوم بفعله جريمتا استعمال المحررات المزورة والنصب أو الشروع فيه .
حالات التعدد المعنوي للجرائم :
الحالات الأصلية للتعدد المعنوي للجرائم هي حالة ارتكاب فعل واحد ترتبت عليه نتيجة إجرامية واحدة يصدق عليهما وصفان إجراميان أو أكثر , وقد تقدم ذكر مثالين لها . ولكن التعدد المعنوي يتضمن حالتين أخريين : فيتضمن كذلك حالة ارتكاب فعل واحد أفضي إلي نتائج عديدة متنوعة , كل منها تقوم به جريمة علي حدة , ويضم التعدد المعنوي في النهاية حالة ارتكاب فعل واحد أفضي إلي نتائج عديدة متماثلة, كما لو أطلق شخص رصاصة واحدة أصابت شخصا فقتلته ثم نفذت منه فأصابت شخصا ثانيا فقتلته كذلك , فهذا الفعل الواحد تتعدد به جريمتا قتل تعددا معنويا .
تكييف التعدد المعنوي للجرائم :
يثور الجدل في الفقه حول ما إذا كان التكييف الصحيح للتعدد المعنوي أن تقوم به جريمة واحدة أم جرائم متعددة , والسبب في ذلك اختلاف النظرة من حيث الوصف الإجرامي ومن ناحية أخري الجريمة بأركانها المتعددة مجتمعة , وقد تبني المشرع الرأي القائل بتعدد الجرائم في حالات التعدد المعنوي حتي ولو كان الفعل واحدا , فقد وصف التعدد المعنوي بأنه تكوين الفعل الواحد " جرائم متعددة " .
حكم التعدد المعنوي :
حدد الشارع حكم التعدد المعنوي للجرائم بقوله " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها " . ويعني ذلك التزام القاضي بأن يقتصر علي تطبيق النص الذي يقرر العقوبة الأشد وأن يغفل سائر النصوص التي تقرر العقوبات الأقل شدة , وفي عبارة أخري فإن عليه أن يقضي في الفعل علي أساس وصفه الأشد ويصرف النظر عن سائر أوصافه . ومؤدي ذلك أن قاعدة تعدد العقوبات لا تطبق في حالات التعدد المعنوي , وإنما يحكم القاضي بالعقوبة الأشد من بين العقوبات المتعددة التي تقررها للفعل أو أوصافه . وخطاب الشارع في شأن التعدد المعنوي متجه إلي القاضي لا إلي سلطة التنفيذ : فالقاضي عليه أن يفحص الأوصاف المختلفة للفعل , والحكم بالعقوبة التي حددها هذا النص , ومن ثم يعد القاضي مخطئا في تطبيق القانون إذا نطق بعقوبات متعددة من أجل الفعل (باعتبار عقوبة عن كل وصف ) وأمر سلطات التنفيذ بأن تقتصر علي توقيع العقوبة الأشد . وعلة الاقتصار علي العقوبة الأشد أن المتهم لم يصدر عنه غير فعل واحد , فهو لا يستحق عدالة إلا عقوبة واحدة . ويحدد القاضي النص الذي يقرر العقوبة الأشد علي أساس المقارنة بين العقوبات الأصلية التي تقررها النصوص المختلفة التي تحدد أوصاف الفعل وتعيين أشد هذه العقوبات , ويطبق القاضي في هذه المقارنة الضوابط الخاصة بشأن " تطبيق النصوص الأصلح للمتهم " , ويعني ذلك أن العقوبات التبعية أو التكميلية أو التدابير الاحترازية التي تقررها هذه النصوص لا يجوز أن تكون عناصر في هذه المقارنة .
وغني عن البيان أن القاضي لا يلتزم بالحكم بالحد الأقصى للعقوبة الأشد , فله أن يستعمل سلطته التقديرية وفقا للقواعد العامة , ومؤدي ذلك أن يكون له الحكم بالحد الأدنى لهذه العقوبة , وقد تكون العقوبة التي يقضي بها علي هذا النحو أقل من الحد الأقصى للعقوبة المقررة حسب الوصف الأخف للفعل .
