mohebelelm
12-07-2011, 11:02 AM
الوضع القانوني للسفينة
تقسم القوانين المدنية الأموال إلى منقول وعقار . وأساس التفرقة بين النوعين هي إمكانية النقل دون تلف , فما يمكن نقله دون تلف فهو منقول وما عدا ذلك فهو غير منقول ولكل منها أحكام تختلف جوهرياً عن أحكام النوع الآخر .
والسفينة تعتبر من الأموال لأنها يمكن أن تكون محلاً للحقوق المالية ولا تخرج عن التعامل بطبيعتها أو بحكم القانون .
تعتبر السفينة بمقتضى المادة 12 من القانون التجاري البحري من المنقولات وتنطبق عليها احكامها مالم يرد نص في هذا القانون بسريان بعض أحكام العقارات عليها . ولكن بالرغم من أن السفينة من المنقولات الا ان التشريع البحري أفرد لها بعض النصوص الخاصة التي تقربها بعض الشئ من العقارات.
وقد نصت القوانين البحرية العربية صراحة على اعتبار السفن من الأموال، وهذا ما نصت عليه المادة / 4 من القانون البحري العراقي ( كل أنواع السفن من الأشياء المنقولة ... ) ، وعلى الرغم من أن السفن من المنقولات بطبيعتها إلا إنها تقترب من العقار في بعض الوجوه منها :-
1) لا تجب الكتابة في العقود التي تقع على المنقولات . إلا أن السفن لا يمكن إيقاع أي تصرف ناقل لملكيتها إلا بالتسجيل .
2) الحيازة في المنقول سند الملكية ,إلا إن السفن وان كانت من الأموال المنقولة إلا إن حيازتها ليست دليل على ملكيتها ، بل يجب إثبات الملكية بموجب سند رسمي صادر من الدائرة المكلفة بالتسجيل يسمى ((شهادة تسجيل السفينة )) كما هو الحال في العقارات .
3) إجراءات حجز السفينة تماثل إجراءات حجز العقارات .
4) رهن السفينة يجب أن يكون رسميا ويؤشر في السجل الخاص بتسجيل السفن في ميناء التسجيل كما في العقارات.
وللسفينة حالة مدنية شبيهة بالحالة المدنية للأفراد ((الأشخاص الطبيعية )) كما يجب على كل سفينة أن تكتسب جنسية دولة ما وتترتب لها حقوق وعليها التزامات تجاه الدولة التي منحتها الجنسية .
الحالة المدنية للسفينة
تنفرد السفينة عن سائر الأموال المنقول منها وغير المنقول بحالتها المدنية المشابهة للحالة المدنية للشخص الطبيعي ، فللسفينة اسم وموطن وسجل يماثل السجل المدني للأفراد يؤشر فيه أي متغير يطرأ على حالة السفينة ويثبت فيه اسمها و تاريخ بناءها وصنفها ومقدار حمولتها واسم المالك وما إلى ذلك من أوصاف تميز السفينة عن غيرها من السفن .
أولاً: اسم السفينة
يجب أن تحمل كل سفينة اسما خاص بها يميزها عن باقي السفن ومالكها هو الشخص المكلف باختيار اسم لها عند تسجيلها ويجب أن يثبت الاسم في مقدمة بدن السفينة من الجانبين وفي المؤخرة . ولا يجوز تغيير اسم السفينة إلا بإشعار الدائرة المختصة بالتسجيل حفاظا على حقوق الغير الذين ترتبت لهم حقوقا على السفينة .
وعند تشابه اسمي سفينتين أو أكثر وكانت هذه السفن مسجله في موانئ مختلفة فان هذا التشابه لا يثير مشكلة لان التمييز بينهما يكون عن طريق اسم ميناء التسجيل . أما أذا تشابه اسم سفينتين أو أكثر وكانت مسجلة في ميناء واحد فيجب التمييز بينهما بأرقام متسلسلة تلحق بالاسم مثل (نور 1 و نور2 وهكذا ) .
وليس لمالك السفينة حق ملكية على الاسم فإذا شطبت السفينة من السجل أصبح اسمها مباحا يحق لأي شخص استعماله .
ثانيا ً: موطن السفينة
هو الميناء الذي سجلت فيه ولا يجوز أن تسجل السفينة في أكثر من ميناء في وقت واحد . ويجوز استغلال السفينة في غير ميناء التسجيل بل حتى في موانئ دولة أخرى .