وترتبط بهذه القاعدة النتائج التالية :يختص بالدعوي القضاء المنوط به النظر في أشد أوصاف الفعل لأنه يستطيع النطق بالعقوبة المقررة لهذا الوصف . وإذا صدر في شأن الفعل حكم بالبراءة أو الإدانة علي أساس أحد أوصافه كان حائلا دون تحريك الدعوي علي أساس وصف آخر ولو كان أشد , وذلك تطبيقا لمبدأ " عدم جواز المحاكمة مرتين من أجل فعل واحد " (المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية ) .
وتطبيق النص الذي يقرر الوصف والعقوبة الأشد ينطوي علي أمرين : الأول , أن هذا النص يجب أن يطبق بجميع أحكامه , فينطق القاضي بما يقرره من عقوبات أصلية وتكميلية وتدابير احترازية و والثاني أن النصوص التي تقرر العقوبات الأقل شدة يجب أن تستبعد , فكما لا يجوز للقاضي أن ينطق بما تقرره من عقوبات أصلية و لا يجوز له كذلك أن ينطق بما تقرره من عقوبات تكميلية أو تدابير احترازية .
أ.د محمود نجيب حسني - المرجع السابق
التعدد المادي للجرائم
الضابط في التعدد المادي للجرائم :مجال التعدد المادي للجرائم هو تعدد الأفعال الذي يرتبط به بالضرورة تعدد الأوصاف والجرائم , ومن ثم يكون الضابط في وحدة الفعل أو تعدده هو بعينه الضابط الذي يحدد مجال التعدد ويميز بينه وبين أوضاع مختلفة عنه .
الضابط في وحدة الفعل : يعد الفعل واحدا إذا لم تتعدد جميع عناصره , سواء لم يتعدد أي منها أو تعدد بعضها دون بعض . وللفعل عنصران : التصميم الإرادي الذي يمثل القوة المنشئة والموجهة لماديات الفعل , والحركة العضوية التي تمثل فيها هذه الماديات . فإن لم يكن غير تصميم إرادي واحد وحركة عضوية واحدة فهذه هي الصورة العادية للفعل الواحد . ولكن يعتبر الفعل واحدا كذلك إذا تعددت الحركات العضوية ولكنها صدرت جميعا عن تصميم إرادي واحد كما لو صمم شخص علي قتل آخر فضربه لإضعافه عن المقاومة أو قيده بالحبال لتعجيزه عنها ثم طعنه بالسكين , أو صمم شخص علي سرقة آخر فشغله بشىء كي ينصرف عن رعاية ماله فلما تحقق ذلك استولي عليه . ويعتبر الفعل واحدا إذا تعددت التصميمات الإرادية ولكن صدرت حركة عضوية واحدة تعبيرا عنها , كما لو صمم شخص علي إيذاء خصمه بدنيا وصمم كذلك علي السخرية منه وأهانته فصفعه أمام جمهور من الناس, ويظل الفعل واحدا ولو ترتب علي الحركة العضوية نتائج عدة كما لو أطلق شخص رصاصة واحدة قتلت شخصا ثم نفذت منه فأصابت آخر . ويعني ذلك أن الأفعال لا تتعدد إلا إذا تعددت التصميمات ثم عبرت عن كل تصميم حركة عضوية علي حدة , كشخص يطلق رصاصة علي أحد خصميه فيقتله ثم يطلق رصاصة ثانية علي خصم آخر فيصيبه بجراح . ولا يحول دون القول بتعدد الأفعال أن ترتكب في زمن واحد أو أزمنة متقاربة أو أن ترتكب في مكان واحد أو أمكنة متقاربة , بل انه لا يحول دوت تعدد الأفعال أن يكون الباعث إليها واحدا كما لو ضرب شخص آخر ثم أتلف ماله وصدر الفعلان عن باعث الانتقام منه , ويكشف عن هذا المثال كذلك عن أن وحدة المجني عليه ليست حائلة دون تعدد الأفعال . ويدعم هذا الضابط أنه طالما كان الفعل يستمد كيانه من عناصر معينة كل منها يساهم في بنيانه بحيث لا يقوم إلا باجتماعها , فإن المنطق يحتم القول بأنه لا محل لتعدد الأفعال إلا إذا تعددت هذه العناصر بقدر عدد الأفعال بحيث كان لكل منها علي حدة العناصر المتطلبة لتكوينه .