ويجب التمييز بين ميناء تسجيل السفينة وميناء الاستغلال وموطن الجنسية. موطن السفينة هو ميناء التسجيل إما ميناء الاستغلال فهو الميناء الذي تمارس السفينة فيه عملها وليس بالضرورة أن يكون موطن السجيل هو موطن جنسية السفينة ،فقد تسجل السفينة في ميناء دولة ما لكنها تحمل جنسية دولة أخرى وان كان الشائع اتحاد الاثنين . وتذهب القوانين البحرية إلى أن التسجيل شرط لاكتساب جنسيتها .
وهناك العديد من البيانات التي تطلبها إدارة الموانئ من مالكي السفن كي يتم تسجيلها لديها. ومنها :
1-اسم السفينة والحالي والسابق (إن وجد ) .
2- ميناء التسجيل السابق إن وجد .
3- تاريخ ومكان البناء .
4- نوع السفينة .
5- أبعاد السفينة (طول ،عرض ، عمق ) .
6- مقدار حمولة السفينة الإجمالية والصافية .
7- اسم ولقب ومهنة وموطن وجنسية المالك .
8- بيان حصة كل من المالكين في حال تعددهم .
9- الحقوق العينية والحجوزات المترتبة على السفينة .
وتشترط بعض الدول في تشريعاتها البحرية تقديم طلب التسجيل خلال فترة محدودة من تاريخ البناء أو التملك. وتعطي بعض القوانين لهيئاتها الدبلوماسية في الخارج (مكان بناء السفينة أو شراءها ) صلاحية منح السفينة شهادة مؤقتة تخولها رفع العلم الوطني للقيام برحلة مباشرة إلى احد موانئها ريثما يتم تسجيلها. ويترتب على مالك السفينة جزاءات حددتها التشريعات البحرية في حال سماحه بإبحار سفينته قبل تسجيلها .
ثالثاً : حمولة السفينة
تختلف السفن في حجمها وإبعادها وبالتالي تختلف قدرتها على استيعاب الحمولات ، وتقاس الحمولة بالطن الحجمي والحمولة نوعان إجمالية وهي مجموع فراغ السفينة بكاملها ، وصافية وهي مجموع البضائع التي تستطيع السفينة حملها فعلا . أي إنها الحمولة الإجمالية مطروحا منها فراغات أماكن إقامة الطاقم وأماكن المحركات وغيرها .
وتبرز أهمية حمولة السفينة عند تقدير الرسوم المفروضة عليها مثل رسوم الإرشاد البحري ورسوم إشغال أرصفة الموانئ واحتساب أجرة السفينة . وتحديد الحمولة من شروط تسجيل السفينة .
رابعاً: درجة السفينة
تصنف السفن تبعا لطريقة بناءها ومواصفاتها البحرية وعمرها ومدى استيفاءها لشروط السلامة إلى درجات فقد تكون السفينة من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة وهكذا . وتختص هيئات عالمية بتحديد درجة كل سفينة وتسمى (( هيئات تصنيف السفن )) وأشهرها ثلاثة (( لويدز الانكليزية وفير تاس الفرنسية وأمريكا بوريو أوف شبنك الأمريكية ) .
وتعطى السفينة شهادة بدرجتها بعد الكشف عليها من أحدى هيئات التصنيف ، ويعاد الكشف دوريا على السفينة للتثبت من استحقاقها للدرجة . كما يعاد الكشف على السفينة بعد الحوادث لنفس الغرض .ولتصنيف السفن بهذه الطريقة أهمية كبيرة في قيمتها عند البيع وعند احتساب بدل إيجارها أو قيمة التامين ، وكذلك صلاحيتها لخطوط شحن معينة .
خامساً : جنسية السفينة
تكتسب السفينة جنسية الدولة التي تنتمي إليها وتجمع التشريعات البحرية على وجوب تمتع السفينة بجنسية دولة ما ولكل دولة أن تضع من شروط اكتساب جنسيتها ما يضمن مصالحها ومصالح رعاياها . ويؤكد الكثير من الفقهاء على وجوب توفر رابطة حقيقية بين الدولة والسفينة حتى تكتسب جنسيتها وتتمثل هذه الرابطة في أن السفينة تمثل هيبة الدولة إثناء رحلاتها في البحار أو موانئ الدول الأخرى كما أن قانون الدولة يبقى ساريا على ما يحدث في السفينة من وقائع قانونية سواء في أعالي البحار التي لا تخضع لسلطان أي فانون وطني أو في الموانئ الأجنبية .
بالرغم من ذلك فهناك جانب من الفقه لا يعتبر جنسية السفينة جنسية فعلية بالمعنى المتعارف عليه ولكنه مجرد وسيلة تعبير بسيطة على ان السفينة مسجلة في إحدى الدول وتمارس هذه الدولة عليها نوعاً من الرقابة .
1- شرط البناء الوطني :
هذا الشرط تضعه الدول التي تملك المقدرة على صناعة السفن لحماية الصناعة الوطنية . أما الدول التي ليس لها المقدرة على ذلك فلا تشترط مثل هذا الشرط .
2- أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لرعايا الدولة :-
تشترط جميع القوانين البحرية العربية أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لمواطنيها لكي تمنحها الجنسية . وذلك لحصر حمايتها على المصالح الوطنية فقط .
طبقاً لنص المادة 14 من القانون التجاري البحري لا تكتسب السفينة جنسية دولة الامارات العربية المتحدة إلا إذا كانت مملوكة لشخص طبيعي أو إعتباري متمتع بالجنسية المذكورة . فإذا كانت السفينة مملوكة لعدة أشخاص على الشيوع وجب لإكتسابها جنسية الدولة ان يكون جميع مالكيها متمتعين بهذه الجنسية .
3- أن يكون ربان السفينة وضباطها وطاقمها أو بنسبة منهم من رعايا الدولة :-
تشترط بعض الدول هذا الشرط عندما تتوفر لديها أعدادا كافية من رعاياها لديهم المهارات والخبرات المطلوبة للعمل على السفن ، لتوقير فرص العمل لمواطنيها. وتشترط بعض الدول أن يكون جميع العاملين على السفن التي تحمل علمها من الوطنيين ، بينما تذهب دول أخرى إلى أن يكون الربان والضباط ونسبة معينة على الأقل من الطاقم من الوطنيين وتختلف هذه النسبة من دولة إلى أخرى .
وفي فرنسا فقد حدد قانون الجمارك الصادر عام 1948 شروط اكتساب السفينة للجنسية الفرنسية بالشروط التالية :
1- أن يكون نصف السفينة مملوك لفرنسيين .
2- أن تكون السفينة قد بنيت في فرنسا آو دفعت عنها رسوم الاستيراد المقررة إذا كان بناءها في الخارج .
3- أن تكون نسبة من بحارتها من الفرنسيين على أن تحدد هذه النسبة من قبل وزير التجارة .
ثم أقرت هذه الشروط بالقانون الصادر في 3 / كانون الثاني/7 196 .
أما في بريطانيا فكان قانون سنة 1894 في المادة الأولى يشترط لمنح الجنسية البريطانية للسفينة :
1- أن تكون السفينة مملوكة بالكامل لمن يحمل الجنسية البريطانية
2- أن تكون قد سجلت وفق أحكام القانون .
وهذا ما نص عليه قانون السفن التجارية لسنة 1924 .
وكإثبات لجنسية السفينة فان عليها رفع علم الدولة التي تحمل جنسيتها . كما عليها أن تحمل من الوثائق ما يؤيد جنسيتها . والسفينة التي لا تحمل علما يدل على جنسيتها تعتبر من سفن القرصنة ويحق لأي سفينة حربية تصادفها في أعالي البحار أن تطلب منها بيان جنسيتها ، وعليها أن تبادر فورا إلى رفع العلم وإلا أصبح من حق السفينة الحربية زيارتها أو مطاردتها للتحقق من جنسيتها وتطبيق القانون بحقها متى ثبت أنها سفينة قرصنة كما لا يسمح للسفينة التي لا تحمل علما أن تدخل أو تمر بالمياه الداخلية أو البحر الإقليمي لأية دولة ويحق لسلطــــــات هــــذه الدولــة أن تمنعها.
أما إذا ثبت أن السفينة تحمل علم دولة لا تحمل جنسيتها فقد ذهب قانون التجارة البحرية البريطاني الصادر عام 1894 إلى الحق بمصادرة هذه السفينة ما لم يثبت إنها لجأت إلى رفع العلم البريطاني وقاية لنفسها من الاعتقال من قبل سفينة أخرى معادية عند الحروب. أما إذا كانت السفينة تحمل علم دولتين فقد قضت المادة 92/2 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 باعتبارها سفينة عديمة الجنسية ولا يحق لها التمسك بجنسية أيا من الدولتين صاحبتي العلم . وتورد التشريعات الوطنية نصوصا صريحة بعد جواز رفع علمها من قبل أية سفينة لا تحمل جنسيتها . وتأتي أهمية اكتساب السفينة لجنسية دولة ما من عدة أمور منها :-
1- إن الدولة تمنح السفن التي تحمل جنسيتها بعض الامتيازات التي تحجبها عن السفن الأجنبية مثل حصر حق الصيد في السواحل وحق الملاحة التجارية الساحلية وقطر السفن والإرشاد والنزهة . كما تقدم بعض الدول إعانات مالية لسفنها .