الوحدة القانونية للفعل : الضابط السابق يحدد " الوحدة الطبيعية أو المنطقية للفعل " , ولكن الشارع قد يري الخروج عليها فيجمع بين أفعال متعددة وفقا لهذا الضابط في " وحدة قانونية "بحيث لا يقوم بها إلا فعل أو سلوك واحد . ويقرر الشارع ذلك في ضوء اعتبارات مستمدة من سياسة التجريم , وحالات الوحدة القانونية لها طابع الاستثناء , باعتبار أن الأصل في وحدة الفعل أن تقوم بالوحدة الطبيعية . وتحديد حالات الوحدة القانونية يقتضي الرجوع إلي نصوص التشريع واستقراء نماذج التجريم التي يتطلب كل منها عددا من الأفعال . وأهم هذه الحالات الجرائم المركبة كالسرقة بالإكراه (المادة 341 من قانون العقوبات) والسرقة المقترنة بكسر من الخارج (المادة 371 ثانيا من قانون العقوبات) ومن هذه الحالات كذلك جرائم الاعتياد والجرائم المتتابعة الأفعال .
حكم التعدد المادي للجرائم :حكم التعدد المادي للجرائم هو تعدد العقوبات , ويتضح بذلك أن مجال قاعدة تعدد العقوبات هو التعدد المادي للجرائم . وقد صرح الشارع بهذه القاعدة : فالمادة 33 من قانون العقوبات تنص علي أن " تتعدد العقوبات المقيدة للحرية إلا ما استثني بنص المادتين 35 , 36 " , وتنص المادة 37 علي أن " تتعدد العقوبات بالغرامة دائما " , وتنص في النهاية المادة 38 علي أن " تتعدد عقوبات مراقبة البوليس ولكن لا يجوز أن تزيد مدتها علي خمس سنين ".
وليست قاعدة تعدد العقوبات مطلقة, فثمة قيود أوردها الشارع عليها نصت عليها المادتان 35 , 36 من قانون العقوبات , وثمة قيود تفرضها طبيعة الأشياء , فمن غير المتصور أن تتعدد عقوبات الإعدام , ومن غير المتصور كذلك أن تتعدد عقوبات مؤبدة من ذات النوع سواء أكانت سالبة للحرية أم سالبة للحقوق , ومن غير المتصور أن تجتمع عقوبة الإعدام وعقوبة سالبة للحرية , ومن غير المتصور أن تتعدد عقوبة مؤبدة وعقوبات مؤقتة من ذات نوعها . وبالإضافة إلي هذه القيود فإن القاعدة يرد عليها استثناء موضعه أن تقع الجرائم المتعددة لغرض واحد وترتبط بحيث لا تقبل التجزئة , إذ لا تتعدد في هذه الحالة العقوبات , إنما يقضي بالعقوبة الأشد فقط (المادة 32 من قانون العقوبات , الفقرة الثانية ) .