2- تتمتع السفن بحماية الدولة صاحبة الجنسية في زمن السلم والحرب . إذ تخضع السفن في أعالي البحار لسلطة الدولة صاحبة العلم ولا يجوز لأية دولة فرض سلطتها على سفن تحمل علم دولة أخرى ، وهذه القاعدة مطلقة بالنسبة للسفن الحربية لأنهل تمثل سيادة الدولة كاملة ، وكذلك بالنسبة للسفن العامة غير الحربية التي لها نفس حصانة السفن الحربية استنادا لحكم المادة / 96 من اتفاقية 1982 .
أما السفن الخاصة فان هذه القاعدة تخضع لبعض القيود العرفية والاتفاقية ، حيث نصت المادة / 92 من اتفاقية 1982 على (( تبحر السفينة تحت علم دولة واحدة فقط وتكون خاضعة لولايتها الخالصة في أعالي البحار إلا في حالات استثنائية منصوص عليها صراحة في معاهدات دولية أو في هذه الاتفاقية ...)) والاستثناءات التي أجازت الاتفاقية لغير دولة العلم فرض سلطتها على السفن الخاصة هي القيام بإعمال القرصنة وحق المطاردة الحثيثة للسفن التي تنتهك قوانين الدولة الساحلية وحق الزيارة للسفن التي يثور الشك بكونها سفن قرصنة وقيام السفينة بالبث الإذاعي غير المصرح به أو قيامها بنقـــل الرقيـــق والاتجــــار غيــر الشرعــــــــي بالمخدرات .
أما في زمن الحرب فأن جنسية السفينة تحدد واجباتها وحقوقها ، إذ تتحول السفينة الخاصة إلى سفينة حربية وتشارك في المجهود الحربي أحيانا . كما يجوز خلال الحرب الاستيلاء على سفن الدول المعادية باعتبارها غنائم حرب ، أما سفن الدول المحايدة فلا يجوز اغتنامها أو الاعتداء عليها إلا إذا قامت بتهريب مواد إستراتيجية لدولة معادية .
ويحق للسفن أن تطلب تدخل الدولة لحمايتها عن طريق سفارتها أو قنصليتها فــــي الخارج وعليها أن تلتزم بالأوامر والتعليمات الصادرة إليها مـن هــذه الهيئـــــــات الدبلوماسية .
3- تحديد القانون الواجب التطبيق على ما يحدث على ظهر السفينة من وقائع :
إذ تخضع جميع الوقائع القانونية التي تقع على ظهر السفينة الحربية والسفن العامة المستخدمة لإغراض غير تجارية لقانون دولة العلم وان كانت في المياه الإقليمية لدولة أجنبية ، حيث أعطت المادة /32 من اتفاقية قانون البحار لهذه السفن حصانة كاملة تمنع تدخل قوانين الدولة الساحلية في شؤونها .
أما بالنسبة للسفن الخاصة والسفن الحكومية المستخدمة لأغراض تجارية فقد ميزت الاتفاقية بين الولاية المدنية والولاية الجزائية .
الولاية المدنية :
ذهبت المادة /28 من الاتفاقية إلى منع تدخل قانون الدولة الساحلية في شؤون السفن الأجنبية المارة ببحرها الإقليمي أو الراسية فيه إلا في حالتين :
1- توقيع إجراءات التنفيذ لغرض أية دعوى مدنية ضد أية سفينة أجنبية راسية في بحرها الإقليمي أو مارة خلاله وذلك وفق قوانينها الداخلية.
2- توقيع إجراءات التنفيذ ضد السفينة الأجنبية لغرض أية دعوى مدنية تتعلق بالالتزامات التي تتحملها السفينة أو المسؤوليات التي تقع أثناء رحلتها خلال المياه الداخلية للدولة الساحلية أو لغرض تلك الرحلة .
الولاية الجنائية :
عالجت هذا الموضوع المادة / 27 من الاتفاقية والتي حددت تدخل قانون الدولة الساحلية في الوقائع الجنائية التي تقع على ظهر السفينة الأجنبية بالحالات التالية :
1- إذا امتدت نتائج وآثار الجريمة المرتكبة على ظهر السفينة إلى إقليم الدولة الساحلية .
2- إذا أدت الجريمة المرتكبة إلى الإخلال بسلم البلد أو بحسن النظام في البحر الإقليمي .
3- إذا طلب ربان السفينة أو الممثل الدبلوماسي للدولة مالكة السفينة تدخل الدولة الساحلية .
4- إذا كان تدخل الدولة الساحلية ضروريا لمكافحة الاتجار غير الشرعي بالمخدرات أو المواد المؤثرة على العقل .