أ.د محمود نجيب حسني - المرجع السابق
لأمانة: منقول من قروب قانوني لمستشار أ.مروان الروقي
مجال تعدد العقوبات : تتعدد العقوبات إذا تعددت الجرائم :
فالقانون يقرر لكل جريمة عقوبة , فإذا كانت الجريمة المرتكبة واحدة فلا محل لتعدد العقوبات , أما إذا ارتكب المتهم عددا من الجرائم , فالأصل أن يوقع عليه عدد من العقوبات بقدر عدد جرائمه , ويؤيد ذلك أنه إذا ارتكبت جريمة ثم ارتكبت أخري فلا يجوز أن تكون إحداهما سببا للإعفاء من العقوبة المقررة للأخرى . ويعني ذلك أن ضابط تعدد العقوبات هو تعدد الجرائم . ويقتضي تفصيل هذا الضابط تحديد دلالة " تعدد الجرائم " .
الدلالة القانونية لتعدد الجرائم : تعدد الجرائم هو ارتكاب شخص عددا من الجرائم دون أن يفصل بينها حكم بات . ويعني ذلك أن تعدد الجرائم يقوم علي عناصر ثلاثة : وحدة المجرم , وارتكابه عددا من الجرائم , وعدم صدور حكم بات من أجل إحداها قبل أن يقدم علي جريمته التالية .
المشكلة القانونية التي يثيرها تعدد الجرائم :المشكلة التي يثرها تعدد الجرائم تدور حول العقوبة التي توقع علي مرتكب الجرائم المتعددة : أهي عقوبة واحدة من أجل إحداها أم عقوبات متعددة بقدر عددها ؟ يرجح المنطق القانوني الحل الثاني : ذلك أن لكل جريمة عقوبتها , فإذا كانت الجريمة واحدة فلا توقع سوي عقوبتها , أما إذا تعددت الجرائم فإن عقوبتها تتعدد تبعا لذلك . ولكن هذا الحل يعيبه أن تعدد العقوبات قد يستحيل في العمل لأسباب عديده لا داعي لذكرها الآن .
أما الحل الذي يذهب إلي توقيع عقوبة واحدة فإن تطبيقه يقتضي التساؤل عن العقوبة التي يتعين اختيارها من بين العقوبات المتعددة والاكتفاء بها : لا شك في أن هذه العقوبة ينبغي أن تكون المقررة لأشد الجرائم التي ارتكبها المتهم, ذلك أن الاقتصار علي عقوبة واحدة علي الرغم من تعدد جرائمه هو تخفيف عنه , ويجب أن يقف التخفيف عند حدود معقولة , ومن ثم لا يجوز التفكير في توقيع عقوبة أخف من هذه العقوبة الأشد . ويحتج أنصار هذا الرأي في تأييده بأن ارتكاب جرائم متعاقبة دون أن يصدر حكم بات من أجل إحداها يعني تقصير السلطات العامة في ملاحقة المجرم , إذ كان الأصل أن يلاحق فور جريمته الأولي فلا يتاح له عندئذ الإقدام علي جريمة تالية . ولكن لهذا الحل عيوبه : فالاقتصار علي عقوبة الجريمة الأشد يوحي بأنه لم يوقع عقاب من أجل الجرائم الأخرى , وهذا المعني يناقض العدالة ويخل بمقتضيات الردع , ثم انه يخول ترخيصا لمرتكب جريمة جسيمة في أن يرتكب جرائم أخف مطمئنا إلي أنه لن يوقع عليه من أجلها عقاب , وليس صحيحا الاحتجاج بتقصير السلطات العامة , فقد ترتكب الجرائم المتعددة خلال فترة من الزمن قصيرة لا تسمح باتخاذ إجراءات الملاحقة من أجل إحداها .
وتفاديا لمآخذ التطرف تذهب غالبية التشريعات إلي حلول وسيطة : فمنها ما يأخذ بقاعدة توقيع الجريمة الأشد ثم يقرر تغليظها كي تكون جزاء كافيا للمسئولية عن جرائم متعددة , ومنها ما يأخذ بمذهب تعدد العقوبات , ولكنه يضع لها حدا أقصي أو يقرر جب البعض أو يري في حالات استثنائية الاكتفاء بعقوبة واحدة . وقد تبني الشارع المصري المذهب الأخير : فالأصل تعدد العقوبات إذا تعددت الجرائم ( المواد 33 , 37 , 38 من قانون العقوبات ) ولكن ثمة حدا أقصي للعقوبات الماسة بالحرية لا يجوز أن تتعداه ( المادتان 36 , 38 من قانون العقوبات ) , وتجب عقوبة الأشغال الشاقة بمقدار مدتها – إذا توافر شرط معين – العقوبات الأخرى السالبة للحرية (المادة 35 ) , ويكتفي الشارع بالعقوبة الأشد " إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة " ( المادة 32/2) .
أنواع تعدد الجرائم :إذا فهم لفظ الجريمة في معني "التكييف الإجرامي" فإن تعدد الجرائم متصور بالنسبة لفعل واحد تتعدد أوصافه الإجرامية , وهو متصور كذلك إزاء أفعال متعددة لكل منها علي حده تكييفه الإجرامي . ويطلق علي النوع الأول تعبير " التعدد المعنوي للجرائم " , ويطلق عليه كذلك تعبيرا " التعدد الحكمي والتعدد الصوري للجرائم " , أما النوع الثاني فيطلق عليه تعبير " التعدد المادي للجرائم " , ويطلق عليه كذلك تعبير " التعدد الحقيقي للجرائم " . وقد نص الشارع علي التعدد المعنوي للجرائم وبين حكمه في الفقرة الأولي من المادة 32 من قانون العقوبات , في حين حددت سائر نصوص تعدد العقوبات أحكام التعدد الحقيقي للجرائم . وثمة وضع قانوني يشتبه في الظاهر بالتعدد المعنوي , ولكنه يختلف عنه في الماهية اختلافا كبيرا , هو " تنازع النصوص الجنائية " .
المرجع - شرح قانون العقوبات - القسم العام . أ.د محمود نجيب حسني
التعدد المعنوي للجرائم
ماهية التعدد المعنوي للجرائم :يعني التعدد المعنوي للجرائم تعدد الأوصاف الإجرامية للفعل الواحد بحيث يسوغ القول بأن هذا الفعل تقوم به عدة جرائم باعتبار أن كل وصف تقوم به جريمة علي حدة , وقد حدد الشارع مجال التعدد المعنوي بأنه حالة ما " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة " (المادة 32 من قانون العقوبات , الفقرة الأولي ) . ولما كان كل وصف يتضمنه نص تجريم , فإن من السائغ وصف التعدد المعنوي بأنه " اجتماع نصوص تجريم إزاء فعل واحد أو انطباق نصوص متعددة علي هذا الفعل " . ويتضح بذلك أن التعدد المعنوي يقوم علي عنصرين : وحدة الفعل وتعدد الأوصاف. ويكفل العنصر الأول التمييز بينه وبين التعدد المادي للجرائم , ذلك أنه إذا تعددت الأفعال تعددت تبعا لذلك الجرائم الناشئة عن كل منها , فذلك تعدد مادي للجرائم . ويمثل العنصر الثاني جوهر التعدد المعنوي , ذلك أنه إذا انتفي التعدد في الأوصاف , أي كان للفعل وصف واحد فمعني ذلك أنه تقوم به جريمة واحدة , ومن ثم لا يكون محل تعدد الجرائم . ويفترض هذا العنصر أن الأوصاف المتعددة جميعا تصدق علي الفعل , أما إذا كان أحدها يستبعد سائرها بحيث لا يخضع الفعل في النهاية إلا لنص واحد , فليس ثمة تعدد في الجرائم , وإنما تعد حالة " تنازع نصوص" يتغلب أحدها في النهاية , فلا تقوم بالفعل غير جريمة واحدة . وأمثلة التعدد المعنوي أن يهتك المتهم عرضا في مكان عام , فتقوم بهذا الفعل جريمتا هتك العرض والفعل الفاضح العلني , أو أن يستعمل شخص محررا مزورا مع علمه بذلك للاحتيال علي غيره , فتقوم بفعله جريمتا استعمال المحررات المزورة والنصب أو الشروع فيه .