تقسم القوانين المدنية الأموال إلى منقول وعقار . وأساس التفرقة بين النوعين هي إمكانية النقل دون تلف , فما يمكن نقله دون تلف فهو منقول وما عدا ذلك فهو غير منقول ولكل منها أحكام تختلف جوهرياً عن أحكام النوع الآخر .
والسفينة تعتبر من الأموال لأنها يمكن أن تكون محلاً للحقوق المالية ولا تخرج عن التعامل بطبيعتها أو بحكم القانون .
تعتبر السفينة بمقتضى المادة 12 من القانون التجاري البحري من المنقولات وتنطبق عليها احكامها مالم يرد نص في هذا القانون بسريان بعض أحكام العقارات عليها . ولكن بالرغم من أن السفينة من المنقولات الا ان التشريع البحري أفرد لها بعض النصوص الخاصة التي تقربها بعض الشئ من العقارات.
وقد نصت القوانين البحرية العربية صراحة على اعتبار السفن من الأموال، وهذا ما نصت عليه المادة / 4 من القانون البحري العراقي ( كل أنواع السفن من الأشياء المنقولة ... ) ، وعلى الرغم من أن السفن من المنقولات بطبيعتها إلا إنها تقترب من العقار في بعض الوجوه منها :-
1) لا تجب الكتابة في العقود التي تقع على المنقولات . إلا أن السفن لا يمكن إيقاع أي تصرف ناقل لملكيتها إلا بالتسجيل .
2) الحيازة في المنقول سند الملكية ,إلا إن السفن وان كانت من الأموال المنقولة إلا إن حيازتها ليست دليل على ملكيتها ، بل يجب إثبات الملكية بموجب سند رسمي صادر من الدائرة المكلفة بالتسجيل يسمى ((شهادة تسجيل السفينة )) كما هو الحال في العقارات .
3) إجراءات حجز السفينة تماثل إجراءات حجز العقارات .
4) رهن السفينة يجب أن يكون رسميا ويؤشر في السجل الخاص بتسجيل السفن في ميناء التسجيل كما في العقارات.
وللسفينة حالة مدنية شبيهة بالحالة المدنية للأفراد ((الأشخاص الطبيعية )) كما يجب على كل سفينة أن تكتسب جنسية دولة ما وتترتب لها حقوق وعليها التزامات تجاه الدولة التي منحتها الجنسية .
الحالة المدنية للسفينة
تنفرد السفينة عن سائر الأموال المنقول منها وغير المنقول بحالتها المدنية المشابهة للحالة المدنية للشخص الطبيعي ، فللسفينة اسم وموطن وسجل يماثل السجل المدني للأفراد يؤشر فيه أي متغير يطرأ على حالة السفينة ويثبت فيه اسمها و تاريخ بناءها وصنفها ومقدار حمولتها واسم المالك وما إلى ذلك من أوصاف تميز السفينة عن غيرها من السفن .
أولاً: اسم السفينة
يجب أن تحمل كل سفينة اسما خاص بها يميزها عن باقي السفن ومالكها هو الشخص المكلف باختيار اسم لها عند تسجيلها ويجب أن يثبت الاسم في مقدمة بدن السفينة من الجانبين وفي المؤخرة . ولا يجوز تغيير اسم السفينة إلا بإشعار الدائرة المختصة بالتسجيل حفاظا على حقوق الغير الذين ترتبت لهم حقوقا على السفينة .
وعند تشابه اسمي سفينتين أو أكثر وكانت هذه السفن مسجله في موانئ مختلفة فان هذا التشابه لا يثير مشكلة لان التمييز بينهما يكون عن طريق اسم ميناء التسجيل . أما أذا تشابه اسم سفينتين أو أكثر وكانت مسجلة في ميناء واحد فيجب التمييز بينهما بأرقام متسلسلة تلحق بالاسم مثل (نور 1 و نور2 وهكذا ) .
وليس لمالك السفينة حق ملكية على الاسم فإذا شطبت السفينة من السجل أصبح اسمها مباحا يحق لأي شخص استعماله .
ثانيا ً: موطن السفينة
هو الميناء الذي سجلت فيه ولا يجوز أن تسجل السفينة في أكثر من ميناء في وقت واحد . ويجوز استغلال السفينة في غير ميناء التسجيل بل حتى في موانئ دولة أخرى .
ويجب التمييز بين ميناء تسجيل السفينة وميناء الاستغلال وموطن الجنسية. موطن السفينة هو ميناء التسجيل إما ميناء الاستغلال فهو الميناء الذي تمارس السفينة فيه عملها وليس بالضرورة أن يكون موطن السجيل هو موطن جنسية السفينة ،فقد تسجل السفينة في ميناء دولة ما لكنها تحمل جنسية دولة أخرى وان كان الشائع اتحاد الاثنين . وتذهب القوانين البحرية إلى أن التسجيل شرط لاكتساب جنسيتها .