حالات التعدد المعنوي للجرائم :
الحالات الأصلية للتعدد المعنوي للجرائم هي حالة ارتكاب فعل واحد ترتبت عليه نتيجة إجرامية واحدة يصدق عليهما وصفان إجراميان أو أكثر , وقد تقدم ذكر مثالين لها . ولكن التعدد المعنوي يتضمن حالتين أخريين : فيتضمن كذلك حالة ارتكاب فعل واحد أفضي إلي نتائج عديدة متنوعة , كل منها تقوم به جريمة علي حدة , ويضم التعدد المعنوي في النهاية حالة ارتكاب فعل واحد أفضي إلي نتائج عديدة متماثلة, كما لو أطلق شخص رصاصة واحدة أصابت شخصا فقتلته ثم نفذت منه فأصابت شخصا ثانيا فقتلته كذلك , فهذا الفعل الواحد تتعدد به جريمتا قتل تعددا معنويا .
تكييف التعدد المعنوي للجرائم :
يثور الجدل في الفقه حول ما إذا كان التكييف الصحيح للتعدد المعنوي أن تقوم به جريمة واحدة أم جرائم متعددة , والسبب في ذلك اختلاف النظرة من حيث الوصف الإجرامي ومن ناحية أخري الجريمة بأركانها المتعددة مجتمعة , وقد تبني المشرع الرأي القائل بتعدد الجرائم في حالات التعدد المعنوي حتي ولو كان الفعل واحدا , فقد وصف التعدد المعنوي بأنه تكوين الفعل الواحد " جرائم متعددة " .
حكم التعدد المعنوي :
حدد الشارع حكم التعدد المعنوي للجرائم بقوله " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها " . ويعني ذلك التزام القاضي بأن يقتصر علي تطبيق النص الذي يقرر العقوبة الأشد وأن يغفل سائر النصوص التي تقرر العقوبات الأقل شدة , وفي عبارة أخري فإن عليه أن يقضي في الفعل علي أساس وصفه الأشد ويصرف النظر عن سائر أوصافه . ومؤدي ذلك أن قاعدة تعدد العقوبات لا تطبق في حالات التعدد المعنوي , وإنما يحكم القاضي بالعقوبة الأشد من بين العقوبات المتعددة التي تقررها للفعل أو أوصافه . وخطاب الشارع في شأن التعدد المعنوي متجه إلي القاضي لا إلي سلطة التنفيذ : فالقاضي عليه أن يفحص الأوصاف المختلفة للفعل , والحكم بالعقوبة التي حددها هذا النص , ومن ثم يعد القاضي مخطئا في تطبيق القانون إذا نطق بعقوبات متعددة من أجل الفعل (باعتبار عقوبة عن كل وصف ) وأمر سلطات التنفيذ بأن تقتصر علي توقيع العقوبة الأشد . وعلة الاقتصار علي العقوبة الأشد أن المتهم لم يصدر عنه غير فعل واحد , فهو لا يستحق عدالة إلا عقوبة واحدة . ويحدد القاضي النص الذي يقرر العقوبة الأشد علي أساس المقارنة بين العقوبات الأصلية التي تقررها النصوص المختلفة التي تحدد أوصاف الفعل وتعيين أشد هذه العقوبات , ويطبق القاضي في هذه المقارنة الضوابط الخاصة بشأن " تطبيق النصوص الأصلح للمتهم " , ويعني ذلك أن العقوبات التبعية أو التكميلية أو التدابير الاحترازية التي تقررها هذه النصوص لا يجوز أن تكون عناصر في هذه المقارنة .
وغني عن البيان أن القاضي لا يلتزم بالحكم بالحد الأقصى للعقوبة الأشد , فله أن يستعمل سلطته التقديرية وفقا للقواعد العامة , ومؤدي ذلك أن يكون له الحكم بالحد الأدنى لهذه العقوبة , وقد تكون العقوبة التي يقضي بها علي هذا النحو أقل من الحد الأقصى للعقوبة المقررة حسب الوصف الأخف للفعل .
وترتبط بهذه القاعدة النتائج التالية :يختص بالدعوي القضاء المنوط به النظر في أشد أوصاف الفعل لأنه يستطيع النطق بالعقوبة المقررة لهذا الوصف . وإذا صدر في شأن الفعل حكم بالبراءة أو الإدانة علي أساس أحد أوصافه كان حائلا دون تحريك الدعوي علي أساس وصف آخر ولو كان أشد , وذلك تطبيقا لمبدأ " عدم جواز المحاكمة مرتين من أجل فعل واحد " (المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية ) .
وتطبيق النص الذي يقرر الوصف والعقوبة الأشد ينطوي علي أمرين : الأول , أن هذا النص يجب أن يطبق بجميع أحكامه , فينطق القاضي بما يقرره من عقوبات أصلية وتكميلية وتدابير احترازية و والثاني أن النصوص التي تقرر العقوبات الأقل شدة يجب أن تستبعد , فكما لا يجوز للقاضي أن ينطق بما تقرره من عقوبات أصلية و لا يجوز له كذلك أن ينطق بما تقرره من عقوبات تكميلية أو تدابير احترازية .
أ.د محمود نجيب حسني - المرجع السابق
التعدد المادي للجرائم
الضابط في التعدد المادي للجرائم :مجال التعدد المادي للجرائم هو تعدد الأفعال الذي يرتبط به بالضرورة تعدد الأوصاف والجرائم , ومن ثم يكون الضابط في وحدة الفعل أو تعدده هو بعينه الضابط الذي يحدد مجال التعدد ويميز بينه وبين أوضاع مختلفة عنه .
الضابط في وحدة الفعل : يعد الفعل واحدا إذا لم تتعدد جميع عناصره , سواء لم يتعدد أي منها أو تعدد بعضها دون بعض . وللفعل عنصران : التصميم الإرادي الذي يمثل القوة المنشئة والموجهة لماديات الفعل , والحركة العضوية التي تمثل فيها هذه الماديات . فإن لم يكن غير تصميم إرادي واحد وحركة عضوية واحدة فهذه هي الصورة العادية للفعل الواحد . ولكن يعتبر الفعل واحدا كذلك إذا تعددت الحركات العضوية ولكنها صدرت جميعا عن تصميم إرادي واحد كما لو صمم شخص علي قتل آخر فضربه لإضعافه عن المقاومة أو قيده بالحبال لتعجيزه عنها ثم طعنه بالسكين , أو صمم شخص علي سرقة آخر فشغله بشىء كي ينصرف عن رعاية ماله فلما تحقق ذلك استولي عليه . ويعتبر الفعل واحدا إذا تعددت التصميمات الإرادية ولكن صدرت حركة عضوية واحدة تعبيرا عنها , كما لو صمم شخص علي إيذاء خصمه بدنيا وصمم كذلك علي السخرية منه وأهانته فصفعه أمام جمهور من الناس, ويظل الفعل واحدا ولو ترتب علي الحركة العضوية نتائج عدة كما لو أطلق شخص رصاصة واحدة قتلت شخصا ثم نفذت منه فأصابت آخر . ويعني ذلك أن الأفعال لا تتعدد إلا إذا تعددت التصميمات ثم عبرت عن كل تصميم حركة عضوية علي حدة , كشخص يطلق رصاصة علي أحد خصميه فيقتله ثم يطلق رصاصة ثانية علي خصم آخر فيصيبه بجراح . ولا يحول دون القول بتعدد الأفعال أن ترتكب في زمن واحد أو أزمنة متقاربة أو أن ترتكب في مكان واحد أو أمكنة متقاربة , بل انه لا يحول دوت تعدد الأفعال أن يكون الباعث إليها واحدا كما لو ضرب شخص آخر ثم أتلف ماله وصدر الفعلان عن باعث الانتقام منه , ويكشف عن هذا المثال كذلك عن أن وحدة المجني عليه ليست حائلة دون تعدد الأفعال . ويدعم هذا الضابط أنه طالما كان الفعل يستمد كيانه من عناصر معينة كل منها يساهم في بنيانه بحيث لا يقوم إلا باجتماعها , فإن المنطق يحتم القول بأنه لا محل لتعدد الأفعال إلا إذا تعددت هذه العناصر بقدر عدد الأفعال بحيث كان لكل منها علي حدة العناصر المتطلبة لتكوينه .