وهناك العديد من البيانات التي تطلبها إدارة الموانئ من مالكي السفن كي يتم تسجيلها لديها. ومنها :
1-اسم السفينة والحالي والسابق (إن وجد ) .
2- ميناء التسجيل السابق إن وجد .
3- تاريخ ومكان البناء .
4- نوع السفينة .
5- أبعاد السفينة (طول ،عرض ، عمق ) .
6- مقدار حمولة السفينة الإجمالية والصافية .
7- اسم ولقب ومهنة وموطن وجنسية المالك .
8- بيان حصة كل من المالكين في حال تعددهم .
9- الحقوق العينية والحجوزات المترتبة على السفينة .
وتشترط بعض الدول في تشريعاتها البحرية تقديم طلب التسجيل خلال فترة محدودة من تاريخ البناء أو التملك. وتعطي بعض القوانين لهيئاتها الدبلوماسية في الخارج (مكان بناء السفينة أو شراءها ) صلاحية منح السفينة شهادة مؤقتة تخولها رفع العلم الوطني للقيام برحلة مباشرة إلى احد موانئها ريثما يتم تسجيلها. ويترتب على مالك السفينة جزاءات حددتها التشريعات البحرية في حال سماحه بإبحار سفينته قبل تسجيلها .
ثالثاً : حمولة السفينة
تختلف السفن في حجمها وإبعادها وبالتالي تختلف قدرتها على استيعاب الحمولات ، وتقاس الحمولة بالطن الحجمي والحمولة نوعان إجمالية وهي مجموع فراغ السفينة بكاملها ، وصافية وهي مجموع البضائع التي تستطيع السفينة حملها فعلا . أي إنها الحمولة الإجمالية مطروحا منها فراغات أماكن إقامة الطاقم وأماكن المحركات وغيرها .
وتبرز أهمية حمولة السفينة عند تقدير الرسوم المفروضة عليها مثل رسوم الإرشاد البحري ورسوم إشغال أرصفة الموانئ واحتساب أجرة السفينة . وتحديد الحمولة من شروط تسجيل السفينة .
رابعاً: درجة السفينة
تصنف السفن تبعا لطريقة بناءها ومواصفاتها البحرية وعمرها ومدى استيفاءها لشروط السلامة إلى درجات فقد تكون السفينة من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة وهكذا . وتختص هيئات عالمية بتحديد درجة كل سفينة وتسمى (( هيئات تصنيف السفن )) وأشهرها ثلاثة (( لويدز الانكليزية وفير تاس الفرنسية وأمريكا بوريو أوف شبنك الأمريكية ) .
وتعطى السفينة شهادة بدرجتها بعد الكشف عليها من أحدى هيئات التصنيف ، ويعاد الكشف دوريا على السفينة للتثبت من استحقاقها للدرجة . كما يعاد الكشف على السفينة بعد الحوادث لنفس الغرض .ولتصنيف السفن بهذه الطريقة أهمية كبيرة في قيمتها عند البيع وعند احتساب بدل إيجارها أو قيمة التامين ، وكذلك صلاحيتها لخطوط شحن معينة .
خامساً : جنسية السفينة
تكتسب السفينة جنسية الدولة التي تنتمي إليها وتجمع التشريعات البحرية على وجوب تمتع السفينة بجنسية دولة ما ولكل دولة أن تضع من شروط اكتساب جنسيتها ما يضمن مصالحها ومصالح رعاياها . ويؤكد الكثير من الفقهاء على وجوب توفر رابطة حقيقية بين الدولة والسفينة حتى تكتسب جنسيتها وتتمثل هذه الرابطة في أن السفينة تمثل هيبة الدولة إثناء رحلاتها في البحار أو موانئ الدول الأخرى كما أن قانون الدولة يبقى ساريا على ما يحدث في السفينة من وقائع قانونية سواء في أعالي البحار التي لا تخضع لسلطان أي فانون وطني أو في الموانئ الأجنبية .
بالرغم من ذلك فهناك جانب من الفقه لا يعتبر جنسية السفينة جنسية فعلية بالمعنى المتعارف عليه ولكنه مجرد وسيلة تعبير بسيطة على ان السفينة مسجلة في إحدى الدول وتمارس هذه الدولة عليها نوعاً من الرقابة .
1- شرط البناء الوطني :
هذا الشرط تضعه الدول التي تملك المقدرة على صناعة السفن لحماية الصناعة الوطنية . أما الدول التي ليس لها المقدرة على ذلك فلا تشترط مثل هذا الشرط .
2- أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لرعايا الدولة :-
تشترط جميع القوانين البحرية العربية أن تكون السفينة مملوكة بالكامل أو بجزء منها لمواطنيها لكي تمنحها الجنسية . وذلك لحصر حمايتها على المصالح الوطنية فقط .
طبقاً لنص المادة 14 من القانون التجاري البحري لا تكتسب السفينة جنسية دولة الامارات العربية المتحدة إلا إذا كانت مملوكة لشخص طبيعي أو إعتباري متمتع بالجنسية المذكورة . فإذا كانت السفينة مملوكة لعدة أشخاص على الشيوع وجب لإكتسابها جنسية الدولة ان يكون جميع مالكيها متمتعين بهذه الجنسية .
3- أن يكون ربان السفينة وضباطها وطاقمها أو بنسبة منهم من رعايا الدولة :-
تشترط بعض الدول هذا الشرط عندما تتوفر لديها أعدادا كافية من رعاياها لديهم المهارات والخبرات المطلوبة للعمل على السفن ، لتوقير فرص العمل لمواطنيها. وتشترط بعض الدول أن يكون جميع العاملين على السفن التي تحمل علمها من الوطنيين ، بينما تذهب دول أخرى إلى أن يكون الربان والضباط ونسبة معينة على الأقل من الطاقم من الوطنيين وتختلف هذه النسبة من دولة إلى أخرى .
وفي فرنسا فقد حدد قانون الجمارك الصادر عام 1948 شروط اكتساب السفينة للجنسية الفرنسية بالشروط التالية :
1- أن يكون نصف السفينة مملوك لفرنسيين .
2- أن تكون السفينة قد بنيت في فرنسا آو دفعت عنها رسوم الاستيراد المقررة إذا كان بناءها في الخارج .
3- أن تكون نسبة من بحارتها من الفرنسيين على أن تحدد هذه النسبة من قبل وزير التجارة .
ثم أقرت هذه الشروط بالقانون الصادر في 3 / كانون الثاني/7 196 .
أما في بريطانيا فكان قانون سنة 1894 في المادة الأولى يشترط لمنح الجنسية البريطانية للسفينة :
1- أن تكون السفينة مملوكة بالكامل لمن يحمل الجنسية البريطانية
2- أن تكون قد سجلت وفق أحكام القانون .
وهذا ما نص عليه قانون السفن التجارية لسنة 1924 .
وكإثبات لجنسية السفينة فان عليها رفع علم الدولة التي تحمل جنسيتها . كما عليها أن تحمل من الوثائق ما يؤيد جنسيتها . والسفينة التي لا تحمل علما يدل على جنسيتها تعتبر من سفن القرصنة ويحق لأي سفينة حربية تصادفها في أعالي البحار أن تطلب منها بيان جنسيتها ، وعليها أن تبادر فورا إلى رفع العلم وإلا أصبح من حق السفينة الحربية زيارتها أو مطاردتها للتحقق من جنسيتها وتطبيق القانون بحقها متى ثبت أنها سفينة قرصنة كما لا يسمح للسفينة التي لا تحمل علما أن تدخل أو تمر بالمياه الداخلية أو البحر الإقليمي لأية دولة ويحق لسلطــــــات هــــذه الدولــة أن تمنعها.
أما إذا ثبت أن السفينة تحمل علم دولة لا تحمل جنسيتها فقد ذهب قانون التجارة البحرية البريطاني الصادر عام 1894 إلى الحق بمصادرة هذه السفينة ما لم يثبت إنها لجأت إلى رفع العلم البريطاني وقاية لنفسها من الاعتقال من قبل سفينة أخرى معادية عند الحروب. أما إذا كانت السفينة تحمل علم دولتين فقد قضت المادة 92/2 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982 باعتبارها سفينة عديمة الجنسية ولا يحق لها التمسك بجنسية أيا من الدولتين صاحبتي العلم . وتورد التشريعات الوطنية نصوصا صريحة بعد جواز رفع علمها من قبل أية سفينة لا تحمل جنسيتها . وتأتي أهمية اكتساب السفينة لجنسية دولة ما من عدة أمور منها :-
1- إن الدولة تمنح السفن التي تحمل جنسيتها بعض الامتيازات التي تحجبها عن السفن الأجنبية مثل حصر حق الصيد في السواحل وحق الملاحة التجارية الساحلية وقطر السفن والإرشاد والنزهة . كما تقدم بعض الدول إعانات مالية لسفنها .