الوحدة القانونية للفعل : الضابط السابق يحدد " الوحدة الطبيعية أو المنطقية للفعل " , ولكن الشارع قد يري الخروج عليها فيجمع بين أفعال متعددة وفقا لهذا الضابط في " وحدة قانونية "بحيث لا يقوم بها إلا فعل أو سلوك واحد . ويقرر الشارع ذلك في ضوء اعتبارات مستمدة من سياسة التجريم , وحالات الوحدة القانونية لها طابع الاستثناء , باعتبار أن الأصل في وحدة الفعل أن تقوم بالوحدة الطبيعية . وتحديد حالات الوحدة القانونية يقتضي الرجوع إلي نصوص التشريع واستقراء نماذج التجريم التي يتطلب كل منها عددا من الأفعال . وأهم هذه الحالات الجرائم المركبة كالسرقة بالإكراه (المادة 341 من قانون العقوبات) والسرقة المقترنة بكسر من الخارج (المادة 371 ثانيا من قانون العقوبات) ومن هذه الحالات كذلك جرائم الاعتياد والجرائم المتتابعة الأفعال .
حكم التعدد المادي للجرائم :حكم التعدد المادي للجرائم هو تعدد العقوبات , ويتضح بذلك أن مجال قاعدة تعدد العقوبات هو التعدد المادي للجرائم . وقد صرح الشارع بهذه القاعدة : فالمادة 33 من قانون العقوبات تنص علي أن " تتعدد العقوبات المقيدة للحرية إلا ما استثني بنص المادتين 35 , 36 " , وتنص المادة 37 علي أن " تتعدد العقوبات بالغرامة دائما " , وتنص في النهاية المادة 38 علي أن " تتعدد عقوبات مراقبة البوليس ولكن لا يجوز أن تزيد مدتها علي خمس سنين ".
وليست قاعدة تعدد العقوبات مطلقة, فثمة قيود أوردها الشارع عليها نصت عليها المادتان 35 , 36 من قانون العقوبات , وثمة قيود تفرضها طبيعة الأشياء , فمن غير المتصور أن تتعدد عقوبات الإعدام , ومن غير المتصور كذلك أن تتعدد عقوبات مؤبدة من ذات النوع سواء أكانت سالبة للحرية أم سالبة للحقوق , ومن غير المتصور أن تجتمع عقوبة الإعدام وعقوبة سالبة للحرية , ومن غير المتصور أن تتعدد عقوبة مؤبدة وعقوبات مؤقتة من ذات نوعها . وبالإضافة إلي هذه القيود فإن القاعدة يرد عليها استثناء موضعه أن تقع الجرائم المتعددة لغرض واحد وترتبط بحيث لا تقبل التجزئة , إذ لا تتعدد في هذه الحالة العقوبات , إنما يقضي بالعقوبة الأشد فقط (المادة 32 من قانون العقوبات , الفقرة الثانية ) .
أ.د محمود نجيب حسني - المرجع السابق
لأمانة: منقول من قروب قانوني لمستشار أ.مروان الروقي