2- تتمتع السفن بحماية الدولة صاحبة الجنسية في زمن السلم والحرب . إذ تخضع السفن في أعالي البحار لسلطة الدولة صاحبة العلم ولا يجوز لأية دولة فرض سلطتها على سفن تحمل علم دولة أخرى ، وهذه القاعدة مطلقة بالنسبة للسفن الحربية لأنهل تمثل سيادة الدولة كاملة ، وكذلك بالنسبة للسفن العامة غير الحربية التي لها نفس حصانة السفن الحربية استنادا لحكم المادة / 96 من اتفاقية 1982 .
أما السفن الخاصة فان هذه القاعدة تخضع لبعض القيود العرفية والاتفاقية ، حيث نصت المادة / 92 من اتفاقية 1982 على (( تبحر السفينة تحت علم دولة واحدة فقط وتكون خاضعة لولايتها الخالصة في أعالي البحار إلا في حالات استثنائية منصوص عليها صراحة في معاهدات دولية أو في هذه الاتفاقية ...)) والاستثناءات التي أجازت الاتفاقية لغير دولة العلم فرض سلطتها على السفن الخاصة هي القيام بإعمال القرصنة وحق المطاردة الحثيثة للسفن التي تنتهك قوانين الدولة الساحلية وحق الزيارة للسفن التي يثور الشك بكونها سفن قرصنة وقيام السفينة بالبث الإذاعي غير المصرح به أو قيامها بنقـــل الرقيـــق والاتجــــار غيــر الشرعــــــــي بالمخدرات .
أما في زمن الحرب فأن جنسية السفينة تحدد واجباتها وحقوقها ، إذ تتحول السفينة الخاصة إلى سفينة حربية وتشارك في المجهود الحربي أحيانا . كما يجوز خلال الحرب الاستيلاء على سفن الدول المعادية باعتبارها غنائم حرب ، أما سفن الدول المحايدة فلا يجوز اغتنامها أو الاعتداء عليها إلا إذا قامت بتهريب مواد إستراتيجية لدولة معادية .
ويحق للسفن أن تطلب تدخل الدولة لحمايتها عن طريق سفارتها أو قنصليتها فــــي الخارج وعليها أن تلتزم بالأوامر والتعليمات الصادرة إليها مـن هــذه الهيئـــــــات الدبلوماسية .
3- تحديد القانون الواجب التطبيق على ما يحدث على ظهر السفينة من وقائع :
إذ تخضع جميع الوقائع القانونية التي تقع على ظهر السفينة الحربية والسفن العامة المستخدمة لإغراض غير تجارية لقانون دولة العلم وان كانت في المياه الإقليمية لدولة أجنبية ، حيث أعطت المادة /32 من اتفاقية قانون البحار لهذه السفن حصانة كاملة تمنع تدخل قوانين الدولة الساحلية في شؤونها .
أما بالنسبة للسفن الخاصة والسفن الحكومية المستخدمة لأغراض تجارية فقد ميزت الاتفاقية بين الولاية المدنية والولاية الجزائية .
الولاية المدنية :
ذهبت المادة /28 من الاتفاقية إلى منع تدخل قانون الدولة الساحلية في شؤون السفن الأجنبية المارة ببحرها الإقليمي أو الراسية فيه إلا في حالتين :
1- توقيع إجراءات التنفيذ لغرض أية دعوى مدنية ضد أية سفينة أجنبية راسية في بحرها الإقليمي أو مارة خلاله وذلك وفق قوانينها الداخلية.
2- توقيع إجراءات التنفيذ ضد السفينة الأجنبية لغرض أية دعوى مدنية تتعلق بالالتزامات التي تتحملها السفينة أو المسؤوليات التي تقع أثناء رحلتها خلال المياه الداخلية للدولة الساحلية أو لغرض تلك الرحلة .
الولاية الجنائية :
عالجت هذا الموضوع المادة / 27 من الاتفاقية والتي حددت تدخل قانون الدولة الساحلية في الوقائع الجنائية التي تقع على ظهر السفينة الأجنبية بالحالات التالية :
1- إذا امتدت نتائج وآثار الجريمة المرتكبة على ظهر السفينة إلى إقليم الدولة الساحلية .
2- إذا أدت الجريمة المرتكبة إلى الإخلال بسلم البلد أو بحسن النظام في البحر الإقليمي .
3- إذا طلب ربان السفينة أو الممثل الدبلوماسي للدولة مالكة السفينة تدخل الدولة الساحلية .
4- إذا كان تدخل الدولة الساحلية ضروريا لمكافحة الاتجار غير الشرعي بالمخدرات أو المواد المؤثرة على العقل .